الشيخ خالد الجندي: هناك رجال قيّضهم الله لإنقاذ مصر

الشيخ خالد الجندي: هناك رجال قيّضهم الله لإنقاذ مصر
- الإخوان
- الجماعة الإرهابية
- أبو إسحاق الحوينى
- الحويني
- القوات المسلحة
- رمضان
- فيروس كورونا
- فيروس كورونا المستجد
- كورونا
- كوفيد19
- covid19
- خالد الجندي
- الإخوان
- الجماعة الإرهابية
- أبو إسحاق الحوينى
- الحويني
- القوات المسلحة
- رمضان
- فيروس كورونا
- فيروس كورونا المستجد
- كورونا
- كوفيد19
- covid19
- خالد الجندي
الشيخ خالد الجندى عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وأحد كبار فرسان الإصلاح فى العصر الحالى، آراؤه المنفتحة التحرّرية الرافضة للجمود والانغلاق على النفس مثيرة للجدل لكنه يراها ليست جلداً للذات ويعتبرها محاولة لوضع قدم على الطريق الصحيح، بعيداً عن الكهنوت الدينى وهالة القداسة التى صنعها البعض لنفسه.
عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية لـ"الوطن": لا يوجد عالم دين يختلف حول فرضية الحجاب
صنّفته جماعة الإخوان الإرهابية فى خانة الأعداء ووضعته على قوائم الاغتيال، بسبب رفضه القاطع لكل تصرفاتهم التى تستهدف تحقيق مصالحهم الشخصية أولاً، حتى لو على حساب مصر وشعبها.
«الوطن» التقت «الجندى» فى حوار مطول، أكد فى بدايته أن كورونا درس قاسٍ جداً، والله حمى مصر من الإخوان، وسيحميها من أى فيروس، منوهاً بأن هناك رجالاً قيّضهم الله لإنقاذ مصر، كما أن المشروعات العملاقة والإصلاح الاقتصادى وفرا الحماية للبلاد خلال أزمة الفيروس القاتل.
وهاجم «الجندى»، خلال الحوار، جمود المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر، مؤكداً أن كل دين يضع العراقيل أمام الإنسانية ويضيّق على الناس معايشهم، ليس هو الدين الذى يريده الله، لأنه من وجهة نظره إذا تعارضت مصلحة الإنسان مع الدين غلّب الله مصلحة البشرية على الأديان.
وطالب بوضع آراء مشايخ الأزهر وهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث على قائمة الشرح والتحليل، لأن هؤلاء علماء وليسوا «رجال الدين»، وبالتالى هناك ضرورة ملحة إلى تفكيك مؤسسة القداسة فى ذهن المتلقى وتدمير الكهنوت.
وأكد الشيخ خالد الجندى أن المؤسسات الدينية أسهمت فى صناعة الكهنوت الدينى بادعائها أن كل خطاب يصدر عنها هو الخطاب الشرعى، مشدداً على ضرورة أن ننفض عن الناس كلمة «الخطاب الشرعى»، ونستبدلها برأى دينى أو خطاب فكرى.
ووجّه «الجندى» انتقاداً لاذعاً للشيخ أبوإسحاق الحوينى ووصفه هو ومن على شاكلته بأنهم «كهنة» ينصّبون أنفسهم بشكل كهنوتى على الخطاب الدينى، كما أن فتاواه تسبّبت فى اشتعال حروب وتدمير أوطان وترمل النساء وتيتم أطفال واستشهاد أعداد كبيرة من رجال الجيش والشرطة، وطالبه بضرورة الاعتذار لمصر وللشعب المصرى بأكمله، وللشرطة والقوات المسلحة، وليس لتلاميذه الذين يرونه أعلم أهل الأرض على غير الحقيقة.. وإلى نص الحوار:
كيف ترى تحرّكات الدولة لمواجهة وباء كورونا؟
- نحمد الله أننا نتمتع بقرار رئاسى وحكومى، ولم يكن هناك رد فعل واحد فى الأزمة الراهنة، وإنما كل قرارات الحكومة والرئاسة كانت سابقة للأفعال، فالذى يفهم القرارات التى اتخذها الرئيس عبدالفتاح السيسى يدرك تماماً، أن هؤلاء الناس كما لو كان الله أطلعهم على الأمور المستقبلية، لأن المشاريع التى تم تنفيذها هى التى حمت مصر وتقف حائط صد مع الشعب فى هذه الأزمة، فالإصلاح الاقتصادى وتعويم الجنيه وتحرير سعر النفط، والمصانع الكبرى والمزارع السمكية والصوب الزراعية، وإصلاح الهيكل الإدارى والطبى وضبط منظومة الصحة بشكل كبير، جعل الأطباء هم سادة الملعب الآن، بخلاف إصلاح الطرق ومحاربة الفساد وأمور كثيرة لا تُعد ولا تحصى، ولولا هذا الإيقاع السريع الذى تنفّذه الدولة وتعاونها القوات المسلحة فى جميع أوجه الإصلاح والتعمير لكانت الأمور لا تُحمد عقباها.
البعض ينظر إلى وباء كورونا على أنه محنة شديدة.. كيف تراها؟
- كورونا درس قاسٍ جداً، لكنه منحة إلهية وله آثار إيجابية وسلبية، وهو كاشف لحقيقة النفوس الخربة، وكاشف لقلوب أهل المكر والحقد والغل والبخل، ومنشئ لعلاقات أسرية لم نكن نعلمها من قبل، فكورونا قام بالإصلاح بين العبد وربه، والإصلاح بين العبد ونفسه، وبين العبد والعبد، فالأمور انضبطت، حتى ميزانية الأسرة المصرية التى كان يتم إنفاقها فى أمور وسلوكيات استهلاكية مؤلمة توقفت، ولم يعد هناك مال يُنفق على البنزين الذى يُستهلك نتيجة خروجات إلى لا شىء، ولم تعد هناك جلسات على المقاهى، وتوافرت هذه الأموال للأسرة، وأصبحت حالة الإنفاق الآن تتناسب إلى حد كبير مع احتياجات الأسرة المصرية، والأمور الإضافية كانت تكبّد الأسرة أموالاً طائلة، واليوم توفرها الأسرة، ونجد اليوم التلاحم الاجتماعى بعد أن كانت الأسرة مفكّكة، فحدث الأمن القومى الاجتماعى، وأعتقد أننا سنكون على موعد مع أفضل وأخشع شهر رمضان منذ أن وُلدنا فى هذا العام.
أصحاب دعاوى الإفطار فى رمضان بسبب الوباء مفسدون.. والدعوة لإقامة صلاة الجماعة والاعتكاف فى المساجد انقلاب على الدولة والمجتمع
البعض تحدث عن إفطار شهر رمضان بسبب كورونا وهناك دعوات لإقامة صلاة التراويح بالقوة ومخالفة تعليمات الدولة.. كيف ترى ذلك؟
- بالنسبة لدعوة الإفطار فى رمضان، فالأزهر هو المنوط بإصدار الفتاوى ذات الشأن العام، ويجب أن يصمت كل شيوخ الأرض ويتكلم الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء، ومع ذلك لو قام الأزهر بإصدار الفتوى، فكل إنسان حر فى سلوكه، لكن لا يحتج بأن العلماء لم يبينوا الأمور، وليس له عذر، وإنما الأزهر لن يجرى وراء الناس ويزج بهم فى السجون، أما ما يتعلق بالدعوة إلى إقامة صلاة التراويح، والاعتكاف وإقامة صلاة الجماعة والجمعة بالمساجد، فهى ليست دعوات دينية، بل هى دعوات انقلاب على الدولة، انقلاب على المجتمع، هؤلاء يريدون أن يتحولوا إلى قنابل تفجيرية جرثومية، فيروسية، بالمجتمع، وهذا تفخيخ للمسلمين فى شهر رمضان ليتحولوا إلى قنابل بيولوجية، تقوم بالقضاء على مصر، وأصحاب تلك الدعوات ليسوا مسلمين ولا وطنيين، وهؤلاء لهم دين ولنا دين، وليس لنا علاقة بهم من قريب أو بعيد، الذى يحرّض على النظام لا ينتمى إلى هذه الدولة، فهؤلاء يسعون لتدمير المجتمع ونشر العدوى ويخالفون التعليمات الحكومية الواضحة بالاعتزال فى البيوت، وبالتالى لا ينتمون إلى هذه الدولة.
ماذا تريد جماعة الإخوان من الدولة المصرية؟
- جماعة الإخوان يكرهون الأوطان، ويرفضون كلمة وطن ويسعون لتدمير الأوطان، ليس مصر فقط، انظر حولك ستجد أوطاناً كثيرة، دمّرها الإخوان بالفعل، وكادوا يدمرون مصر، فى سنة الخراب السوداء التى حكموا فيها مصر، لأنها كانت فى طريقها للهاوية لولا أن قيّض الله لها رجالاً أوفياء قاموا بمبادرة لإنقاذ البلاد، استجابة لأمر الشعب الذى يرفض الهيمنة الدينية أو الفاشية الدينية، وربنا أراد أن يحمينا من هؤلاء، وهذه نعمة نحمد الله عليها، والذى حمى مصر من الإخوان سيحميها من أى فيروس، ربنا حماها فى الأولى وسيحميها فى الثانية، فالإخوان لا دين لهم وهم لقطاء يسعون لتدمير المجتمعات.
كل دين يضيّق على الناس معيشتهم ليس الدين الذى يريده الله.. وإذا تعارض مع مصلحة الإنسان غلّب الله منفعة البشرية عليه
الدين يخدم الإنسان ولم يخلق الله الإنسان لخدمة الدين.. هل ذلك صحيح؟
- هذا كلام العقلاء، هم فقط من يقولون إن الدين نزل لخدمة الإنسان، فكل دين يكدر على الإنسان حياته ليس هو الدين الذى يريده الله، وكل دين يضيق على الناس معايشهم ليس هو الدين الذى يريده الله، وكل دين يصنع العراقيل فى طريق الحضارة الإنسانية ليس هو الدين الذى يرتضيه الله، لأنه من المعلوم أن مصلحة الأديان إذا تعارضت مع مصلحة الإنسان، غلّب الله مصلحة الإنسان على مصلحة الأديان، وهذا الكلام ذكره الإمام ابن القيم الجوزية فى مدارج السالكين، وفى إعلام الموقعين.
وكيف نطبّق ذلك فى عصرنا الحالى؟
- الله عز وجل غلّب مصلحة الإنسان دائماً على مصلحة الأديان، فالمريض يفطر فى رمضان، والمسافر كذلك، وقد يكون المسافر لصالح العمل، فالدين قدّم مصلحة العمل على الصيام، فقال تعالى «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ»، ويجب أن نراعى مصلحة الإنسان أولاً، وحينها سنجد الفكر الدينى الصحيح، فكل ما فى الدين لا بد أن يكون لصالح الإنسان، ولا بد أن يكون هناك تجديد للفكر الدينى أولاً، ثم نتحدث عن تجديد الخطاب الدينى.
وكيف يتم تجديد الفكر الدينى؟
- يجب أن نقرّر من وُجد لصالح من؟ ومن يقوم بخدمة من؟، فهل يقوم الإنسان بخدمة الدين؟ أم يقوم الدين بخدمة الإنسان؟، وأعتقد أننا حسمنا هذا الأمر بقولنا إن الدين يقوم بخدمة الإنسان، ثم نأتى للقسم الثانى، وهو تقسيم الأحكام الشرعية الدينية إلى نوعين، ثوابت ومتغيرات، الثوابت فى صلابة الفولاذ ولا نقاش فيها، والمتغيرات فى نعومة الحرير.
"العقائد والعبادات" ثوابت دينية من فولاذ لا يمكن الاقتراب منها و"المتغيرات" فى نعومة الحرير
وما الثوابت التى لا نقترب منها؟
- لا نقترب من ثوابث العقائد وثوابت التكليف فى العبادة، فالإسلام ينقسم إلى قسمين، عقائد وأعمال، فالعقائد أمور لا تُحس ولا تُجس ولا تُمس، ولا تُرى بالعين المجردة ولا يُمكن إثباتها عبر المعامل، فهذه العقائد نأخذها كما هى، كالإيمان بالغيبيات، فالإيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر، والقضاء والقدر خيره وشره، والبعث والحشر والشفاعة، كلها أمور عقيدة وأمور غيبية، غير قابلة للتصور العقلى، ثم نأتى للتصور الثانى وهو الأعمال، التى قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيها الحديث الشريف «إنما الأعمال بالنيات»، فالأعمال تُقبل بالنية، وسنجدها تنقسم إلى قسمين الأول العبادات، والثانى المعاملات.
هل مشكلتنا فى الخطاب الدينى أم الفهم الخاطئ لبعض النصوص؟
- المشكلة فى الفهم الخاطئ لبعض النصوص، والعملية ليست مسألة خطاب، ونحن أمام إشكاليتين عويصتين، الأولى أنك لا تستطيع أن تسمح لكل «من هب ودب» أن يقوم بالحديث فى الشأن الدينى، كما أننا فى حاجة ماسة إلى تفكيك منظومة ومؤسسة القداسة التى تحيط رجال الدين، والتوقف عن صناعة رجال الدين، فنحن نرفض كلمة «رجال الدين»، ولا بد أن نقول «علماء الدين»، وليس رجال الدين.
هل كل شخص مؤهل للحديث فى الشأن الدينى؟
- تقصد أن تقول هل من حق غير رجال الدين التحدث فى شئون الدين؟، بمعنى أليس من حق الطبيب أو المهندس أو الميكانيكى أو الفلاح أن يتكلم فى الدين؟، كذلك تسأل من الذى يُحدّد إدراك المتحدث فى الدين للشئون الدينية؟، وأنا أرى أن منع بعض الفئات من الحديث فى الشأن الدينى والسماح لفئات أخرى طريق غير مثمر ولن يؤتى نتائجه بشكل كبير، وعبثاً حاولت بعض الدول منع فئات بعينها من الحديث فى الشأن الدينى، باعتبارهم غير مؤهلين والسماح لفئة أخرى، فلم ينجحوا، خاصة أننا فى عصر «فيس بوك» و«يوتيوب»، وهذا الكلام غير طبيعى، فنحن نعيش فى عصر مطربين لم يظهر أحدهم على شاشة التلفاز، ورغم ذلك فإن معجبيهم بالملايين، وهناك أغنية حققت 128 مليون مشاهدة، ولا أعتقد أن مطربينا الكبار، لا يطمح أحدهم فى رؤية عُشر هذا الرقم، وهذا يدل على أننا نعيش عصر «السوشيال ميديا»، وهذا العصر له مواصفات غير حصرية، أرجو الانتباه لها، ولن تستطيع منع من شاء أن يتكلم كيفما شاء، فى ما شاء وقتما شاء وأينما شاء.
هل أفهم من حديثكم موافقة ضمنية على السماح لجماعات السلفية بالعبث فى الدعوة مرة أخرى؟
- أدرك أن هناك خطاباً تغييبياً وإقصائياً ومعلومات مغلوطة وكلاماً لا يزن جناح بعوضة كان يتم نشره من قبل، لكن من يمنعهم؟ وكيف يمنع؟ وما وسيلة المنع؟، ومتى يمنع؟، فالجواب المفاجئ أنه لا توجد وسيلة للمنع، وأتمنى وجود وسيلة بعيدة عن الغرامة والإجراءات العقابية، لأننا لن نستطيع منع هذه الرسائل من الوصول، وستأتيك الرسائل من كندا وسويسرا وجنوب أفريقيا والهند تحمل أفكاراً ملغومة، ولن تستطيع حجبها عن الشباب المتعطش للفضول والمعرفة والاطلاع، والحل فى نظرى هو تفكيك مؤسسة القداسة فى ذهن المتلقى، وتدمير الكهنوت الذى صنعه البعض.
هل المؤسسات الدينية الرسمية أسهمت فى صناعة هذا الكهنوت؟
- نعم.. المؤسسات الدينية لدينا أسهمت فى صناعة هذا الكهنوت، بادعائها أن كل خطاب يصدر عنها خطاب شرعى، وهذه كارثة بكل المقاييس ولا بد أن ننفض عن الناس كلمة «الخطاب الشرعى»، قل إن هذا خطاب فقهى أو خطاب فكرى أو رأى دينى أو رأى المفتى، لكن حينما تقول «الشريعة تقول»، و«الدين يقول»، و«الإسلام يقول فى هذه المسألة»، فأنت تحولت إلى كهنوت لا أستطيع مقاومته، ولن ينجو منه أحد، طالما دمنا مصرين على أن نقول «هذا رأى الشرع»، «هذا رأى الدين»، «هذا رأى الإسلام»، «هذا رأى القرآن»، «هذا رأى النبى»، والحديث بالنيابة عنهم، وبالتالى لا أمل طالما هناك كهنوت، ولنا مثال فى ذلك الكاهن الذى خرج واعترف بخطاياه، وما أكثرها.
الإرهاب طال كل دول العالم.. والبعض نصّب نفسه وصياً على الناس للحديث باسم الشرع والدين فتدمرت أوطان وتشرد أهلها
تقصد اعتذار أبوإسحاق الحوينى؟
- نعم.. لقد توالت اعترافات الكهنة بأخطائهم، وتوالت اعترافات الكهنة، وهؤلاء ينصّبون أنفسهم عندنا بشكل كهنوتى على الخطاب الدينى، وهذا أمر مرفوض تماماً، أين حق الشهداء من القوات المسلحة والشرطة بسبب أفكاره؟ والاعتذارات غير مقبولة، فحق الشهداء لم يتم استيفاؤه، وليست هناك وسيلة لاستيفاء حق الشهيد.
وهذا الكاهن اعتذر عن تسرعه، واعتذر عن حبه للشهرة، واعتذر عن جنوحه فى «الفتى»، لكنه لم يعتذر عن الآلاف الذين قُتلوا، والأوطان التى خُربت، والأطفال الذين تحولوا إلى يتامى، والنساء اللاتى ترملن، والأسر التى دخل عليها النكد والهم والغم، والكرب إلى يوم الدين، وهو لم يعتذر لكل المجتمع والإسلام والعالم كله الذى يعانى من كل فتاواه، فالإرهاب طال كل دول العالم، ونحن فى أزمة حقيقية، بعد أن نصب البعض نفسه وصياً على الناس، وله الحق فى الحديث باسم الشرع، وباسم الدين.
الأزهر تسيطر عليه مدرسة التلقين.. والمشيخة تحول دورها إلى حراسة المعبد وحماية الهيكل.. وهذه وظيفة لم تكن معروفة إلا لكهنة المعابد فى الدولة الفرعونية القديمة
ولماذا يعجز رجال الأزهر والمؤسسات الدينية عن المواجهة؟
- هناك مدرسة دعوية تسيطر على أصحاب المؤسسة الدينية بالدولة وهى مدرسة التلقين، وهى مدرسة تصنع من الإنسان حالة من حالات الصدى، لما تردّد فى السلف والكتب السابقة، وهذه مشكلة كبرى، نواجهها، وتنقلنا إلى أزمة التراث والنصوص التراثية، وأقصد بالتراث كل ما ليس بقرآن وسنة، فالقرآن والسنة ليسا تراثاً، بل خطاب الله تعالى، لكننى أتكلم عن أقوال المفسرين والفقهاء، واستجلابها وإحياء الخلافات القديمة للجبرية، والقدرية، والحشوية والمعتزلة والخوارج، وإعادة طرحها فى صورة فتاوى أو أفكار لأن هذا كلام مدمر، يدمر المجتمعات ويثير فتناً لا تنتهى بأى حال من الأحوال، ومشكلة المؤسسة التقليدية الدينية، هى مشكلة التلقين، لأنهم يحفظون فقط، فهم حفظة وحماة التراث والشريعة وحراس المعبد وحماة الهيكل وحراس الدين، وهذه وظيفة لم تكن معروفة إلا فى الدولة الفرعونية القديمة لكهنة المعابد، الذين يقومون بحماية المقدس.
آرائى ليست جلداً للذات لكنها تصحيح للمسار وإعادة طرح للأفكار الدينية على مائدة الشرح والتحليل وإدخالها معمل الفكر
أشعر من حديثكم جلداً للذات.. هل ذلك صحيح؟
- ما نقوم به ليس جلداً للذات، بل تصحيح للمسار، وتقييم ونقد، والنقد محاولة لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وأنا من الذين ينادون منذ فترة طويلة بإعادة طرح الأفكار الدينية على مائدة الشرح والتحليل، وإدخالها فى معمل الفكر، ومواكبة الأفكار الدينية التى تربينا عليها وتعلمناها، على الواقع الحضارى.
وهل هناك نصيحة لقائد المؤسسة التقليدية الأزهرية؟
- الحقيقة أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب عالم ولى تقى، نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله، ووالد لنا جميعاً وله كل الاحترام والتقدير، لكننا نحترمه ولا نقدسه، نتفق معه ونختلف معه، فالاختلاف مع فضيلة الإمام الأكبر شرف ووسام لنا جميعاً، نحن تربينا على يديه، وهذا هو المفترض أن يكون عليه العالم الأزهرى، فنحن تعلمنا ألا نقدس آراء السابقين، وتعلمنا من آراء الإمام أبوحنيفة والإمام الشافعى والإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل، لكننا لا نقدسها فهل نقدس مشايخ الأزهر؟، نحن تعلمنا أن نناقش مواقف الصحابة على مائدة التحليل والشرح والنقد، فهل لا نناقش أفعال العلماء وتصرفات وفتاوى هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ودار الفتوى، كل شخص يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسول الله، ابتداء من أبوبكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه، نتفق أو نختلف معه، لكن ذلك لا ينتقص من مكانة أو منزلة أبوبكر الصديق شيئاً، سيظل الصديق وإن اختلفنا معه وسيظل عمر وإن اختلفنا معه، فالصحابة كانوا يختلفون فيما بينهم.
اختلف الأئمة الأربعة ولم يهاجموا بعضهم البعض، هل تريد أن نصل إلى ذلك؟
- الأئمة الأربعة فى عصرهم، فالإمام أبوحنيفة هو أول الأئمة الأربعة، وتعلم منه الإمام مالك، وتعلم «الشافعى» من «مالك»، وتعلم أحمد بن حنبل من الإمام الشافعى، فالأربعة كانوا موجودين فى عصر واحد تقريباً، فهل كانوا أئمة أربعة لأنهم متفقون فى الرأى أم لأنهم مختلفون فى الرأى؟، والأهم هل كان هذا الاختلاف فى ثوابت الدين والعقيدة أم فى الفقه وغيره، نريد أن نختلف، فالاتفاق تواطؤ ومصيبة، ونريد أن ندرك أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال والأحوال، فثلاثة أرباع فقه الشافعى تغيرت حينما جاء إلى مصر، وهناك حكم وهناك فتوى.
وما الفرق بين الحكم والفتوى؟
- الحكم ثابت والفتوى متغيرة، والفتوى هى التى تكون حسب المقام، ولكل مقام مقال، ولكل وقت أذان، كما نقول فى مصر، فالفتوى تتغير بمتغيرات كثيرة، منها الزمان والمكان والشخص والحالة والعلم، فحينما ظهر «DNA»، غيّر ذلك الكثير من الفتاوى، ولما ظهر الطب بعلومه وفروعه غيّر أموراً كثيرة تقال على عدة المرأة وحملها والإرضاع، ولما ظهرت العلوم الجرثومية، تغيرت النظرة إلى الكثير من الأمور وهناك فيروسات وميكروبات تؤثر على الناس وتغيرت الفتوى عليها بعد ذلك، كذلك الرؤية الفلكية تغيرت فى مطالع الشهور، والحالات المرضية والدم والاستحاضة وأمور كثيرة تغيرت فى حياة الناس منها إثبات النسب، وحتى فى الإجراء التوثيقى الذى ننادى به.
السلفى لا يتوب.. وأتحدى أن يترحّم أحدهم على شهداء الجيش والشرطة
نعود لجماعات الضلال.. هل يوجد سلفى يتوب؟ وهل تصدق اعتذار «الحوينى»؟
- لا يوجد سلفى يتوب، ولا تصدق هذه الترهات، فالسلفى لا يتوب، السلفى يتحور جينياً، والله العظيم، السلفى يتحور حسب الظرف، وحسب فترة الحضانة، فالسلفى يتحور إلى صور عديدة ويظهر بأشكال متعددة، فلا تصدقوا من يعتذرون أو يتوبون أو من يقوم بالمراجعات، فأنا لا أصدق أى مراجعات، وأرجو أن يكون ذلك يقيناً عند المصريين، فلو كان السلفى تائباً بحق، كما خرج علينا أحد كهنتهم، لاعتذر للجيش المصرى ولو كان السلفى تائباً، لترحم على شهداء مصر من الشرطة والجيش، أتحدى أن يفعل السلفى ذلك.
اعتذار "الحوينى" "ريمونتادا" للعودة فى ثياب الأتقياء.. وتلاميذه ومريدوه يرونه قديساً وأعلم أهل الأرض
لمَ كل هذه الثقة؟ ولماذا خرج «الحوينى» بهذا الاعتذار؟
- لأنه يكره هذا البلد، وما قام به يعتبر «ريمونتادا»، كما يسمونها فى كرة القدم، فهذه محاولة للرجوع مرة أخرى، فهم خرجوا وطردوا من المجتمع، بفعل خطاب التعالى والعجرفة والإقصاء والتخوين والتكفير والتشريك والتحريض، وهم الآن يعودون فى ثياب الأولياء والأتقياء، والمساكين الأوفياء، لأنهم يعلمون طبيعة هذا الشعب الطيب، وطبيعة هذا الشعب الذى يلين قلبه، فنحن كشعب أخوال النبى، صلى الله عليه وسلم، فالشعب المصرى هم الحاضنة الأم للإسلام حول العالم، ونحن أخوال النبى، ونحن أقرب للأمومة لرسول الله، وهذا الكلام لا ينكره عاقل، وهم يعلمون أن الشعب المصرى أطيب شعب، فهم يحاولون العودة الآن فى صورة الثعلب الواعظ، وهنا أقول «برز الثعلب يوماً فى ثياب الواعظينا، فمشى فى الأرض يهدى ويسب الماكرينا، ويقول الحمد لله إله العالمين، أيا عباد الله توبوا فهو كهف التائبينا، وازهدوا فى الطير إن العيش عيش الزاهدينا، واطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبح فينا، فأتى الديك رسول من إمام الناسكينا، عرض الأمر عليه وهو يرجو أن يلينا، فأجاب الديك عذراً يا أضل المهتدين، أبلغ الثعلب عنى عن جدودى الصالحينا، عن ذوى التيجان ممن دخل البطن اللعينا، أنهم قالوا وخير القول قول العارفينا، مخطئ من ظن يوماً أن للثعلب ديناً».
"أبوإسحاق" حرم البيض وقال إن وجه المرأة كفرجها واعتبر توثيق الطلاق تشجيعاً على الزنا.. ومخالفوه فى الرأى يراهم"زناة"
وماذا يفعل لكى يتم قبول الاعتذار؟
- الذى يريد أن يعتذر، عليه أن يعتذر للجيش المصرى وللعلم المصرى، وللتراب الوطنى، والشرطة المصرية، وللشعب المصرى، لا الاعتذار لطلابه لأنه كان متسرعاً ومحباً للشهرة، فهذا كلام لا يدخل إلا على السذج والبلهاء، وهذا كلام لا يسمن ولا يغنى من جوع، فالاعتذار يجب أن يشمل مطالبة تلاميذه ومريديه بعدم تقديس المشايخ مرة أخرى، وعدم تقديس آراء العلماء، لكن للأسف حينما يتكلم التلاميذ والمريدون عن «الحوينى» حتى تلك اللحظات، يرونه قديساً وأنه أعلم أهل الأرض، يقولون «أنت تتكلم عن أعلم أهل الأرض»، فهذا الذى تصفونه بأنه أعلم أهل الأرض حرّم البيض، ووصف المرأة بأن وجهها كفرجها، وهذا كلام ثابت لا أدعيه عليه، هذا الشخص الذى يصفونه بأنه أعلم أهل الأرض يقول إن المرأة لا تصلح لشىء، وينصح بتسلم الأسرى من أوروبا وتقسيم الغنائم، هذا الشخص يصف تجديد التوثيق فى الطلاق بأنه تشجيع على الزنا، ويصف المخالفين له فى الرأى بأنهم «زناة»، ومحرضون على الزنا، فهل هذا هو الدين؟، وهل هذا الرجل مر على مصحف حتى يقول هذا الكلام؟، هذا قصف للعلماء، فهو يقول بالنص «يتلاعبون بالأنكحة»، والله بالنص هذا قاله وهو موجود على «اليوتيوب» لمن يريد أن يراه، يقول إنهم يحرضون على الزنا حتى يعيش الناس فى الزنا، وهو لا يفهم أن حديثنا عن توثيق الطلاق حماية للأعراض، وحماية للمرأة وللحفاظ على حقوق المسكينات، لكنه لا يرى ذلك بل يرى الدعوة للتوثيق تحريضاً على الزنا، وأنا أقول لهذا الشخص«حسبى الله فيك.. وفى من اتبعك من الضالين، ونعم الوكيل»، لأن هذا الكلام فاسد.
"الحوينى" يندرج تحت فكر الخوارج والمعتزلة واعتذاره غير مقبول لأن فتاواه أشعلت حروباً ويتّمت أطفالاً ورمّلت نساءً.. وأقول له "جزاك الله شراً"
لماذا لا تخرج المؤسسات الدينية بفتوى تصف السلفية والإخوان بأنهم فرق ضالة لا يجوز الانضمام لها؟
- الذى يحكم عليهم ما يقولونه، فالحوينى أعلن أنه كان يقول بكفر مرتكب الكبيرة، وهذه فتوى الخوارج والمعتزلة ولم يقل بها غيرهم، فالرجل حكم على نفسه بنفسه، أم يظن أننا لا نقرأ، للأسف الشديد، هذه كارثة كبرى، لأن فكر الحوينى فكر خوارج ومعتزلة، وقال صححت وصححت، لكن ما الحيلة فيما وقع بسبب أقواله، ونقول له «جزاك الله شراً»، لأنك أطلقت رصاصة الفتى وملأت بها الدنيا، فجماعة «بوكو حرام» أبناء السلفيين، وتنظيم الإخوان الإرهابى أبناء السلفيين، وطالبان أبناء السلفيين، والقاعدة أبناء السلفيين، وداعش تلاميذ السلفية ومريدوهم، ولا نريد أن نخدع بعضنا ولابد من التصدى لهؤلاء ومواجهتهم.
السلفية وباء يجب تخليص المجتمع منه عن طريق تحرير العقل النصى وإعداد جيل من العلماء لديهم وعى وفهم للمحاورة والتصحيح والرد والتوضيح والنقاش وغزو الميديا
وكيف يتم التصدى لهذه الجماعات؟
- السلفية وباء لا بد من تخليص المجتمع منه ولكن بالفكر، فالفكر يواجه بالفكر، ويتم التصدى لهم عن طريق تحرير العقل النصى، وتحرير العقل التلقينى، وإعداد جيل من العلماء لديهم الوعى والفهم للمحاورة والتصحيح والرد والتوضيح والنقاش وغزو الميديا، والسوشيال ميديا، هذا كلام لا بد منه.
هل أزمتنا فى التراث؟ أم فى المتعاملين معه؟
- لا توجد أمة بلا تراث، فالذى ليس لديه تراث «لقيط»، و«اللى مالوش ماضى مالوش حاضر ولا مستقبل»، التراث هوية أمة، ونحن لدينا تراث فنى وطبى ورياضى ودرامى ودينى، فالتراث الدينى نأخذ منه ما ينفعنا وندع ما لا ينفعنا، والعبث فى التراث أمر لا يجوز، كذلك لا يجوز تصحيح التراث، ولا يجوز إحراق التراث أو منعه، لأننا لن نستطيع فعل ذلك.
مناظرة شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة ظاهرة صحية طال انتظارها وتصب فى صالح الوطن وتقود إلى تفكيك قداسة الخطاب الدينى.. وأؤيد "الخشت"فى الحديث عن عدم وجود حق مطلق
العلاقة بين المثقف والعالم تكاملية.. هل ظهرت هذه العلاقة فى مناظرة شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة؟
- ما حدث بين الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، ظاهرة صحية طال انتظارها، لأنه من يتكلم فى المناظرة أصحاب المدرسة العقلانية من خارج الأزهر مع المدرسة الأزهرية، وهذا الحوار يصب فى صالح الوطن، لأنه فى النهاية يؤدى إلى تفكيك قداسة الخطاب الدينى، واليوم يتكلم رأس المؤسسة الدينية، وشيخ الأزهر خرج وقال كلاماً موزوناً من وجهة نظره، ونظرته للأمور، وأنا لا ألوم فضيلة الإمام الأكبر فيما حدث، لكنى أتفق معه فى أمور وأختلف معه فى أمور أخرى.
دخول الدين فى السياسة يفتح الباب على مصراعيه لخلط السماوى بالوضعى
ما نقاط الاختلاف بينكما؟
- أختلف مع فضيلة الإمام، فى نقاط عدة، منها أن تجديد الخطاب الدينى ليس أن نأكل بـ«الشوكة والملعقة»، وليس ركوب السيارات الفارهة، والحقيقة أننى رأيت الإسقاط الذى استخدمه فضيلة الإمام الأكبر حول «الشوكة والملعقة»، وركوب السيارات الفارهة ليس له علاقة بتجديد الخطاب الدينى، أو النقاش حول القضايا التراثية، واختلفت مع فضيلة الإمام فى أنه قابل ما بين المطلق والمشكوك فيه، والحقيقة غير ذلك، فهناك مطلق ونسبى، وأؤيد الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة فى هذه المسألة، فليس من الضرورى أن يكون معك الحق المطلق، لأن الحق كثيراً ما يكون نسبياً، وتقسيم المسألة إلى حق وباطل، وأبيض وأسود، إيمان وكفر، شرك وتوحيد، هذا الكلام فيه نوع من أنواع الاختزال للقضايا، واختلفت مع فضيلة الإمام فى التشكيك فى نوايا الإصلاح بكلمة «وراء الأكمة ما وراءها»، فالإسقاط على أن هناك مؤامرة خلف رغبة أصحاب المدرسة الإصلاحية لتصحيح الخطاب الدينى، أمر لم أستحسنه على الإطلاق، والأمر الأخير الذى أختلف فيه مع فضيلة الإمام الأكبر، هو خلط الدين بالسياسة.
تقصد حديث الإمام عن القدس والأسلحة؟
- أنا لا أحبذ هذا إطلاقاً، ما قام به شيخ الأزهر من الإسقاط حول ما يفعله الرئيس الأمريكى ترامب، بخصوص القضية الفلسطينية وخلافه، والزج بهذه المسألة فى أتون الحوار الدينى والتراثى، أرى أنه غير مناسب، فخلط الدين بالسياسة يفتح الباب على مصراعيه لخلط المقدس بغير المقدس، وخلط السماوى بالوضعى.
منهج الأزهر أشعرى وليس سلفياً.. والسلفيون حكموا على أنفسهم بأنهم جزء من الماضى ولا يملكون حاضراً أو مستقبلاً
لماذا انتشر الفكر السلفى بين أعضاء هيئة تدريس الأزهر؟
- بسبب آلة الإذاعة التى استخدمها الفكر السلفى نتيجة الثورة النفطية التى اجتاحت العالم بعد الستينات، لا أقول الوهابية، بل أقول الفكر السلفى، لأن الوهابية جزء من الفكر السلفى، ولا يوجد مذهب اسمه المذهب الوهابى، بل التعريف الأدق هو المذهب السلفى، فمعنى السلفى هو البقاء فى الماضى، وهو رجل ذهب ولم يعد، خرج ولم يرجع، هذا هو مفهوم كلمة السلفية، فالسلف تعنى الماضى، فبقاؤك فيما سلف، معناه أنك لست معنا اليوم، فالسلفيون حكموا على أنفسهم أنهم ماضٍ، وليسوا اليوم أو المستقبل.
لا توجد أمة بلا تراث ومن لا يملكه "لقيط".. والمتشددون يوجّهون خطابات تغييبية وإقصائية ويروّجون معلومات مغلوطة ولا توجد وسيلة للمنع.. والحل فى تفكيك مؤسسة القداسة وتدمير الكهنوت
تحدثت حول ضرورة إعمال العقل.. كيف يتم ذلك داخل الأزهر؟
- إذا كنا نقول إن أمة بلا تراث، أمة لقيطة، نقول أيضاً إن من حمى التراث هو الأزهر الشريف، ويجب أن نعترف بهذا، فمنهج الأزهر ليس المنهج السلفى، بل المنهج الأشعرى، ونحن أشاعرة، وخروج البعض من أبناء الأزهر بفكر سلفى، «عيوب جودة»، وليست «عيوب إنتاج»، ويجب ألا ننسى أنه بفعل الضغوط الاقتصادية فى فترات ماضية هاجر الكثير من العلماء، والمدرسين والصناع إلى دول السلفية ورجعوا بهذا الفكر، يتقيأون به على الناس، وللأسف الشديد هذا الكلام هو ما نعانى منه الآن.
تربية اللحية سنة لكن السلفية تفسق حالقها
أضف إلى ذلك الثروة التى سخرت لخدمة هذه الأفكار وإذاعتها، فالسلفيون نشروا كتباً وشرائط كثيرة، على الإنترنت وموجودون بقوة، وأتحداك لو كتبت على جوجل حُكم اللحية ووجدت فى البداية آراء وسطية، بل ستجد رؤى سلفية، فنحن لدينا فى الأزهر أن حكم تربية اللحية سنة، وليست فرضاً، يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وهذا ما نعرفه فى الأزهر، لكن ستجد تشدد السلفية فى 35 صفحة على جوجل والسوشيال ميديا، ووصل الأمر بهم لتكفير وتفسيق حالق اللحية، ومن تسقط عدالته ويؤمر بقتله وتُطلب استتابته، هذه آراء غريبة عنا وللأسف هناك قنوات سلفية تشتغل آناء الليل والنهار، وأصبح كل شىء هواه غير مصرى وأثرت على الفكر وتم انتشار الفكر السلفى.
"أبناء البنا" أصحاب مذهب نفعى ويهبطون بالبراشوت على خيرات الشعوب.. ومالك عقار مركز المقطم "بيلطم" بعدما نصبوا عليه
وماذا عن القنوات الإخوانية المحرضة ضد الدولة المصرية؟
- هذه القنوات بنت السلفية، والسلفية والإخوان نفس الوعاء ومن نفس الداهية، والإخوان ليس لديهم فكر، لأن الفكر كلمة نزيهة وبها نوع من أنواع التجرد، لكنهم يمارسون الميكيافيلية والبراجماتية، فالنفعية ليست فكراً، بل انتهازية عقلية وفكرية، وهم يستخدمون الدين مطية للوصول إلى دماء الشعوب، فالإخوان الإرهابيون يستخدمون الدين وسيلة، فهل فى حياتك سمعت عن مسجد بناه الإخوان؟، لا يوجد، لماذا؟، لأنهم أصحاب مبدأ البرشتة، هم أصحاب المنهج البرشوتى، يهبطون بالبراشوت على خيرات الشعوب، يهبطون على المساجد والنوادى والنقابات والمعاهد العلمية ويخترقون كل مكان لنشر السموم، حتى المركز العام للإخوان فهو ليس مملوكاً لهم بل مستأجر فى المقطم، وصاحب هذا المقر «يلطم خديه» على قضية النصب التى تعرض لها، وقابلته من قبل، وشكى لى مر الشكوى من الخديعة التى تعرض لها، لأنهم أخذوا منه هذا المكان بثمن بخس، وهذا كلام واقعى، فالإخوان ليست فكراً بل منهج نفعى وأسلوب دنىء لامتصاص خيرات الشعوب والسيطرة على مقدرات المجتمع وتفكيك الأوطان والتحريض على الأنظمة.
لو استمر الإخوان فى حكم مصر لكمِّمت الأفواه وأغلقت المساجد والإذاعات والقنوات الفضائية وكنت أستعد لمغادرة مصر
هل الإخوان انتهوا من المجتمع المصرى؟
- أنا لا أعطى الأمان أبداً لانتهاء أى فكر، فلابد من التعقيم الدائم، فالفكر كالفيروس، أنت لا تراه بعينيك، لكن يجب أن تأخذ حذرك، لأنه قد يكون فى مرحلة الخمول، والكمون، فكمون الفيروس معروف، وهؤلاء الإخوان لا يموتون، والحل الوحيد لمواجهتهم هو تفكيك فكر القداسة الدينى، فلو علم الناس أنه لا يوجد أحد لديه قداسة، سيقومون بقياس الكلام الذى يقال لهم بميزان العقل، ما الذى يدفع شاباً لتفجير نفسه؟، الإجابة: لاعتقاده بقداسة من كلفه بتنفيذ ذلك، إذن المسألة عبارة عن غسيل مخ، وتفكيك القداسة يعنى أن تسمع كل ما يقال لك وتزنه بميزان العقل، وهذا ما أتمناه.
حظر النقاب فى العمل يخضع لإدارة المؤسسات وأرفض منعه بالشو
شهدنا أحكاماً قضائية خاصة بحظر النقاب.. كيف ترى ذلك؟
- حظر النقاب فى المؤسسات يخضع لإدارة المؤسسات ذاتها، فهناك رأيان فى النقاب، الأول يقول بفرضيته، والثانى يقول بعدم فرضيته، ورأيى أنا الشخصى أنه ليس بفريضة وأرجح هذا الرأى، ومن تعتقد أنه فريضة، فهذا لنفسها وعلى نفسها، ولا أرغبها ولا أمنعها، وأرى أن الزى مسألة شخصية، طالما لم يترتب عليه إخلال أمنى، لكن إذا كانت هذه المرأة موظفة تؤدى خدمة فى الدولة وللجمهور سواء فى مدرسة أو جامعة، أو فى مستشفى، فلا يجوز لها أن تخفى وجهها، لأن المسألة قائمة على الشهادة والإشهاد، وقائمة على المواجهة والمتابعة، وهذه مسائل غير معقولة فى حالة وجود النقاب، وأرى أن منع النقاب فى الدولة أو الشارع خطأ غير مقبول وأرفضه، ويؤدى لنتيجة عكسية وديكتاتورية فى زى الناس، لكن فى المؤسسات، الضرورة تقدر بقدرها، فكل مؤسسة تقدر لنفسها ما تراه صالحاً لها، بمعنى أنى أؤيد قرار منع النقاب داخل المؤسسات، لكن منعه فى الشارع والطرقات العامة، لا أقبله.
ولماذا نشهد حالة جدل دائمة بخصوص الحجاب؟
- لا يوجد عالم دينى يختلف حول مسألة الحجاب، فهى مسألة ليست خلافية، وكل الذين يرفضون الحجاب ليسوا علماء.
وجود الجماعة الإرهابية على سدة الحكم فى مصر كان سيؤدى لتقسيم الدولة ووقوف المصريين فى طوابير الإغاثة انتظاراً لعلبة سمن وكيس من الدقيق والأرز
نعود بالتاريخ لثورة 30 يونيو.. فى تقديرك ماذا كان سيحدث لو استمرت جماعة الإخوان فى سدة الحكم؟
- لا أعرف، لأنهم لو استمروا ما كنت أنا موجوداً، وهذه حقيقة، فأنا كنت أجهز نفسى لمغادرة مصر، حال استمرارهم، فأنا لا أجتمع مع هؤلاء فى دولة واحدة، ولا أستطيع، لأن هؤلاء يقومون على الإرهاب والوصاية والحجر على الرأى، والإرغام وتصنيفك كعدو، وأنا بالنسبة لهم فى خانة الأعداء وما زلت، وأفتخر بذلك، فلو بقى الإخوان فى مصر، لتقسمت مصر إلى أجزاء، ولوقف المصريون فى طوابير الإغاثة فى انتظار علبة سمن وكيس دقيق وكيس أرز، ولاستدانت مصر وباعت كل ما تملك، من قيمها وحضاراتها، ولانتهت الحضارة المصرية إلى الأبد، ولاستطاع هؤلاء الأعداء الإخوان تسليم مصر إلى أعدائها بمنتهى البساطة، ورأيت القتلة والإرهابيين يتجولون فى مصر آناء الليل وأطراف النهار، وانتهى الفن والدراما وكممت الأفواه وأغلقت المساجد والإذاعات والقنوات وتم إغلاق مدينة الإنتاج الإعلامى، لصالح آكلى العجول أمام المدينة، وطرد المفكرين، ولامتلأت الخيام والملاجئ بأفراد، ولرأينا أشكالاً ضالة تحتفل فى السادس من أكتوبر بقتلة الزعيم محمد أنور السادات كما حدث، لقد كانت أياماً سوداء أريد محوها من ذاكرتى.
وجدى غنيم ومعتز مطر ويوسف القرضاوى ومحمد ناصر جواسيس ومأجورون ومحرضون على القتل وعليهم دفع فاتورة الدماء..وهناك حبل سُرى يربط بين الجماعات الإرهابية والإخوان.. ومن خرج علينا بالسلاح ليس له إلا السلاح.. ولا تفاوض على دماء المصريين
وماذا عن مجموعات الإعلام ومنهم معتز مطر ومحمد ناصر.. ما حكم الشرع فيهم؟
- معتز مطر ومحمد ناصر ومن معهما يخونون بلادهم وأوطانهم.. كل شىء يقبل الحوار ويقبل التفاهم عدا الدماء، فالدماء لا تفاهم فيها، فمن خرج علينا بالفكر قاومناه بالفكر، ومن خرج علينا بالعقل قاومناه بالعقل، أما من خرج علينا بالسلاح فليس له إلا السلاح، فلا تفاوض مع جماعات مسلحة ولا تفاوض على دماء المصريين، هؤلاء محرضون على القتل، حكمهم حكم الخونة القتلة المرتزقة الجواسيس المحرضين، هؤلاء الممثلون للأبواق الإعلامية التى تتحدث عنها أمثال وجدى غنيم ومعتز مطر ويوسف القرضاوى ومحمد ناصر قتلة مأجورون ليسوا أشخاصاً عاديين، والحديث حول كونهم غير خونة، جريمة أخرى، ولابد من دفع هذه الفاتورة وهى فاتورة الدماء، أما الفكر فأرى مقاومته بالفكر وأرى إجراء حوار معهم لتفكيك مفهوم القداسة حتى نتقبل الرأى والرأى الآخر.
الطلاق الشفهى
نحن ننادى بتوثيق الطلاق وعدم الاعتراف بالطلاق الشفوى، وللأسف سبقتنا دول كثيرة آخرها المملكة العربية السعودية، التى لا يزايد أحد على تدينهم، ولا يزايد أحد على حرصهم على الشريعة، فقاموا بإلغاء الطلاق الشفوى وإلغاء الطلاق الغيابى، وللأسف نحن ما زال لدينا أزمة فى هذا الأمر بسبب المدرسة التلقينية التقليدية، فالمؤسسة الدينية أصحبت حارسة للمناهج التراثية، وأصبحت عبئاً على التجديد ولابد من الوعى والحديث مراراً وتكراراً فى هذه الأمور، لتفهيم الناس، والرد على أصحاب الفكر الضال الذين لا أرى أن يُمنعوا بل يواجَهوا، فالفكر لا يواجَه إلا بالفكر، والرأى لا يواجَه إلا بالرأى.
خالد الجندى
- من مواليد القاهرة بمنطقة الحلمية الجديدة عام ١٩٦١.
- متزوج وله ثلاث بنات.
- تخرج فى كلية أصول الدين قسم الحديث وعلومه ثم قسم التفسير وعلومه، وحصل على الماجستير فى علوم الحديث من جامعة الأزهر.
- عمل إماماً وخطيباً ومدرساً بوزارة الأوقاف حتى وصل إلى درجة «كبير أئمة» بالوزارة، وهو عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
- أنشأ قناة «أزهرى» الفضائية عام ٢٠٠٩ وخاض عدداً من المعارك الفقهية ضد تيارات السلفية والإخوان.
- قدم العديد من البرامج المرئية والمسموعة منها «رياض الصالحين، شهد الكلمات، أفلا يتدبرون، قطائف، هذا ديننا، مكارم الأخلاق، لعلهم يفقهون» على قناة دى إم سى.
الإخوان والجماعات الإرهابية
هناك حبل سرى لم ينقطع بين الجماعات الإرهابية وبين تنظيم الإخوان الإرهابى والحقيقة على هذا الكلام إذا أردت التدليل عليك أن تنظر إلى العمليات الإرهابية التى تتم ضد القوات المسلحة والشرطة فى سيناء، انظر من يهلل لها ستجد جماعة الإخوان هى من تقوم بالتهليل، ويصدق قول الله فيهم «إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها».