سناء جميل.. غول تمثيل

سناء جميل.. غول تمثيل
عندما يُذكر اسمها، على الفور تتحدث عن عظمة الفن، والأدوار الذي كانت تلعبها هذه السيدة على مدار مشوارها في عالم الفن، كانت "الضعيفة المنكسرة، القوية المتسلطة، الارستقراطية المتجبرة، الطيبة الحنون"، هي "سر الخلطة" التي كانت تبهرك طالما ظهرت أمامك على الشاشة، لتبقى سناء جميل، إحدى "أسطوات" التمثيل على مر الزمان.
عند ولادتها بمحافظة المنيا في مثل هذا اليوم 27 أبريل، أطلق عليها والدها اسم "ثريا"، ونشأت لأسرة قبطية متعلمة، حيث كان الأب يوسف عطا الله، يعمل محاميًا، ووالدتها كانت تحمل قدرًا من التعليم وتتحدث اللغة الأجنبية بطلاقة، ودرست "ثريا" بالمدرسة الفرنسية بالقاهرة بعد انتقال أسرتها للعاصمة، وكانت الصغيرة تقف على خشبة مسرح المدرسة، وتسلل عشقها للتمثيل إلى قلبها دون أن تخطط لذلك.
قررت دراسة فن التمثيل على أصوله، وقررت الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وقبل امتحان الاختبارات، واجهتها عقبة عدم إلمامها باللغة العربية، لا سيما وأنها اختارت مشهدًا من مسرحية لأمير الشعراء أحمد شوقي، ولكن وفقًا لطبيعتها التي لا تعرف المستحيل، "ذاكرت" المشهد جيدًا وكتبته بالفرنسية والتدريب عليه باللغة العربية، لفتت "كاريزما" سناء جميل، أساتذة المعهد، وبالفعل نجحت الشابة الصغيرة في اختبارات القبول، ولكن واجهتها عقبة أخرى، وهى موافقة ولي أمر الطالب، ونظرًا لرفض أسرتها عملها بالفن، قامت هى بالتوقيع لنفسها و "تقليد" توقيع ولى أمرها.
تميزت سناء جميل، بأنها صاحبة موهبة حقيقية، ولفتت نظر أستاذها عميد المعهد الفنان الكبير زكي طليمات، وهو الذي اختار اسمها الفني، لتأمينها وخوفًا عليها من عائلتها إذا ما اكتشف أمر امتهانها التمثيل، وكانت "سناء" إحدى عضوات الفرقة المسرحية التي شكلها "طليمات"، وعندما بدأت الصحافة وقتها تكتب عن هذه الفرقة وأعضاءها، انكشف أمرها، وغضبت أسرتها، ووصل الأمر إلى التبرأ منها والتخلي عنها.
كثيرون في حياة سناء جميل، وضعهم القدر أمامها إثر محنتها بعد طرد أسرتها لها، من بينهم الفنانون سعيد أبوبكر، سميحة أيوب، نعيمة وصفي، الذين ساندوها وساعدوها بشكل حقيقي، سواء بإيجاد سكن لها سواء في بيت الطالبات، أو مكانًا خاصًا بعد ذلك، أو تعليمها اللغة العربية بشكل صحيح، وكانت تحصل "سناء" على راتب من المعهد ومن الفرقة، كما لجأت للعمل في "الخياطة" لمساعدتها على المعيشة.
تألقت سناء جميل، على شاشة السينما بخطوات هادئة وواثقة، هى "نفيسة" في فيلم "بداية ونهاية" قصة نجيب محفوظ، وإخراج صلاح أبو سيف، الفتاة التي تعيش مع والدتها و3 أشقاء من الذكور، ونظرًا للفقر المدقع اتجهت لطريق فتيات الليل، الأمر الذي دفعها للانتحار بناء على رغبة شقيقها الضابط "عمر الشريف".
سناء جميل هى "الست حفيظة" في فيلم "الزوجة الثانية"، أمام صلاح منصور، وسعاد حسني، وتألقها اللافت النظر، وعبارتها الشهيرة "الليلة ياعمدة".
سناء جميل، الهانم الارستقراطية في فيلم "سواق الهانم"، أمام أحمد زكي.
وسناء جميل هى والدة أحمد زكي العجوز الطيبة في فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة".
وفي الدراما، كان للفنانة سناء جميل، علامات لا تنسى، هى "سلوى" التي تتعلق بذيل الاستقراطية وتتحدث اللغة الفرنسية بين حين وأخر بطريقة كوميدية في مسلسل "ساكن قصادي" للكاتب يوسف عوف والمخرج إبراهيم الشقنقيري.
سناء جميل هى "المعلمة فضة المعداوي"، في مسلسل "الراية البيضا" للمؤلف أسامة أنور عكاشة، والمخرج محمد فاضل، وعبارتها الشهيرة "ولا حمووووو.. التمساحة يلا".
في الوقت الذي كانت تعاني فيه سناء جميل، من مقاطعة أهلها وابتعادهم عنها بسبب عملها بالفن، كان القدر يخبئ لها طاقة من النور، لتعينها على صعاب الحياة، حيث جمعها بنصفها الأخر الكاتب لويس جريس، الذي وقع في غرامها من النظرة الأولى قبل أن يعرف ديانتها، واطمأنت له في اللقاء الأول، وتزوجا عام 1961.
سنوات طويلة عاشتها "سناء" في كنف حبيبها وصديقها وزوجها "لويس"، حتى رحيلها عام 2002، وكانت رغبتها دفنها بحضور أي من أهلها الذين انقطعوا عنها، وظل "لويس" المخلص لرفيقة دربه، محتفظًا بالجثمان 3 أيام، في انتظار وصول أي من عائلتها خصوصًا بعد إعلان خبر وفاة الفنانة الكبيرة في جميع وسائل الإعلام، ونشره نعيًا بذلك، ولكن لم يحضر أحد، واضطر إلى دفنها، باكيًا حزينًا على العمر الجميل الذي راح، ليلحق بها بعد عدة سنوات وبالتحديد عام 2018.