الخبر السعيد: سوف تمر الجائحة

إمام أحمد

إمام أحمد

كاتب صحفي

الأوبئة مثل الحروب، تترك في القلب ندبة، وتصيب الروح بغيامة، تقتل الأمل والفرح والسلام النفسي وضجيج اللعب ونشوة اللحظات السعيدة وأحلام المستقبل. من يكون مستعداً للضحك أو اللعب أو ترتيب الغد وهو يرى الموت يحوم من حوله مثل نمر جائع، وهو يسمع أنين الجرحى واستغاثات المصابين، وهو يشم رائحة الدم في كل مكان، أو يشم رائحة الكلور، ليس فرقاً جوهرياً بين الدم والكلور، كلاهما يقول إن الموت قريبٌ!.. من يكون مستعداً للضحك واللعب وترتيب الغد وهو يرى العالم يتحول إلى صفحة وفيات كبيرة، يتحول إلى عداد إلكتروني يتعامل مع الأرواح البشرية كأرقام صماء تتغير كل طرفة عين.

جاء الوباء إلى وادينا الطيب متسللاً كلص، ثم انتشر كعاصفة ذرت الأعين بتراب الخوف والإحباط والاكتئاب، فبدت الحياة مخيفة وقاتمة وكئيبة، وسط سيل من الأسئلة العالقة التي لا تجد إجابات محددة.. كيف ومتى وأين ولماذا؟.. لا أحد يمكنه الإجابة على وجه الدقة، لكن سؤالاً واحداً يمكننا أن نجيب عليه، ونتمسك به كطوق نجاة مؤقت:

هل تستمر الجائحة؟

الإجابة: لا

هل ستمر الجائحة؟

الإحابة: نعم

بكل يقين لا يمسسه شكٌ سوف تمر الجائحة

بكل ذرة إيمان بالله، وبالحق، وبالعلم، سوف تمر الجائحة

بكل صلوات المؤمنين، ودعوات الطيبين، وأمنيات القلوب الصادقة، سوف تمر الجائحة

سوف تمر الجائحة؛ لأن الأشياء كلها تمر

ولأن الحياة عادلة: لا تأخذ كل شيئ، كما لا تعطي كل شيئ

ولأن من بيننا من يستحقون الرحمة والعفو ومواصلة الرحلة

ذهب البعض ضحايا للوباء في غفلة عين، وسيذهب آخرون، الضحية القادمة ربما كاتب هذه السطور، ربما قارئها، ربما ثالث لا أعرفه ولا تعرفه. لكن عند نقطة ما، أراها قريبة، سوف تمر الجائحة، وتعود الحياة ليس إلى ما كانت عليه، بل أفضل مما كانت عليه؛ لأنه حينذاك سندرك -أو يجب أن ندرك- أن الحياة أغلى مما كنا نظن، وأن النَفس الذي نَتنفسه نعمة كبيرة تستحق الشكر، وأن أعمارنا لا يجب أن تضيع في المناكفات الفارغة ولا الخصام ولا الغضب.

سوف تمر الجائحة، وسوف تعود الحياة.. هذا هو الخبر السعيد.

لكن مرة أخرى، لا أحد يمكنه الإجابة على السؤال المهم: متى يحدث ذلك؟.. إذاً هو صراع مع الجائحة، وصراع آخر مع عنصر الوقت، يجب أن نلتزم في كليهما بالإجراءات الاحترازية لحماية أجسادنا من فيروس كورونا، وبالإجراءات الاحترازية لحماية أرواحنا من المضاعفات النفسية لفيروس كورونا، دون تهوين يجعلنا أهدافاً سهلة لهذا الشبح ولا تهويل يحولنا إلى مجموعات من مرضى الاكتئاب والقلق والوسواس القهري؛ حتى نتجاوز المحنة بسلام ونصل إلى بر الأمان.

لكن المهم عندما نصل، أن نكون قد تعلمنا الدرس:

الحياة تستحق العيش