"عبدالرحمن" ديليفري باليومية يكتب: رحلة شقاء انتهت بكورونا

"عبدالرحمن" ديليفري باليومية يكتب: رحلة شقاء انتهت بكورونا
منذ سن التاسعة، اعتدت على ممارسة العمل، لم أكن يومًا كالأطفال الذين يتركون أمر مصروفاتهم الشخصية على عاتق والديهم، بل كانت لدي نزعة رجولة، دفعتني منذ حينها لأن تكون نفقاتي من مالي الخاص، حتى الملابس أو الحلوى، كنت أجد بها لذة مختلفة، حينما أشتريها من "عرق جبيني"، لذا اتخذت من العمل سبيلًا لي طيلة حياتي.
في المرحلة الإعدادية التي عادة ما تسوق فيها المراهقة الأطفال من عمري، استمررت في رحلة العمل، وهو الخطأ الذي ارتكبته وعطل مسيرتي الدراسية، ولأنني لم أكن حاصلًا على شهادة، كنت أعمل باليومية، وبمرتب يومي ضئيل، يكفي بالكاد لتغطية مصروفات شاب مراهق.
"حلاق وميكانيكي ونقاش وعامل ديليفري"، مهن عديدة انتقلت من إحداها إلى الأخرى دون ملل، ليس لفشل أو إخفاق مني، قدر ما هو حب اكتشاف لمهن جديدة، ويقينًا مني انني لم أجد نفسي في أي مهنة منهم، حتى أتت ما تسمى بجائحة "التوكتوك"، وعملت سائق على واحدًامنها بمنطقة حدائق القبة، ولكن القدر قرر أن يبتسم لي أخيرًا.
كان لدي قدر كافٍ من الشجاعة لإقامة مشروع صغير خاص بي وهو عبارة عن عربة لبيع مأكولات، ولكن لظروف خاصة بي لم يُحقق النجاح الذي انتظرته، لاتجه بعدها للعمل مع زميل لي في توصيل الطلبات على عربة لبيع "الهامبرجر والحواوشي"، وجنيت أموال يومية لا بأس بها حتى أنني قررت الاستمرار بتلك الوظيفة، ولكن كورونا المستجد، كان له رأيًا آخر ليعيدني لنقطة الصفر مرة أخرى.
عدت كعامل ديليفري باليومية من جديد، في أحد محلات الفطائر، قبل أن يتنشر الوباء في مصر وتغلق المطاعم، ليكشر لي القدر ذاته الذي أسعدني عن أنيابه، وأجد نفسي دون عمل لقترة طويلة، أصبت خلالها بحادث نال من ذراعي بجرح طولي، قبل أن أعود للعمل مرة أخرى في المكان ذاته.
رحلة الشقاء التي مررت بها في جميع المهن، جعلتني أعي تمامًا معاناة عامل اليومية في حال وجود حظر كلي، لذا سعدت بخطة الحكومة للتعايش لأنها تسمح لي وأمثالي، بكسب قوت يومهم دون الحاجة للغير.