"بدوية".. 30 سنة من بيع الترمس والسوداني على رصيف "تلا" لتربية 4 أبناء

"بدوية".. 30 سنة من بيع الترمس والسوداني على رصيف "تلا" لتربية 4 أبناء
على صوت المذياع الذي يخرج منه آيات من كتاب الله، ولون الترمس الأصفر الفاقع الملفت للانتباه، تجلس سيدة في العقد الخامس من عمرها بجوار المزلقان الأول بمدينة تلا بمحافظة المنوفية، أمامها فرشة صغيرة تحوى أكوامًا من الترمس وقطع الليمون وحبات الفول السوداني، وبجانبها المصحف الشريف وراديو صغير، تكاد تبدأ تجاعيد الوجه بالبروز عليها، وببعض من الوقار، تجلس شاردة مع أصوات القرآن الكريم إلى حين أن يقاطعها أحد الزبائن.
بدوية عبدالله، الشهيرة بـ"أم فتحي"، تقطن فى فرشتها منذ أكثر من ثلاثة عقود تبيع الترمس والسوداني، تتبادل العمل بينها وبين زوجها بتعاون وحب: "باقعد هنا من سنة 84 لغاية ماحفظت المنطقة، باستلم من جوزي بعد الضهر لغاية 10 بالليل، وفى الصيف لغاية الساعة 2، وجوزي بيقعد فترة الصبح لإنه كبير في السن".
تستيقظ "بدوية" مع بداية اليوم يملؤها النشاط، تتناول الإفطار مع زوجها ثم تبدأ عملها بتجهيز الترمس له: "باغسل الترمس وباجهزه له عشان يخرج بيه، ولما هو يرجع بينقعه في المية طول اليوم، والصبح بيسلقه على النار قبل ما يخرج، والسوداني كنت الأول بقليه، بس دلوقتي بجيبه طري وأبيعه".
تعاون كبير بين الزوجين في العمل، وبرغم كبر سنهما، لا يملان، فقد كرسا حياتهما مع بعضهما في هذا العمل: "بنتعاون مع بعض في كل حاجة، ولو ورايا مشوار أو تعبانة في نص اليوم بيقعد مكاني، هي دى شغلتنا وإحنا مبسوطين".
لا ترضى بأكثر من حقها، ولا تقبل بأي أموال زيادة من أحد: "بابيع على قد الفلوس، وماباخدش حاجة زيادة من الناس، وماحدش بياخد زيادة عن حقه، ومافيش أحسن من الحلال، وأهم حاجة ستر ربنا".
لدى "بدوية" 4 أبناء، بذلت كل جهد هي وزوجها في تربيتهم وتعليمهم، فكانت النتيجة: "ولادي مش بيتحرجوا مننا وكانوا بيقفوا معايا أحياناً، ابني الكبير كان بيخلص جامعة ويجي يريحني شوية ويقف مكاني، وكلهم فخورين بينا".