"ليالينا 80".. يا روايح الزمن الجميل "هفهفي"

"ليالينا 80".. يا روايح الزمن الجميل "هفهفي"

"ليالينا 80".. يا روايح الزمن الجميل "هفهفي"

نال مسلسل «ليالينا 80» إشادات واسعة من قبل الجمهور والنقاد، خاصة أنه يعيد المشاهد إلى فترة من الزمن الجميل، حيث نقل المخرج أحمد صالح من خلاله ملامح وجمال القاهرة فى فترة الثمانينات، من محلات وسط البلد، وجروبى والسيارات وموديلاتها فى تلك الفترة، بالإضافة إلى ملابس الممثلين والديكورات، وذلك من خلال قصة اجتماعية تعتمد على النوستالجيا فى سرد أحداث فترة من الماضى. وتدور القصة حول حياة «هشام» الشخصية التى يجسدها إياد نصار، الذى يعود إلى مصر بعد فترة عمل بالخليج، وتتغير حياته بعد حادث سيارة تتعرض له ابنته «جميلة»، ويبدأ فى ملاحظة ما لا يعلمه عن زوجته مريم التى تجسدها «غادة عادل»، ومع تصاعد الصراعات والأحداث طوال الحلقات، يتم رصد الحياة الاجتماعية فى هذه الفترة.

«ليالينا 80» من بطولة إياد نصار، وغادة عادل، وصابرين، وخالد الصاوى، ومحمد الشقنقيرى، ونهى عابدين، وميدو عادل، ومحمد على رزق، وهاجر الشرنوبى، ونورهان، ومحمد رشاد، ومنة عرفة، ومن تأليف أحمد عبدالفتاح، وإخراج أحمد صالح، ومن إنتاج تامر مرسى.

أحمد عبدالفتاح: ملحمة مكونة من 3 أجزاء نعمل من خلالها على تشريح الشخصية والمجتمع المصرى

من جانبه، قال مؤلف العمل أحمد عبدالفتاح: «مشروع ليالينا مختلف عما قدمته من قبل، فهو عبارة عن ملحمة مكونة من 3 أجزاء متصلة، نعمل من خلالها على تشريح الشخصية المصرية، والمجتمع المصرى وتغيراته بدءاً من الثمانينات حتى الألفينات».

وأضاف «عبدالفتاح» لـ«الوطن»: «فترة الثمانينات من أصعب الفترات التى مرت على مصر، فتوغلت فيها الأحداث السياسية، سواء من اغتيال الرئيس السادات وظهور الإرهاب وغيرها من الأحداث الاجتماعية، وأننى لدىّ رغبة فى إبراز صور تطور الشخصية المصرية والشارع المصرى والحارة بشكل عام، والتغيير الذى طرأ عليها».

وتابع حديثه: «بعد أن تحدثت معى الشركة المنتجة سينرجى، عقدنا جلسات تحضيرية مع المخرج أحمد صالح وفريق العمل»، وأضاف «عبدالفتاح»: «كانت مرجعيتنا الأساسية معتمدة على أفلام الثمانينات، فهى مرحلة صعبة لأنها لم تظهر كثيراً، فخروج المسلسل كان تحدياً بالنسبة لى»، وبشأن الصعوبات التى تعرض لها أوضح: «المرحلة الزمنية من الأشياء الصعبة التى مرت علينا خلال المسلسل، لأنها فترة تحتاج إلى تركيز فى كل تفصيلة، سواء كانت كبيرة أو صغيرة».

بينما تميزت موسيقى مسلسل «ليالينا 80» بخلق حالة من «النوستالجيا» التى تناسب الحالة العامة لأحداث المسلسل والتى تدور فى حقبة الثمانينات، وقد استعان الموسيقار هانى مهنى بصوت المطربة وردة الجزائرية بأغنية «ليالينا» الشهيرة والتى قدمتها بنهاية فترة السبعينات وكانت من ألحان بليغ حمدى، لتكون مقدمة المسلسل.

وأكد الموسيقار الكبير أن مشاركته لتأليف الموسيقى التصويرية الخاصة بالمسلسل جاءت بعد قراءة السيناريو، وإعجابه به لأنه يتناول حقبة زمنية هامة فى تاريخ مصر وهى الثمانينات موضحاً أنه شاهد على تلك المرحلة وقد عايشها.

وأوضح «هانى» لـ«الوطن» أنه وجد أن المسلسل يتحدث عن حالة اجتماعية ووطنية هامة فى تاريخ مصر ما شجعه على الموافقة حينما طلبت منه شركة «سينرجى» وضع الموسيقى التصويرية، وأكد أن المسلسل سيقدم منه أجزاء أخرى متتابعة تتحدث عن مراحل أخرى، مثل التسعينات والألفية الجديدة، تستكمل ما قد بدأ فى الجزء الأول «ليالى 80».

واستكمل الموسيقار هانى مهنا بأنه شعر بأهمية أن يكون اسم الموسيقار بليغ حمدى على تيتر المسلسل ويتم الاستعانة بموسيقى إحدى أغنياته الشهيرة وهى أغنية «ليالينا» وأضاف«مهنى» أن بليغ حمدى يعتبر من أهم الموسيقيين الذين طوروا الموسيقى فى مصر وكان له دور بارز فى أواخر السبعينات وبداية الثمانينات بموسيقاه وأغنياته الخالدة التى ميزت تلك الفترة، لذلك قام بالاستعانة بموسيقى الأغنية برؤية جديدة.

وتابع حديثه: «استعنت بصوت الفنانة وردة الجزائرية أولاً لأنها تعتبر رمزاً لتلك الفترة والمرحلة التاريخية، كما أن الأغنية تحمل اسم المسلسل نفسه»، وأكد «مهنى» أنه سعيد جداً، حيث إن موسيقى المسلسل أدخلت المشاهد فى الجو العام الذى تدور به أحداث العمل الدرامى، والتى تدور فى حقبة ثمانينات القرن الماضى بما تحمله من قضايا اجتماعية أثرت فى المجتمع المصرى بشكل عام.

بينما قالت الناقدة الفنية ماجدة موريس، إن الناس دائماً بـ«تحن» إلى الماضى ويأخذها الحنين إلى أى زمن فات، وتحرص على متابعة الأعمال الفنية التى ترصد أيام زمان، بعاداته وتقاليده، ومشاكله، ومميزاته وعيوبه، وطريقة الكلام، والصراعات، والموضة وقتها.

وأضافت «موريس» أن الناس «تفرح» بمشاهدة «القديم» فى العصر الحديث، والوقوف على تفاصيل الحياة فى هذا الزمن، متابعة: «ليس كل ما هو قديم يعد مميزاً، وليس كل ما هو جديد يعد سيئاً، ولكن كل زمن له حلاوته، ولذلك فإن المشاهدين تكون لديهم رغبة فى العبور برحلة زمنية ومعرفة ماذا كان يحدث، حتى يصلوا لمرحلة التطور التكنولوجى، والزمن الحقيقى الذى يعيشونه، لتمتزج النوستالجيا مع الواقع».

واستطردت «موريس»: الرهان على «الحنين» فى الدراما دائماً بـ«بيكسب»، بشرط وجود الفكرة الجيدة وطريقة التناول والعرض، مشيرة إلى وجود مسلسلات تناولت «أيام زمان» بشكل ناجح، وكان لها مردود إيجابى مع الشارع: من بينها مسلسل «ذات» للفنانة نيللى كريم، الذى يعد من أقوى الأعمال الدرامية التى تناولت العلاقات الاجتماعية فى مراحل زمنية مختلفة، من خلال سيناريو محكم، وإخراج جيد، وديكور وملابس، أعطت لهذا العمل رونقاً خاصاً، وزادته جمالاً، وبالتالى سمّع مع الناس.

بينما قال الناقد محمود قاسم: «عندما بدأت الحلقات الأولى من المسلسل، شعرت بأننا انتقلنا إلى فترة زمنية لن تتكرر فى تاريخ مصر، متمثلة فى الشوارع النظيفة، وصفاء النية والأخلاق لدى الشعب المصرى، وهذا ما يحتاج له الجمهور فى الوقت الحالى، بأن يشاهد عملاً درامياً يريح النفس بعيداً عن الصراعات والأحداث المأساوية والأكشن، ففكرة العودة إلى زمن قديم دائماً تنال إعجاب الجمهور بصورة كبيرة».

وأضاف «قاسم» لـ«الوطن» أن «ليالينا» دخل فى رهان منذ بداية العرض، وتميز أداء إياد نصار بالحرفية الشديدة، وقال أيضاً إن المسلسل يعتبر عودة قوية للفنانة غادة عادل بعد غياب سنوات، واستكمل: «المسلسل به بعض الوجوه الشابة التى تستحق الإشادة، منها رنا رئيس ومنة عرفة، فضلاً عن أن المخرج أحمد صالح استطاع أن يوظف إمكانيات كل ممثل فى مكانها الصحيح، وسرد الحياة فى الثمانينات بمنتهى السلاسة».

وقال الناقد أندرو محسن إن الجمهور بشكل عام، صار يبحث عن الأعمال الفنية التى تدور أحداثها فى فترات زمنية بعيدة، وهناك أعمال تناولت بعض الفترات فى المائة عام الأخيرة، لعل أبرزها والتى نجح فى لفت انتباه المُشاهد، مسلسل «جراند أوتيل»، وظهر بعدها «ليالى أوجينى» و«أهو ده اللى صار» و«حواديت الشانزلزيه»، موضحاً أن «ليالينا 80» يُعد حالة جديدة كونه يتناول فترة مُختلفة، التى تبدأ أحداثها مع بداية الثمانينات من العام الماضى.

وأوضح «أندرو» أن الجمهور يكون لديه شغف، برصد التفاصيل فى هذه الفترة، وأوضاع الحياة وسلوكيات الناس بصفة عامة آنذاك، لافتاً إلى أن «ليالينا 80» به بعض الملاحظات، منها غياب الموضوع الذى يخدم فكرة المسلسل: «كان يجب اختيار موضوع وليس الاكتفاء برصد تغيرات المجتمع فى تلك الفترة، فلم يظهر فى الحلقات الخمس الأولى من المسلسل، ما يخص هذه الفترة الزمنية»، لافتاً إلى أن الأحداث السياسية فى المسلسل، ليست مؤثرة بشكلٍ ملحوظ، لا سيما مشهد اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فضلاً عن الإفراط فى العناصر البصرية، التى يستعين بها المُخرج للتأكيد أن الأحداث تدور فى فترة الثمانينات: «هناك اهتمام بالديكور على حساب الدراما نفسها».

وتابع أن أحداث المسلسل تحتوى على مأساويات ضخمة وهناك مبالغة بهذا العنصر: «البكاء على كل شخصية لفترات طويلة للغاية.. الفنانة صابرين تُصرخ بشكل مبالغ فيها.. فقد علم الجمهور من الحلقة الأولى أن حياتها مأساوية لكن ليس من الطبيعى أن تدخل فى نوبات حزن وصراخ طوال الوقت، الأمر ذاته مع خالد الصاوى الذى جسد أكثر من مشهد للتأكيد على حبه ووفائه لزوجته، والذى تبين أنها متوفاة، فأعتقد أن مشهداً واحداً مثل شرائه وروداً لها، كان كافياً ويخدم الهدف، دون داعٍ للتطويل».

وأشار إلى أن ارتباط الجمهور بالأعمال الفنية التى تعود إلى الماضى وترصد فترات زمنية مختلفة، ليست ضماناً للنجاح، أو بقائها فى ذاكرة الجمهور لوقت طويل، فالرهان على الزمان لا يضمن النجاح.

بينما قال الناقد الفنى أيمن الحكيم، إن مسلسل «ليالينا»، أهم ما يميزه هى فكرة الحنين والعودة إلى الماضى، وهو يتوافق مع طبيعة المصريين وثقافتهم التى دائماً ما تحن إلى أيام زمان، والفترات الزمنية التى عايشها البعض، سواء فى طفولتهم أو شبابهم، وإحداث تماس مع ذكرياتهم بـ«حلوها ومرها»، بحسب قوله.

وأضاف «الحكيم» أن الحديث عن «النوستالجيا» فى الفن، تعد من الأفكار المضمونة بالأعمال الدرامية: «الناس بتهرب من الواقع، أو من عالم التكنولوجيا، وتعود إلى الزمن القديم، وتستمتع بمسلسلات تتحدث عن فترة زمنية معينة، بأهم أحداثها، والاستمتاع بملابسها، وديكوراتها، وموسيقى وغناء ومطربى هذه المرحلة».

وقال «الحكيم» إنه دائماً ما يراهن على الفنان إياد نصار، وذكائه وقدرته على تقديم موضوعات هادفة، فضلاً عن أدائه المتميز وقدرته على توصيل إحساسه للمشاهدين: «فنان تقيل، وتمثيله قوى، ومش بيعمل أى حاجة والسلام»، واستكمل «الحكيم» أن من معايير نجاح مسلسل «ليالينا»، أنه يضم مجموعة من الفنانين القادرين على تطويع أدائهم، ويأخذون المشاهد معهم إلى الفترة الزمنية التى يتم تناولها بالعمل.

واستكمل «الحكيم»: «من بين هؤلاء الممثلين، الفنان خالد الصاوى، فهو فنان له ثقله ووزنه، وقادر على أن «يخطف» المشاهد معه إلى عالمه الذى يجسده على الشاشة، كذلك الفنانة صابرين، وهى من الفنانات المتميزات التى لم تأخذ حقها حتى الآن بالرغم من تمكنها الشديد، وأضاف: «وأى حد بيفهم تمثيل، لازم يتابع هؤلاء الفنانين أينما حلوا، لأنه بالتأكيد سيحصل على عمل جيد ممتع».


مواضيع متعلقة