محسن عادل.. صاحب القلب الأبيض أوجعتنا

كان بيننا موعدا، بل مواعيد، لقاءً، ولقاءات.. لكن الموت غدّار، خاطف، فاتكٌ بالأحبة، سبقني إليك، حرمنا من ابتسامتك البرئية، وقلبك الأبيض، وروحك النقية الطفولية الصافية، ليس الخبر كبقية الأخبار، فكيف أكتبه بيدي؟.

ليست الصدمة كغيرها.. هل كُنّا بحاجة إلى حزن جديد، يجدد أحزاننا القديمة، وينكأ ما ندعي -كذبا - أنه اندمل؟.. أفلا كنت تمهد لنا قليلا، كي نستعد؟!

صديقي طيب القلب، اعذرنا لم نجد الوقت الكافي كي نودعك، نلقي عليك نظرة أخيرة، نقول لك، لا تخف، فإن الله سيكون معك بقدر ما كنت أخا للجميع، ومساعدا، مساندا لكل من يطلبك.

كان الأمر سريعا، مباغتا، ونحن، كعادتنا، في دوامة تلو أخرى، من هم "أكل العيش"، إلي إحصاء موتى كورونا حولنا، إلي تساؤلاتنا حول المستقبل المجهول، ووباء لا نعلم متى سينقضي، ولا على من سيقضي. 

اعذرنا، فنحن لم ندرك محبتنا لمن حولنا، إلا بالرحيل، في كل مناسبة دينية أو اجتماعية، كنتَ أول من يرسل تهنئته قبل الآخر.

في عيد الفطر الأخير، هذه المرة انتظرت رسالتك التي لن أراها ثانية، انزعج كل من عرفوك، ليست عادتك، كان المرض هذه المرة حائلا.

بدا الأمر غريبا، وجادا، تحدثت إلى صديقي الصحفي الاقتصادي صلاح عبدالله، سألته عنك فقال لي: "أدع له، حالته صعبة"، سألته عن إمكانية الزيارة، فأكد أن الحالة غير مستقرة.

لم تخل مكالماتنا القليلة من اتهامك لي دوما بالنذالة، والتقصير في الاطئمنان عليك، كنت أوافقك الرأي، وأطلب منك الصفح، وكنت تلتمس العذر تلو العذر، وتقول لي: "نعديها المرة دي، بس لما تسافر كينيا تاني تجيبلي شاي من هناك"، كنتُ قليل التواصل معك، لكنك كنتَ دائم الصلة والود مع الجميع.

آخر مرة تحدثنا قبل شهرين، قلت لك "هجيلك قريب نتكلم شوية"، فأجبتني بحسك الفكاهي: "ابقى قابلني"، لم أجد وصفا دقيقا أفضل مما كتبه فيك صديقي الصحفي الاقتصادي محسن محمود، إذ قال: "لو محسن عادل تعامل في حياته مع مليون واحد، ففضله هيكون على الأقل على 10 ملايين واحد.. محسن عادل الوحيد في الدنيا، اللى مبخلش عليا أنا شخصيا إنه يعلمني، وأخد من وقته ساعات أيام طويلة، يشرحلي ويفهمني، لما كنت لسه متخرج من الكلية، وشغلوني في الاقتصاد ومكنتش فاهم فيه حاجة.. كان بيساعدني عشان لما أكتب خبر ولا تقرير أكون فاهم وأكتب صح.. محسن الوحيد اللي كان بابه مفتوح لكل البشر.. محسن عادل لو انت متخيل نفسك أجدع واحد في الدنيا.. هو أجدع من أي حد في الدنيا عشر تلاف مليار مرة".

صديقي محسن عادل، أغفر لي، تقصيري معك، وسامحني على نذالتي، وأعلم أن لنا لقاء، أسأل الله أن يكون في جنة الخلد، والنعيم، وداعا صاحب القلب الأبيض.