رئيس وزراء اليمن: ما يحدث في ليبيا يقلقنا بشكل كبير.. ونحن مع دعوة "السيسي" إلى التوصل لحل سياسي ومنع التدخلات الأجنبية

رئيس وزراء اليمن: ما يحدث في ليبيا يقلقنا بشكل كبير.. ونحن مع دعوة "السيسي" إلى التوصل لحل سياسي ومنع التدخلات الأجنبية
- رئيس وزراء اليمن
- اليمن
- برنامج رأى عام
- معين عبدالملك سعيد
- الحوثيين
- الرئيس السيسي
- رئيس مجلس الوزراء
- ليبيا
- الازمة الليبية
- رئيس وزراء اليمن
- اليمن
- برنامج رأى عام
- معين عبدالملك سعيد
- الحوثيين
- الرئيس السيسي
- رئيس مجلس الوزراء
- ليبيا
- الازمة الليبية
قال رئيس وزراء اليمن، الدكتور معين عبدالملك سعيد، إن لقاءه مع الرئيس عبدالفتاح السيسى يحمل قيمة خاصة، فمصر جزء من تكوينه وتكوين كل عربى ويمنى، وتجربتها فى التعافى خلال الفترة الماضية بعد الاضطرابات التى شهدتها «استثنائية».
وأضاف رئيس الوزراء اليمنى الذى يزور مصر على رأس وفد رفيع المستوى، خلال حواره لبرنامج «رأى عام» الذى يقدمه الإعلامى عمرو عبدالحميد على قناة «TEN»، أن مصر ساعدت اليمن فى الانتقال إلى الدولة الحديثة بإنشاء المدارس، وإخراجه من عصور الظلام فيما سبق، وفى 2015 كان للدبلوماسية المصرية دور كبير فى الحفاظ على شرعية الدولة اليمنية، مؤكداً أن العلاقة اليمنية المصرية عميقة وفريدة من نوعها، والزيارة الحالية ناقشت عدداً كبيراً من البروتوكولات فى «التعليم العالى، الصحة، الزراعة» والمواطنين اليمنيين وإقامتهم فى مصر.
وإلى نص الحوار:
د. معين عبدالملك للإعلامى عمرو عبدالحميد: مصر جزء من تكوين كل عربى ويمنى.. وتجربتها فى التعافى بعد الاضطرابات التى شهدتها "استثنائية"
لقد أقمت فى مصر ودرست فيها وتعرف شعبها جيداً واليوم تزورها وأنت رئيس وزراء.. حدثنا عن انطباعك عنها.
- انطباع مختلف.. كثير من قيادات الدولة المصرية الآن أعرفهم كأساتذة وبروفيسورات وعقول وخبرات إدارية، ومصر غنية بتلك العقول، واليوم تشاركت غرفة مباحثات مشتركة حول العلاقات الثنائية بين البلدين، وهذا شعور لا يوصف، فمصر جزء من تكوينى وتكوين كل عربى ويمنى، وبشكل خاص قضيت فيها فترة طويلة، أتممت تعليمى فى جامعة القاهرة والماجستير والدكتوراه فى كلية الهندسة، والآن فى هذا الظرف الدقيق والحساس تأتى هذه الزيارة، لذلك الانطباع مختلف.
التقيت بالرئيس السيسى.. فهل لنا معرفة تفاصيل اللقاء؟
- اللقاء يحمل قيمة خاصة، أولاً: تجربة مصر خلال الفترة الماضية فى التعافى تجربة استثنائية، وكان الأساس فى المشاورات هو الاطلاع على التجربة المصرية فى كل المجالات، خصوصاً بعد الاضطرابات التى شهدتها، واستعادة كفاءة مؤسسات الدولة وتعافى الاقتصاد، والجانب الأساسى هو نقل رسالة الرئيس عبدربه منصور هادى إلى أخيه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى الظرف الدقيق والخطير الذى تمر به المنطقة والتحديات الإقليمية والتدخلات الأجنبية والأمن فى المنطقة والبحر الأحمر، والأخطار التى تهدد الأمن القومى العربى، فكان هناك نقاش، وتحدثنا بوضوح، وكما أوصانى الرئيس منصور فإن موقفنا مع موقف مصر فى الأخطار المشتركة التى تهدد الأمن القومى العربى.
كانت هناك جلسة أخرى مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء.. فما مجمل هذه المباحثات؟
- العلاقة اليمنية المصرية عميقة وفريدة من نوعها، والنقاش تضمّن الملفات الثنائية، وكان لدينا عدد كبير من البروتوكولات فى «التعليم العالى، الصحة، الزراعة» والمواطنين اليمنيين وإقامتهم، والأساس الذى اتفقنا عليه وخرجنا به للمؤتمر الصحفى، والذى أوصى به الرئيس السيسى، هو استعادة أو تفعيل اللجنة العليا المشتركة، لكن فى هذه الزيارة كانت المشاورات رفيعة المستوى بين رؤساء مجلس الوزراء والوزراء المرافقين، فكان من المهم استعادة نقاش كل هذه البروتوكولات والتفاهمات الثنائية.
القاهرة ساعدتنا فى الانتقال إلى الدولة الحديثة بإنشاء المدارس وليس فقط بدعم الثورة عام 1962 وللدبلوماسية المصرية دور كبير فى الحفاظ على شرعية الدولة اليمنية منذ عام 2015
فى المؤتمر ذكرتم أن الدولة المدنية الحديثة ليست منجزاً يمنياً فقط إنما هى أيضاً منجز مصرى.. ما الذى تعولون عليه لتقدمه مصر إلى اليمن فى هذا الوقت؟
- ما ذكرته فى المؤتمر الصحفى لم يكن مبالغة، فمصر ساعدتنا فى الانتقال إلى الدولة الحديثة بإنشاء المدارس، وليس فقط فى دعم الثورة عام 1962، وكل ما يتعلق بنقل اليمن وإخراجه من عصور الظلام كان بدعم مصرى كبير، الآن أشبّه المعركة بولادة الجمهورية الثانية أو مرحلة جديدة، خضنا خلالها نقاشات طويلة بعد 2011 بالمبادرات السياسية الخليجية والعربية، وكان للدبلوماسية المصرية دور كبير فى 2015 فى الحفاظ على شرعية الدولة اليمنية، وموقف مصر واضح فى وحدة اليمن وسلامة واستقرار أراضيه، وكل هذه المواقف شكلت ركناً أساسياً فى المرحلة الماضية، ونحن فى مرحلة تعافٍ أو نحاول الآن بعد اتفاق «الرياض» لترتيب مرحلة تعافٍ تساعدنا على إنهاء الحرب، التى هى من الأساس بسبب انقلاب الحوثيين، وهو الأمر الذى سبّب نزاعات أهلية وصراعات مستمرة إلى الآن كجزء من استراتيجية تطييف المنطقة، وجزء من التدخلات الإيرانية التى دمرت عدداً من الدول العربية، واليمن تعرّض لضربة كبيرة بسبب هذه التدخلات.
ونحن نتحدث عن التدخلات الخارجية نجد أن القبلية موجودة لكن الطائفية لم يكن لها مكان.. هل هذا الطرح صحيح؟
- بشكل عام لا نعرف الطائفية فى اليمن، وحتى التطرف بالمعنى الشيعى أو السنى كان عندنا هو تأثير الجماعات الدينية على الأنظمة السياسية. عندنا «الزيدية» طوال عمرها جزء أصيل داخل النسيج اليمنى، ولكن يبقى ارتباطهم الوثيق بإيران أداة للهدم وتهديد الجيران والأمن القومى العربى، وقد تكون هذه النقطة هى التى تؤخر بشكل كبير الوصول إلى مسار سلام وتوافقات، ونحن كيمنيين لا بد أن نصل إلى انتهاء الحرب بسلام، لكن هذه التدخلات الإيرانية لثلاثة عقود أثمرت خلق جماعة متطرفة عنصرية فى التعامل مع باقى اليمنيين، وهذا الموضوع كان صادماً بالنسبة لنا بشكل كبير.
مصر والسعودية نقطتا الارتكاز فى المنطقة مع تعرض الأمن القومى العربى لضربة كبيرة نتيجة التدخلات الخارجية
لكن مثلما تشير أنه لم يكن وليد اليوم وكان مسألة تراكمية؟
- إذكاء هذه النزاعات جزء من مخطط يستهدف الجزيرة العربية والسعودية ومصر، وكل المنظومة العربية والأمن القومى العربى يتعرض لضربة كبيرة نتيجة التدخلات الخارجية التى أثرت على دول وعواصم، ونحن نعرف الذى حدث فى فترة الاضطرابات فى بغداد ودمشق، وهذا الذى أوصلنا لهذه المرحلة الآن، وبقى عندنا نقاط ارتكاز مهمة فى الوطن العربى (مصر، السعودية)، ومن المهم أن يستعيد اليمن عافيته، ونحن فى فترة صعبة الآن لكن لا بد من أن نصل ويعود اليمن جزءاً من نسيج ودرع المنطقة.
هل يمكن القول إن ما يعانيه اليمن من اضطرابات وأزمات وحرب أهلية هو نتيجة لما يُعرف بـ«الربيع العربى»؟
- الهدف من الربيع العربى كان التغيير، الإشكالية ليست فى عملية التغيير، إنما الانقلاب على مؤسسات الدولة، فما حدث مثلاً فى مصر خلال الفترة من 2011 حتى ثورة 30 يونيو كان خطراً حقيقياً، حيث تم المساس بمؤسسات الدولة والقضاء وغيرها، وعندنا فى اليمن الآن المؤسسات هى الضامن حتى لا نقع فى أى احتراب، وهذا الموضوع كان هدفاً للرئيس عبدربه منصور لأنه مر بهذا الظرف الصعب فى 2014 و2015، وما فعلناه فى عدن وعدد من المحافظات سيعيد دور السلطات المحلية والقضاء وغيره، فمن غير مؤسسات سنقع فى فوضى وحرب، ولن نعرف من يحارب من.
كيف يمكن أن تصف لغير المتابعين المشهد اليمنى الحالى؟
- صعب أن نعطيهم التفاصيل لأنهم سيدخلون فى تعقيدات كبيرة، وربما هم يعرفون الحوثيين وعلاقتهم بإيران التى تحاول إبقاء اليمن فقيراً اقتصادياً، لكن هم يستخدمون الناس وقوداً للحرب، والمناطق التى تسيطر عليها الحكومة فى حدود 70%، لكن تشهد أيضاً بعض النزاعات، وهذا شىء طبيعى فهو جزء من تبعات المقاومة، وعندك قوات كبيرة ذات طابع قبلى قاومت الحركة الحوثية وأصبحت جزءاً من الدولة تستوعبها بشكل أو بآخر فى الجيش وفى الأمن لكن فى الآخر تحتاج إلى تنظيم، وهذا ما يحدث الآن فى المناطق المحررة مثل عدن والامتداد شرقاً إلى المهرة وعمان ومأرب فى الشمال، وهى مناطق هامة ومساحتها كبيرة، والأساس هو إعادة التنظيم فى هذه المناطق، واستيعاب الجميع، وذلك الاستيعاب السياسى لكل هذه القوى مهم فى إطار المصالح المشروعة، أى فرض لأى شىء بالسلاح سيقوض مؤسسات الدولة، وأى مساحة للميليشيات ستقوض مساحة الدولة، ونحن فى معركة استعادة الدولة والمؤسسات حتى نستطيع استكمال مسار إنهاء الانقلاب والسيطرة على كل الأراضى فى البلاد، وفى المقابل لدينا مشكلة كبيرة مع الحوثيين لأنهم جماعة تفرض ما تشاء بالقوة، والدولة وهى تستعيد دور البنك المركزى وتدفع الرواتب كانوا حريصين ألا يتسلموها فى مناطقهم، نحن ندفع من مناطق معينة لكنهم اتخذوا قرارات معينة بشكل سيئ، كنا ندفع للقطاعات الصحية وغيرها حفاظاً على مؤسسات الدولة التى تقدم خدمات للمواطن اليمنى، لكنهم يريدون أن يبقى الوضع متوتراً، أن يبقى الناس دائماً فى تعبئة خاصة للحرب، ولذلك نفقد دائماً مسارات مع الحوثيين للسلام، الخلاصة أنهم يرون أن تحقيق المكاسب السياسية لا يأتى إلا بالقوة، فهذا هو المشهد العام، ومن يتابع سيجد نزاعات جهوية، لكن بشكل عام استطعنا استعادة جزء كبير من السلطات المحلية رغم الصعوبات، والمسار الآن واستكماله منذ اتفاق الرياض يأتى كجزء من اتفاق مرحلى سيساعد فى استعادة بناء الدولة بشكل كامل فى عدن، ما يعنى أننا سنكمل على ما تم بناؤه.
وكيف يمكن تحقيق ذلك؟
- الحكومة وضعها مضطرب من أغسطس الماضى للآن، وأنا موجود بعدما توليت المسئولية بشكل كامل منذ أكتوبر 2018 فى عدن وكان الوضع مضطرباً، وربما ساعد كونى مستقلاً وغير منتمٍ لتيار سياسى فى الحصول على توافقات معينة، وكنت موجوداً فيها، وذهبت لأداء اليمين الدستورية، وبعد اتفاق الرياض عادت الحكومة واستطاعت استعادة الخدمات بشكل كبير، لذلك الحديث بأنها غير موجودة صعب، وهناك عدد من الوزراء الموجودين فى عدن، ومساحة الحكومة مع الاضطرابات السياسية يقل تأثيرها.
لكنك قلت إنكم تسيطرون على 70% من الأراضى!
- فعلياً، لكن وجود الحكومة فى عدن فى ظل النزاع مع المجلس الانتقالى لفترة طويلة أثر عليها، مثلاً نائب رئيس الوزراء موجود فى عدن طوال الفترة الماضية، لكن أداء مؤسسات الدولة يظله احتقان سياسى، فالمجلس الانتقالى يطالب بشراكة، واتفاق الرياض ينص على إصلاحات معينة عسكرية وأمنية ومسارات لتوحيد القوى، وما يدفع هذه النزاعات إلى السطح هو الخلافات على توحيد القوى العسكرية والأمنية، وترتيب الملفات فى إطار الدولة، وحالياً فى الرياض هناك نقاشات بين القوى السياسية للمضىّ قدماً لتفعيل اتفاق الرياض وتشكيل الحكومة القادمة.
عندها هل ستعود الحكومة إلى عدن؟
- بالتأكيد.
والرئيس أيضاً؟
- بموجب اتفاق الرياض ستؤدى الحكومة اليمين الدستورية أمام الرئيس فى عدن، وهذا سيعيد لها قدرتها بشكل كبير بدلاً من النزاعات التى أثرت على دورها، وللأسف ضاعت فرص كبيرة بسبب ذلك.
وحتى يحدث التوافق.. ما أكبر العقبات التى تقف فى طريق التوصل إليه؟
- الصعوبات متوقعة فى أى نقاشات، بالذات مع تشكيل حكومة، هناك توافقات كبيرة والأمر يعود للرئيس فى النهاية، وهناك مستشارو الرئيس ورؤساء أحزاب وقادة سياسيون موجودون الآن، ثم جاءت فترة كورونا، والتحديات أثرت بشكل كبير على أى لقاءات سياسية، لكن اللقاءات الآن موجودة.
اللقاءات مع من؟
- بين القوى السياسية.
والحكومة.. كفاءات سياسية أم تكنوقراط؟
- نعم كفاءات تكنوقراط لكن بتمثيل سياسى، والجميع يجب أن يكون موجوداً على الطاولة بالذات فى الوضع اليمنى، لأنه إذا كان معك على الطاولة تستطيع أن تشرح وتناقش التفاصيل، فعندما يكون على الطاولة يعرف كم هى الميزانية وكم تصرف؟ لأنه عندما يشعر أنه غير مشمول فى العملية السياسية أو غير موجود على الطاولة يبدأ فى خلق نزاعات.
مسودة الاتفاق الذى قدمه مبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفيث لكل الأطراف.. ما رؤيتكم كحكومة لها؟
- مسودة الإعلان المشترك فيها خروج كبير عن المرجعيات، وهذه إشكالية كبيرة، وكانت هناك ورقة اتفقنا عليها، وهى قرار مجلس الأمن 2216، والحوار الوطنى، فهذه المرجعيات الأساسية للعملية السياسية فى اليمن، وربما كانت الأوراق الأولى التى تقدم بها المبعوث الأممى أفضل بكثير، وكنا وافقنا عليها بشكل كبير، وحقيقة لم تكن هناك مشكلة فى موضوع مطار صنعاء الذى ادعى الحوثيون أن فيه حصاراً، رغم إعلاننا أنه يمكن فتح المطار عبر محطة داخلية، فلا نريد للناس أن يعانوا بالسفر من صنعاء إلى مدن أخرى.
هم يقولون إن هذا الحصار يؤثر على وصول المساعدات الإنسانية؟
- كله للأسف تزييف، ويمكن تفنيده بالاطلاع على الحقائق، حتى إننى طرحت عودة العالقين فى اليمن مباشرة إلى مطار صنعاء، لكنهم لم يفتحوا المطار ولم يساعدوا على فتحه.
هل ما قدمه المبعوث الأممى لا يزال مطروحاً حتى الآن؟
- هذا الموضوع تتولاه وزارة الخارجية، لكن الورقة بها كثير من الأمور التى تحتاج للمراجعة بشكل كامل.
المبعوث الأممى.. هل هو وسيط أم ناقل رسائل كساعى البريد؟
- يعتمد ذلك على الدور الذى يمكن أن يلعبه، فهناك مساحات نعطيها له حتى يستطيع الوصول لحلول، لكن لم يتم استغلالها بالشكل الجيد.
نعود لمباحثاتك فى القاهرة.. هل توصلتم إلى رؤية مشتركة بينكم وبين الحكومة المصرية للمساعدة فى الظروف التى يعيشها اليمن حالياً؟
- ربما مصر ليست مانحة بالأموال والقروض، لكنها مانحة بالعلم والخبرات، وتقدم تسهيلات لقرابة مليون يمنى.
هل هناك مليون يمنى يعيشون فى مصر؟
- نعم.
لماذا لا تفكرون فى استخدام العلاقات التقليدية بينكم وبين الروس للضغط على الحوثيين عن طريق علاقة موسكو بطهران؟
- الروس معنا فى هذا الملف بشكل عام، ولكن هل سيستجيب الحوثيون أم لا؟ هذا موضوع آخر لأنه أيضاً هناك تباينات بين موقف الروس والإيرانيين فى سوريا، وتظل إيران هى المؤثر الأكبر، وهذه هى الإشكالية الكبرى، وتحدثنا فى 2016 فى الكويت، وكنا شبه متفقين على أشياء كثيرة، لكن فجأة جاءت لهم تعليمات برفض كل المقترحات، فالتأثير الإيرانى كبير جداً على الحوثيين حتى هذه اللحظة مع إن مناطقهم قريبة جداً من السعودية التى يمكن أن تكون مناطق ازدهار فى أى فترة سلام، وكثير منهم يعيشون هناك، لكن هذه طبيعة الحركة العقائدية التى أنشئت و«عسكرت» فى هذه المناطق وجعلتها منطقة للنزاعات.
حالة الحرب القائمة بسبب انقلاب الحوثيين وما سببه من نزاعات أهلية وصراعات مستمرة إلى الآن كجزء من استراتيجية "تطييف" المنطقة بدعم إيرانى.. وبشكل عام لا نعرف الطائفية فى اليمن.. وارتباط "الزيدية" الوثيق بإيران أصبح أداة للهدم
إذا انتقلنا للحديث عن «كورونا».. قرأت فى بعض التقارير إن مدينة عدن، العاصمة المؤقتة، ربما نسبة الوفيات فيها من أكبر النسب فى العالم.. هل هذا صحيح؟
- حدث ذلك لفترة معينة، كانت فترة فيضانات فى عدن قبل رمضان بثلاثة أيام، فزادت الأوبئة وقدرات الصرف الصحى كانت ضعيفة، وهذه الفترة كانت تقريباً الذروة ومثلت أعلى معدل فيما بين 15 إلى 17 مايو، والآن الوضع بشكل كبير ممتاز ونحن تخطينا المرحلة الصعبة.
إذا تحدثنا عن المشهد الميدانى.. هناك تقرير يتحدث عن تراجع القوات الحكومية على أكثر من جهة.. ما رأيك؟
- ليس تراجعاً، لكن الحوثيين يلقون بالمزيد من الضغط العسكرى لتغيير بعض المعادلات، والنتيجة فقدان آلاف اليمنيين فى محرقة الحرب، وحجم الخسائر كبير جداً من الحوثيين، فالتقدم فى وادٍ ما أو جبل ما فى بلد كبير مثل اليمن لا يعتبر مقياساً، لكن النتيجة أن الحوثيين أعلنوا أنهم سيسيطرون على مأرب، وهاجموا من خلال أكثر من محور، وهذا توجه كان يبدو أن هناك أموالاً صُرفت فى أماكن الحوثيين للتجييش والمعركة، وبحسب التقارير التى تصلنا، فهناك آلاف الضحايا يقودهم الحوثيون للمعارك، ولم يحدث أى تغيير كبير، لكن هناك مناطق ليس لها تأثير كبير.
ولماذا يتقدم الحوثيون؟
- ضغط كامل منهم، وتوجه بموجات بشرية، والخسائر تقريباً بمعدلات 4 إلى 1، فهم يجندون النشء والأطفال بشكل كبير، وضخ أموال من التى يحصلون عليها فى الحرب الآن، وهذا الموضوع سيؤدى لانكسار الحوثيين، لأنهم ينزفون بدون أفق، ونعود إلى الوراء قليلاً، لنجد المحاولات الرامية لعدم حصول الحوثيين على المدد العسكرى والمالى، فهل هى فقط مسألة الجباية والضرائب التى تجعلهم يحققون تقدماً؟ فالتمويل عبر المشتقات النفطية كان الأساس والحوثيون استخدموا التجارة ودورة الاقتصاد بشكل كبير، فتجارة المشتقات النفطية فى اليمن تعادل 2 مليار، منها 60% تحت سيطرة الحوثيين والتهريب ما زال موجوداً، ففى كل فترة نكتشف سفن تهريب إيرانية يساعدنا على مواجهتها التحالف أو الولايات المتحدة الأمريكية، فإيران تمول بالسلاح والخبراء لتهديد أماكن فى السعودية.
هل الهدف من هذه الصواريخ التى تهدد إيران بها السعودية إثبات الوجود والحصول على دفعة معنوية؟
- كلما شعرت إيران بأنها محاصرة، استخدمت ورقة الحوثيين، ومع الوضع الذى تعيشه يبق الحوثيون هم إحدى الأوراق التى يهددون بها، فهدفهم هو الوصول لباب المندب لتهديد السعودية فى البحر الأحمر وهى جزء من الاستراتيجية الإيرانية هناك.
الدكتور مصطفى مدبولى قال إن مصر ترفض التدخلات الخارجية فى الأزمة اليمنية.. ونحن نقرأ تقارير إعلامية تتحدث عن رغبة تركيا فى التدخل على غرار ما تفعل فى ليبيا.. كيف ترى ذلك؟
- نحن نرصد، لكن لا توجد إلى الآن مسارات حقيقية للتدخل، وهذا الموضوع خارج المنطقة وصعب، ولكن ممكن يكون هناك تمويل لبعض الفصائل.
هل هذه الفصائل ذات طبيعة أيديولوجية قريبة من تركيا؟
- مش لازم طبيعة أيديولوجية، يمكن يكون أكثر من فصيل الآن حتى فى موضوع التنسيق التركى الإيرانى بشكل أو بآخر موجود كان فيه فترات تباين لكن هناك تقارب.
الأتراك حريصون على الوجود فى اليمن لكن موقف الدولة واضح وهو لا توجد أى مساحة لهم فى أراضينا إلا إذا كان عن طريق أبواب خلفية
هم يتحدثون عن أن هناك رغبة للدخول وكانت هناك زيارة لنائب وزير الداخلية التركى العام الماضى فى اليمن؟
- كانوا حريصين على الوجود فى اليمن بشكل أو بآخر، لكن موقف الدولة واضح لا يوجد أى مساحة لموقف تركى فى اليمن، إلا إذا كان عن طريق أبواب خلفية.
كيف ترون التهديدات التى تواجه الأمن القومى المصرى والعربى بشكل عام جراء ما يجرى فى ليبيا تحديداً؟
- هى الأخطر خلال الخمسين عاماً الماضية، فما يحدث فى ليبيا يهدد الأمن القومى العربى، فخلال السنوات الماضية كانت الحدود مفتوحة وتدفق السلاح والجماعات المتطرفة، وموضوع سد النهضة وغيرها من الأمور بشكل أو بآخر توضح أن هناك رغبة فى تقييد مصر واستهداف الأمن القومى العربى، وأنا تحدثت عن دول الارتكاز، فالسعودية هى أيضاً بشكل أو بآخر ذات وزن فى المنظومة العربية، ومهم أن تستعيد الدول العربية الباقية دورها، وهناك خطوات فى العراق لاستعادة العافية وفى دمشق وغيرهم، فما حدث خلال العشر سنوات الماضية كان خطيراً، والآن الهدف من هذه الاستراتيجية كان الوصول إلى مصر وإلى دول الاستقرار الحقيقى، فما يحدث فى ليبيا على حدود مصر الغربية أقلقنا بشكل كبير، لذلك نحن مع دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لحلول سياسية ومنع التدخلات الأجنبية وهذا الموضوع لن يعود إلا باستعادة منظومة العمل العربى عن طريق الجامعة العربية، فالتحالف الإيرانى التركى يحاول زعزعة الأمور فى الدول العربية.
نحن حريصون على عودة دور الجامعة العربية لأن الحفاظ على الإجماع العربى مهم
التقيت مع أمين عام جامعة الدول العربية السفير أحمد أبوالغيط.. فما رؤيتكم فى اليمن الآن لدور الجامعة العربية؟
- الجامعة العربية لها قوة ناعمة غير عادية واستغلال هذه المساحة والدور واستعادته مهم جداً، لذلك نحن حريصون على عودة دور الجامعة العربية، لأنه بالمجمل الحفاظ على الإجماع العربى مهم فيما يخص ملف اليمن، وإلا سنفقد اليمن، فنحن نحافظ على صفة الدولة اليمنية، واستعادة مؤسسات الدولة وهى مهمة شاقة وهو ما ناقشته مع الأمين العام للجامعة العربية.
الوهن الذى أصاب الجامعة العربية هو جزء من وهن عواصم مهمة مثل بغداد ودمشق
كثيرون يعتقدون أن دور الجامعة العربية تراجع خلال السنوات العشر الماضية.. فهل تعتقد بضرورة استمرارها؟
- استمرار الجامعة مهم، والوهن الذى أصابها، هو جزء من وهن عواصم مهمة، مثل بغداد ودمشق، والحاصل من تدخلات فى المنطقة العربية كان فوق الوصف، والاستفاقة جاءت متأخرة، إذ هناك مشروع «تطييف المنطقة»، وهو يستهدف الجامعة العربية ويضرب الهوية العربية، وكانت هناك محاولات لجر مصر خلال أوقات الاضطراب، لذلك فنحن نعرف ما حدث بعد 2011، والجامعة العربية ستستعيد دورها بعودة التوازن للعواصم الفاعلة لتنضم إلى دول الارتكاز الحالية التى صمدت خلال الفترة الصعبة.
الحوثيون خلال الفترة الماضية كانوا يحاولون التملص من أى حلول حقيقية لنزع فتيل الأزمة
من ضمن القضايا المهمة ما يخص البحر الأحمر، وناقلة النفط «صافر» التى يهدد تسرب النفط منها بكارثة بيئية قد تكون الأكبر فى التاريخ لو حدثت.. هل من إشارات لحل هذه الأزمة؟
- الحوثيون خلال الفترة الماضية كانوا يحاولون التملص من أى حلول حقيقية لنزع فتيل الأزمة، فـ«صافر» أشبه بقنبلة موقوتة ستؤثر على البيئة البحرية وتكلفتها عشرات المليارات، وهو شىء لا يمكن تحمله، ولكن يمكن أن ينزع فتيله بإفراج الحوثيين عن الناقلة، لكن يبدو أن الحوثيين استخدموها كوسيلة ابتزاز، فهو كان خزاناً على البحر الأحمر يُجمع فيه النفط الخام، وإذا حدث تسرب فستتأثر جميع الدول من مصر لبحر العرب، ونحن من جانبنا رفعنا الأمر لمجلس الأمن لكى يدرك العالم خطورة «صافر»، ومن المهم دور الدبلوماسية المصرية فى تلك القضية، فما يحدث هو كارثة لا يمكن تصورها.
إيران كلما شعرت أنها محاصرة استخدمت ورقتهم.. وأقول لهم: يكفى كل هذه الدماء التى أريقت
إذا طلبت منك أن توجه رسالة للحوثيين، فماذا ستقول؟
- يكفى كل هذه الدماء التى أريقت فى اليمن، ويهمنا المصالح العليا لليمن، وعلى هذا الأساس نستطيع أن نجلس دون وسطاء، لكن إذا ظلوا دائماً بندقية فى يد التدخل الإيرانى فهم بذلك يمثلون خنجراً فى خاصرة اليمن.
ماذا تحمل معك من مشاعر ونتائج وأنت تغادر القاهرة؟
- دفعة قوية من الأمل بعد اطلاعى فى زيارات ميدانية على التجارب وآليات العمل فى مجلس الوزراء، وتناقشنا معهم فى كثير من الأمور، وأكثر شىء ركزت فيه فى لقائى مع الرئيس عبدالفتاح السيسى هو تحديد الأولويات، مع الاعتراف أن وضعنا صعب، ولكننا نحاول أن نبنى بشكل سليم وصحيح وذلك إن استطعنا اقتناص الفرصة.
عودة العالقين
عادوا لعدن، وهذا كان يشكل معاناة كبيرة لنا كيمنيين، فليس لدينا الآن أن نفتح الطيران بشكل مباشر، سواء للأردن أو مصر عبر الناقل اليمنى، لكن باشتراطات معينة، فالدولة تريد رفع المعاناة عن اليمنيين، حتى فى مناطق سيطرة الحوثيين، وكل ما نقوم به لا نستخدم المواطنين كجزء من النزاع أو المناكفات السياسية فيه من خلال مطار صنعاء، حيث كانت لدينا حلول منذ وقت مبكر قبل أوراق المبعوث الأممى، وكذلك «الحديدة» حيث تصل السفن فى منتهى السهولة عبر الآلية الأممية فى جيبوتى للتحقق من تهريب الأسلحة، وشىء طبيعى إنه يكون هناك رقابة على موضوع تحويل الأموال والنفط لإننا عارفين إنه كان بيصل لهم نفط إيرانى، هناك سلاح كان يصل من وقت أو لآخر، لكن الآلية التى اتبعت لا تؤثر على المواطن اليمنى أو على وصول السفن، فى موضوع الضرائب والجمارك يتم تحصيلها فى البنك المركزى فى الحديدة «خارج سيطرة الحكومة»، حتى يتم تسديد الرواتب لموظفى القطاع العام الموجودين تحت سيطرة الحوثيين، ومع ذلك لم يعطوا أى بيانات عن أموال وتم نهبها.
مليون يمنى يعيشون فى مصر
قرابة مليون يمنى يعيشون فى مصر، والمنح المقدمة والتعاون الثنائى هما الأكبر بيننا وبين أى دولة، ودائماً الموضوع لا يقاس بملايين الدولارات، لكن يقاس بمدى الدعم الذى حصلنا عليه من مصر خلال الفترة الماضية، وفى المستقبل، ولذلك فى اللقاء مع الرئيس السيسى أوضح أن الدعم ونقل الخبرات سيتم فى كل المجالات، لأن مصر الآن يحدث فيها انتقال فى إدارة الدولة، وما يحدث فى مصر فى فترات معينة بقيادة الرئيس والحكومة هو نقلة نوعية، وبالنسبة لنا فإن عملية الإصلاح مهمة، وكان فيه خبراء الإدارة فى اليمن بيحكوا إن فيه شبه كبير بين الإدارة المصرية واليمنية، لكن الآن فترة انتقالية نستطيع فيها أن نعمل خارج الأطر التقليدية.