فيروس كورونا وأسر أصحاب الإعاقات الذهنية.. تحديات خاصة في العزل المنزلي

كتب: سمر صالح

فيروس كورونا وأسر أصحاب الإعاقات الذهنية.. تحديات خاصة في العزل المنزلي

فيروس كورونا وأسر أصحاب الإعاقات الذهنية.. تحديات خاصة في العزل المنزلي

مع زيادة انتشار فيروس كورونا المستجد فرضت دول العالم على سكانها حظرا للتجول في فترات معينة، وأٌغلقت المؤسسات التعليمية والمرافق الترفيهية وغيرها من الأماكن العامة في محاولات  لحصر انتشار الوباء العالمي.

أثار هذا الواقع المعيشي الجديد اختلفت من فئة لآخرى، وبات التحدي الأكبر هو التأقلم عليه دون أضرار نفسية، ولكن المشهد تتضاعف صعوبته بين الأسر التي يعاني بعض أفرادها من اضطرابات ذهنية كمرض طيف التوحد أو متلازمة داون، لاعتمادهم الأكبر على الأنشطة الترفيهية و الرياضية في مواجهة ظروفهم الصحية وبعد توقف كافة مظاهر الحياة أصبحت العائلة هي السبيل الوحيد للدعم النفسي لهؤلاء الأشخاص،"تغيير روتين اليوم والحرمان من الرياضة بشكل مفاجئ سبب ليهم نوبات غضب ورفض شديد في بداية ظهور الأزمة"، تقول الدكتورة إيمان والدة المراهقين أيمن وأمير من مصابي مرض التوحد، في بداية حديثها لـ"الوطن" عن تجربتها لتعويد ابنيها على الوضع الجديد.

أيمن (19 سنة) وأمير (17 سنة)، بطلي سباحة من مصابي التوحد، اعتادا ممارسة الرياضة بشكل يومي، كان يومهما ملئ بالأنشطة التي اضطروا للانقطاع عنها فجأة دون سابق إنذار بعد قرارات غلق الأندية الرياضية وتوقف كافة الفعاليات والأنشطة الترفيهية، بدأت والدتهما التي تعمل طبيبة بيطرية في تعويدهما على الوضع الجديد خطوة بخطوة، أولها شرح الوضع لهما وتعمدها غسل يديها وغسل ملابسها فور عودتها من الخارج أمامها حتى ينتبها إلى ما تفعله،"بدأوا ياخدوا بالهم إني أول ما أجي من برا أغسل إيدي وهدومي وبدأوا يكرروا اللي بيشوفوه"، حسب وصفها.

أيمن وأمير بدأ الأمر معهم بنوبات غضب انتهت بالتدريج 

نوبات من الغضب والرفض للوضع الجديد، صدرت من المراهقين  بخاصة من أمير الذي يعاني من درجة متأخرة في المرض، حاولت الأم احتوائهما قدر المستطاع من خلال إشغالهم بأنشطة ترفيهية في البيت تعويضًا عن غياب النادي والمدرسة، بالتلوين والرسم ومشاهدة التلفزيون ورواية القصص عليهم ومناقشتهم في معلومات جديدة، كلها أساليب لجأت إليها الدكتورة البيطرية، لاحتواء نوبات غضب ابنيها في ظل الوضع الجديد.

مشاهدة مقاطع فيديو توعوية عن الفيروس المستجد، وسيلة آخرى لجأت إليها والدة أيمن وأمير لتوسيع إدراكهما عن الوضع الجديد،"أمين حالته الذهنية أفضل كنت بخليه يبحث بنفسه على الإنترنت عن الفيروس ويفهم أكتر".

تمارين رياضية مختلفة حرصت الأم على مشاركة ابنيها في ممارستها يوميا كنوع من التنشيط البدني والذهني تعويضا عن غياب النادي والمدرسة، ومن جهة آخرى بدأت تدريبهم على ارتداء الكمامة في المنزل بمدة محددة حتى يعتادوا على ارتدائها في الشارع.

خلال شهر رمضان، كانت الأم حريصة على مشاركة طفليها صلاة التراويح ومشاهدة المسلسلات التلفزيونية لقضاء أكبر وقت ممكن معهما حتى لا تعود إليهم نوبات الغضب السابقة،"مع الوقت والتدريب بدأوا يتأقلموا على الوضع وقلت نوبات الغضب والضيق عندهم"، بحسب وصف الأم.

مريم من أصحاب متلازمة داون تمارس الرسم في البيت لقضاء أوقات الفراغ

مريم وجيه، من أصحاب متلازمة داون، وأول فتاة تلتحق بكلية الفنون الجميلة من تلك الفئة، بدأت والدتها هناء أمين، توعيتها بالوضع الجديد وشرح ما يدور من حولها في العالم، وبحسب وصفها في بداية حديثها لـ"الوطن" طبيعة أصحاب متلازمة داون تميل إلى العاطفة في التعامل كالأحضان والاقتراب الجسدي وهو أول ما حرصت على توعية مريم بخطورته في تلك المرحلة لما يسببه من نقل العدوى.

بمرور الوقت استوعبت مريم الوضع الجديد من حولها وبدأت تحرص على غسل يديها والتباعد بينها وبين الآخرين، مع تكرار سماع نصائح والدتها حول الوضع الجديد،"بقت عارفة إن في حاجة اسمها فيروس كورونا بيعدي ولازم نبعد عن بعض ونلبس كمامة ونغسل إيدينا"، حسب وصف الأم.

الرسم والتلوين، أكثر ما ساعد مريم على تخطي الأزمة النفسية التي سببها الوضع الجديد للأفراد بسبب التزام المنازل وغياب الأنشطة الترفيهية والاجتماعية، تقضي ساعات طويلة في ممارسة هوايتها التي برزت بها وحصدت فيها العديد من الجوائز والتكريمات في المسابقات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب مشاهدة التلفزيون وسط أسرتها، حتى اعتادت الوضع وتجاوزت صعوبة الأمر.


مواضيع متعلقة