حفصة بنت عمر .. زوجة النبي في الدنيا والآخرة

حفصة بنت عمر .. زوجة النبي في الدنيا والآخرة
هي أم المؤمنين حفصة بنت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، تزوجها رسول الله سنة ثلاث على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة، وقيل: سنة اثنتين، وكانت قبله عند خميس بن حذافة، فمات بجراحات أصابته في بدر.
وكانت ولادة حفصة قبل النبوة بخمس سنين، وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لما تأيمت حفصة من خنيس لقيت عثمان بن عفان رضي الله عنه فعرضت عليه حفصة، فقال: سأنظر في ذلك، فلبثت ليالي، فلقيني فقال: ما أريد أن أتزوج يومي هذا، قال عمر رضي الله عنه فلقيت أبا بكر له فقلت له ما قلت لعثمان، فلم يرجع علي شيئا، فكنت أوجد عليه مني على عثمان، فلبثت ليالي فخطبها صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين لم أرجع عليك شيئاً؟ فقلت: نعم. قال: ذاك لأني سمعت رسول الله، يذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو تركها لنكحتها، أخرجه البخاري، كذا في كتاب "شرح ذات الشفا" وذكر في "المعالم".
ووقع خلاف بينها وبين مارية جارية النبي، فبكت وشكت للنبي فقال لها النبي: "هي علي حرام فلا تخبري بهذا امرأة منهن"، فلما خرج صلى الله عليه وسلم أخبرت حفصة عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم حرم على نفسه مارية، وذلك قوله تعالى: (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير) فعند ذلك طلق النبي حفصة رضي الله عنها، فلما بلغ عمر رضي الله عنه قال: لو كان خيراً في آل الخطاب ما طلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء جبريل للنبي وأمره بمراجعتها، وقيل: إن جبريل نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له: (راجع حفصة فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة) .
ولم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم من حفصة بعد ذلك شيئا يسوءه حتى انتقاله للرفيق الأعلى، واكتوت حفصة مع زمرة الأبرار الأخيار بوفاته صلى الله عليه وسلم، وكان حزنها على فراقه بالغا وشديدا، ثم عاشت عهد الصديق أبي بكر، ثم عهد أبيها عمر، وقد فجعت للمرة الثانية بمقتل أبيها عمر- رضي الله عنه- ولم تجد من الوحدة سبيلا غير الاعتكاف للعبادة وذكر الله، فبقيت في المدينة حتى توفيت وكان ذلك في عهد معاوية بن أبي سفيان، فرضي الله عنها وأرضاها.
وتوفيت حفصة، رضي الله عنها في شعبان سنة خمس وأربعين بالمدينة، وعمرها ثلاث وستون سنة. وصلى عليها مروان بن الحكم، أمير المدينة يومئذ، وحمل سريرها، وحمله أبو هريرة، ودفنت بالمدينة، وقيل: توفيت سنة إحدى وأربعين لما بويع معاوية بالخلافة.