طبيب مصرى يبتكر تقنية حديثة لرؤية البنكرياس بشكل ثلاثى الأبعاد

كتب: نورهان السبحي

طبيب مصرى يبتكر تقنية حديثة لرؤية البنكرياس بشكل ثلاثى الأبعاد

طبيب مصرى يبتكر تقنية حديثة لرؤية البنكرياس بشكل ثلاثى الأبعاد

مرض السكر من الأمراض المزمنة والمنتشرة عالمياً، ونسبة المصابين بالمرض فى ازدياد، فطبقاً لأحدث الإحصائيات يوجد نحو 382 مليون مصاب بالسكر على مستوى العالم، منهم 7.5 مليون مريض فى مصر، الأمر الذى يجعل مصر فى الترتيب التاسع عالمياً، كما أنه متوقع أن تزيد نسبة الإصابة فى مصر بحلول 2030 لتصل إلى 12.4 مليون مصاب، وحينها ستصبح مصر فى المركز الثامن عالمياً، ولذلك فالأطباء فى سباق مستمر لتطوير سبل العلاج وإيجاد تقنيات حديثة تساعد على التعامل الأمثل مع المرض. وأحدث هذه التقنيات تقنية ابتكرها طبيب مصرى مقيم فى الولايات المتحدة الأمريكية تمثل ثورة فى مجال مرض السكر، حيث توصل إلى اكتشاف تحليل ثلاثى الأبعاد للجزر الداخلية للأوعية الدموية، وهذه التقنية تعرض البنكرياس بشكل ثلاثى الأبعاد، وهى البنية الأولى لعلاج مرض السكر. ومن أجل فهم هذه التقنية ومعرفة فوائدها وكيفية اكتشافها، حاورنا د. يوسف الجوهرى، زميل الأبحاث الجراحية لطب الأطفال بمستشفى بيسبرج للأطفال بالولايات المتحدة الأمريكية. ■ بداية، كيف توصلت لابتكار هذه التقنية؟ - لكى أرد على هذا السؤال يجب أولاً أن أنوه إلى أن خلايا بيتا التى تفرز الأنسولين وتتحكم فى نسبة السكر فى الدم توجد داخل غدة البنكرياس الموجودة داخل البطن فى مكان خلف أنسجة الغشاء البريتونى وتمثل 2% من كتلة البنكرياس، ولكى يمكن دراسة كيفية عمل خلايا بيتا كان من الضرورى معرفة حجم وشكل خلايا بيتا داخل جسم المريض ومن ثم معرفة الخلل الذى منعها من العمل بصورة طبيعية. والوسائل المتاحة حالياً تعطى تفصيلات باهتة وغير دقيقة ولا يمكن الاعتماد عليها لفهم طريقة عمل غدة البنكرياس ولا حجم الضرر الذى أصابها، وقد دفعتنى هذه الصعوبات إلى إيجاد طريقة سهلة وغير مكلفة وتعطى صورة دقيقة لخلايا بيتا، وعلى مدى عشرة أشهر من العمل الدؤوب والشاق ومحاولات غير ناجحة وفقنى الله لاختراع طريقة سهلة وغير مكلفة وتعطى صورة فى غاية الوضوح لخلايا بيتا. ■ ما الدافع وراء هذا الابتكار؟ - أحب أن أذكر مقولة أينشتين: «أنا لا أملك موهبة فذة ولكنى ببساطة شغوف باكتشاف المجهول»، وأنا لست أول من حاول فك طلاسم مرض السكر، فعلى مدى التاريخ المقروء كانت هناك محاولات عدة بدأت بقدماء المصريين ثم الإغريق الذين أعطوا وصفاً إكلينيكياً لطبيعة المرض، حتى جاء العالم الألمانى بول لانجرهانز الذى كان أول من اكتشف هذا التجمع من الخلايا داخل البنكرياس عام 1869، التى حملت فيما بعد اسمه المعروف والمرتبط بخلايا بيتا، ثم جاء الطبيب جوزيف فون مريج فى عام 1889 الذى بيَّن أن إزالة البنكرياس من الجسم يسبب مرض السكر، ومن ذلك الوقت عرفنا الدور المهم الذى يقوم به البنكرياس لتنظيم نسبة السكر فى الدم. أما التفكير فى كيفية علاج السكر عن طريق استخلاص خلايا البنكرياس فجاء عامى 1921 و1922 عندما تم حقن عصارة البنكرياس أولاً فى الحيوانات ثم فى الإنسان، وقد سميت هذه العصارة فيما بعد بالأنسولين. ورغم أن الأنسولين لا يعالج المرض من جذوره ولكن يعالج ارتفاع السكر فى الدم، فإنه يعد واحداً من أهم عشرة اكتشافات فى تاريخ البشرية لأنه أنقذ حياة الملايين من البشر. والأرقام تبين أن 336 مليون شخص مصابون بمرض السكر فى العالم، وأن نسبتها فى مصر نحو 11% وتبلغ نسبته فى بعض الدول 24%، ولهذا كان هناك اهتمام عالمى لإيجاد حل جذرى يعالج المرض وليس فقط ارتفاع نسبة السكر فى الدم، فأنا واحد من سلسلة باحثين شغوفين لإيجاد حل يعطى ملايين البشر أملاً فى شفاء دائم. ■ هل يمكن شرح هذه التقنية بصورة مبسطة كى يستطيع فهمها المرضى العاديون؟ - تعتمد التقنية الجديدة على عرض البنكرياس بشكل ثلاثى الأبعاد، الذى يعد طفرة فى رؤية البنكرياس. فكان من الصعب الحصول على رؤية كاملة للبنكرياس بأنسجته المقسمة عن طريق صورة ثنائية الأبعاد، وكانت التجارب السابقة لرؤية البنكرياس بشكل ثلاثى الأبعاد تستخدم تقنيات غاية فى التعقيد، وبالإضافة لذلك كانت هذه التقنيات إما قاصرة على عرض خلايا البيتا المنتجة للأنسولين أو على جزر الأوعية الدموية. ولكن من خلال هذه التقنية أصبح من اليسير وجود صورة مجمعة للخلايا المنتجة للأنسولين، ولجزر الأوعية الدموية الدقيقة، وللجلوكاجون، وللخلايا العصبية، سواء كاملة أو فى مجموعات مختلفة، ومن ثم فهى قادرة على تصوير العلاقة بين القنوات والأوعية الدموية والخلايا العصبية والغدد الصماء والغدد ذات الإفراز الخارجى فى البنكرياس السليم والمريض على حد سواء. ■ ما فوائد التقنية الجديدة؟ - منذ اكتشاف الأنسولين فى 1921 والعلماء فى حيرة ولا يعلمون الكيفية التى تعمل بها خلايا بيتا التى تمثل أقل من 2% من البنكرياس ولا كيفية تحفيزها لإنتاج خلايا أكثر تفرز كميات مناسبة من الأنسولين، وهم أيضاً لا يعرفون لماذا تتلف هذه الخلايا عند مرضى السكر. ولكى نفهم طبيعة عمل هذه الخلايا كان لا بد من عمل تصوير ثلاثى الأبعاد لطبيعة هذه الخلايا، ومن ثم عمل الدراسات التى تبين طريقة عملها وكيفية تحفيزها ومعرفة أسباب فشلها، وحتى قبل اكتشاف اختراعى الجديد كان العلماء يستعملون طرقاً معقدة ومكلفة وتعطى فى النهاية صورة باهتة وتفصيلات غير محددة المعالم لهذه الخلايا، حتى وفقنى الله بعد محاولات كثيرة وجهد دائب إلى أن أقدم للبشرية تصويراً ثلاثى الأبعاد بجودة يمكن مقارنتها بالتعبير الطبى الفرق بين صورة أشعة إكس والتصوير المحورى الذى أسهم فى تشخيص الأمراض بدقة عالية، أى إن اكتشافى هذا قد فتح عيون العلماء على تقنية عالية الجودة قليلة التكاليف تمهد الطريق لفهم طريقة عمل خلايا بيتا، ومن ثم إيجاد الطرق لتحفيزها ومعرفة أسباب فشلها، أى إننا وضعنا البنية الأولى لعلاج المرض وليس الأعراض. ■ هل ستساعد هذه التقنية فى علاج الحالات المتأخرة من مرضى السكر؟ - هذا الاكتشاف هو فتح جديد للعلماء لكى تتضافر الجهود لفهم طبيعة عمل خلايا بيتا من خلال تقنية فائقة الجودة وليس من خلال أشباح غير محددة وإيجاد سبل التحفيز ومنع أسباب الفشل، فهى لبنة أولى ومن غيرها لن تكون هناك سبل للبحث والمعرفة، ونحن بصدد تطوير البحث لمعرفة كيفية إنتاج خلايا بيتا من مصادر سهلة، ومن ثم إيجاد الشفاء الحقيقى لهذا المرض. ■ هل هذه التقنية متوافرة فى مصر؟ - طبعاً التقنية منشورة فى مجلات عالمية، وأنا أحب أن أقدم خبرتى فى هذا المجال لمن يحتاجها من علماء مصر وباحثيها.