أستاذة طب نفسى: بعض الدعاة يعانون من «الكبت الجنسى»

كتب: محمد شنح

أستاذة طب نفسى: بعض الدعاة يعانون من «الكبت الجنسى»

أستاذة طب نفسى: بعض الدعاة يعانون من «الكبت الجنسى»

«يجوز للزوج ترك زوجته للمغتصبين حفاظاً على النفس»، من خلف شاشة حاسبه الإلكترونى الشخصى، يجلس الشيخ الملتحى الخمسينى على كرسيه مرتدياً الجلباب القصير المريح، ويدقق بنظارته الطبية ليتابع أسئلة مريديه وأتباعه على موقع «أنا السلفى»، ومن بين قائمة طويلة من الأسئلة ينتقى ما يحلو، حتى يأتى سؤال يشتهيه: «هل مَن علِم أنه يُقتل وتُغتصب زوجته أيضاً يجب عليه ألا يقاتلهم أو يقاوم المجرمين؟»، لتأتى بعدها الفتوى الصادمة. «علماء الدين من واجبهم أن يتحدثوا فى كل صغيرة وكبيرة تخص الإنسان، فلا حياء فى العلم، ولكن يجب على من يتحدث أن يكون على ثقافة وعلم تام بشئون الدين»، ترى الدكتورة منال زكريا، أستاذة الطب النفسى، أن عالم الدين من واجبه أن يوضح للناس شئون دينهم ودنياهم، ويتحدث فى كل صغيرة وكبيرة حتى الأمور الجنسية، وهذا الأمر ليس له علاقة بشخصية الداعية أو توجهه سواء كان «أزهرياً أو سلفياً»، ولكن هناك سؤال مهم لا بد أن نطرحه: «هل هذا الشخص مؤهل لأن يكون داعية أو رجل دين متخصصاً فى الفتوى؟». «لا يجوز أن يقتل الزوج زوجته وعشيقها لمجرد رؤيتهما عاريين»؛ «التركيز على هذا النوع من الفتاوى التى دائماً ما تتعلق بالجنس، ومحاولة إثارتها بين الحين والآخر، تدل على أن أصحابها يعانون من الكبت الجنسى منذ الصغر أو فى مراحل عمرية مبكرة، أو أنه لديهم مشكلات فى علاقتهم مع الطرف الآخر، كما أنه قد يكون هناك مشكلة فى تنشئة الداعية كأن يكون تربى فى بيئة ذكورية معادية للمرأة، وبالتالى يتخذ المرأة وجسدها هدفاً له فى أحاديثه، وقد تتسبب هذه الفتاوى فى زيادة العنف المجتمعى تجاه المرأة، ويجعلها لا تأمن على نفسها وسط مجتمع ينظر لها نظرة دونية ويعتبرها مجرد سلعة متاع وأنها نكرة، وهذا الأمر لا تجده عند رجل دين وسطى إنما هو سلوك الدعاة المتشددين دينياً يفسرون الدين وفق هواهم». «زكريا» تضيف: «يجب على مثل هؤلاء الدعاة أن يعلموا أنهم فى مجتمع قائم على المساواة، وأن المرأة ليست مجرد جسد، وعليهم بقبول الآخر وقبول الاختلاف، والتنشئة على التسامح»، موضحة أنهم لا بد أن ينظروا إلى أفكارهم ويراجعوها جيداً، وإذا كانت لديهم مشكلات مع المرأة عليهم التفكير فى العلاج منها. «إذا كانت قوة المسلمين أقل من نصف عدوهم يجوز الانصراف من المعركة»، فتوى أخرى أثارت جدلاً من الشيخ «برهامى»، وإن كانت ابتعدت عن الجنس إلا أنها تنمى روح الهزيمة وتقتل روح الانتماء، وهنا تقول «زكريا»: «هذه فتوى من غير مختص، ولا يستطيع أى داعية أن يفتى بالانسحاب من معركة، فهذه تقديرات لقادة الجيوش، والرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: (أنتم أعلم بشئون دنياكم)، فالداعية الإسلامى ليس مؤهلاً ليتحدث فى الشئون العسكرية، فهذه فتوى عن غير علم واختصاص». «تأهيل الدعاة نفسياً وأخلاقياً»، ترى أستاذة الطب النفسى منال زكريا أنه على المؤسسات الدينية والأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إعادة تقييم الدعاة الموجودين على الساحة، ولا يسمح لأى شخص بالحديث فى الدين بدون علم، ويجب أن يُخضعوا جميع الدعاة سواء فى مجال الفتوى أو الخطابة لاختبارات وفحوصات نفسية وأيضاً يجب تثقيفهم علمياً على يد أساتذة متخصصين فى علم النفس وعلم الاجتماع والإعلام والعلاقات العامة وأيضاً العلوم، ليكون لديهم قدرة على التعامل مع كل أفراد المجتمع، وأن يكون لديهم نضج أخلاقى عالٍ، فنحن كمجتمعات شرقية فى مراحل متدنية من الارتقاء الأخلاقى، و«هذا لا يعنى أنه ليس لدينا أخلاق، ولكن نحن على دراية بالجوانب الأخلاقية ولكن سلوكياتنا الأخلاقية متدنية».