«مسعد»: «أمى قالت لى وأنا ماشى بستودعك عند ربنا»

كتب: عبدالوهاب عليوة

«مسعد»: «أمى قالت لى وأنا ماشى بستودعك عند ربنا»

«مسعد»: «أمى قالت لى وأنا ماشى بستودعك عند ربنا»

خلف دشمة عسكرية، استقرت على مدخل مدرسة جمال عبدالناصر، بمدينة الزقازيق، وقف حسن مسعد، أحد جنود الجيش الميدانى الثانى، المكلف بتأمين سير العملية الانتخابية بمحافظة الشرقية، شاهراً سلاحه الآلى، كمقاتل محترف، بيدين استطاعت شمس الظهيرة الحارة على مدار سنوات أن تحيل لونيهما إلى الأحمر الداكن، يقبض الجندى العشرينى بيمينه ذات الملمس الخشن على سلاحه، وبينما سبابته اليسرى فوق زناد السلاح فى هيئة الاستعداد، للتصدى لأى محاولة تستهدف تعطيل عملية الاقتراع الرئاسى، وبنظرات فاحصة متشككة، تجوب حرم اللجنة الانتخابية، يراقب الجندى الموكلة له مهمة تأمين محيط اللجنة حركة المارة والمحتشدين أمامها بهدف تأمين عملية التصويت، فى صمت دون أن ينطق بكلمة أو يتحدث مع أحد. حسن مسعد، شاب ريفى، حاصل على دبلوم فنى صناعى، ترك بلدته «إطسا»، أحد مراكز محافظة الفيوم، لقضاء خدمته العسكرية، التى تمتد على مدار عامين ضمن صفوف الجيش الثانى بمحافظة الإسماعيلية، يتصبب مرتدى الزى العسكرى المموه عرقاً، بسبب حرارة شمس ثانى أيام التصويت، تلمحه سيدة خمسينية، فتمد يدها إليه بـ«كيس مناديل»، يأخذ الجندى منديلاً واحداً رافضاً طلب السيدة «خليه معاك كله، الجو حر واليوم لسه طويل»، ليرد عليها بابتسامة هادئة «ادعى لنا بس يا حاجة». الجندى المقبل من معسكره إلى محافظة الشرقية، ضمن القوات المشاركة فى العملية الانتخابية، مساء السبت الماضى، يرى أنه فى حالة طوارئ من أجل مصر «أنا عارف أن إحنا بنخدم البلد فى الوقت الصعب ده، مش علشان حد معين أو شخص فى حد ذاته». لا يتحرك الجندى المتأهب على مدار 12 ساعة فى يومى الاقتراع، إلا لسببين، الأول: الدخول للحمام، الثانى: الصلاة أو الطعام، حيث يحل محله جندى آخرى لدقائق معدودة لحين قضاء حاجته. يعلو صوت أحد وكلاء المرشحين، معترضاً على وجود أنصار المرشح الآخر أمام اللجان، بهدف مساعدة الناخبين فى معرفة لجنتهم الانتخابية، كما زاد حد المناوشات أو المشادات بين الناخبين أو غيرهم، يرفع الجندى وفقاً لتعليمات قيادته حالة التأهب القصوى، خوفاً من أن يستغل أى طرف ما يحدث لإفساد الاستحقاق الانتخابى أو التأثير على نزاهة الانتخابات، نفس الأمر يتكرر أثناء حدوث أى مشكلة أخرى فى محيط اللجنة حتى لو لم يكن لها أى علاقة بعملية التصويت. يبدى، صاحب الزى المموه، حزنه على استهداف بعض زملائه من قبل العناصر الإرهابية، داعياً الله أن ينتقم من القتلة «ذنب أهلنا إيه اللى علمونا وصرفوا علينا، مستنظرين منا إننا نقف جنبهم ونساعدهم لما كبرنا، ليه أُم أى حد فينا تعيش بحسرتها على ابنها، كل عساكر الجيش اللى بتقضى الخدمة العسكرية، بتشارك فى تأمين الانتخابات علشان ده واجب وطنى، ومش هنستفيد حاجة من أى حد، وأنا سايب البيت أمى بتقول لى أنا مستودعاك عند ربنا وهستناك الإجازة اللى جاية».