هل الأسباط رسل أم أنبياء؟

مجدى علام

مجدى علام

كاتب صحفي

الأسباط هم: روبين، وشمعون، ويهوذا، ويساكار، وزبولون، وبنيامين، ودان، ونفتالى، وجاد وأشير، واثنان منهم أبناء سيدنا يوسف عليه السلام منشى وإفرائيم، وقد كان أكثر ما عرف عن الأسباط الإيمان القوى بالله تعالى والصلاح.

معنى «الأسباط» فى القرآن الكريم فى أجواء قصة النبى يعقوب (ع) نتحدث فى هذا العدد عن معنى الأسباط، الذين قيل إنهم ذرية يعقوب (ع) الذين أوصاهم بالالتزام بخط التوحيد الذى سار فيه إدريس وإسماعيل (ع).

معنى الأسباط                                             

تكرر ذكر كلمة الأسباط فى القرآن ملحقة بذكر يعقوب، واختلف المفسرون فى معنى الكلمة، ومضمونها اللغوى، ومصداقها الخارجى، وموقع أشخاصها من حيث القداسة الرسالية. وربما يكون سبب ذكر هؤلاء بعد ذكر يعقوب وآبائه، أن لهم صلة انتساب وقرابة له، كما أن ذكرهم مع الأنبياء قد يدفع إلى اعتبارهم أنبياء، ولكن هناك من نفى أن يكونوا أولاد يعقوب، وهذا ما نحاول الحديث عنه. فقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس، أن الأسباط بنو يعقوب اثنا عشر رجلاً، وكل واحد منهم ولد أمة من الناس. وجاء السبط فى بنى إسرائيل كالقبيلة فى العرب، والسبط الحافد الحفيد، وكان الحسن والحسين سبطى رسول الله، والأسباط حفدة يعقوب وذرارى أبنائه الاثنى عشر، ويدل ذلك على أن المقصود بكلمة الأسباط هو الامتداد النسبى لأولاد يعقوب، الذين يمثلون مجتمعاً متعدداً بتعدّد الآباء، ولكن ذلك لا ينطبق على يعقوب الذى هو الأب لهم وليس فرعاً. والأسباط جمع سبط، كأحمال وحمل، وهم أولاد إسرائيل وهو اسم يعقوب وقيل: هم فى أولاد إسحاق كالقبائل فى أولاد إسماعيل، مأخوذ من السّبط، وهو شجرة كثيرة الأغصان، فكأنهم سموا بذلك لكثرتهم. وقيل: من السبوطة، وهى الاسترسال، وقيل إنه مقلوب البسط، وقيل إن الحسنين سبطا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لانتشار ذريتيهما، وقيل لكل ابن بنت سبط، وهذا هو المشهور فى الاستعمال العرفى وكذا قيل له حفيد أيضاً. وقد جاء فى المفردات للراغب الأصفهانى: والسبط ولد الولد، كأنه امتداد لفروع، ويعقوب والأسباط، أى قبائل كل قبيلة من نسل رجل أسباطاً أمماً. واختلف الناس فى الأسباط أولاد يعقوب، هل كانوا كلهم أنبياء أم لا؟ والذى صح عندى هو الثانى، وهو المروى عن جعفر الصادق (ع)، وإليه ذهب السيوطى وألف فيه، لأن ما وقع منهم مع يوسف (ع) ينافى النبوة قطعاً، وكونه قبل البلوغ غير مسلّم، لأن فيه أفعالاً لا يقدر عليها إلا البالغون، وعلى تقدير التسليم، لا يجدى نفعاً على ما هو القول الصحيح فى شأن الأنبياء، وكم كبيرة تضمن ذلك الفعل، وليس فى القرآن ما يدل على نبوتهم، والآية قد علمت ما ذكرنا فيها، فاحفظ ذلك هديت. وهم يوسف وإخوته بنو يعقوب، ولد كل واحد منهم أمة من الناس، فسموا الأسباط، وبه قال السدى والربيع ومحمد بن إسحاق، وذكروا أسماء الاثنى عشر يوسف وبنيامين وزبالون وروبيل ويهوذا وشمعون ولاوى ودان وقهاب ويشجر ونفتالى وجاد، وأشرفهم ولد يعقوب لا خلاف بين المفسرين، إنهم كانوا أنبياء والذى يقتضيه مذهبنا، أنهم لم يكونوا أنبياء بأجمعهم، لأن ما وقع منهم من المعصية فيما فعلوه بيوسف لا خفاء به، والنبى عندنا معصوم من القبائح، صغيرها وكبيرها، وليس فى ظاهر القرآن ما يدلّ على أنهم كانوا أنبياء، وقوله {وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم}[5]، لا يدل على أنهم كانوا أنبياء، لأن الإنزال يجوز أنه كان على بعضهم ممن كان نبياً، ولم يقع منه ما ذكرناه من الأفعال القبيحة. ويحتمل أن يكون مثل قوله: {وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم} وأن المنزل على النبى خاصة، لكن المسلمين لما كانوا مأمورين بما فيه، أضيف الإنزال إليهم. وقد روى العياشى فى تفسيره عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبى جعفر الباقر (ع) قال: قلت له: أكان ولد يعقوب أنبياء؟ قال: لا، ولكنّهم كانوا أسباطاً أولاد الأنبياء، ولم يكونوا فارقوا الدنيا إلا سعداء، تابوا وتذكروا ما صنعوا. وجاء فى تفسير الميزان للعلامة الطباطبائى (رحمه الله) الأسباط فى بنى إسرائيل كالقبائل فى بنى إسماعيل، والسبط كالقبيلة، الجماعة يجتمعون على أب واحد، وقد كانوا اثنى عشر سبطاً أمماً، وكل واحد منهم ينتمى إلى واحد من أولاد يعقوب، وكانوا اثنى عشر، فخلف كل واحد منهم أمة من الناس، فإن كان المراد بالأسباط الأمم والأقوام، فنسبة الإنزال إليهم لاشتمالهم على أنبياء من سبطهم، وإن كان المراد بالأسباط الأشخاص، كانوا أنبياء أنزل إليهم، وليسوا بإخوة يوسف لعدم كونهم أنبياء.

ونظير الآية قوله تعالى {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى} [7-8]. والظاهر أن الوحى كان لإبراهيم، فهو الذى خاطبه الله برسالته، وفرض عليه الملة الحنيفية من خلال العنوان الإسلامى الشامل لكل مفردات الرسالة وكلّ إيحاءاتها، ثم اتبعه أبناؤه وأحفاده فى الالتزام بهذا الوحى الإلهى، كما لو كانوا ممن أوحى إليهم به.

وهكذا، كان ذكر الأسباط امتداداً للذرية الطيبة من نسل إبراهيم فى حركة الزمن، بحيث تتابع فيها الأنبياء والصالحون والملتزمون بالإسلام، الذى كان وصية إبراهيم لولده بالسير فى خطه الأصيل، ووصية يعقوب لبنيه عند وفاته، بأن تنتهى حياتهم بالإسلام، وأن تكون عقولهم وقلوبهم وحياتهم فى خط التوحيد.