فرصة مصر لإصلاح التعليم.. ادعموا طارق شوقي
- إمام أحمد
- طارق شوقي
- التعليم
- نظام التعليم
- الامتحانات
- منظومة التعليم الجديدة
- إمام أحمد
- طارق شوقي
- التعليم
- نظام التعليم
- الامتحانات
- منظومة التعليم الجديدة
مريض السرطان يريد العلاج، لكنه يكره الكيماوي. هذه حالة أشبه إلى حد كبير بحالة التعليم في مصر. بدون تجميل أو إنكار يجب أن نعترف جميعاً أننا تعايشنا مع منظومة مصابة بالسرطان على مدار سنوات طويلة، منظومة يدخل إليها الطالب طفلاً ليتخرج بعد مشوار طويل شاباً لا يحمل بين يديه إلا شهادة يحصل بها على فرصة عمل أو يعلقها على الحائط، مجرد شهادة تحمل اسمه دون تحصيل علمي حقيقي أو معرفة أو مهارات. لا داعٍ لإضاعة الوقت في التدليل على ذلك، حضرتك وأنا والآخرون على هذه الأرض ندرك جميعاً هذه الحقيقة، وأي وصف مختلف ما هو إلا مجرد وهم أو على أحسن الأمور استثناء خارج القاعدة.
منذ اللحظة الأولى من توليه المسئولية الثقيلة في السادس عشر من فبراير 2017، كان الدكتور طارق شوقي مدركاً أن المسكنات لم تعد نافعة مع الحالة التعليمية المصرية، وأن تكرار نفس التجارب الفاشلة لن يؤدي بطبيعة الحال إلى نتيجة جديدة. أخذ الوزير الجديد على عاتقه منذ اليوم الأول أن يقوم بعملية تغيير شامل للمنظومة، إصلاحات من الجذور والأعماق وليس الفروع والسطح، علاج بالكيماوي لحالة متأخرة.. قد يجزع المريض من العلاج لكنه يحتاج إليه.
طارق شوقي الذي قضى فترة طويلة داخل منظمة اليونيسكو وقاد تنفيذ العديد من المشروعات حول العالم في مجال تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم والثقافة وتقلد منصب مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في الدول العربية لأكثر من عشرة أعوام، ثم رأس المجلس التخصصي للتعليم والبحث العلمي التابع لرئاسة الجمهورية لنحو عامين قبل قبوله المهمة الثقيلة بين دهاليز الوزارة، اختار الطريق الصعب، لكنه الطريق الصحيح، فعمل على تفكيك المنظومة القديمة وبناء منظومة جديدة، في إطار ما تتيحه الإمكانيات اللوجستية والاقتصادية والبشرية لـ"شبه دولة"، كما وصفها سيادة الرئيس، تحاول أن تخرج من أنفاق الماضي إلى مستقبل طموح ومزدهر.
ملامح المنظومة الجديدة يمكن إيجازها في عدة نقاط: تقليص سلطة الامتحان باعتباره أداة تقييم الطالب، تقديم الفهم والمهارات والأنشطة على حساب الحفظ، تنشئة شخصية قادرة على التفاعل والابتكار والإضافة وليس التلقي فقط، الاعتماد على وسائل الاتصال الحديثة كجزء رئيسي من العملية التعليمية.
الحقيقة أن الدكتور طارق شوقي لم يكن صاحب بدعة في كل هذه الأمور، الرجل لم يخترع العجلة، ما يحاول تطبيقه في إطار أفضل توظيف ممكن للإمكانيات المحدودة المتوفرة هو ما أثبت جدارته بالفعل في دول العالم المتقدم منذ زمن بعيد، بل هناك أصوات من الداخل طالما نادت بهذه الثورة التعليمية دون أن تجد الإرادة السياسية لذلك، أو تساعدها الظروف لإحداث هذا التغيير، ولننظر إلى ما قاله عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في كتابه مستقبل الثقافة في مصر، تحديداً في محور التعليم؛ سنجد أن ما قاله أبوالمثقفين العرب نصاً في ثلاثينيات القرن الماضي هو ما يحاول طارق شوقي جاهداً أن يطبقه اليوم، لكن بلغة 2020.
هذه الثورة التعليمية، إن جاز التعبير، تواجَه بقوة رفض كبيرة من جانب طرفين: الطرف الأول أصحاب المصالح الذين تربحوا من منظومة فاشلة وفاسدة، وهذه فئة محدودة العدد لكنها ذات تأثير ونفوذ، أو تعتقد في نفسها أنها ذات تأثير ونفوذ. أما الطرف الثاني فهم الذي نادوا بالتغيير لكنهم يخشونه، الذين يطلبون العلاج لكن يجزعون منه، الذين يبصمون بالعشرة أن المنظومة القديمة غير جديرة بالاستمرار، لكنهم يخافون على مستقبل أبنائهم من المجهول؛ لأن الإنسان بطبعه يخاف ما يجهل. لكني على ثقة من أن الإرادة السياسية التي تحمي مشروع التعليم المصري الحديث أقوى من مصالح الطرف الأول ومخاوف الطرف الثاني، وأن هذا المشروع برغم التحديات الكبيرة الي تواجهه، والجدل الواسع الدائر حوله، إلا أنه سوف ينجح.. وبإذن الله تنجح به مصر.