مسجد الوداع في المنيا.. عمره 528 عاما وتكثر فيه صلوات الجنائز

مسجد الوداع في المنيا.. عمره 528 عاما وتكثر فيه صلوات الجنائز
كان الأهالي يصلون على المتوفى، ويودعونه داخل المسجد قبل العبور به من النيل إلى الجانب الشرقي، ففي قلب مدينة المنيا، وبالقرب من كورنيش النيل، يقع أشهر مساجد المحافظة وأعرقها تاريخًيا، وأجملها بناء.. إذ نجد مسجد "العُمري" أو كما يطلق عليه المواطنون مسجد "الوداع" ويعرف بين الأثريين باسم "العمراوي".
بُني مسجد الوداع في عام 843 هجريًا - 1439 ميلاديًا، وفقا لما جاء في المرسوم الضريبي من عصر السلطان "جقمق"، وهو الظاهر سيف الدين جمقمق (1373 - 1453) أو جمقمق العلائي الظاهري سيف الدين أبو سعيد، سلطان من المماليك البرجية، تولى حكم مصر في الفترة من 842 هـ إلى 857 هـ (1438 - 1453). وهو الرابع والثلاثون من ملوك الترك، والعاشر من ملوك الشراكسة.
وكان يطلق عليه اسم مسجد الوداع لكثرة صلاة الجنازة به، إذ يقع المسجد بالقرب من النيل، تشعر مع أول نظرة للمسجد أنك تعود بالزمان إلى الوراء لمئات السنين، فتصميمه القديم والفريد من نوعه، يجذب الانتباه في زمن لا يعرف إلا التكنولوجيا، وزخرفة حوائطه من أعلى بشكل انتهى منذ قرون عديدة، بالإضافة لمئذنته التي تشبه القلم، كل ذلك يجعلك تقف أمامه وتريد أن تعرف المزيد عن ذلك المسجد.
تم بناء مسجد الوداع على نمط المساجد الإسلامية الأولى، فيقع بابه الرئيسي بناحيته الغربية، وعند الدخول نجد أنه يتكون من صحن أوسط مكشوف، تحيط به 4 أروقة، أكبرها رواق القبلة وبه ملحقات مثل المقصورة والمئذنة ودورات المياه، وتحتوي واجهته على صفين من النوافذ، وجميعها على يمين المدخل الرئيسي، بجانب صف من الشرفات المسننة.
أبرز ما يميز المسجد كذلك أنه غير منتظم الأضلاع، فنجد رواق القبلة يمثل مستطيل صغير، يتعامد على مستطيل أكبر يمثل الصحن والأورقة الثلاثة، إضافة إلى أن أرضية المسجد منخفضة عن الشارع لإرتفاع منسوب الشوارع من حولها.
وتتكون مئذنة المسجد من 3 طوابق، الأول منها مربع الشكل وبه دورة خشبية، ثم الطابق الثاني مثمن الشكل، ثم الطابق الثالث مثمن الشكل ويعلوه 4 قوائم.
بالانتقال إلى الواجهة البحرية، يتوسطها المدخل الشمالي، ويوجد بتلك الواجهة مستويين من النوافذ، في كل من المدخل 3 نوافذ مستطيلة، يعلو كل منها دخلة مستطيلة بها نافذتان معقودتان.
وعند الدخول إلى الجهة الشرقية للمسجد نجد أنها قسمت لجزئين، أحدهما خاص بالرواق الشرقي، وبه 4 دخلات مستطيلة أعلى الواجهة، والأخرى خاص بالمقصورة، أما عن الناحية الجنوبية، فهي تمثل واجهة رواق القبلة والمقصورة، ويوجد برواق القبلة 3 مستويات من النوافذ، ويوجد بالسفلى3 فتحات مستطيلة يعلو النافذة الشرقية والغربية دخلة مستطيلة، وفي كل جانب نافذتين مزخرفتين بعقود مدببة.
وما يدل على تقدم فن العمارة في العصر المملوكي، وحرص القائمون على المساجد لمعرفة مواقيت الصلاة في موعدها المحدد، نجد ما يسمى بـ "المزولة" والتي تقع في الصحن المكشوف بالمسجد، وهي أداة توقيت نهاري، لا تتعدى كونها قطعة رخام يبلغ طولها 30 سنتيمتر تقريبًا، وعليها عدة خطوط بها نقاط، يتوسطها عصا أفقية يتحدد موعد كل صلاة من طول ظلها الناتج عن وقوع أشعة الشمس على كل خط منها.