احتجاجات لبنان.. أسباب وسيناريوهات

كتب: آلاء عوض

احتجاجات لبنان.. أسباب وسيناريوهات

احتجاجات لبنان.. أسباب وسيناريوهات

عاد التوتر في الشارع اللبناني مرة أخرى في إطار أسوأ أزمة اقتصادية شهدتها البلاد، حيث تجددت أمس، التظاهرات في وسط بيروت، ومدن أخرى، احتجاجا على أداء المسؤولين في مواجهة الانهيار الاقتصادي، وتعبيرا عن الغضب إزاء الطبقة السياسية التي ينظرون إليها على أنّها فاسدة وعاجزة.

ويتزامن ذلك التوتر مع نقص سيولة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار، ووفقا لما ذكرته قناة "سكاي نيوز" الإخبارية.

وأمس، سار المحتجون سلميا نحو وسط العاصمة، واستعادوا هتافات وشعارات الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في 17 أكتوبر الماضي، وتراجعت وتيرته بعد تسجيل إصابات بفيروس كورونا المستجد في لبنان.

وعن أسباب التظاهرات، قالت نعمت بدرالدين التي كانت تشارك في التظاهرة في ساحة رياض الصلح في وسط العاصمة، لوكالة "أسوشيتد برس" الإخبارية: "نحن هنا كي نطالب بحكومة جديدة موقتة بصلاحيات تشريعية استثنائية تضع قانونا انتخابيا عادلا يضمن صحة التمثيل النيابي".

واعتبرت "بدرالدين" أنّ هذه الحكومة "تبنت نفس السياسات" الاقتصادية والاجتماعية للحكومات السابقة، وأعربت عن الأسف إزاء طلب السلطات مساعدة من صندوق النقد الدولي، ودعت إلى استقالة حاكم المصرف المركزي رياض سلامة.

ووفقًا لما ذكرته "سكاي نيوز"، تخطى سعر صرف الليرة اللبنانية خلال هذا الأسبوع، عتبة الخمسة آلاف، مقابل الدولار الواحد، قبل أن يتراجع السبت، إلى 4 آلاف، غداة اجتماعات حكومية، مضيفة: "رسميا، سعر الصرف مثبّت في لبنان عند 1507 ليرات، منذ عام 1997".

وفي طرابلس، سجلت صدامات بين المتظاهرين والجيش أسفرت عن تسعة جرحى، حسب الصليب الأحمر اللبناني، وأطلق عناصر من الجيش أعيرة مطاطية لإفساح المجال أمام عبور شاحنات عرقل مسارها متظاهرون احتجاجا على نقلها مواد غذائية باتجاه سوريا، وفقا لما ذكرته وكالة "فرانس برس".

كما تجمع محتجون أيضاً في مدينة صيدا وبلدة كفررمان في جنوب البلاد، داعين إلى رحيل الطبقة السياسية بمكوناتها كافة.

وعن سيناريوهات الأزمة، ذكرت وكالة "سبوتنيك" الروسية، في تقرير لها، أنه مع زيادة الاحتجاجات تداولت الطبقات السياسية والإعلامية اللبنانية السيناريوهات المقبلة، والتي تعددت أشكالها ما بين الحفاظ على الحكومة الحالية، أو تغييرها، وكذلك اللجوء إلى حكومة عسكرية.

محلل سياسي: لبنان في حاجة إلى تدخلات جذرية للخروج من الأزمة

ونقلت عن المحلل السياسي اللبناني فيصل عبدالساتر، إنه "بسبب التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية، وارتفاع الدولار بشكل جنوني مقابل الليرة اللبنانية، البعض ربما ذهب بمخيلته إلى أن يكون هناك عسكرة للسلطة، أو حكومة عسكرية، أو ما شابه ذلك، أو أن هذه الحكومة تستقيل وتأتي حكومة أخرى".

وأضاف أن "كل هذه السيناريوهات لم تكن تستند في الواقع إلى أي شيء من الحيثيات لأن هذا الأمر دخل عليه عوامل كثيرة، والتلاعب بسعر صرف الدولار جاء بناء على توجيهات معينة أو شائعات معينة وفي كلا الحالتين جاء لممارسة الضغوط ودفع الناس للشارع لما يشبه الفوضى، تحت ضابط إيقاع واحد ربما يكون الأمريكي، أو بعض الجهات السياسية المحلية".

وتابع: "في كل الأحوال، الدولة والحكومة لديها من المسؤوليات ما يلزمها بضرورة القيام ببعض الإجراءات في هذا الإطار لمنع الانهيار الاقتصادي، وأزمة النقد اللبناني، وكان هناك اجتماعات مكثفة مع رئيس الدولة والحكومة وحاكم مصرف لبنان، واتفق الجميع على أن يكون هناك ضخ للدولار لسد حاجة السوق من العملات الصعبة، وذلك بهدف خفض سعر الصرف كي يتراجع ليصل لحدود 3200 ليرة لبنانية"، مؤكدًا أن "الأمر سيلقى نوعًا من الارتياح لو وصلت الحكومة لمثل هذه النتيجة، لكن هذا لا يعفي أو يمنع حقيقة أن هناك كارثة كبيرة تحدق باللبنانيين على المستوى المالي والاقتصادي، وأن عملية ضخ الدولار لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية وسيكون على حساب الاحتياطي النقدي في مصرف لبنان".

وتابع: "لبنان في حاجة إلى تدخلات جذرية تخرجه من مثل هذه الأزمة، والجميع يعرف أن الأمر مرهون بما تفعله السياسات الأمريكية تجاه لبنان خصوصا أن قانون قيصر الذي يستهدف سوريا ويدخل حيز التنفيذ بعد 5 أيام يستهدف لبنان أكثر مما يظنه البعض".

وأشار إلى أن "السياسات الأمريكية تجاه لبنان تستكمل فصولها، وربما سيكون هناك مزيد من الإجراءات والعقوبات التي تستهدف لبنان، وعلى الدولة أن تحدد خيارها السياسي والاقتصادي، بحيث لا تكون مفتوحة على أمريكا بشكل كامل كما يطالب البعض، ولا يكون منساقًا للطلبات الأمريكية كما يقول البعض الآخر"، مضيفا: "الوسط بين الحالتين عملية تحتاج للكثير من التروي والدراسة، الأمر ربما لا يحتمله اللبنانيون، المزيد من الصبر على الأزمات الاقتصادية بات مستحيلًا، ويجب أن يكون هناك بعض الإجراءات لترتيب الأمور في حال كان هناك نوايا جيدة من المسؤولين اللبنانين وفي حال أيضا عرف لبنان كيف يدير حملة اتصالات واسعة في هذا الشأن قد تجنبه مزيدًا من الكؤوس المرة في مواجهة أمريكا".

ناشط لبناني: الحكومة الحالية لا تستطيع تقديم أي شئ للشعب

من جانيه قال الناشط السياسي اللبناني أسامة وهبي، إن "الحكومة القائمة لا تستطيع تقديم أي شيء للشعب اللبناني، وتعاني من صراعات داخلية، ويهدد بعض المشاركين فيها بالانسحاب وبالتالي مصيرها في النهاية السقوط حتمًا".

ووفقا لما نقلته "سبوتنيك" على لسانه، فإن "فيروس كورونا دفع المتظاهرين للبقاء في المنازل التزامًا للحظر، وأعطى للحكومة فرصة تاريخية لإصلاح الوضع، لكن اليوم، وصل الأمر إلى حائط مسدود".

وتابع: "اللبنانيون يزدادون فقرا والدولة تزداد عجزا، هناك استحقاقات قادمة، ولبنان تخلف عن دفع الديون وسيتخلف مجددًا، وهناك مفاوضات صعبة مع صندوق النقد الدولي الذي يطالب بإصلاحات، والحكومة عاجزة عن فعل أي شيء".

وأكد أن "ثورة 17 أكتوبر، كانت شاملة في كل المناطق اللبنانية، وحطمت الطائفية، والحكومة الآن ستدفع ثمن سياساتها الفاشلة التي أفقدت الشعب مدخراته، وأفقدت الليرة قيمتها، وسنصل لليوم الذي سيكون فيه سقوط الحكومة حتميا".

ومضى قائلًا: "الشعب اللباني غير قادر على الانتظار، والاحتجاجات الشعبية ستدفع الحكومة للاستقالة، وتحمل السياسات الفاشلة التي أفقدت الشعب مدخراته، والليرة قيمتها، وبعدها سندخل في فترة انتقالية تتولى فيها حكومة مستقلة لديها صلاحيات تشريعية وتنفيذية، وتعمل على إطلاق انتخابات نيابية، وهذا الطريق الأقرب في ظل الخيارات المحدودة".


مواضيع متعلقة