ترتيبات الموجة الثانية!!

خلاف لا ينتهى حول افتراض وجود موجة جديدة من «كوفيد» يشتد كل يوم أكثر من اليوم الذى يسبقه بين معسكرين.. لا يملك أى منهما دليلاً حقيقياً على موقفه..!

يصر البريطانيون على أن لا أحد يملك إجابة لسؤال ما إذا كان كوفيد يتمتع بخواص «موسمية» مثل تلك التى ميزت الإنفلونزا الإسبانية فى بدايات القرن الماضى أم لا.. لا يعلن هذا الفيروس عن نفسه بوضوح منذ أن التقينا به فى المرة الأولى منذ عدة شهور..!

يخبرنا التاريخ أن الإنفلونزا الإسبانية قد تفشت فى شتاء وربيع ١٩١٨ ثم اختفت تقريباً خلال أشهر الصيف لتعود مرة أخرى بقسوة فى الشتاء التالى حتى عام ١٩١٩.. ولكن أحداً لا يعرف ماذا سيفعل كوفيد!!

لننظر قليلاً ناحية الجنوب.. هناك أخبار ليست سارة على الإطلاق تأتى من نصف الكرة الجنوبى، وتحديداً من أستراليا التى حل الشتاء بها حالياً.. يتزامن ذلك مع تسجيل متصاعد للحالات هناك فى معظم الولايات مقارنة بأشهر الصيف التى تركوها خلفهم.. كل هذا يؤكد فرضيات الموجة القادمة التى قد تعلن عن نفسها فى أكتوبر القادم أو نوفمبر على أقصى تقدير..!

الغريب أن البعض يؤكد أنها بدأت بالفعل فى القارة العجوز.. الأعداد عادت مرة أخرى لخانة الآلاف بعد أن كانت قد وصلت للمئات فى فرنسا.. ألمانيا أعلنت عن ارتفاع جديد فى منحنى الإصابات بالرغم من تحفظها الشديد والإصرار على تطبيق الإجراءات الاحترازية فى كل مكان تقريباً..!

لقد بدأ العالم فى استعادة ذاكرة الشهور الماضية القاسية بكل تأكيد.. ولكن أحداً لم يعلن عن الإغلاق مرة أخرى.. ليظهر السؤال الأكثر أهمية.. وهو: كيف سيكون الحال فى مصر إذا ظهرت تلك الموجة؟!

الشواهد الأولى تؤكد أن هناك حالات جديدة بدأت فى الظهور مرة أخرى خلال الأسبوعين الماضيين.. الجيد فى الأمر أنها أقل حدة بكثير.. ليست بنفس الشراسة التى كنا نراها فى الشهور السابقة.. ولكنها موجودة دون شك.. فكيف ستتعامل معها وزارة الصحة؟ أو بمعنى أكثر وضوحاً: هل سنتعامل معها بنفس الطريقة التى تمت فى الموجة الأولى؟

الإجابة عن هذا السؤال ينبغى أن تأخذ فى الاعتبار العديد من العوامل، أهمها إمكانيات النظام الصحى فى مصر وقدرته على الاحتمال.. ففكرة عودة مستشفيات العزل ورفع حالة الطوارئ فى المنظومة الصحية كما كان عليه الحال لن تكون بالقرار الجيد فى رأيى.. فالنظام بكل عناصره ما زال مرهقاً من آثار الموجة الأولى.. والمستشفيات ما زالت تعالج آثار الإغلاق الكامل التى أضرت بالكثيرين من أصحاب الأمراض الأخرى حتى الآن..!

الفكرة أن وجود موجة جديدة يعنى بكل وضوح أن كوفيد لن يرحل.. وأنه باقٍ معنا لفترة لا بأس بها.. خاصة مع تلك الأخبار التى وردت من معامل الأبحاث الأمريكية والتى تفيد بأن اللقاح لن يكون مفيداً للأبد.. وأنه سيحتاج إلى تكراره كل عام كما يحدث فى الإنفلونزا الموسمية.. لذا فإن فكرة مستشفيات مخصصة للعزل وتوجيه كل قدرات المستشفيات الحكومية ستكون غير ذات قيمة..!

الحل فى رأيى هو وجود مسار آمن لمرضى الاشتباه فى كل مستشفى.. وتحديد مكان لعزل المرضى الذين يحتاجون لرعاية طبية.. مع استمرار العمل فى باقى أجزاء المستشفى بشكل طبيعى..!

هذا الشكل سيوفر الكثير من الجهد.. وسيرفع الضغط بشكل كبير عن النظام الصحى الذى استُهلك بشكل كبير فى الفترة السابقة.. بالإضافة إلى أنه يضمن وجود أماكن لرعاية مرضى كوفيد بشكل أوسع انتشاراً..!

الصورة ما زالت غير واضحة.. ولكن الاستعداد لما قد يحدث سيوفر الكثير من القلق والتخبط الذى عانى منه النظام الصحى فى مصر فى الفترة السابقة.. وسيساعد على تجاوز تلك المحنة غير المسبوقة.. أو هكذا أعتقد..!