فيليب السادس يستعد لاعتلاء عرش أسبانيا الغارقة في أزمة اقتصادية

فيليب السادس يستعد لاعتلاء عرش أسبانيا الغارقة في أزمة اقتصادية
يبدأ فيليب السادس، الملك المقبل لأسبانيا، خطوته الأولى اليوم نحو تولي عرش البلاد خلفا لوالده خوان كارلوس في عملية غير مسبوقة ويمكن أن تستغرق أسابيع في بلاد غارقة في أزمة اقتصادية.
وغداة إعلان خوان كارلوس أنه يتنازل عن العرش بعد 39 عاما انتقلت فيها أسبانيا من الدكتاتورية إلى الديموقراطية، تبدأ الحكومة عملية خلافة الملك للمرة الأولى في تاريخها بعد فرانكو.
ويترأس رئيس الوزراء ماريانو راخوي جلسة استثنائية للحكومة لإعداد مشروع قانون للتنازل عن العرش يجب أن يقره مجلس النواب.
وسيسدل القانون الذي يمكن أن يستغرق 4 أسابيع قبل إقراره بحسب وسائل الإعلام الإسبانية، الستار على حكم خوان كارلوس (76 عاما) والذي خيمت عليه الفضائح في الفترة الأخيرة.
وسيفسح القانون في الوقت نفسه المجال أمام نجله ولي العهد فيليبي الذي شارك في الألعاب الأولمبية ولزوجته ليتيسيا الصحافية التلفزيونية السابقة ليتوليا عرش البلاد.
وقال خوان كارلوس في خطاب متلفز أن الأزمة الاقتصادية "تركت جروحا عميقة في النسيج الاجتماعي لكنها تظهر لنا الطريق نحو مستقبل مفعم بالأمل".
وأضاف "كل ذلك أيقظ فينا زخما للحداثة وتعاليا عن الذات وتصحيحا للأخطاء" بدون أن يلمح مباشرة إلى الفضيحة القضائية التي طالت ابنته كريستينا ثاني أولاده وصهره ايناكي أوردنغارين.
وقد اعتلى خوان كارولس العرش على أثر وفاة الدكتاتور فرنشيسكو فرانكو في نوفمبر 1975، وبنى شعبيته من خلال مواكبة مسيرة انتقال إسبانيا إلى الديموقراطية، قبل أن تلطخ السنوات الأخيرة من حكمه بالفضائح المترافقة مع متاعب صحية.
لكن البلاد لم تنس صورته مطلع يناير أثناء حفل عسكري عندما ظهر متعبا متكئا على عكازين وهو يتلعثم بالكلام أثناء القاء خطابه. وسرت تكهنات في الصحافة آنذاك حول تخليه الوشيك عن العرش.
وخلال سنوات بنى الملك شعبية كبيرة وكسب مودة الأسبان بتصرفاته البسيطة والطبيعية. واشتهر رأس الدولة بقربه من شعبه وبحياته الخاصة البعيدة عن الأضواء وكذلك بولعه بالرياضة خاصة التزلج.
ويعد الملك خوان كارلوس وجها كبيرا في الديموقراطية الأسبانية لكن شعبيته بدات تتراجع تحت وطأة الفضائح التي لطخت سنواته الأخيرة في الحكم.
في البداية اندلعت الفضيحة القضائية التي طالت ابنته كريستينا (48 عاما) التي وجهت إليها تهمة التهرب من الضرائب وتبييض الأموال وإلى زوجها ايناكي أوردنغارين تهمة الفساد.
ورحلة صيد الفيلة المكلفة التي قام بها خوان كارلوس في ربيع 2012 إلى بوتسوانا صدمت الأسبان الذين يعانون من الأزمة. ولما كان ليكشف أمرها لو لم يعد الملك على عجل إلى بلاده بعد تعرضه لحادث سقوط.
يضاف إلى كل ذلك متاعب صحية متعددة ألمت بالملك خوان كارلوس الذي خضع لعمليات جراحية عدة في السنوات الأخيرة.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته "سيجما دوس" ونشر في يناير 2014 ان شعبية الملك تراجعت إلى 41% بينما ارتفعت نسبة الذين يفضلون أن يتنازل لصالح ابنه إلى 62%.
كما أن الاستطلاع أظهر أن نسبة مؤيدي الملكة بشكل عام يقتصر على 49%.
وقال أليخاندرو ريكاس وهو طالب في الـ19 لوكالة فرانس برس "اتمنى ان نتمكن من اختيار ما إذا كنا نفضل ملكية أو جمهورية فالملكية مضى عليها الزمن".
ودعت الأحزاب اليسارية وهي "بوديموس" و"يونايتد ليفت" و"ايكو" (الخضر) التي فازت مجتمعة بـ20% من الأصوات في الانتخابات التشريعية في 25 مايو، إلى إجراء استفتاء حول الملكية.
كما دعا ناشطون مؤيديون للجمهورية إلى تجمعات في المدن.
وقال المؤرخ الملكي سيزار ديل ألاما لـ"فرانس برس" "سيكون هناك توتر وأوقات صعبة لكن الأمير عليه أن يثبت جدارته لأنه يتحلى بها فعلا. مسيرته جيدة وهو شخص جدي ويعمل بجهد وعادل. لا يمكننا طلب أكثر من ذلك".
وتابع المؤرخ "أنه لا يعاني مثل الملك الحالي من مشكلة أن صهره متورط بقضايا فساد كما أنه لن يرتكب خطأ مثل رحلة بوتسوانا".
وفيليبي هو حاكم منطقة كاتالونيا الثرية في شمال شرق البلاد والتي تسعى إلى تنظيم استفتاء حول الاستقلال في نوفمبر وهو ما تعارضه الحكومة المركزية بشدة.
وكان خوان كارلوس أشار إلى فيليبي على أنه "الأكثر استعدادا" في تاريخ المملكة الأسبانية. وتلقى فيليبي تدريبا عسكريا إلى جانب دراسته في الخارج وذلك ضمن استعداداته لتولي العرش في المستقبل.
وكان فيليبي إلى جانب والده في 23 فبراير 1981 عندما امر الملك الشاب وهو يرتدي زيا عسكريا، في رسالة متلفزة بقية محفورة في الذاكرة، الضباط الانقلابيين في الحرس المدني الذين كانوا يحتلون آنذاك البرلمان بالعودة إلى ثكنهم.
وبإحباطه تلك المحاولة الانقلابية التي قام بها اللفتنانت كولونيل انطونيو تيخيرو الذي اختاره الدكتاتور فرنشيسكو فرانكو منذ 1969 خلفه المحتمل، نفسه في ذلك اليوم بقوة كبطل الانتقال الديموقراطي.
وقال فرمين اوربيولا وهو صحافي ألف عدة كتب حول الملك لـ"فرانس برس" "أنه وقت صعب لكن الأمير تلقى أفضل تدريب منذ ولادته وحتى هذه اللحظة".