«دراما رمضان بـ100 وش»

علا الشافعى

علا الشافعى

كاتب صحفي

تشهد دراما رمضان 2020 طفرة نوعية على مستوى الإنتاج تختلف عن السنوات السابقة، بل إن هناك روحاً مختلفة تسيطر على صناع الدراما المصرية، ويبدو هذا واضحاً من خلال الأعمال المعروضة على الشاشات المصرية المختلفة، ولدينا العديد من المسلسلات التى تستحق التوقف عندها لتميز عناصرها الفنية، وهو الأمر الذى يتأكد عاماً بعد الآخر حيث نجد نقلات حقيقية فى الديكور والتصوير والمونتاج والموسيقى التصويرية وغيرها، إضافة إلى التمثيل، سواء فيما يتعلق بالنجوم الكبار والمخضرمين والذين يمثلون «رمانة الميزان» فى العديد من الأعمال المعروضة. والقائمة تضم الكثير من الأسماء، منها عبدالعزيز مخيون، والقديرة إنعام سالوسة، وسلوى عثمان وبعض الوجوه الجديدة والنجوم الشباب.

ومع عرض الحلقات الأولى من المسلسلات المتنافسة لم تختلف الأعمال التى تصدرت السباق عن القائمة التى توقعناها، وهى (الاختيار، والنهاية، والفتوة، والبرنس، و100 وش، وليالينا 80).

ومن أوائل الأعمال اللافتة، مسلسل نيللى كريم «100 وش»، إذ نجحت نيللى مع آسر ياسين والمخرجة كاملة أبوذكرى والمؤلفين عمرو الدالى وأحمد وائل فى تقديم مسلسل متميز يشكل نقلة فى مشوار نيللى وكاملة واللتين تميزت أعمالهما معاً بداية من (ذات، وسجن النسا)، وكانت أعمالاً فارقة فى تاريخ الدراما المصرية، ولكن تجربة «بـ 100 وش» القائمة على سيناريو شديد ذكاء وحوار خفيف ومواقف درامية مبنية على المفارقات الكوميدية لا يوجد فيها أى مساحة للتصنع أو الإفيهات المستهلكة، (السيناريو لعمرو الدالى وأحمد وائل)، رسمت ملامح مختلفة لكل المشاركين فى العمل، وأثبتت «نيللى» أنها فنانة تستطيع تقديم مختلف الأدوار ويصعب تصنيفها، وآسر ياسين والذى يملك حضوراً خاصاً على الشاشة.

والحقيقة أن «آسر ونيللى» يشكلان ثنائياً رائعاً، أما المخرجة كاملة أبوذكرى أثبتت هى الأخرى أنها قادرة على إخراج الأعمال الكوميدية والتى تحتاج لإحساس مختلف وتفهم «الإفيه» والموقف الكوميدى متى تكون ذروته، وأيضاً مونتاج ذكى (لوسام الليثى) وهذا ما يتحقق فى المسلسل والذى ينافس وبقوة الأعمال الكوميدية المعروضة. ولا نبالغ إذا قلنا إنه يتفوق على الكثير منها، رغم أن نجوم هذه الأعمال هم «كوميديانات» بالأساس، ورغم أن «ثيمة» النصب والنصابين سبق وشاهدناها مراراً وتكراراً فى الكثير من الأعمال المصرية والأجنبية، مثلاً لا أحد فينا ينسى «عصابة حمادة وتوتو»، ولكن «100 وش» استطاع ومن خلال الكتابة الذكية والإيقاع السريع والمواقف القادرة على صنع البهجة، أن يتخطى بعض هذه الأعمال بمسافة، فنحن أمام بطلين يعملان فى النصب كل منهما ينتمى لشريحة اجتماعية مختلفة، والوالد هو سر عقدة البطلين: «سكر» تجسدها نيللى كريم التى تعيش فى بولاق هاربة هى ووالدتها وشقيقتها من المنصورة بعد أن قُبض على الأب فى واقعة سرقة وتوفى فى السجن واضطرار سكر للعمل فى «الكوافيرات» لتساعد أسرتها، والقصص الخيالية التى روتها الأم لجيرانها الجدد لتصنع تاريخاً زائفاً للأسرة، وهى المشاهد التى كان من الممكن أن تنقلب إلى دراما «تراجيدية»، ولكن تم صياغتها بشكل كوميدى قادر على انتزاع الضحكات، وسخرية «سكر»، حيث تحفز هذه الروايات مخيلتها فى النصب.

«نيللى» التى تميزت فى المشاهد التى صورتها وهى تعمل بالكوافير وعلاقتها مع الزبائن، وهى المشاهد التى جاءت سريعة ومعبرة عن حال الأسرة وتطور أحوال «سكر»، والإيقاع السريع والنقلات من خلال المونتاج المتوازى عندما نرى «سكر» وهى تنفذ إحدى عمليات النصب وترتدى ملابس غاية فى الأناقة وتتصرف كأنها تنتمى لشريحة اجتماعية أرقى بكثير من واقعها، نفس الحال بالنسبة لمشاهد «عمر» الشخصية التى يجسدها آسر ياسين بحرفية كان من السهل على «كاملة» وكاتبى السيناريو أن يقدموها كمشاهد درامية تجعلنا نبكى فنحن أمام «درية» أو «دورية»، كما جاء فى ورقة الطلاق والتى تجسدها سلوى محمد على، استغل زوجها حبها، وضعفها ناحيته وجردها من كل أملاكها، وهى الفتاة الأرستقراطية الساذجة التى تسكن حى الزمالك، وترتاد نادى الجزيرة، ويتركها مع ابنها المراهق فى الشارع فتعود لتسكن مع والدها والذى يتوفى ويترك لها شقته، «عمر» وهو يروى تلك المشاهد من وجهة نظره، وكيف كان يرى والده وهو يستغل والدته والتى صارت هى كل «عالمه». نجح «آسر» فى تجسيد هذه المشاهد بسخرية شديدة، فهو يسخر من نفسه ووالده والذى يصفه بأنه «أول واحد نصب عليه فى التاريخ»، وكيف أنه لم يجد نفسه فى الوظيفة وبدأ رحلته فى عالم النصب، إلى أن التقى «سكر»، فكيف سيكون شكل نصابة بولاق مع نصاب الزمالك؟ هذا ما سنشاهده فى الحلقات المقبلة، وحتى هذه اللحظة يظل «100 وش» من أفضل الأعمال الاجتماعية الكوميدية، التى تنافس بشدة فى السباق الرمضانى.