تكبيرات العيد.. هل تكون دبر الصلوات المكتوبة وما صيغتها؟

كتب: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسي

تكبيرات العيد.. هل تكون دبر الصلوات المكتوبة وما صيغتها؟

تكبيرات العيد.. هل تكون دبر الصلوات المكتوبة وما صيغتها؟

أجابت دار الافتاء المصرية في تقرير عبر موقعها الرسمي علي تساؤلات المسلمين حول تكبيرات العيد، إذ أجابت الدار علي ما حكم تكبير العيدين؟ ومتى يبدأ ومتى ينتهي؟ وهل هناك تكبير في أيام التشريق؟، وهل يكبر الشخص منفردا أم في جماعة؟، وهل يكون دبر الصلوات المكتوبة؟ وما صيغته؟

وذكرت الدار، في جوابها أنّ التكبير في اللغة يعني التعظيم، والمراد به في تكبيرات العيد تعظيم الله عز وجل على وجه العموم، وإثبات الأعظمية لله في كلمة الله أكبر كناية عن وحدانيته بالإلهية؛ لأن التفضيل يستلزم نقصان من عداه، والناقص غير مستحق للإلهية؛ لأن حقيقة الإلهية لا تلاقي شيئا من النقص، ولذلك شرع التكبير في الصلاة؛ لإبطال السجود لغير الله

وشرع التكبير عند نحر البدن في الحج لإبطال ما كانوا يتقربون به إلى أصنامهم، وكذلك شرع التكبير عند انتهاء الصيام بقوله تعالى "ولتكبروا الله على ما هداكم"؛ ومن أجل ذلك مضت السنة بأن يكبر المسلمون عند الخروج إلى صلاة العيد ويكبر الإمام في خطبة العيد، وكان لقول المسلم "الله أكبر" إشارة إلى أن الله يعبد بالصوم، وأنه متنزه عن ضراوة الأصنام.

والتكبير في العيدين سنة عند جمهور الفقهاء؛ قال الله تعالى بعد آيات الصيام "ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم"، وحمل التكبير في الآية على تكبير عيد الفطر، وقال سبحانه في آيات الحج"واذكروا الله في أيام معدودات" وقال أيضا "ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام"، وقال تعالى "كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم"

وحمل الذكر والتكبير في الآيات السابقة على ما يكون في عيد الأضحى، قال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه فيما نقله العلامة الخطيب الشربيني، قال "سمعت من أرضاه من العلماء بالقرآن يقول: المراد بالعدة عدة الصوم، وبالتكبير عند الإكمال، ودليل الثاني -أي: تكبير الأضحى- القياس على الأول -أي: تكبير الفطر-؛ ولذلك كان تكبير الأول آكد للنص عليه".

وقال الإمام ابن حزم: "والتكبير ليلة عيد الفطر فرض، وهو في ليلة عيد الأضحى حسن، قال تعالى: ﴿ولتكبروا ٱلله على ما هداكم ولعلكم تشكرون﴾، فبإكمال عدة صوم رمضان وجب التكبير، ويجزئ من ذلك تكبيرة.

والتكبير في أيام التشريق مشروع؛ لقوله تعالى "واذكروا الله في أيام معدودات"، ومع اتفاق الفقهاء على مشروعية التكبير في أيام التشريق، فإنّهم يختلفون في حكمه، فعند الحنابلة والشافعية وبعض الحنفية هو سنة لمواظبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك، وهو مندوب عند المالكية، والصحيح عند الحنفية أنّه واجب؛ للأمر به في قوله تعالى "واذكروا الله في أيام معدودات".

واختلف الفقهاء في وقت التكبير، فبالنسبة للبدء فإنّه باتفاق الفقهاء يكون قبل بداية أيام التشريق، مع اختلافهم في كونه من ظهر يوم النحر كما يقول المالكية وبعض الشافعية، أو من فجر يوم عرفة كما يقول الحنابلة وعلماء الحنفية في "ظاهر الرواية" وفي قول للشافعية.

وأما بالنسبة للختم فعند الحنابلة والقاضي أبي يوسف والعلامة محمد من الحنفية، وفي قول للشافعية والمالكية يكون إلى عصر آخر أيام التشريق، وأما المالكية فإنهم يذهبون في المعتمد إلى أن يختم بالتكبير بصبح آخر أيام التشريق.

وبالنسبة للتكبير جهرا وجماعة فإنّه لما كان رفع الصوت بالتكبير في أيام العيد من الشعائر، فالتكبير الجماعي أقوى وأرفع صوتا بلا شك، فكان هو المناسب لهذه الشعيرة، وفقهاء الحنفية أوجبوا التكبير أيام التشريق على الرجال والنساء ولو مرة، وإن زادوا على المرة يكون فضلا، ويؤدى جماعة أو انفرادا، ويكون التكبير للرجال جهرا، وتخافت المرأة بالتكبير.

أما المالكية فيندب عندهم التكبير للجماعة وللفرد؛ قال العلامة الصاوي: "ويستحب الانفراد في التكبير حالة المشي للمصلى، وأما التكبير جماعة وهم جالسون في المصلى فهذا هو الذي استحسن. قال ابن ناجي: افترق الناس بالقيروان فرقتين بمحضر أبي عمرو الفارسي وأبي بكر بن عبد الرحمن، فإذا فرغت إحداهما من التكبير كبرت الأخرى فسئلا عن ذلك؟ فقالا: إنه لحسن".

وقد روى الإمام مالك أثرا في الموطأ عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خرج الغد من يوم النحر حين ارتفع النهار شيئا فكبر الناس بتكبيره، ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار فكبر، فكبر الناس بتكبيره، ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبر، فكبر الناس بتكبيره حتى يتصل التكبير ويبلغ البيت فيعلم أنّ عمر خرج يرمي، قال مالك "الأمر عندنا أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات، وأول ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر، وآخر ذلك تكبير الإمام والناس معه دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطع التكبير".

وقال أيضا "والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء من كان في جماعة أو وحده بمنى أو بالآفاق كلها واجب، وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج وبالناس بمنى؛ لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم حتى يكونوا مثلهم في الحل، فأما من لم يكن حاجا فإنه لا يأتم بهم إلا في تكبير أيام التشريق".

وأما الشافعية فيندب عندهم التكبير جماعة جهرا؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: "وأما التكبير في غيرهما -أي: الصلاة والخطبة- فضربان مرسل لا يتقيد بحال، ومقيد يؤتى به في أدبار الصلوات خاصة، فالمرسل ويسمى المطلق من غروب الشمس ليلتي العيد، أي: عيد الفطر وعيد الأضحى، ودليله في الأول قوله تعالى "ولتكملوا العدة"، أي: عدة صوم رمضان ولتكبروا الله، أي: عند إكمالها، وفي الثاني القياس على الأول

قال الإمام الشافعي: "فإذا رأوا هلال شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى في المسجد والأسواق والطرق والمنازل ومسافرين ومقيمين في كل حال وأين كانوا، وأن يظهروا التكبير".

وقد حكى الإمام النووي أن جماعة من الصحابة والسلف كانوا يكبرون إذا خرجوا إلى صلاة العيد حتى يبلغوا المصلى يرفعون أصواتهم، وقد استدل الفقهاء على استحباب تكبير العيد جماعة جهرا بأدلة كثيرة، منها: ما رواه البخاري في "صحيحه" معلقا بصيغة الجزم: كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد، فيكبرون ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيرا.

وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات، وعلى فراشه وفي فسطاطه، ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا. وكانت ميمونة تكبر يوم النحر. وكن النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد.

ولا شك أنّ الأصوات الجماعية أقوى في ارتجاج منى من الأصوات الفردية، فهذا يدل على صحة التكبير جماعة، وحيث ثبت جواز التكبير في العيد جماعة عن الصحابة والسلف وفقهاء المذاهب، فالهيئة المحققة لذلك تكون بالتوافق بين الجماعة بصوت واحد، فإن جلس المجتمعون للتكبير جماعة جهرا بغير توافق أدى ذلك إلى حدوث التشويش الذي يكر على مقصود الذكر بالبطلان، حيث يذهب الخشوع.

والتكبير في أدبار الصلاة لا خلاف بين الفقهاء في مشروعيته في أيام التشريق، وهو مندوب عند جمهور الفقهاء، وواجب عند الحنفية.

وبناء على ذلك: فالتكبير سنة عند جمهور الفقهاء، يبدأ قبل بداية أيام التشريق، على اختلاف في بدايته بين ظهر يوم النحر وفجر يوم عرفة، ونهايته يكون عصر آخر أيام التشريق، ويجوز -على ما بيناه في البداية- أن يكون في جماعة أو فرادى، والجماعة أفضل لما بيناه، وصيغته لم يرد شيء بخصوصها في السنة المطهرة، والصيغة المشهورة التي درج عليها المصريون شرعية وصحيحة، ومن ادعى أنّ قائلها مبتدع فهو إلى البدعة أقرب؛ حيث حجر واسعا وضيق ما وسعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقيد المطلق بلا دليل، ويسعنا في ذلك ما وسع سلفنا الصالح من استحسان مثل هذه الصيغ وقبولها وجريان عادة الناس عليها بما يوافق الشرع الشريف ولا يخالفه، ونهي من نهى عن ذلك غير صحيح لا يلتفت إليه ولا يعول عليه.


مواضيع متعلقة