عاطر الذكر.. أحمد نبيل الهلالى

 نادر فرجانى

نادر فرجانى

كاتب صحفي

فى هذا الشهر، يونيو، يمر على رحيل أحمد نبيل الهلالى ثمانى سنوات، ولكن ذكراه العطرة، وآثاره المبهرة ستظلان باقيتين معنا. 1- القديس أحمد نبيل الهلالى اكتسب أحمد نبيل الهلالى فى بعض الدوائر، خاصة داخل الأوساط القانونية احتراماً، خاصة لأنه فى المقام الأول، ابن نجيب الهلالى باشا، آخر رئيس وزراء فى العهد الملكى، فنبيل «بك» لديهم ابن باشا، وابن رئيس وزراء. ومن هذا الموقع بالتحديد نفض «الرفيق» نبيل الهلالى يديه من وراثة ثروة عائلته تاركاً رفاهية المركز الاجتماعى، ومزايا قمة الوضع الطبقى ليلوذ بأحضان الحركة الشعبية وعمالها وفلاحيها البسطاء فى حركة تمرد جذرية من ابن الطبقة الحاكمة على تلك الطبقة وقيمها وسلطتها. ويستحق «القديس» أحمد نبيل الهلالى منا التعرف على سيرة حياته بشىء من التفصيل. من مواليد 1928 حصل على ليسانس الحقوق عام 1949 واشتغل بالمحاماة من هذا التاريخ، وانتخب عضواً فى مجلس نقابة المحامين فى دورات متتالية منذ عام 1968 حتى 1992، انضم للحركة الشيوعية المصرية منذ 1948 وكان أحد كوادر الحركة الديمقراطية للتحرر الوطنى «حدتو»، واعتقل مطلع عام 1959 واستمر الاعتقال لمدة خمس سنوات، ثم اعتقل مرة أخرى عام 1965، ورفض التوقيع على حل التنظيم شرطاً للإفراج عنه واستمر الاعتقال أربع سنوات. له مؤلفات، منها كتاب «حرية الفكر والعقيدة.. تلك هى القضية»، وهو عبارة عن مرافعة قانونية وسياسية فى قضية الحزب الشيوعى المصرى عام 1981 والتى كان هو أحد المتهمين فيها. كان مكتبه يعتبر مقصداً لكل العمال والمقهورين، بالإضافة إلى شهرته الذائعة فى الدفاع عن الخصوم السياسيين للسلطة المصرية وخاصة دفاعه عن أعضاء الجماعات الإسلامية وتيار الإسلام السياسى عموماً، وأشهرها مرافعته عن المتهمين فى قضية اغتيال رئيس مجلس الشعب الأسبق «د. رفعت المحجوب» ومرافعته فى قضية «الدكتور عمر عبدالرحمن». ٢- مقتطف من مرافعة نبيل الهلالى فى قضية اغتيال رفعت المحجوب: وخارج هذه القاعة يخيم جو مسموم.. ويعربد مناخ محموم.. وتطالب الحملات الهستيرية بقطع الرقاب.. وقطف رؤوس شباب.. متهمين بالإرهاب.. وتتمادى الهجمة الشرسة.. فتتطاول على قضاء مصر الشامخ.. وتشن أبواق مسعورة مأجورة.. حملة ساقطة على قضاء مصر.. تتهمهم بالعجز وعدم الحزم.. وتتهمهم بالتراخى وعدم الجزم.. وتعتبر تمسك المحامين بتوفير حق الدفاع على الوجه الأكمل.. تسويفاً ومماطلة.. وتعويقاً لسير العدالة. وخارج هذه القاعة.. ينتزعون القضايا انتزاعاً من أمام قاضيها الطبيعى.. ويحيلونها إلى القضاء العسكرى بحجة أنه القضاء الأسرع والأنجح.. والأردع، متجاهلين أن القضاء جهاز لإرساء العدل.. وليس أداة للقمع أو الردع. متناسين أن رمز العدالة امرأة معصوبة العينين تمسك بميزان حساس.. وليس امرأة تركب بساط الريح.. ممسكة بشومة أو كرباج.. لكن مأساتهم.. أن القضاء الطبيعى.. لا يشفى لهم غليلاً.. لذلك يبحثون عن البديل.. عن محاكم تفصيل.. محاكم.. على مقاس.. مزاج وإرادة الحاكم. ولقد صدمنى أن تحاول النيابة فى مرافعتها.. استجلاب المناخ الهستيرى المعربد خارج هذه القاعة.. إلى داخل ساحتكم الموقرة، فراحت تصور لكم القضية «كحلقة من حلقات بداية عهد الإرهاب»، وكم يجدر بنا تذكر كلماته هذه!