أسرة أدهم بين فكي فيروس كورونا والثانوية العامة.. الانتصار بالشفاء و91%

كتب: سمر صالح

أسرة أدهم بين فكي فيروس كورونا والثانوية العامة.. الانتصار بالشفاء و91%

أسرة أدهم بين فكي فيروس كورونا والثانوية العامة.. الانتصار بالشفاء و91%

حٌلم كاد أن ينتهي حين أصيب أدهم ووالداه بفيروس كورونا المستجد، بالتزامن مع انطلاق ماراثون امتحانات الثانوية العامة، وكأن كلية العلوم ابتعدت أميالا عن مرمى مجموعه، رغم ذلك لم ييأس الطالب، فثابر وذاكر وامتحن رغم آلام المرض التي داهمت عظامه، ليحصد نتيجة تعبه كله دفعة واحدة، أولا بشفائه وأسرته وثانيا بحصوله على مجموع 91% قد يقربه من الالتحاق بالكلية  التي طالما حلم بها ليتبدل الحال في الأسرة المتعافية حديثا من الخوف ووهن المرض إلى الفرح والحمد.

منذ مارس الماضي، وحين صدر قرار وزاري بتعطيل الدراسة لمنع انتشار فيروس كورونا، التزم أدهم طالب الثانوية العامة علمي علوم، وأخوته الصغار ووالداه بالمنزل، عزم النية على أن يسعد والديه في نهاية المطاف، لم يهمل درسا ولم يراكم عليه مذاكرة تساعده والدته إيناس في استرجاع ما حفظه وتهدأ من روعه.

"كان خايف من التجربة خصوصا إن بعض المواد كان لسه فيها دروس متشرحتش في الدروس وقعد في البيت اعتمد على نفسه"، تقول الأم في بداية حديثها لـ "الوطن"، عن ابنها الأكبر الذي ضاعف الوباء مخاوفه من الثانوية العامة بعد أن اكتفى بمتابعة شرح بعض معلميه للدروس المتبقية من المنهج عبر الإنترنت.

أدهم التزم بالحظر منذ مارس الماضي واستكمل دروسه عبر الإنترنت

بسلامة وعافية مرت شهور الحظر الثلاثة على أدهم، قضاهم في غرفته المتناثر بيمينها ويسارها أوراق وكشاكيل وكتب يحفظ ما بداخلها عن ظهر قلب، لم ينتبه إلى التاريخ المدون في أوراق النتيجة المعلقة بالحائط إلا بحلول العشرين من يونيو ليلة امتحان اللغة العربية، انطلق الماراثون وجاء وقت حصاد الزرعة التي رواها بتعبه ليال وشهور متواصلة، "أنا ووالده وصلناه بالعربية لحد باب لجنته عشان ميركبش مواصلات ويختلط بناس ويتعدي"، تقول والدته "إيناس" التي ظلت تراقبه حتى فتحت المدرسة أبوابها في لحظة تدافع فيها الطلبة للوصول إلى لجانهم.

عاد أدهم من امتحان اللغة العربية في ارتياح تام لسهولته استعد بعده لاجتياز الاختبار الثاني اللغة الإنجليزية، ساعات قليلة مضت بعد خروجه من اللجنة حتى داهمته ووالدته دفعة واحدة أعراض الفيروس عشية يوم الخامس والعشرين من يونيو الماضي، وبحسب روايته، لم يشعر إلا بآلام شديدة في عظام جسده هو ووالدته وفقدان حاستي الشم والتذوق والإعياء والحاجة المستمرة إلى النوم، ساورهما الشك الذي سرعان ما تحول إلى يقين بعد أن أثبتت تحاليل الـ pcr الإصابة بفيروس كورونا.

 داهمت أعراض الفيروس جسد الطالب ووالده بعد عودته من امتحان اللغة الإنجليزية وتعافى في 5 أيام

في اللحظات الأولى لاكتشاف الإصابة بدأ ماراثون الثانوية وحلم كلية العلوم لأدهم ووالدته، أصبح في خطر، عزلت الأم وابنها أنفسهما في غرفة بعيدة عن الأب وابنيها الصغار إخوة أدهم، هنا ناما متجاورين تآلما معا وتناولا العلاج سويا وقاوما الإعياء بالمذاكرة والمراجعة استعدادا لامتحان مادة الأحياء.

أسبوع كامل بين امتحان اللغة الإنجليزية ومادة الأحياء ساعد أدهم على استرجاع أبوابها جيدا متجاهلا أوجاع عظامه المتسبب فيها كورونا، كان لوالده دورا عظيما في إحضار الطعام له ولوالدته المعزولة معه، أما الجدة والخال المقيمان معهم في العمارة نفسها بأدور مختلفة كثيرا ما أحضرا الطعام والخضار الطازج إلى باب الشقة وتركوه أمامه بالخارج لمساعدتهم على الخروج من الأزمة.

بالكمامة والقفازات وزجاجة الكحول، وبعد استشارة الطبيب، حضر أدهم إلى مقر لجنته التابعة لإدارة مصر الجديدة التعليمية في صباح يوم امتحان الأحياء بعد تعافيه من كورونا، خرج من اللجنة راضيا عن مستوى الأسئلة وقدرته على حلها جيدا، راح يزف البشرى إلى والدته رفيقة مرضه وتعافيه ومذاكرته في غرفة عزل واحدة بالمنزل، وإلى والده الذي سهر ليال طوال على راحته، "كنت خايف اتعب لكن الحمدلله اليوم عدى على خير وحليت كويس"، بحسب وصفه.

 

 بعد تعافي الطالب ووالدته اكتشف الأب إصابته بكورونا

لم تلبث الأسرة أن تستفيق من الانتصار على كورونا، حتى اكتشف الأب إصابته بالفيروس ولكن بأعراض أشد حدة اضطر على إثرها الانتقال إلى المستشفى في منتصف ليل ذلك اليوم، بينما كان أدهم في غرفته يستعد لامتحان مادة الفيزياء، دخل الطالب في حالة رعب وبكاء خوفا على والده، حاولت الأم تهدئته، "حاولت أقوله كمل تعبك للآخر وطمنته إن والده هيكون كويس زي ما أنا وهو انتصرنا على الفيروس" وبالفعل انتصر الأب أيضًا على الفيروس وتعافى منه مع نهاية امتحانات الثانوية العامة.

شهر كامل قضته الأسرة بين فكي الثانوية العامة وفيروس كورونا، مرت أيامه ببطء لم تعهده الأم من قبل، لم يدري أحدهم سبب الإصابة ونقل العدوى للآخرين، تترقب كل ليلة لحظة الخروج من عنق الزجاجة بفارغ الصبر، حتى جاءت لحظة إعلان النتيجة ظهر اليوم لتثلج صدورهم جميعا، لم يخيب أدهم ظنهم فيه كما عهدوه طوال سنوات دراسته، اجتاز السنة الصعبة بكل ما فيها من خوف وترقب ومرض بمجموع 91%، ذرفت أعينهم من الفرح، بات الجميع يردد كلمات الحمد والثناء إلى الله على دعمهم في محنتهم لم يتبق سوى سماع خبر التحاق الابن بكلية العلوم التي يحلم بها حتى تكتمل الفرحة.

وبحسب تعبير الأم، "منتظرين نتيجة التنسيق وبيتمنى يدخل علوم" وتبقى الفرحة الأكبر هي انتصار الثلاثي على الفيروس الذي داهم أجسادهم دفعة واحدة في توقيت صعب يحدد مسار مستقبل الابن الأكبر.


مواضيع متعلقة