فيديو.. الطفل المبتورة قدمه في محاولة اغتيال وزير الداخلية: "الاختيار" قلب المواجع

كتب: سمر صالح

فيديو.. الطفل المبتورة قدمه في محاولة اغتيال وزير الداخلية: "الاختيار" قلب المواجع

فيديو.. الطفل المبتورة قدمه في محاولة اغتيال وزير الداخلية: "الاختيار" قلب المواجع

في صباح اليوم الخامس من سبتمبر عام 2013، وحين تجاوزت عقارب الساعة العاشرة صباحا، خرج الصغير فارس حجازي، من مقر إقامته وأسرته في إحدى العمارات السكنية بشارع مصطفى النحاس بحي مدينة نصر لشراء احتياجات أحد سكان العمارة التي يعمل والده حارسا لها، خرج ولم يتوقع مصيره الذي كان في انتظاره، اقتربت خطواته من المحل المقصود وفي لحظة انفجرت قنبلة حولت كل شيء من حوله إلى ألسنة من اللهب تكاد تصل إلى السماء، هنا سقط الصغير مغشيًا عليه من هول الكارثة لم يشعر بقدمه اليسرى التي أصابتها شظايا الانفجار واضطر الأطباء لبتر جزء منها بعد وصوله إلى أحد مستشفيات المنطقة السكنية.

يوم لن ينساه فارس، البالغ من العمر حاليا 16 عاما، حين خرج من بيته سليما ليجد نفسه في غضون أقل من ساعة بين مصابي حادث إرهابي حاول اغتيال وزير الداخلية المصري حينها، نجا منه من نجا واستشهد فيه عدد من الضحايا، أعاده إلى الأذهان من جديد مشهد في الحلقة السابعة من مسلسل الاختيار الذي يجسد حياة الشهيد أحمد المنسي، وصفه المراهق ووالده في بداية حديثهما لـ"الوطن" بالمشهد الحزين الذي قلب المواجع عليهم وأعاد الذكرى الأليمة إلى أذهانهم من جديد.

لم يكن فارس وأسرته المكونة من والده ووالدته وأخ وأخت، من متابعي حلقات الاختيار، وفوجئ الأب بأحد سكان العمارة التي يحرسها يناديه، "افتح التليفزيون بسرعة حادثة وزير الداخلية وقصة فارس بتتعرض" ليهرول الأب حجازي نحو التلفاز واجتمعت الأسرة كلها أمام شاشته في لحظات موجهة، "حسينا كإن شريط أحداث اليوم بتعدي قدام عنينا من جديد".

يتذكر الأب، الذي جاء من محافظة المنيا بحثا عن لقمة العيش، يوم الحادث، حين غاب طفله ساعات طويلة منذ أن خرج صباحا من البيت، حالة من القلق سيطرت عليه لعدم معرفة صغيره الشوارع كلها بخاصة بعد معرفته بوقوع الحادث بالقرب منهم، فخرج بحثا عن طفله يسأل أصحاب المحال، فإذا بصاحب إحدى الصيدليات القريبة يخبره بأن طفله أصيب بخدوش بسيطة وتم نقله مع مصابي الحادث، "مقاليش الحقيقة قالي يا دوب اتصاب خفيف ومعرفناش نوصل لاسم المستشفى إلا المغرب"، بحسب تعبير الأب.

كل ذلك يدور من حوله لم يشعر بفارس بأي شيء بعد أن سقط مغشيا عليه من هول الصدمة وشدة الانفجار، لم يتذكر أي شيء من المشهد الحزين إلا صراخ الناس والآلام المبرحة التي فقد من شدتها الإحساس بقدمه اليسرى المصابة، بحسب وصفه.

بعد ساعات من القلق وصل الأب المنياوي أخيرًا إلى المستشفى التي يرقد بها صغيره، يسأل الأطباء يمينا ويسارا من حوله بأي طابق يجلس ابنه، حتى أخبره أحد العاملين بأنه يتم تجهيزه لدخول غرفة العمليات لإجراء عملية بسيطة، "خبوا عليا الحقيقة"، حتى أجرى فارس عملية بتر لمشط القدم اليسرى الذي أكلته النيران وشظايا الانفجار.

قرر الأطباء بتر مشط القدم اليسرى لفارس بعد فشل المحاولات لعلاجها

خرج الصغير من غرفة العمليات بعد أن فقد جزء من جسده بمشرط الطبيب الذي لم يجد حلا إلا البتر لمشط القدم، ظل خاضعا لتأثير البنج من حوله فترة، وهنا اضطر الأطباء لكشف الحقيقة لوالده، "من الصدمة مكنتش عارف أقول إيه قولتلهم هاتوا لحم ابني أدفنه بس طبعا من شدة الانفجار كل حاجة مكنش ليها أثر".

ببطء شديد بدأ فارس يفتح عينيه في لحظات يستوعب بها ما يحدث من حوله ولماذا جاء إلى المستشفى، وبينما بدأ يسترجع ما وقع بالصباح كان والده والأطباء من حوله يمهدون له ما حدث بقدمه اليسرى، لم يستوعب عقله الطفولي حجم المعاناة التي ستقابله في مستقبله بعد ذلك وما كان منه إلا أن رد عليهم ببراءة بقوله، "الحمد لله على كل حاجة".

ثلاثة أشهر كاملة قضاها الصغير في المستشفى لاستكمال العلاج، فهو لم يصب في قدمه فقط بل بحروق في جسده، إلى جانب العلاج النفسي الذي أقره له الأطباء، وبعد خروجه سافرت به أسرته إلى محل إقامتهم الأصلية بالمنيا كنوع من التغيير ودعمه نفسيا، وخضع بعدها للعلاج النفسي لمدة 3 شهور، بعد أن رفض الحديث وتدهورت حالته النفسية فترة علاجه بالمستشفى.

فارس: مشوفتش الشارع ده تاني ولا قربت منه من بعد الحادثة

عملية أخرى خضع لها فارس بعد الأولى التي أجريت له يوم الحادث، ومن بعدها لم تعد الحياة لطبيعتها للمراهق الذي اضطر إلى ترك دراسته لعدم قدرته على الحركة وعدم قدرة والده على تحمل نفقات الطرف الصناعي أو الحذاء الطبي، "شركة مشهورة اتبرعت لينا بجزمة طبية بعد الحادثة بس مقاس رجله اتغير مبقتش تنفعه ومن بعدها مش عارف يمشي"، حسب وصف الأب.

الحادث لم يغير حياة فارس وحده، بل تركت أسرته المكان الذي كانت تقيم به بأحد عمارات مدينة نصر، وبعد شهور عاد الأب من المنيا ليبحث عن عمل جديد حتى وجد فرصة في إحدى عمارات مدينة السادس من أكتوبر، أما المراهق ضحية الإرهاب لم تر عينيه الشارع الذي انفجرت به القنبلة منذ اللحظة التي غادره فيها، "مقربتش من الشارع ده تاني ولا روحت المكان ده من يومها"، حسب وصفه.

أحداث المسلسل التي أثارت مشاعر الحزن من جديد على الصغير وأسرته، دفعت فارس إلى تذكر معاناته مع عدم قدرته على السير وبقائه في المنزل دائما، متمنيًا مساعدته بطرف صناعي أو حذاء طبي يناسب حالته ومورد رزق ثابت لوالده الذي يعمل حارسًا للعقارات براتب لا يتجاوز الألف جنيه، "الحادثة غيرت حياتي أنا وأهلي وعمري ما بنساها".


مواضيع متعلقة