أبوالريش.. مراحيض عامة و«وكر» للمدمنين
أبوالريش.. مراحيض عامة و«وكر» للمدمنين
ممر مظلم، رائحته العفنة تزكم أنوف المارة، بخطوات سريعة ونظرات خاطفة يعبر الأهالى نفق المشاة، الممتد بطول 25 متراً أسفل قضبان السكك الحديدية لمترو الأنفاق، تحت محطة السيدة زينب. الممر له مدخلان، الأول أمام مستشفى أطفال أبوالريش، والثانى يطل على موقف أوتوبيسات النقل العام، ومن مدخل ومخرج النفق يتسرب ضوء النهار ليشق الظلام الدامس، فى ظل غياب أى مصدر إضاءة؛ حيث سرق اللصوص فوانيس وكشافات الإضاءة منذ أكثر من 3 أعوام، كما يروى سعد رمضان، أحد سكان المنطقة، مرجعاً السبب إلى الغياب الأمنى وتجمع الخارجين على القانون فى محيط النفق، واصفاً المكان بأنه يطغى عليه النشاط التجارى أكثر من كونه تجمعاً سكنياً.
جدران النفق التى تكسوها مربعات السيراميك بنية اللون، تغير لونها إلى السواد الناتج عن إشعال النار بجوارها؛ حيث يتحول المكان الذى لا يتجاوز عرضه 10 أمتار، فى ظلمة الليل، إلى وكر لمدمنى المخدرات والبلطجية على حد قول غريب محمود، أحد أفراد الأمن العاملين بمستشفى أطفال أبوالريش: «إحنا بالنهار والنفق ضلمة زى ما انت شايف كده، ما بالك بالليل بيكون عامل ازاى؟!»، يحكى الشاب العشرينى قائلاً: «لا يشق ظلمة المكان ليلاً سوى السجائر المشتعلة، بينما يختفى الأشخاص فى ظلمة المكان، ومن لديه الجرأة على عبور النفق ليلاً سيندم على ما يحدث له»، موضحاً أن الجميع يتجنبون العبور من النفق ليلاً أو الاقتراب، ويعبر إلى الاتجاه المقابل من داخل مترو الأنفاق، وبعد الثانية عشرة؛ حيث تغلق محطة المترو أبوابها، يقول محمود: «لا نجد بديلاً عن السير أكثر من 3 كيلومترات من أجل العبور من فوق كوبرى المشاة».
رامى رمضان، أحد الباعة الجائلين، يقف على بعد أمتار قليلة من مدخل النفق، ويشير إلى أنفه ساخراً: «انت مش شامم الريحة؟ النفق بقى مبولة، أى حد مزنوق بينزل يقضى حاجته فيه»، ورغم ذلك يستخدمه الناس، خاصة كبار السن، مبرراً ذلك بأن درجات السلم فيه محدودة، مقارنة بسلالم المترو التى يتجاوز ارتفاعها دورين، مضيفاً: النفق تم تطويره من قبل أثناء تطوير موقف الأوتوبيسات، دون وضع أى خدمات أمنية، ليعود مرة أخرى إلى طبيعته الأولى مأوى ووكراً للخارجين على القانون، بعد سرقة كل محتوياته من لمبات إضاءة وطفايات حريق، وكذلك غرفة التحكم فى النفق تمت سرقتها قبل ذلك.
«أنا قبل كده اتثبتّ بالليل فى النفق ده، سرقوا محفظتى». بهذه الكلمات تحدث حسام سليمان، عشرينى العمر، مضيفاً أنه أثناء عودته إلى البيت تعرض له شخصان بسلاح أبيض ووضع أحدهما المطواة فى خصره، بينما أخبره الثانى أن يخرج ما فى جيبه بإرادته «بدل ما نخليك تخرجه بالعافية»، ليتطوع الشاب العشرينى بإخراج حافظة نقوده، التى لم يقنع بها اللصان، طالبين منه خلع خاتمه الفضى و«موبايله».
نظرات فى سقف النفق المنخفض، على ضوء الهاتف المحمول، تكشف أن عملية السرقة داخل النفق امتدت إلى الأسلاك الكهربائية والحمالات التى تحمل كابلات الكهرباء بما عليها، ليترك اللصوص جدران النفق خاوية، وبينما لم يدخر اللصوص أى مجهود لسرقة كل ما خف وزنه وسهل حمله فى ظل الغياب الأمنى، يخشى الأهالى التعرض لهؤلاء اللصوص خوفاً على حياتهم، كما يقول كمال إبراهيم: «دول عيال مسلحة وممكن يضربوا أى حد يقرب منهم ويموتوه، الشرطة مش موجوده هنا وعند الاتصال بها تأتى متأخرة، يكون الحرامية سرقوا اللى هما عاوزينه وهربوا من المكان».