البرلمان يوافق مبدئيا على تعديل بعض أحكام قانون رعاية المريض النفسي

كتب: ولاء نعمة الله

البرلمان يوافق مبدئيا على تعديل بعض أحكام قانون رعاية المريض النفسي

البرلمان يوافق مبدئيا على تعديل بعض أحكام قانون رعاية المريض النفسي

وافق مجلس النواب برئاسة الدكتور على عبد العال فى جلسته المنعقدة الان ، من حيث المبدأ على تقرير لجنة الشؤون الصحية، ومكتبي لجنتي الشؤون الدستورية والتشريعية والخطة والموازنة، عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون رعاية المريض النفسي الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2009.

ويهدف مشروع القانون إلى الحفاظ على حقوق المرضي النفسيين ورعايتهم صحيا، في ظل ما نتج عنه من تطورات شهدتها مفاهيم الصحة النفسية وأساليب العلاج الحديثة المرتبطة بها، وفي ظل اعتراف المجتمع الدولي بهذه التطورات ودعمها فإن مهنة المعالج النفسي تعتبر من المهن الضرورية، ولذا بات تعديل القانون القائم ضرورة ملحة.

وأشار التقرير إلى تعرض المرضي النفسيين للرفض وللإساءة في المعاملة وللاستغلال في كل مكان بما في ذلك الأماكن التي تقدم لهم الرعاية الصحية وخصوصا داخل المصحات ودور الإيواء وهو ما يؤكد الحاجة إلي تشريع للصحة النفسية يتضمن عددا من المبادئ الأساسية المتعلقة بالرعاية.

وقال التقرير البرلماني، الذي أعدته اللجنة، إن المرضى النفسيين تعرضوا عبر العصور في مختلف مناطق العالم للتحفز والرفض والخوف والاجتناب، بالإضافة إلي إساءة المعاملة والاستغلال، وعلى مدى قرون طويلة كان ينظر إلي الاضطرابات النفسية نظرة غيبية، وكان يعتقد أن أسبابها ترجع إلى قوى خارقة للطبيعة إما شيطانية شريرة أوإلهية مقدسة، وفي أوروبا شهدت العصور الوسطي قسوة شديدة في التعامل مع المرضى النفسيين، الذين كثيرا ما كان يجري تعذيبهم وقتلهم وحرقهم لطرد الأرواح الشريرة التي تسكنهم، وبحلول القرن الـ17 تراجعت التفسيرات الغيبية للمرض النفسي وأصبح يُعد خللا عضويا إلا أن تلك التفسيرات أيضا لم تكن تستجلب التعاطف أوالتسامح، إذا كان المريض مسؤولا عن مرضه وعن الاختلال في مشاعره، وبالتالي فهو يستحق العقاب، وبالفعل فقد نال العقاب الكثير من المرضي، والفقراء منهم على وجه الخصوص حيث كان يجري حبسهم في السجون العامة والمصحات والمشاغل والمعازل الفقيرة، وهناك يحيون حياة غير آدمية وفي ظروف شديدة القسوة، ويتعرضون لجميع أنواع الإساءة والاستغلال، ومع بداية ظهور النزعة الإنسانية في منتصف القرن الثامن عشر ظهرت الدعوة إلي وضع حد لهذا التعامل غير الإنساني مع المرضي النفسيين، وتم بناء مصحات كبيرة لاحتوائهم بدلا من السجون، وبدأ تطبيق "العلاج الأخلاقي" الذي يهدف إلي تقديم الرعاية الإنسانية للمرضي وتشجيعهم علي مناقشة متاعبهم وعلي التصرف بشكل "سوي".

وأضاف التقرير أنه قد نتج عن التطورات التي شهدتها مفاهيم الصحة النفسية وأساليب العلاج المرتبطة بها أن شرع المجتمع الدولي في الاعتراف بهذه التطورات ودعمها، فتم تنظيم عدد من المؤتمرات والاجتماعات نتجت عنها مجموعة من الصكوك والمبادرات الدولية التي استهدفت حماية الحقوق والحريات الأساسية للمرضى النفسيين وتعزيزها وتنظيم قواعد علاجهم ورعايتهم بما يحفظ هذه الحقوق وتكللت تلك الجهود بإصدار وثيقة بعنوان "مبادئ الأمم المتحدة لحماية المصابين بعلل نفسية وتحسين الرعاية الصحية النفسية" عام 1991، وتعد هذه المبادئ المكونة من 25 مادة وثيقة بالغة الأهمية، فقد تضمنت المعايير التفصيلية التي اتفق على ضرورة توافرها كحد أدني فيما يتعلق بحقوق الأفراد ذوي الاضطرابات أوالإعاقات النفسية في الرعاية الصحية.

ففي عام 1975 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة "إعلان حقوق الأفراد المعاقين".

وفي عام 1983 أعلنت عن "عقد الأشخاص المعاقين" وعن إطلاق خطة العمل العالمية بخصوص الأفراد المعاقين.

وفي عام 1993 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة وثيقة بعنوان "القواعد الموحدة المتعلقة بتحقيق تكافؤ الفرص للمعاقين" وجرى مؤخرا اعتماد الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي صدقت عليها الحكومة المصرية في أبريل من عام 2008 وتتميز هذه الاتفاقية بالشمول والإلزام القانوني، وتستهدف احترام جميع الأفراد ذوي الإعاقة وحمايتهم، وتعزيز تمتعهم بمن في ذلك ذووالإعاقة النفسية، بكامل الحقوق والحريات الأساسية دون أي نوع من أنواع التمييز.

وتطالب الاتفاقية الدول الأعضاء باتخاذ التدابير كافة لضمان تكافؤ الفرص للأفراد ذوي الإعاقة، بما في ذلك التدابير القانونية والاستثنائية في مجالات العيش كافة لحمايتهم وتعويض الحرمان الذي طالما تعرضوا له.

وفيما يتعلق بالتمويل فإن نسبة الإنفاق على الصحة النفسية في مصر لا تتجاوز 2% فقط من مجمل الإنفاق الحكومي علي الصحة، ويذهب أكثر من نصف هذه المخصصات (حوالي 59%) للإنفاق علي مستشفيات الصحة النفسية، وتتمركز هذه المستشفيات بوجه عام في المدن الكبري والمناطق الحضرية.

ويبلغ عدد المستشفيات المخصصة للصحة النفسية في مصر 18 مستشفى موزعة على عدد من المحافظات، وتبلغ طاقتها التشغيلية الإجمالية حوالي 6274 سريرا، وبلغت نسبة الإشغال في المستشفيات التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية في شهر يوليومن عام ٢٠٠٨ حوالي 80% ويقدر عدد المرضي الذين تم إدخالهم إلى المستشفيات النفسية التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية عام 2004 حوالي 23047 مريضا.

وبالإضافة إلى هذه المستشفيات الحكومية المتخصصة توجد في بعض المستشفيات العامة في عدد من المحافظات أقسام للصحة النفسية تبلغ طاقتها الإجمالية حوالي 600 سرير، كما توجد أقسام للطب النفسي في تسع من كليات الطب بالجامعات المختلفة وبها حوالي 200 سرير، أما المستشفيات الخاصة فلا تتجاوز طاقتها الإجمالية 3537 سريرا، وهوما يشير إلى أن وزارة الصحة والسكان تعد المقدم الأول والأساسي لخدمات الصحة النفسية في مصر.

ويبلغ عدد العيادات الخارجية للصحة النفسية في مصر حوالي ٦٢ عيادة، اثنتان منها مخصصتان لخدمة الأطفال والمراهقين، وفي عام 2004 بلغ عدد المترددين على العيادات الخارجية 176,133 مترددا، وهناك عيادة واحدة فقط تقدم خدمة المتابعة للحالات التي تتلقي العلاج في المجتمع أي خارج المستشفي.

ولما كانت مهنة الطب النفسي تتميز بسمات دقيقة وظروف متشعبة حيث تتعامل مع شرائح المجتمع الضعيفة والأكثر عرضة لانتهاك حقوقهم، فهم بذلك في حاجة إلي قانون يحميهم ويحمي مصالحهم، فالمرض النفسي قد يؤثر في تفكير المصابين به ومشاعرهم وتصرفاتهم بطريقة تجعلهم غير قادرين على حماية أنفسهم أوالدفاع عن مصالحهم، وهنا تبرز الحاجة إلي قانون يضع ميزانا دقيقا بين حفظ حقوق الفرد وحرياته الشخصية في تلك الظروف الاستثنائية، بما فيها حقه في العلاج والرعاية، وبين مراعاة مقتضيات الصحة والسلامة له وللآخرين.

من ناحية أخرى، فإن تعرض المرضى النفسيين للرفض وللإساءة في المعاملة وللاستغلال في كل مكان بما في ذلك الأماكن التي تقدم لهم الرعاية الصحية وخصوصا داخل المصحات ودور الإيواء يثير الحاجة إلي تشريع للصحة النفسية يتضمن عددا من المبادئ الأساسية المتعلقة بالرعاية الصحية، لذا كانت هناك ضرورة لإصدار مشروع قانون لرعاية المريض النفسي وحفظ حقوقه.


مواضيع متعلقة