"توم وجيري".. كيف استخدم الفراعنة النكات في رسائلهم؟

كتب: رحاب عبدالراضي

"توم وجيري".. كيف استخدم الفراعنة النكات في رسائلهم؟

"توم وجيري".. كيف استخدم الفراعنة النكات في رسائلهم؟

عُرف عن المصريون خفة ظلهم التي تلازمهم في معظم المواقف، إذ يحاربون أزماتهم بالضحك والسخرية، لكن ما لا يعلمه كثيرون، أنّ المصريون ورثوا خفة ظلهم عن أجدادهم القدماء المصريين، إذ كانت النكات عند المصريين القدماء، هي المراقب للتراث الشعبي في مواجهة الأزمات من أوبئة ومجاعات.

وكانت السخرية هي سلاح المصريين في مواجهة تقلبات الطبيعة من أوبئة ومجاعات، كما استخدم الكاريكاتير والنكته كأسلحة وليس فقط من أجل التسلية.

مجدي شاكر كبير الأثريين بوزارة الآثار، شرح كيف كان المصريين القدماء يستخدمون "النكات" في حياتهم ويوجهون الرسائل من خلالها، لافتا لوجود كثير من القصص والأشعار والرسوم في الأدب الفرعوني، تفوح منها رائحة الفكاهة الساخرة، فثنائي على غرار "توم وجيري" أو القط والفأر ظهرا على جدران المعابد قبل أن يقدمهما جوزيف باربيرا، ويليام هانا، على هيئة رسوم كارتونية في أربعينيات القرن الماضي.

وتابع شاكر، في حديثه لـ"الوطن"، أنّ "تيمة" القط والفار استمرت حتى في العصر القبطي، إذ تسجل إحدى الصور المرسومة على جدران أحد الأديرة القديمة في مصر العليا، مشهدا لـ3 فئران تطلب العفو من القط الجالس في حالة غطرسة واضحة.

رسومات ومواقف تشير إلى النكات في العصر القديم

نصّب المصريون منذ 7 آلاف سنة إلها للضحك، ومثلوه على هيئة قزم صغير أسموه بس مقوس القديم، يظهر أحيانا على جدران المعابد وقد أخرج لسانه في صور كارتونية مبهجة، تعبيرا عن ميلهم الشديد للمزاح والفكاهة، وهذه الروح المرحة جعلت الرومان يمنعون المحامين المصريين من الدخول لمحاكم الإسكندرية، لأنهم كانوا يواجهون القضاة بكل قوة وبلاغة ساخرة.

وتوجد جدارية في سقارة، صوّرت فلاحا مصريا وهو يخاطب ثوره أثناء الحرث، قائلا: أسرع يا ثوري لنُنهي عملنا الجميل، ونلحق بالاحتفالات والبهجة في بيت البا (المعبد)"، فضلا عن وجود برديات عديدة، معظمها محفوظ في متاحف أوروبية، وبعضها في المتحف المصري، لرسوم قصص مداعبات الحيوانات، وطرائف جيوش الطيور، ومباريات الشطرنج بين الأسد والحمار، ومصارعة القط والفأر، وسباق الأرنب والسلحفة، وحوار الثعلب والأوزة... إلخ.

ولم يغب عن بال الفنان المصري القديم عند نقد ظاهرة اجتماعية، أن يتناولها من خلال رسومات هزلية، كإسقاطات تعبر عن نقده لأوضاع معينة، إذ نشاهد رسما هزليا على أوستراكا (كسارة فخار) لفأر يجلس مستريحا بينما يلتهم سمكة أوشك على الانتهاء منها، ويقف أمامه قط هزيل في خضوع تام يحمل شكلا يشبه "المروحه اليدوية"، وفي اليد الأخرى "بطة"، كما لو كان يقدم له فروض الطاعه والولاء ويقوم على خدمته، عكس ما يحدث في الطبيعة.

وصوّرت إحدى اللوحات، ذئابا وثعالب تصنعا البراءة، فسار أحدهما يحمل زاده على عصاه وينفخ في مزماره المزدوج ليخدر أعصاب القطيع الذي سار على وقع أنغامه منتشيا مسحورا ويسعى بنفسه نحو حتفه، خلف ذئب آخر مسحوب العينين يرمي حوله بطرف عينيه خشية أن ينفلت منه أحد أفراد القطيع، وفي هذه اللوحة كان الفنان المصري القديم ناقدا في كثير من الأحوال لأوضاع مجتمعه المترديّة، وظلّ الملك في نظر الفنان أسدا كما كان في مخيلة أسلافه.

وخصص يوم 30 كيهك عيد للبهجة والسرور، يُحرم فيه النكد والتكشير، فلا يسمح بدخول بيوت الأرباب إلا للمبتسمين.


مواضيع متعلقة