"30يونيو" .. نهاية الاغتراب

وائل لطفى

وائل لطفى

كاتب صحفي

تحل الذكرى السابعة لثورة 30  يونيو العظيمة، لتثير فى النفس قدراً كبيراً من الذكريات عن ذلك العام الذى اختطف فيه الإخوان الدولة المصرية. كان ذلك العام بالنسبة لى ولكثير من المصريين هو عام الاغتراب عن الوطن، لم يكن الاغتراب هنا بالمعنى المادى الملموس ولكن بالمعنى النفسى والروحى.. أفخر بأننى كنت واحداً من الذين ألهمهم الله البصيرة منذ سن مبكرة، فأدركت خطر الإخوان على هذا الوطن فى وقت لم يكن الكثيرون يرون هذا، ساعد على هذا انتمائى لمؤسسة صحفية عريقة هى «روزاليوسف» التى أخذت على عاتقها محاربة الفكر المتطرف والاتجار بالدين منذ ظهورها حتى الآن.

كان العام الذى استولى فيه الإخوان على الحكم فى مصر عاماً قاسياً، تكشفت فيه حقيقتهم لمن لم يكن يعرفهم، وتأكدت فيه حقيقتهم لمن كان يعرفهم مثلى، إننى ما زلت أذكر حالة الغرور والانتفاخ التى أصابت رجال الإخوان بعد أن كانوا يتسولون للصحفيين ومعدى البرامج ليظهروا فى البرامج قبل ثورة يناير التى استولوا عليها وعلى مصر من بعدها، وأفخر أننى كنت من أغلبية المصريبن التى لم يزدها صلف الإخوان إلا إصراراً على مقاومتهم سواء عبر صفحات مجلة روزاليوسف أو على صفحات صحيفة الصباح اليومية التى كان لى شرف تأسيسها وتولى رئاسة تحريرها.. أتذكر حالة الاكتئاب الحاد التى انتابتنى وأنا أرى قتلة الرئيس السادات وهم مدعوون للاحتفال بنصر أكتوبر فى استاد القاهرة، بينما يغيب عن الاحتفال الرجال الذين صنعوا النصر، أتذكر تلك الحالة التى انتابتنى وأنا أرى مجموعة من التكفيريين ذوى اللحى القبيحة والكروش المتهدلة وهم ينادون بالحرب فى سوريا التى هى الإقليم الأول فى دولة الوحدة المصرية السورية والتى هى جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، نفس الحالة كانت تتكرر يومياً وأنا أرى الدعاة والإعلاميين الذين أطلقهم الإخوان على القنوات الموالية لهم فى قلب القاهرة وهى تسب كل مصرى ضد الإخوان، وتمارس الردح ضد المصريين الذين يعارضون الإخوان، تكرر نفس الإحساس فى مشاهد مثل حصار مدينة الإنتاج الإعلامى حيث رأيت أبقاراً اصطحبها رجال حازم صلاح أبوإسماعيل كى يأكلوا لحومها أثناء حصار مدينة الإنتاج الإعلامى.. كان مشهداً يعنى، من بين ما يعنى، انتصار البداوة والهمجية على الحضارة والمدنية.. أتذكر حج النخبة المصرية لتركيا وقطر.. أتذكر أن مئات الملايين دُفعت من قطر لشراء ذمم بعض النصابين من النخبة المصرية وأن الأستاذ هيكل تحدث عنها فيما بعد باقتضاب.. وإن كانت الشواهد قد ظهرت فيما بعد ٣٠ يونيو، ويبقى أن مصر مدينة لـ٣٠ يونيو بإنقاذها والحفاظ على الدولة المصرية من المصير الذى واجهته الدول العربية الأخرى، مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن.. وأن ٣٠ يونية نفسها قامت على ساقين أولهما هو وعى الشعب الفطرى وخوفه على الدولة المصرية من التآكل والانهيار، أما الساق الأخرى، فهى القوات المسلحة المصرية وهى المؤسسة التى ارتبط قدرها بقدر مصر منذ ثورة يوليو ٥٢ وما قبلها.. ولها بقيادة الرئيس السيسى وللشعب المصرى نقول شكراً على إنقاذ مصر وعلى سبع سنوات من العمل والإنجاز والنزاهة والحفاظ على ثوابت الدولة المصرية.