أبو الغيط: رعاية السيسي لإعلان القاهرة يعطي زخما لحل أزمة ليبيا

أبو الغيط: رعاية السيسي لإعلان القاهرة يعطي زخما لحل أزمة ليبيا
- أبو الغيط
- ليبيا
- الرئيس السيسى
- إعلان القاهرة
- الجامعة العربية
- أبو الغيط
- ليبيا
- الرئيس السيسى
- إعلان القاهرة
- الجامعة العربية
أكّد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أهمية مبادرة "إعلان القاهرة" التي أُعلنت مؤخرًا برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، في حضور رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح والقائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر لحل الأزمة الليبية.
وأشار أبو الغيط، في حوار أجراه مع الكاتب الصحفي علي حسن رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، إلى أنَّ "إعلان القاهرة" هو مبادرة مهمة ويضع خارطة طريق متكاملة لتسوية الأزمة الليبية، ويرسم خطوات وآليات تنفيذية للتعامل مع الوضع الليبي بكل جوانبه العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية، وبشكل يتسق مع قرارات مجلس الجامعة العربية وقرارات مجلس الأمن ويدعم من عملية تنفيذ كل مخرجات مؤتمر برلين.
وشدد أبو الغيط، على أنَّ الإعلان عن هذه المبادرة في التوقيت الذي حدث برعاية الرئيس السيسي، أعطى لها زخمًا لتشجيع الأطراف الليبية على وقف القتال والانخراط في العملية السياسية المطلوبة، وهو جهد نثمنه عاليًا ومسار ندعمه بالكامل، ورحب به مجلس الجامعة العربية في اجتماعه الطارئ الأخير ولقي كذلك مساندة عربية وإقليمية ودولية واسعة.
وشدد على أنَّ لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك وافقت بالإجماع على تقديم درع العمل التنموي العربي هذا العام إلى الرئيس السيسي نظرًا للجهود والانجازات التنموية الكبيرة التي يقودها داخل مصر.
وقال أبو الغيط، إنَّ لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك وافقت في دورتها العادية الـ49 التي عقدت برئاسة الأمين العام لجامعة الدول العربية عبر تقنية الفيديو كونفرانس على مقترح الأمين العام للجامعة بتقديم درع العمل التنموي العربي هذا العام الى الرئيس عبدالفتاح السيسي نظرًا للجهود والانجازات التنموية الكبيرة التي يقودها داخل مصر، علما بانه سبق وان تم تقديم هذا الدرع في العام الماضي إلى الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الاردنية الهاشمية".
التدخلات الإقليمية والدولية في ليبيا
وحول موقف الجامعة العربية من التدخلات الإقليمية والدولية في ليبيا، أكّد أبو الغيط أنَّ الجامعة موقفها واضح وثابت على طول الخط، ومنذ البداية، في رفضها وإدانتها لكافة أشكال التدخلات الأجنبية في الأزمة الليبية.
وقال أبو الغيط: "ليبيا دولة عربية مهمة، وعضو فاعل في الجامعة، ولا يمكن أن تقبل الجامعة بأن تكون ليبيا مسرحاً للتدخلات العسكرية الأجنبية أو منفذاً لتحقيق أجندات خارجية أو أطماع إقليمية في إحدى دولها الأعضاء".
وتابع أبو الغيط: "كما أنني كنت واضحاً، في كلمتي أمام الاجتماع الوزاري الطارئ الذي عقده مجلس الجامعة يوم 23 يونيو الماضي بناء على طلب مصر، في أن الوضع الراهن في ليبيا أصبح خطيرا جداً، مع التدويل المتزايد المرفوض للأزمة، وتفاقم كل هذه التدخلات المكشوفة في الصراع، والخروقات المتكررة والمعلنة لحظر السلاح، والاستقدام المنهجي للمرتزقة والمقاتلين الأجانب إلى ساحات المعارك".
وأعرب أبو الغيط عن اعتقاده بأن المداولات التي جرت بين وزراء الخارجية العرب كانت في غاية الوضوح بخصوص كل هذه الأمور، وجاء القرار الذي صدر عن مجلس الجامعة صريحاً في تجديد رفضه لكل هذه التدخلات وفي مطالبته بسحب كافة القوات الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية وداخل المياه الإقليمية الليبية.
ليبيا والسيناريو السوري
وردًا على سؤال "عما إذا كانت هناك خطوات سيتم اتخاذها تجاه الموقف في ليبيا بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير وهل هناك موقف وإرادة عربية لمنع تكرار السيناريو السوري في ليبيا؟"، قال أبو الغيط: "لا أحد يرغب في تكرار السيناريو السوري في ليبيا، وبالتأكّيد هناك التزام عربي مطلق بالحفاظ على سيادة واستقلال الدولة الليبية وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، ولا يمكن للجامعة أن تقبل بتقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ بين هذه القوة أو تلك، أو بأن يكون هناك شرخ دائم في النسيج المجتمعي للشعب الليبي أو بين أطيافه ومكوناته".
وأكّد أنَّ الجامعة العربية لا يمكن أن تقبل بأن يمثل الوضع في ليبيا تهديداً لأمن واستقرار دول الجوار العربية المباشرة مصر والجزائر وتونس.
إجماع عربي ودولي على الإيقاف الكامل والفوري والدائم للقتال للخروج من الأزمة
وأضاف أبو الغيط: "هناك في حقيقة الأمر إجماع عربي ودولي على أن المخرج من هذه الأزمة يكمن أولاً في الإيقاف الكامل والفوري والدائم للقتال، ووقف كافة التدخلات العسكرية الأجنبية التي نشهدها، بما يتيح الفرصة ويهيئ الأجواء لاستئناف الحوار بين الأشقاء الليبيين، في إطار عملية سياسية وطنية خالصة وتحت رعاية الأمم المتحدة، تفضي إلى استكمال المرحلة الانتقالية وتتويجها بعقد انتخابات رئاسية وتشريعية يرتضي الجميع بنتائجها وتفرز سلطات ومؤسسات شرعية وموحدة ودائمة معبرة عن إرادة الشعب الليبي"، مشيرًا إلى أنَّ هذا هو المسار الذي تؤيده وتدعمه الجامعة العربية، وتعمل على تحقيقه بما في ذلك من خلال مساندة الجهد الذي تقوم به بعثة الدعم الأممية في ليبيا، وعبر مشاركتها النشطة في آليات متابعة خلاصات مؤتمر برلين.
وردًا على سؤال حول آليات التنسيق بين الجامعة العربية والأمم المتحدة بشأن الوضع في ليبيا ولماذا تأخر تعيين مبعوث أممي جديد بعد غسان سلامة؟ وهل هناك نية للاستعانة بمبعوث لكم للتعامل مع الوضع في ليبيا، قال أبو الغيط: "نحن نعمل بشكل وثيق مع الأمم المتحدة في سبيل التوصل إلى تسوية سياسية متكاملة للأزمة الليبية، ولدينا في حقيقة الأمر علاقة تعاونية ممتدة وموسعة مع الأمم المتحدة وسكرتيرها العام في تناولنا لمجمل القضايا والأزمات العربية المدرجة على أجندة العمل الدولية"، مضيفًا أنَّه "في حالة ليبيا بالذات فهناك آليات تنسيق متقدمة تجمعنا بالأمم المتحدة، سواء في إطار المجموعة الرباعية التي تم تشكيلها بين الجامعة والأمم المتحدة ومعهما الاتحادين الأوروبي والأفريقي، أو في عملنا المشترك مع البعثة الأممية في ليبيا".
واستكمل أبو الغيط:" الحقيقة كنتُ أعتز كثيراً وأقدر عالياً الدور الذي قام به غسان سلامة خلال فترة عمله ممثلاً خاصاً لسكرتير عام الأمم المتحدة في ليبيا وحرصه على التعاون مع الجامعة باعتبارها المنظمة الإقليمية المعنية بشكل أصيل بالملف الليبي، وهي علاقة تظل تجمعنا بالسيدة ستيفاني وليامز رئيسة البعثة الأممية بالإنابة والتي نتعاون معها بشكل جيد خاصة وأن الجامعة تترأس حالياً لجنة المتابعة الدولية لعملية برلين وتتولى الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل السياسية المنبثقة عن هذه اللجنة والتي تسعى إلى تشجيع وتسيير الحوار السياسي بين الليبيين تحت مظلة الأمم المتحدة".
وأكد أبو الغيط ثقته في أن السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قادر على اختيار شخصية تتمتع بالكفاءة المطلوبة التي تؤهلها لإدارة هذا الملف المعقد خلفاً لغسان سلامة وأن هذا المبعوث الأممي الجديد سيكون أيضاً على نفس درجة الحرص والالتزام بالحفاظ على علاقة التعاون المتميزة مع الجامعة العربية، مشيرًا إلى أنَّ هناك مشاورات مكثفة يجريها السكرتير العام مع أعضاء مجلس الأمن ودول الجوار وأطراف عملية برلين الفاعلة للاستقرار على المرشح الذي يمكن تعيينه لشغل هذا المنصب، ونأمل في أن يتمّ تسميته في أقرب فرصة.
وبالنسبة لتعيين مبعوث جديد للأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا ، قال أبو الغيط " إن هذا أمر مطروح بطبيعة الحال وكان هناك مبعوثين سابقين ومن الممكن أن أختار مبعوثاً جديداً إذا رأيت أن هذا الأمر سيساعد الجامعة ويساعدني في التعامل مع الأزمة بجدية وفعالية".
التدخلات التركية
وردًا على سؤال حول موقف الجامعة العربية من الأطماع التركية في الثروات العربية من خلال تدخلها في سوريا والعراق وليبيا، أكّد أبو الغيط أنَّ موقف الجامعة واضح وثابت، وسبق أن عبر عنه مجلس الجامعة العربية في قراراته المتعددة التي ترفض وتدين هذه التدخلات التركية غير المشروعة في الشؤون الداخلية للدول العربية، وتحديداً في العراق وسوريا وليبيا، محذرًا من أنَّ تصرفات "أنقرة" هذه تمس وتستهدف الأمن القومي العربي ككل ولا يمكن للجامعة أن تقبل به مثلما ترفض أي تدخل إقليمي يهدد أمن وسلامة واستقرار الدول العربية.
القضية الفلسطينية
وحول الخطط والممارسات الإسرائيلية التصعيدية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية بالاعلان عن عزم إسرائيل ضم أراض فلسطينية محتلة في الضفة الغربية، قال أبو الغيط: "هناك خطة إسرائيلية واضحة تهدف إلى شرعنة احتلالها للأراضي الفلسطينية أمام المجتمع الدولي، والإسرائيليون، مهما كانت لديهم القوة، يشعرون بأن وجودهم غير قانوني وغير شرعي، وهم يسعون من خلال ما يسمونه "خطة الضم" إلى إسباغ نوع من الشرعية الزائفة على احتلالهم المستمر للأراضي الفلسطينية منذ 1967.
وأكمل أبو الغيط: "للأسف فإنهم يستندون إلى ما يُسمى بخطة السلام الأمريكية، التي أُعلنت قبل عدة شهور، وصادفت رفضاً فلسطينياً قاطعاً، والآن تسعى إسرائيل لتنفيذ الجزء الذي يهمها من هذه الخطة، أي إعلان سيادتها على أجزاء مهمة من الضفة الغربية".
وأكّد أنَّ العالم كله، وليس الفلسطينيين أو العرب وحدهم، رفضوا الخطة الإسرائيلية المزمعة، ليس فقط لأنها تؤجج الاضطراب وتفتح الباب أمام المزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، ولكن أيضاً لأن الخطوة الإسرائيلية تضرب مبدأ الشرعية الدولية في مقتل، مضيفا "وإذا حدث ومرت دون عواقب، فإن أي شيء يُمكن أن يمر وفقاً لمنطق القوة وفرض الأمر الواقع".
وعن الخطوات التي اتخذتها الجامعة العربية لوقف القرارات الإسرائيلية التصعيدية بشأن "خطة الضم"، قال أبو الغيط إنَّه برغم الصعوبات الواضحة التي فرضها وباء "كورونا المستجد" على الجميع، فقد عُقد اجتماعٌ لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري آخر شهر أبريل الماضي، واعتبر الاجتماع أن خطة الضم الإسرائيلية تُمثل "جريمة حرب".
وأضاف "إن أهمية هذا الاجتماع أنه يوفر مظلة دعم كامل من جانب الدول العربية للموقف والقرار الفلسطيني"، مشيرا إلى أن الدول العربية حرصت على ذكر هذا المعنى بوضوح في نص القرار الصادر عن الاجتماع.
ولفت إلى أنَّه كانت هناك أيضاً تحركاتٍ دبلوماسية من المجموعة العربية في نيويورك، تمخضت عن عقد جلسة لمجلس الأمن، بتقنية "الفيديو كونفرانس"، ركزت على خطة الضم ومخاطرها الكبيرة على السلام في الإقليم والعالم، مشيرًا إلى أنَّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش حرص على المشاركة في هذه الجلسة وضم صوته إلى الأصوات الرافضة للخطة.
وقال أبو الغيط: "في تقديري أن هذه التحركات أسهمت بدون شك في وضع ضغوط على إسرائيل والولايات المتحدة"، مؤكّدًا أنَّ هناك رفضا عالميًا واضحًا وأن الدبلوماسية العربية نجحت في حشد هذا الرفض وبلورته، بحيث تشعر إسرائيل بقدر من العزلة، وربما أدى ذلك إلى إبطاء وتعثر الخطة الإسرائيلية التي كان مُقرراً أن يجري تنفيذها في الأول من يوليو الجاري".
وتابع أبو الغيط: "ليس معنى هذا أن الخطة أُلغيت أو أن الوضع مطمئنٌ بالنسبة لنا، بالعكس، ما أقوله هو أن ضغوطنا وتحركاتنا الدبلوماسية تُحرز نتائج، وبالتالي يتعين علينا مواصلة العمل على هذا الطريق".
وردًا على سؤال عما إذا كان هناك أمل في العودة إلى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية من جديد بعد الخطة الأمريكية للسلام المرفوضة عربيا، وهل ما زالت مبادرة السلام العربية مطروحة كأساس للحل؟ أكّد أبو الغيط أنَّ مبادرة السلام العربية ما زالت الأساس الوحيد للحل من الجانب العربي، ولكن المبادرة بترتيب بنودها: الدولة الفلسطينية المستقلة على أراضي 67 وعاصمتها القدس الشرقية، في مقابل علاقات طبيعية بين إسرائيل والعالم العربي والإسلامي"، مشددًا على أنَّ هذا هو الترتيب المنطقي للمبادرة "ولكن إسرائيل كما نرى، تُريد أن تعكس منطق الأشياء وأن تضع المبادرة على رأسها كما يقولون، فتتحدث عن التطبيع والسلام الإقليمي قبل إقامة الدولة وإنهاء الاحتلال".
وردًا على سؤال عما إذا كان يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة كشريك وحيد لتحقيق السلام خاصة بعد الانحياز العلني والواضح من إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى إسرائيل وهو ما تجلي في خطة السلام الأمريكية -الإسرائيلية وما سبقها من قرار بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها، قال "أبو الغيط إنَّ "أكثر ما يُزعجني خلال السنوات الماضية هو ما يبدو لي من تخلي إدارة الولايات المتحدة حالياً عن دورها كراعٍ للسلام، هذا أمرٌ له تداعيات كبيرة لأن التأثير الأمريكي كبير، والمواقف الأمريكية لها وزن معتبر، سواء حيال القضية الفلسطينية أو حيال أي قضية دولية ذات بال".
وأضاف أمين عام جامعة الدول العربية "إن الإدارة الحالية للأسف اختارت استراتيجية فرض الحل على الطرف الأضعف، ولا أظن أن المنهج الذي اختاروه سوف يُساعدهم في لعب دورٍ متوازن لأنهم خسروا ثقة طرف من أطراف المعادلة"، معتبرًا أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية أسهمت في تهميش دورها في هذا الصراع لأنها أصرت على طرح حل أبعد ما يكون عن التوازن.
وفيما يخص خارطة الطريق للسلام مع إسرائيل التي وضعها الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" وتتضمن الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام ، قال الأمين العام للجامعة العربية "إنَّها تحركٌ جيد، وأرجو أن تُدرك القوى العالمية (روسيا أو الصين أو الاتحاد الأوروبي) ضرورة ملء الفراغ الذي خلفه التخبط الأمريكي الذي نرصده في الإدارة الحالية فيما يتعلق بإدارتها لملف عملية السلام، والمؤتمر الدولي يمثل من وجهة نظري نقطة بدء جيدة وسليمة وسبق للجامعة أن أيدت هذا التحرك رسمياً في قراراتها.
وعن توقعات واستشراف الأمين العام لجامعة الدول العربية لمستقبل القضية الفلسطينة في ظل الوضع الفلسطيني المنقسم والوضع العربي والدولي الراهن ، نبه أبو الغيط إلى أنَّ القضية الفلسطينية تمر بوقتٍ صعب، وهناك واقع يترسخ على الأرض كل يوم يتمثل في التوسع الاستيطاني السرطاني، وهناك مُشكلات عالمية وإقليمية ضاغطة سحبت الاهتمام من الملف الفلسطيني، وبرغم هذه التحديات فإن لدي ثقة لا تتزعزع في قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود.
وأكّد ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني لأنه حاجة فلسطينية مطلوبة جداً ، مشددًا على أنَّ الضم أو إعلان السيادة لن يُغير من حقيقة مهمة على الأرض بأن الشعب الفلسطيني لن يذهب إلى أي مكان وأن هناك خمسة ملايين فلسطيني في الضفة وغزة باقون على أرضهم ، ولن تستطيع إسرائيل التخلص منهم، وقريباً سيكون عليها الاختيار بين مشروع الدولتين، بما يطرحه من حلٍ عقلاني للقضية، وبين حل الدولة الواحدة، بكل ما ينطوي عليه من تحديات للوجود الإسرائيلي ذاته.
وردا على سؤال حول رؤية الأمين العام للجامعة العربية للمشهد اليمني وهل هناك أمل لحل الأزمة في القريب؟ قال أبو الغيط إنَّ "المشهد على الساحة اليمنية لا زال مُقلقاً للغاية، بالإضافة إلى الصراع المشتعل بين الحوثيين والحكومة الشرعية ، وهناك صراعٌ آخر محتدم مع المجلس الانتقالي الذي يتحرك نحو الحكم الذاتي في المحافظات الجنوبية، وما يُزعجني في حقيقة الأمر هو أن هذه الصراعات السياسية تدور في بلدٍ يواجه أخطر أزمة إنسانية في عصرنا الراهن، منبها إلى أن اليمن يُعاني من عدة أوبئة في الوقت نفسه، من كوفيد-19، والكوليرا والملاريا، وأن 80% من أهل اليمن يحتاجون لمساعدات إنسانية عاجلة، محذرا من أن الوضع خطير جداً، ويُمكن أن ينحدر لما هو أسوأ".
وأضاف أبو الغيط "هناك محاولات تُبذل من جانب الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي بين الحوثيين والحكومة اليمنية، ونحن نؤيد هذه المساعي، ولكن للأسف نرصد أن قرار الحوثيين ما زال مُرتهناً لإيران، ولا يبدو أنهم يستطيعون التخلص من سيطرة هذه الدولة على القرار في صنعاء".
وحول موقف الجامعة العربية من الدعم الإيراني لميلشيا الحوثي والذي ما زال مستمرا، أشار أبو الغيط إلى أنَّ هناك قرارات عربية صادرة عن القمة العربية تُدين وترفض كل التدخلات الإيرانية، ليس في اليمن وحده، ولكن أيضاً في سوريا والعراق ولبنان، وهناك لجنة وزارية رباعية معنية بهذا الموضوع على وجه الخصوص، تعمل في إطار الجامعة العربية منذ 2016.
ولفت إلى أنَّه في اليمن فمن الواضح للجميع أن الدعم الإيراني للحوثيين هو السبب الأساسي في تصلب مواقف هذه الميلشيا، واستمرارها في القتال، وهو أمرٌ يدفع ثمنه الشعب اليمني كله.
وردا على سؤال حول لماذا لم يتم تنفيذ اتفاق الرياض حتى الآن ؟ وما العقبات التي تحول دون تنفيذه على الأرض؟ قال أبو الغيط "من الواضح أن هناك جهداً سعودياً مُكثفاً يُبذل في هذا الإطار، ومن المهم بطبيعة الحال إغلاق هذه الجبهة الجديدة، للتركيز على معالجة الصراع الأصلي مع ميلشيا الحوثي"، مؤكّدا أنَّ الجامعة العربية تؤيد كل جهدٍ يُبذل من أجل الحفاظ على وحدة اليمن وتكامل ترابه الوطني، وهناك ثقةٌ من الطرفين في الوساطة السعودية، ونتمنى أن يجري تطبيق اتفاق الرياض بشكل كامل في أقرب وقت.
وعن شكل التنسيق بين الجامعة العربية والأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن للخروج من المأزق الراهن، أوضح أبو الغيط أنَّ هناك تنسيقا مستمرا ودائما بيننا، وأثق في خبرة "مارتن جريفيث" المبعوث الأممي، وفي صدق نواياه تجاه اليمن، ونحن نتبادل الرأي باستمرار حول تطورات الموقف وبدائل الحركة المتاحة، وإمكانيات التنسيق بين الجامعة والأمم المتحدة في هذا الملف العربي المهم.
وعما يشهده العراق من تدخل خارجي من قبل النظامين التركي والإيراني ودور الجامعة العربية لوقف وردع مثل تلك التدخلات في دولة ذات سيادة، قال أبو الغيط: "لقد رأينا ما فعلته التدخلات الخارجية، سواء من إيران أو تركيا، في العراق، والآن هناك حكومة جديدة تُحاول الحافظ على الاستقرار في البلد والدفاع عن سيادته في ظروف صعبة، وكل ما نأمله هو أن تنال الحكومة فرصة للعمل من أجل الشعب العراقي"، معربا عن أسفه في أن التدخلات من الدول الإقليمية تُعمق أزمة هذا البلد، وتُرسخ الصراعات القائمة في داخله".
وردا على سؤال حول متى تعود سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية؟ ، قال أبو الغيط إنَّ الأمر مرهون، بإرادة الدول الأعضاء في الجامعة ، وحتى الآن لا أرى أن هناك تبلوراً للموقف العربي في هذا الاتجاه"، مؤكّدًا أنَّ سوريا دولة عربية، ومكانها في نهاية المطاف وسط أخواتها في الجامعة.
ولفت إلى أنَّ مسألة التوقيت والقرار العربي الجماعي في شأن استعادة سوريا لمقعدها تخضع لمتغيرات واعتبارات كثيرة، لأن الأزمة السورية فيها خيوط متشابكة ومعقدة، وحلحلة الموقف واستعادة "الوضع الطبيعي" لسوريا سيستغرق وقتاً، وسيحتاج إلى جهدٍ تبذله سوريا أيضاً من جانبها.
الوضع في لبنان
وردًا على سؤال حول كيف يرى الأمين العام لجامعة الدول العربية الوضع في لبنان؟ وكيف يُمكن أن تُحل الأزمة التي تواجهها البلاد؟ حذر أبو الغيط من أن الوضع في لبنان خطير للغاية، ويتجاوز كونه مجرد أزمة اقتصادية أو تضخماً، مشيرا إلى أنها أزمة شاملة لها تبعات اجتماعية وسياسية خطيرة، ويُمكن للأسف أن تنزلق لما هو أكثر خطراً، معربا عن خشيته من أن يتهدد السلم الأهلي في البلاد بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي يتعرض لها اللبنانيون.
وقال أبو الغيط: "الحقيقة أنني، وبعيداً عن أي اعتبارات سياسية، أشعر بمعاناة المواطن اللبناني الذي وجد نفسه فجأة، وبسبب ظروف لا دخل له فيها وخارجة عن إرادته، وقد تراجع مستوى دخله تراجعاً مهولاً، وانزلق تحت خط الفقر"، لافتًا إلى أنَّ نصف اللبنانيين الآن يعيشون تحت خط الفقر، ويقبع الربع تحت خط الفقر المُدقع "وهو وضعٌ مُقلقٌ للغاية في بلدٍ له تركيبة خاصة نعرفها جميعاً، لذلك فإنني أتفهم تماماً معاناة اللبنانيين وأتألم لما نشاهده ونقرأ عنه من مآسي اجتماعية كانتحار مواطنين بسبب الفقر وعدم قدرتهم على تلبية حاجات أبنائهم الضرورية".
وأضاف أبو الغيط "أرجو بكل صدق أن تستشعر الطبقة السياسية هذه المعاناة غير المسبوقة، لأنني -حتى الآن- لا أرى أن رد فعل الطبقة السياسية في مجملها على الأزمة يعكس ما كنا نأمله من استشعار للمسئولية الوطنية أو الإدراك الكافي لخطورة الموقف الذي يواجه البلد، فما زال هناك -للأسف- تغليب للمصالح الضيقة على مصلحة الوطن، وهو ما يُعمق الأزمة".
ووجه الأمين العام لجامعة الدول العربية نداءً لجميع الدول والهيئات المانحة بألا يُترك اللبنانيون وحدهم في هذا الظرف الصعب، مؤكّدًا أنَّه لابد أن يكون هناك حلٌ لإنقاذ الوضع الاقتصادي لأن تبعات ما يجري ستطال الجميع في لبنان وخارجه.