وزراء السيسى.. و«العصار»!
غادر المستشار أحمد الزند الوزارة وتداول المصريون أنباء مختلفة عن أسباب الخروج، ما بين رفض القيادة السياسية لأى درجة من التجاوز ضد مقدسات فى حياتنا أو للتجاوز بحق البسطاء بتصريحات صادمة تصادر على مستقبلهم وحقهم فى الصعود الاجتماعى.. قل عن ذلك ما تشاء سيبقى الأمر محصوراً فى هذه الاحتمالات!
وترك الوزارة الدكتور أشرف الشرقاوى وزير قطاع الأعمال، وقيل أكثر من سبب حتى أيقن الجميع أن الظروف الصحية كانت السبب الأساس لرحيل الوزير النشيط الذى مدحه الرئيس علناً بعد خروجه، وجاء خالد بدوى مكانه ثم غادر بعد أشهر ولم يتردد إلا الارتباك الذى أصاب الوزارة وعدم توافقها مع ما يريده الرئيس.. وترك الوزارة أيضاً الدكتور خالد فهمى وزير البيئة رغم ما حققه من إنجازات فى وزارته وترددت أيضاً أسباب عديدة عن أسباب الاستبعاد وكلها دارت حول حجم ما تحقق مقارنة مع المطلوب خصوصاً فى ملفات نوعية محددة.. وغادر الحكومة أيضاً الكاتب الكبير حلمى النمم الذى عولت عليه الدولة فى إحداث تحول كبير فى طاقات مصر من قواها الناعمة بجميع عناصرها.. الأدوات والبشر ودارت أقاويل حول الاختلاف فى وجهات النظر وهو الأمر نفسه الذى حدث مع الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الذى سبق «النمنم».. وغادر حسام مغازى وزير الرى رغم ما قام به من إجراءات حاسمة للحفاظ على النيل حتى بلغت المخالفات التى أزالها حداً غير مسبوق اقتربت قبل أن يغادر من المائتى ألف، لكن التقييم الشامل للوزير ولوزارة الرى يستلزم تقييم الأداء لملفات أخرى عديدة.. وغادر وزير الخارجية نبيل فهمى وغادر وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم وهو الأمر الذى تكرر تقريباً حرفياً مع الوزراء عمر الجارحى فى «المالية»، وقد بدا فى العموم ملتزماً بالخطوط التى وضعها الرئيس وأنه شريك أساسى فى إصلاح النظام المالى المصرى بينما كانت التفاصيل غير ذلك، وكذلك مع وزير التجارة والصناعة السابق طارق قابيل الذى قدم أداء وزارياً رفيعاً دفع فيه عجلة العمل فى المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر بشكل غير مسبوق لكن كان المطلوب دفعة أكبر لهذا القطاع، وقبلهم خرج الدكتور أشرف العربى الذى بدأ فى وضع الخطوط العريضة للإصلاح الاقتصادى والإدارى أيضاً لكنه خرج فى اختلاف بين وجهات النظر وتقييم سرعة الأداء.. بينما بقى فى الوزارة وجاء إليها كثيرون يتداول الناس سيرتهم وأداءهم؛ أولهم الدكتور طارق شوقى المؤتمن اليوم على النهوض بقطاع التعليم الذى يحتاج إلى جهد أسطورى ومع ذلك بل وربما بسبب ذلك يتعرض لهجوم دائم من إعلام الشر ومن المتضررين من إجراءاته وممن لم يستوعبوا مشروع الرجل لإصلاح التعليم الذى هو أصلاً مشروع الدولة المصرية والرئيس السيسى نفسه.. وكذلك تقييمات مختلفة للدكتور هشام توفيق وزير قطاع الأعمال تتراوح بين إيمانه الشخصى بفكرة ودور القطاع العام وتدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى، إلى قدرته فعلاً على النهوض بعدد من الشركات واستكمال ملفات مهمة بدأت مع الراحل أشرف الشرقاوى، ومثل توفيق عن أداء وزيرة الصحة ومثلها وزير التنمية المحلية وملفات معطلة مثل التوك توك وغيره.. والخلاصة أن خرج كثيرون وجاء غيرهم كثيرون.. وقل على هؤلاء ما تحب وقل على أولئك ما تريد، لكن كل ما دار وسيدور من آراء ومداولات وحوارات وأنباء وأخبار سقفه كله حجم الأداء وشكله ومستوى الالتزام بالخطط وسرعتها أو مخالفة التوجيهات والتعليمات والخطط الموضوعة أو حتى الإدلاء بتصريحات غير مناسبة.. لكن ولا واحد ممن خرجوا فى التغييرات التى جرت أو من حلوا محلهم طالته أى أنباء أو أخبار أو حتى شائعات تتعلق بالفساد! ولا واحد من هؤلاء تردد عنه وحوله ما نسمعه ونشأنا عليه ووعينا ونحن نتابعه ونسمعه من شائعات تتعلق بالذمة والشرف! ولا واحد من هؤلاء قيل عنه إنه أصبح يمتلك الآن كذا وكذا داخل أو خارج مصر أو أنه شريك للملياردير الفلانى فى شركة كذا أو كذا، أو أنه بأسماء أقاربه وأولاده أو زوجته اشترى أسهماً فى مشروع كذا، أو له حساب فى بنوك سويسرا أو ببنوك جزر الكنارى! انتهى هذا الزمن.. انتهت هذه العهود.. الوزير الوحيد الذى ثبت عليه ذلك هو الآن يقضى عقوبته لأنه من الوارد أن يضعف البعض وتفسد السلطة ومن حولها الكثيرون.. لكن يبقى التعامل مع ذلك ومستواه.. وهل هناك تغاضٍ عن الانحراف أو الامتناع عن اتخاذ إجراءات ضده أم لا.. وقد كان التعامل شديد الحزم وبمتابعة من الرئيس نفسه منذ التحريات المدعمة بالمعلومات وبالصوت والصورة وصولاً إلى الالتزام بالإجراءات القانونية وتسلم أجهزة التحقيق لملف القضية.. وهو ما تكرر مع محافظين ونواب محافظين.. فكانت رسالة للجميع عن شكل الدولة الجديدة وموقف رئيسها من الفساد والمفسدين.. صحيح يطالب المصريون ويأملون بتشديد العقوبات فى قضايا الفساد تصل فى تصور فئات عديدة إلى الإعدام كما يجرى فى دول أخرى لكن ها هى الصورة أمام الجميع.. الأجهزة الرقابية تقدم تقاريرها ومن ينحرف بعد ذلك لا يترك أبداً واختفى تقريباً الفساد من مسئولى الصف الأول الوزراء ومن فى حكمهم.. وتراجع الفساد فى مسئولى الصف الثانى.. وتبقى المعركة مستمرة فى درجات الوظائف الدنيا!
حزن غير مسبوق على رحيل الفريق محمد العصار -وقد ألهمنا فكرة المقال بحضوره ورحيله على السواء- لم يره المصريون منذ سنوات طويلة جداً على رحيل مسئول كبير.. الأغلبية ويجب أن نعترف لم يصلها تفاصيل ولا حتى خطوط عامة لما قدمه الراحل الكريم فى الإنتاج الحربى.. رغم حجم ما قدمه تدعمه الأرقام من الإنجاز على الأرض إلى الحساب الختامى بتضاعف عائد الوزارة المهمة التى وضعت يدها فى مئات المشروعات القومية الكبرى خصوصاً تلك التى تتطلب أماناً شاملاً وتاماً كتطوير أو تأهيل وزارات ومؤسسات ومصالح مهمة تتطلب أيادى مؤتمنه على بياناتها ومعلوماتها وشبكات اتصالاتها إلى آخره.. وقد قام وقامت الوزارة بالمهمة على أروع ما يكون.. فضلاً عن التكليفات الطارئة التى فرضتها الأحداث مثل التدخل المباشر لحل أزمة نقص ألبان الأطفال أو المحاقن أو عبوات الماء المقطر أو المطهرات والكمامات فى أزمة كورونا وما قبلها فى توفير منتج محلى حسن السمعة من السلع الكهربائية والمنزلية يسميها المصريون «إنتاج حربى» كعلامة جودة تدعو للاطمئنان، وقد أعاد لمصانعها بشقيها فى الصناعات الهندسية والمعدنية كل الاعتبار فضلاً عن الطوارئ التى وضعته فيها علاقات مصر الخارجية التى انتهت إلى اتفاقيات ومعاهدات أسند إليه تطبيقها فطبقها على أفضل ما يكون، ورأينا تعاوناً ناجحاً مع دول عديدة أبرزها روسيا البيضاء حتى رأينا الشاحنة «ماز» وغيرها.. ولذلك كان الحزن كبيراً عميقاً على المستويين الرسمى والشعبى.. فى تطابق نادر.. يبرز مدى الصدق الذى اتصف به الفريق العصار والمصداقية التى كانت عنواناً لأدائه مع الأدب الجم والابتسامة التى لا تغيب.. لذا سيبقى الرجل خالداً فى قلوب من حزنوا عليه.. وقد حزنت عليه مصر كلها.. مخصوماً منها من خصموا أنفسهم من كل حساب.. خصوصاً حساب الوطنية الذى لا يستحقونه!
رحم الله الفريق العصار وقد قدم لوطنه ولشعبه كل ما يستطيع.. مقاتلاً وبناء!