لليلة الثامنة.. المظاهرات مستمرة في أمريكا وتتحدى حظر التجوال

لليلة الثامنة.. المظاهرات مستمرة في أمريكا وتتحدى حظر التجوال
لم يمنع حظر التجوال مساء أمس الأول، آلاف المتظاهرين من السير في شوارع مدينة نيويورك، حيث فرض حظر التجوال على مستوى المدينة حتى الأحد المقبل، وتظاهر عشرات الآلاف في شوارع مدن أمريكية رئيسة، لليلة الثامنة على التوالي من الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد، في تحد لمناشدات رؤساء البلدية، ولحظر التجوال الصارم.
وذكرت الشرطة الأمريكية، في نيويور، أنّ مشتبها به في حالة حرجة، كما أصيب واحد على الأقل من أفراد الشرطة، بعد أن ردت الشرطة على إطلاق نار في حي بروكلين، فيما مُنع المتظاهرون من اجتياز جسر بروكلين.
وشهد محيط "البيت الأبيض" عودة مكثفة للمحتجين مجددا، وأفادت مراسلة شبكة "سكاي نيوز"، برشق متظاهرين الشرطة بزجاجات المياه. وفي مدينة مينيابوليس، حيث قضى فلويد عن 46 عاما اختناقا عندما ضغط شرطي بركبته على عنقه حتى الموت، أعلنت السلطات إجراء تحقيق في الواقعة.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" نقل نحو 1600 من قوات الجيش إلى منطقة العاصمة واشنطن لدعم السلطات المدنية، بعد الاحتجاجات العنيفة في المدينة أثناء الليل على مدى أيام.
وقال المتحدث باسم "البنتاجون"، جوناثان راث هوفمان، في بيان إنّ القوات "في حالة تأهب قصوى"، لكنها "لا تشارك في الدعم الدفاعي لعمليات السلطة المدنية"، بحسب وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية.
ويأتي هذا التطور رغم تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي اعتبر أنّ عاصمة بلاده كانت المكان الأكثر أمانا في العالم.
وأحصت "أسوشيتدبرس" اعتقال الشرطة الأمريكية لـ9300 شخص، على الأقل، في الاحتجاجات بجميع أنحاء الولايات المتحدة منذ مقتل "فلويد"، وسجلت لوس أنجلوس 2700 حالة اعتقال منذ الاحتجاجات، تلتها نيويورك بنحو 1500، كما اعتقلت الشرطة في دالاس وهيوستن وفيلادلفيا مئات الأشخاص.
انغمست الولايات المتحدة الأمريكية في موجة عنف من كاليفورنيا إلى نيويورك، ومن مينيابوليس إلى الساحل في تكساس، في أكثر من 75 مدينة، في صدامات قوية إبان الاحتجاج على مقتل المواطن الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد، ما جعل الأحداث تنعكس على الانتخابات الأمريكية المقبلة.
جو بايدن، مرشح الرئاسة الديمقراطي الأمريكي، غرّد عبر تويتر الجمعة الماضي: "يكفي". وحين اعتقلت الشرطة مراسل قناة سي إن إن، غرّد: "أنا غاضب وعليكم معرفة ذلك".
وفي المقابل، اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعضاء الحزب الديمقراطي الأمريكي، بإشعال السخط بين المتظاهرين.
إيهاب عباس، المحلل السياسي في واشنطن، قال إنّ الاحتجاجات سيكون لها تأثير على الانتخابات الأمريكية المقبلة، إيجابيا على الديمقراطيين وسلبيا على الجمهوريين، مشيرا إلى أنّ التأثير على الديمقراطيين يتمثل في أنّ المرشح جو بايدن استغل الموقف جيدا، وتعاطف مع المتظاهرين، وترجل إلى الشوارع وصافحهم والتقاط الصور معهم.
يضيف عباس، إنّ بايدن أعرب كذلك عن تعاطفه مع أسرة جورج فلويد، ووعد المتظاهرين في العلن بأنّه سيتخذ اجراءات إصلاحية في النظام القضائي والمجتمعي تصب في مصلحة أن يتساوي جميع الأمريكيين في المسائل المجتمعية المختلفة، مثل التعليم والصحة، وأمام القضاء والشرطة، تمنع المزيد من العنصرية داخل المجتمع الأمريكي.
وتابع عباس، لـ"الوطن": "في المقابل الرئيس دونالد ترامب كعادته يخاطب فئة معينة من الشعب الأمريكي، وهي التي صوتت له في الانتخابات الماضية والجمهوريين، ورجال الأعمال واليمين المتطرف داخل الحزب الجمهوري".
وأوضح المحلل السياسي، أنّ ترامب تحدّث بحدة مع المتظاهرين وتوعدهم، وبعد انتشار الجيش، وكثرة الحوادث، أبدى نوعا ما من التعاطف مع أسرة جورج فلويد، قائلا إنّه لن يسمح للمخربين واليساريين الفوضويين بتدمير الولايات المتحدة الأمريكية.
ولفت عباس إلى أنّ ترامب أشار إلى أعضاء الحزب الديمقراطي، وكانت تصريحاته مستفزة للجميع وتؤجج المشاعر والرغبة في التظاهر ضده، وعدم انتخابه مرة أخرى، ما يعني أنّ الانتخابات الأمريكية المقبلة ستكون على صفيح ساخن وربما تطيح به.
وتابع: "سوء أداء الرئيس دونالد ترامب في إدارة التصدي لجائحة كورونا داخل الولايات المتحدة، وسوء الأداء في التعامل مع التظاهرات، ستكون أزمات تواجهه خلال الانتخابات، لكن سنرى إن كان يستطيع تخطيها والنجاح في السباق الانتخابي ويكون رئيسا لـ4 سنوات مقبلة أم سيغادر المكتب البيضاوي".
وأكد أنّ استمرارية الاحتجاجات شيء وارد جدا، فالتصريحات التي يدلي بها ترامب تسكب المزيد من الوقود على النار، وتؤجج المشاعر ولا تحقق العدالة والمصلحة العامة للشعب الأمريكي، وحين تأتيه الفرصة للحديث عن التظاهرات لا يتحدث بنبرة متعاطفة مع الشعب، إنّما يتحدث بنبرة متغطرسة نوعا ما و لا يرى سوى المخربين متغاضيا عن أصحاب الحق.
وتحدّث المحلل السياسي عن مخاوف من ضياع بعض الحقوق نظرا لما يحدث داخل الولايات المتحدة الأمريكية، حال استمرت التظاهرات على هذه الوتيرة، إذا لم يتم اتخاذ الإصلاحات داخل المجتمع الأمريكي.
وأوضح أنّ هناك هدفين، أولهما قريب وهو إدانة الضابط قاتل جورج فلويد إدانة واضحة، لأن التهمة قتل عمد وليست دون قصد كما صدرت من القضاء، والهدف البعيد يتمثل في الإصلاحات داخل المجتمع الأمريكي حتى يشعر الأمريكيون من أصول أفريقية والأقليات، أنّهم على قدم من المساواة مع بقية الأعراق داخل أمريكا، فيما يتعلق بالتعليم والصحة ومناحي الحياة كافة، خاصة أنّه يبدو أنّ العنصرية تعود إلى السطح مرة أخرى، بعد أن خمدت نوعا ما في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي".
وتظاهر عشرات الآلاف في هيوستن الثلاثاء تكريما لذكرى جورج فلويد، المواطن الأسود الذي قضى اختناقا تحت ركبة شرطي أبيض أثناء اعتقاله في مينيابوليس في 25 مايو، وللمطالبة بالعدالة.
وقال سيلفستر تيرنر، رئيس بلدية المدينة الواقعة في ولاية تكساس، مخاطبا المحتشدين الذين قدّر عددهم بنحو 60 ألف شخص إنّ "هذا اليوم لا يتعلق بالبلدية بل بعائلة جورج فلويد، نريدهم أن يعرفوا أن جورج لم يمت هباءً".
وأضاف "نحن لسنا مثاليين ونعترف بذلك. في مدينتنا، نحن نحترم الجميع، كل حيّ له قيمته".