فاجعة الفواجع.. خطيب الأزهر ومشرف أروقته ينقض منهج الأزهر!

حسين القاضى

حسين القاضى

كاتب صحفي

حتى يكون القارئ غير المتخصص متابعاً لهذه القضية أقول: الأزهر الشريف ليس جُدراناً وأبنية، لكنه منهجٌ منضبطٌ فى فهم الشرع، ولهذا المنهج أركان تمثل المعيارَ الذى يُميز من ينتمى للمنهج الأزهرى، ومن تلوَّن بمناهج أخرى مناقضة له.

ورأس هذه الأركان هو (المعتقد الأشعرى.. معتقد أهل السنة والجماعة)، الذى عليه كل أئمة وشيوخ الأزهر، وآخرهم الإمام الطيب الذى يقول فى كتابه (مقالات فى التجديد): «الأزهر الشريف تبنَّى المذهب الأشعرى منذ القِدم، وروَّجه فى سائر الأقطار، وهذا ليس تعصباً من الأزهر، ولكن لأن المذهب الأشعرى هو انعكاس صادقٌ أمينٌ لما كان عليه النبى الكريم والصحابة والتابعون»، ويقول أيضاً: «وأصغر طالب فى كلية أصول الدين يحفظ كتاب «شرح المواقف» فى العقيدة، وهو أحد أعمدة المذهب الأشعرى».

ومن المذاهب المقابلة للأشاعرة مذهب ابن تيمية أو الوهابية أو السلفية المعاصرة، وكل أشعرى حتماً يرفض التيارات السلفية، وكل سلفى حتماً يقول بضلال الأشاعرة.

إذن الأزهر هو منبع المذهب الأشعرى فى العالم، ومنبره هو منبر الأشاعرة الأول، وأروقة الأزهر هدفها تدريس العلوم على المعتقد الأشعرى.

بعد هذه المقدمة أقدم لحضراتكم نص كلام خطيب الأزهر ومشرف أروقته وعضو تحرير مجلة الأزهر الدكتور «عبدالمنعم فؤاد» عن الأشاعرة فى كتابه: (قضية التأويل بين الشيعة وأهل السنة)، ص 388، 389، حيث قال:

«إنَّ وجهتى فى هذا الشأن أننا لو سلمنا للأشاعرة بسيادة العقل لأبطلت وظيفة الرسل، وهذا نوع من العبث الذى يبعد عن حقيقة الصواب، ولقد شنَّع الشيخ ابن تيمية على هذا القانون الأشعرى فى التأويل، وقال: لقد وضعوا لأنفسهم قانوناً فيما جاءت به الأنبياء، فيجعلون الأصل الذى يعتقدونه هو ما ظنوه بعقولهم، ويجعلون ما جاءت به الأنبياء تبعاً لهم، فما وافق قانونهم قبلوه، وما خالفه لم يتبعوه»، وما قاله الشيخ (ابن تيمية) هو الحق... كذا ليس من الحكمة ولا الصواب أن نقدم العقل على النقل فى التأويل بدعوى أن العقل أصل فى إثبات الشرع كما قال الأشاعرة، ولو ضربنا صفحاً عن ملاحظاتنا على هذا القانون وسرنا مع الأشاعرة إلى ساحة التطبيق العملى لاختيار معنى يتناسب مع رؤيتهم العقلية لآيات الصفات لرأينا اضطراباً وعدم دقة فى اختيار الشواهد..».

إذن هو بنص كلامه يرى أن:

1- الأشاعرة يقولون بسيادة العقل، وهذا يؤدى إلى بطلان مهمة الرسل. 2- مذهب الأشاعرة فى هذا عبث بعيد عن الصواب. 3- تشنيع ابن تيمية على الأشاعرة فى التأويل هو الحق. 4- كلام ابن تيمية هو الحق حين قال إن الأشاعرة يقدمون عقولهم على ما جاءت به الأنبياء 5- ليس من الحكمة ما قاله الأشاعرة فى التأويل. 6- لو سرنا مع الأشاعرة إلى ميدان التطبيق العملى لرأينا اضطراباً فى اختيارهم للشواهد.

والملاحظ أن القول بسيادة العقل الذى بنى عليه الدكتور كلامه فى نقض الأشاعرة هو افتراء لم يقُل به الأشاعرة أصلاً، لأن سيادة العقل هو رأى المعتزلة لا الأشاعرة.

والفاجعة هنا متمثلة فى عدة أمور: 1- أنه لا يعرف مذهب الأشاعرة فى المسألة، وهذا منتهى العجب من أستاذ للعقيدة فى جامعة الأزهر وخطيب مسجده ومشرف أروقته!! 2- أنه كوَّن رأيه عن الأشاعرة من خلال كتب ابن تيمية، وليس من خلال كتب العقيدة التى يدرسها الأزهر، وهذه فاجعة أخرى وخلل فى أدوات البحث العلمى. 3- أنه هنا متأثرٌ بل داعٍ ومروج لأفكار ابن تيمية التى يحاربها الأزهر على مدى قرون من الزمان!!

وعموماً فى كتابه ما هو أشد من هذا فى نقض المذهب الأشعرى مذهب الأزهر وإمامه الأكبر، والانتصار لابن تيمية ومذهبه، وإننى سأرسل نصوص ما كتبه لهيئة كبار العلماء لأسألهم:

هل هذا الكلام يتوافق مع منهج الأزهر؟! أم أنه يهدمه ويناقضه؟! أم أنه كلامٌ مضطربٌ يحتمل الأمرين؟ والاحتمال الثالث -وهو الاضطراب- أشد وأخطر الاحتمالات.. ولنا تكملة.