يوم في قرية السدح: روح محسن عادل "تعمر بيوت الغلابة"

يوم في قرية السدح: روح محسن عادل "تعمر بيوت الغلابة"
- السدح
- قرية السدح
- الفيوم
- محسن عادل
- صناع الخير
- الجود الخيرية
- السدح
- قرية السدح
- الفيوم
- محسن عادل
- صناع الخير
- الجود الخيرية
تقع قرية السدح في مركز أطسا بمحافظة الفيوم، التي يبدو أن مسافتها بعيدة عن العاصمة في كل شيء، حتى الحياة الكريمة، انطلقت السيارة في الصباح، قاصدة القرية لتطويرها وتحويلها إلى مجتمع آدمي.
وكانت "الوطن"، في صحبة مؤسسة صناع الخير، التي تتولى مع مؤسسة الجود الخيرية، إعادة إعمار القرية، كصدقة جارية على روح الراحل الدكتور محسن عادل، الخبير الاقتصادي ورئيس هيئة الاستثمار السابق، الذي رحل عن عالمنا في يونيو الماضي، عن عمر ناهز الـ43 عامًا.
مشقة الوصول إلى قرية السدح
وصلت السيارة لمحافظة الفيوم، سائلين عن كيفية الوصول إلى قرية السدح، ومع كثرة الأسئلة، قرر السائق ومن معه تشغيل الخريطة "GPS"، لمعرفة كيفية الوصول، وبالفعل انطلقنا نحو القرية، وما أن دخلت السيارة حدود الطرق المؤدية للسدح، بدأت رحلة المشقة، بين طريق غير مؤهل لسير السيارات، وآخر مستكمل بصخور لسد الفراغات التي تملأ منتصف الطريق.
وبعد ساعة تقريبًا من السير السلحفائي، نظرًا لسوء حالة الطرق، وصلت السيارة أخيرًا إلى قرية السدح.
النزول من السيارة كان بمثابة إشارة لإزاحة الستار عن عالم أخر يعيش فيه آخرين، من المفترض أنهم يأكلون ويشربون ويتعلمون ويُعالجون، انطلقنا على الأقدام نحو البيوت التي وقع عليها الاختيار، حيث أسفر المسح عن 25 منزلا أكثر احتياجًا بالقرية.
في طريقي للمنطقة التي تخضع للتطوير، اصطحبني طفلين، أحدهما "أدهم" في الصف الثالث الإعدادي، والطفل يوسف ذو الجسد النحيف، وهو في الصف الثاني الإعدادي، لم يجمعها الصف المدرسي، ولكن جمعهما حلم بناء القرية، فكلاهما يحلمان بالدخول لكلية الهندسة من أجل تصليح الطريق المؤدي للمدرسة، وانشاء بيوت للناس، وعلشان تكون القرية زى المحافظة، حسب قولهم.
بدأنا في دخول البيوت لمتابعة أعمال التطوير، ورغم أنها بسيطة، ولازالت عملية التطوير في منتصفها، إلا أن السعادة كانت واضحة على وجوه ساكنيها، وهو ما استدعى سؤال الست "سِمحة" شايفك مبسوطة مع ان لسه البيت على المحارة..ليه؟
فجاء الرد سريعًا: كنا عايشين في عشة فراخ، والمطر لما كان يجي كنت أجري أنا وعيالي عند جيرانا علشان معندناش سقف، وكنت خلاص مسافرة القاهرة علشان أدور على عمارة اشتغل فيها بوابة.
لم يختلف كلام سِمحة عن أم أحمد، التي قالت: "مكناش عايشين وبيتنا اللي عايشة فيه مع جوزى وولدين وبنتين، كان عبارة عن حيطان، لا عندنا سقف ولا عندنا اي حاجة، لغاية ما عرفنا بموضوع التطوير ده عشان تكون صدقة جارية على روح الدكتور محسن عادل"، مضيفة: "ربنا يرحمك يا دكتور محسن، عمرنا ما هننساك من الدعاء وإحنا بنصلي أو وإحنا صايمين وبنفطر".
وعند خروجي من البيت استوقفني ابنها أحمد، الذي تحدث معي وهو يملأ كوب الماء، حيث تمنى أن يصبح طبيبًا ويسافر إلى الخارج، إلا أن والدته عنفته ليبقى هنا في القرية، فرد عليها: "ياما بلدنا مفيهاش مستشفى، هشتغل فين يعني!".
الأهالي يشيدون: هندعيله في صلاتنا
ظهرت سعادة الناس على وجه داليا حيدر، زوجة الراحل محسن عادل، قائلة: "إن ما شاهدته من تطوير في قرية السدح، هو تطبيق عملي لحلم زوجها بتوفير حياة كريمة لكل مواطن يعيش في ظروف صعبة غير آدمية".
وأضافت لـ"الوطن": لم أكن أتخيل أن هناك حياة صعبة بهذه الطريقة، وأن هناك ناس تعيش داخل حوائط فقط، دون أسقف تحميهم حتى من الأمطار.
وتابعت: محسن كان ينتهج فكر ضرورة العمل على الارتقاء بمستوى معيشة الأسر الأشد احتياجًا، من خلال تطوير البنية التحتية لقراهم التي يعيشون فيها ومنازلهم التى يسكنونها وتسليمهم مشروعات تنموية صغيرة ومتناهية الصغر، تحقق لهم دخلًا شهريًا ثابتًا تحقيقًا لتنمية مستدامة داخل هذا القرى.
وأبدت رشا بلبع، الأمين العام لمؤسسة الجود الخيرية، سعادتها لما رأته على أرض الواقع يتحقق لهذه القرية، مؤكدة أن اعمار قرية السدح جاء بالتعاون مع مؤسسة صناع الخير، بعد الوقوف على طبيعة أحوال ومعيشة الاهالى بالقرية وكون القرية مصنفة من بين القرى الاشد احتياج، موضحة أن أعمال التطوير تأتي فى إطار مبادرة حياة كريمة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وقالت رشا، إنه بمجرد الانتهاء من أعمال التطوير، ستبدأ عمل تطوير تنموي بتوفير عدد من المشروعات مثل رؤوس الماشية والماعز، وكذلك محال البقالة وغيرها للمساهمة في توفير فرص عمل.
وفي ختام الرحلة، جاءت زوجة الراحل حسن عادل، لتضع سطر النهاية بعد يوم شاق، بطلب به مزيج من مشاعر الفرح والحزن، عندما طلبت وعيناها تملأها الدموع من المهندس هانى عبدالفتاح، المدير التنفيذي لمؤسسة صناع الخير، أن تحتفظ بلافتة اسم زوجها على المشروع بعد نهايته، لم ينتظر المهندس هاني وعلى الفور طلب من العمال بإنزال اللافتة لتصطحبها داليا في رحلة عودتها إلى القاهرة.