السودانيون يتخلون عن منطق "البشير": انتهاكات إثيوبيا تثبت لـ"الخرطوم" أنها ليست شريكاً موثوقاً

كتب: محمد حسن عامر

السودانيون يتخلون عن منطق "البشير": انتهاكات إثيوبيا تثبت لـ"الخرطوم" أنها ليست شريكاً موثوقاً

السودانيون يتخلون عن منطق "البشير": انتهاكات إثيوبيا تثبت لـ"الخرطوم" أنها ليست شريكاً موثوقاً

أجمع خبراء على أن موقف نظام عمر البشير، كان داعماً لسد النهضة الإثيوبى، متجاهلاً لمصالح السودان نفسه، وربما كان نوعاً من النكاية تجاه مصر لأسباب عدة، إلا أنه مع ولادة نظام جديد فى السودان منذ أبريل العام الماضى عقب ثورة شعبية، كانت إثيوبيا تعتقد أنه بالإمكان استمرار «الخرطوم» فى نفس موقفها، مستغلة فى ذلك الدعم المقدم للنظام السودانى من قبلها خصوصاً فى مؤسسات الاتحاد الأفريقى. لكن على سبيل المثال أحدث تصريح لوزير الرى السودانى ياسر عباس، أمس الأول، شدد خلاله على أن بلاده «شريك كامل ومباشر وليس وسيطاً فى المباحثات، وإنما هو طرف أصيل، خاصة أنه البلد الأكثر تأثراً بالسد»، ما يعنى أن السودان تخلى عن منطق المكايدة لمصر الذى كان يسيطر على النظام السابق، بحسب متابعين.

"أمانى": "أديس أبابا" تجاهلت أن أداءها السياسى فى ملفى الحدود والسد تسبب فى وجود قلق سودانى عميق على المستويين الرسمى والشعبى

فى هذا السياق، قالت الدكتورة أمانى الطويل، الخبيرة فى الشئون الأفريقية، فى مقال لها بصحيفة «إندبندنت عربية»، نُشر أمس الأول، إن «أديس أبابا» تجاهلت أن أداءها السياسى فى ملفى الحدود وسد النهضة قد تسبب فى وجود قلق سودانى عميق على المستويين الرسمى والشعبى، حيث وفرت أديس أبابا معطيات لهذا القلق يأتى أولها أن عدم الالتزام الإثيوبى بالتوافقات التى يتم التوصل إليها فى سياق سد النهضة، يسهم بشكل أساسى فى تآكل مصداقيتها على المستوى السودانى الرسمى، ويبدد الثقة فيها كدولة يمكن الاعتماد عليها فى تأمين المصالح السودانية الواقعية، والحفاظ على شرعية الثورة السودانية وحكومتها الانتقالية أمام جماهير شعبها، وذلك فى ملف حساس يرتبط بمعاش الناس المرتبط بالزراعة، وكذلك فى أمنهم.

وأضافت أن ممارسة إثيوبيا نوعاً من الاستقواء والتهور فى ملف الخلافات الحدودية مع السودان، وذلك فى منطقة «الفشقة»، وذلك بتقديم سند عسكرى لعصابات إثيوبية متفلتة لها وجود تاريخى فى المنطقة، حيث أقدم الجيش الإثيوبى الفيدرالى على التغول فى الأراضى السودانية لمسافة تزيد على 15 كيلومتراً، فى محاولة لتفعيل ورقة إرهاب للنظام السودانى الوليد الذى يعانى من سيولة داخلية لا يستهان بها، وما زالت قواته المسلحة مستنفرة فى ملفات التسويات السلمية مع الحركات المسلحة على المستوى الداخلى. وقالت «الطويل»: «يبدو أن إثيوبيا أغفلت أثر تحول صورتها هذه المرة من داعمة لثورة السودان وقواعدها السياسية والاجتماعية إلى داعمة لاعتداء عصابات على المواطنين السودانيين العزل، وهو ما يلهِب بالضرورة الشعور الوطنى السودانى ضدها نسبياً بشكل عام».

واعتبرت الخبيرة فى الشئون الأفريقية أن الخطوة الإِثيوبية الثالثة التى أسهمت فى وجود مسافة تتزايد بين عاصمتى البلدين صلف إثيوبى أصبح مشهوداً فى تصريحات النخب التى تتحدث ليل نهار عن ملء بحيرة سد النهضة دون اتفاق مع الشركاء فى حوض النيل الأزرق. وهو أمر يؤثر بشكل واضح فى بحيرة سد الروصيرص الذى تبعد بحيرته عن سد النهضة بنحو 100 كليومتر فقط، كما يقول وزير الرى السودانى. وبطبيعة الحال مع هذا النوع من التصريحات شعرت الخرطوم بأنها مهددة كما القاهرة فى الحصول على حصتها المائية. وقال السفير فرغلى طه، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن «الموقف السودانى الحالى من السد هو الذى كان يجب أن يكون منذ بداية أزمة سد النهضة، لأن السودان موقفها الطبيعى كان يجب أن يكون مع مصر، لأن مصالحهما واحدة، وأنهما دولتا مصب ومصالحهما مشتركة سواء فى تقاسم حصص المياه أو فى مسألة أى أخطار ناجمة عن السد ونقص حصص المياه فى فترات الجفاف.

وأضاف «طه» لـ«الوطن»: «نظام البشير كانت توجهاته كنظام إخوانى مستقطب، رغم ما فعلته مصر من إيجابيات معه خلال فترة حكمه، التغيير الجديد فى الموقف السودانى نرجو الاستمرار والثبات عليه».

وتابع: «إدراك الموقف السودانى أن المواصفات الفنية لبناء السد وما يمكن أن يطرأ من خسائر فى المستقبل جعله يتبنى الموقف المصرى»، مؤكداً أن التغير فى الموقف السودانى كان فارقاً جداً بالنسبة لمصر فى المفاوضات، قائلاً: «عندما يكون لديك شريك مباشر فى مسألة السد وأضراره وفوائده وتقاسم حصة مياه النيل الواردة، ومصالحه تتشابك مع مصر، فهذا أمر مهم».

وقال «طه»: «خصوصاً أن الموقف المصرى لم يمانع بناء السد ولا تنمية إثيوبيا، لكن مواصفات السد وما تتبعه إثيوبيا يلقى بكثير من الشكوك حول موقفها».

أقرا ايضا

تقارير غربية تحذّر: 5 مخاطر لـ"السد الإثيوبي" على الخرطوم

 

غضب شعبي ضد سد النهضة : الأزمة تعيد ملف إقليم "بني شنقول" المحتل إلى الواجهة

 


مواضيع متعلقة