أستاذ في جامعة موناكو الدولية: الجنيه لن ينهار أمام الدولار.. وبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري مكَّن الحكومة من مواجهة الفيروس بنجاح

كتب: سيد جبيل

أستاذ في جامعة موناكو الدولية: الجنيه لن ينهار أمام الدولار.. وبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري مكَّن الحكومة من مواجهة الفيروس بنجاح

أستاذ في جامعة موناكو الدولية: الجنيه لن ينهار أمام الدولار.. وبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري مكَّن الحكومة من مواجهة الفيروس بنجاح

توقع الدكتور باسم قمر، أستاذ الاقتصاد بجامعة موناكو الدولية، كبير الاقتصاديين لمنطقة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط بالبنك الأوروبى للإنشاء والتعمير، أن تحقق مصر خلال هذا العام واحداً من أعلى معدلات النمو بين دول العالم التى من المنتظر أن يحقق معظمها معدلات نمو سلبية بسبب فيروس كورونا الذى يضرب العالم.

وتابع «قمر»، فى حواره لـ«الوطن»، أن نجاح البرنامج الاقتصادى مكَّن الحكومة من التعامل بكفاءة مع الركود.. وإلى نص الحوار

د. باسم قمر: مصر ستحقق واحداً من أعلى معدلات النمو فى العالم فى "عام الكورونا" 

بداية كيف تتوقع معدلات النمو لمصر خلال هذا العام فى ظل تداعيات فيروس كورونا؟

- فى البداية توقعت أن تحقق مصر نمواً مقداره نحو 1.5 خلال هذا العام.. ولكن أعتقد الآن أنها قد تحقق معدلات نمو تتراوح بين 3.5 و4% لتكون بذلك واحدة من أعلى معدلات النمو فى العالم هذا العام.

ولماذا غيرت توقعاتك من 1.5 إلى 4%؟

- التوقعات تُبنى على افتراضات. وكانت توقعاتى مبنية على أن مصر سوف تفرض حظراً شاملاً على كل أنشطتها الاقتصادية مثل معظم دول العالم، وهو ما لم يحدث، إذ اكتفت مصر بحظر جزئى، ما يعنى أن معدلات النمو ستكون على الأرجح وفقاً للمعطيات الحالية، التى قد تتغير فى المستقبل، أعلى من المتوقع فى بداية الأزمة.

مصر تبذل جهداً خارقاً لتغيير الواقع السيئ الذى كنا نعيشه

هل لهذا السبب تشير بعض التقارير الدولية إلى أن مصر الدولة العربية الوحيدة التى ستحقق نمواً اقتصادياً العام الجارى؟

- من المهم أن نوضح أن الركود سيطال كل دول العالم، ومنها مصر. لكن وقع الركود سيكون أقل وطأة على مصر من غيرها من دول المنطقة وكثير من دول العالم لأسباب واضحة؛ أولها الانتشار البطىء للفيروس نتيجة لعوامل مختلفة منها التعامل الناجح للحكومة معه (حتى الآن)، ومنها طبيعة الجو، وتوافر الأدوية الفعالة فى التعامل مع أعراضه (مثل أدوية الملاريا)، ثانياً نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى.

وكيف دعّم برنامج الإصلاح مصر فى مواجهة «كورونا»؟

- الركود وتعطل الإنتاج يحتاجان لمخصصات مالية كبيرة. وبرنامج الإصلاح وفر لمصر قدرات مالية جيدة وقدرة على الاقتراض بأسعار فائدة منخفضة. وسأعطيك 3 أمثلة؛ كان أحد أهداف برنامج الإصلاح خفض الدين العام وعجز الموازنة العامة وانخفض بالفعل الدين العام لنحو 90% من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة بأعوام تجاوز فيها الـ100% وانخفض العجز لنحو 8% مقارنة بنحو 15% فى 2013. ولك أن تتخيل كيف كان يمكن أن يكون الحال إذا هاجمت الأزمة مصر وهى تعانى من دين عام متضخم وعجز موازنة مستفحل؟ كانت الحكومة ستجد نفسها عاجزة عن الاقتراض، وإذا وجدت من يقرضها سيقرضها بفوائد فاحشة.

الأمر الثانى توافر احتياطى آمن من العملات الصعبة. المتعارف عليه وفقاً لمعايير صندوق النقد أن يكون هذا الاحتياطى كافياً لتغطية 3 شهور من الواردات كحد أدنى وبحد أقصى 6 شهور. هاجمت الأزمة مصر واحتياطياتها تبلغ نحو 45 مليار دولار وتكفى لتغطية 8 شهور من الواردات.. لولا هذا الاحتياطى المريح ما كان لمصر أن تنفق 5 مليارات دولار لإنعاش اقتصادها الذى تضرر.

الأمر الثالث هو مشروعات البنية التحتية الجبارة التى شرعت فيها الدولة منذ 2014. هذه المشروعات أفادت واستفادت من الأزمة.. فالدولة تواصل العمل فى هذه المشروعات فى ظل الأزمة، أى أثناء توقف معظم المشروعات التابعة للقطاع الخاص، ما يعنى أن كل جهود الشركات المنفذة أصبح ينصب على هذه المشروعات بعد أن كان موزعاً عليها وعلى غيرها، الأمر الذى يمكن من إنجاز هذه المشروعات قبل المواعيد المقررة سلفاً لها. وفى نفس الوقت، أنقذ العمل فى هذه المشروعات عشرات الشركات من التعثر والإفلاس وخلق عشرات الآلاف من فرص العمل فى وقت الركود.

"السيسي" لديه رغبة فى تعويض الوقت الضائع الذى شهدته فى العقود الماضية

لكن بعض الاقتصاديين يقول إن التوسع فى مشروعات البنية التحتية فى مقابل المشروعات الإنتاجية له أثر تضخمى.

- التضخم مرتبط بزيادة الطلب أو الاستهلاك بنسبة أكبر من القدرة على إنتاج السلع والخدمات. وفى أوقات الأزمات، مثل أزمة كورونا، ينخفض الاستهلاك بشكل واضح. وبالتالى لا توجد مشكلة، أما فى الأوقات العادية، أى قبل الأزمة، فالتضخم يتحقق إذا كان النمو غير متوازن، أى لو كان هناك تركيز على مشروعات البنية التحتية وإهمال فى قطاعات الإنتاج الأخرى، وهذا لم يحدث فى مصر، نعم هناك وجهات نظر مختلفة للأولويات لكن فى تقديرى فإن الدولة قد بذلت جهداً خارقاً فى تغيير الواقع السيئ الذى كنا نعيشه، والرئيس لديه رغبة هائلة فى تعويض الوقت الضائع على مصر فى العقود الماضية ويدفع للعمل بلا توقف.. وكم الإنجاز الذى تحقق رهيب، ومشروع العاصمة الإدارية فكرة عبقرية لا يقدر الكثيرون أهميتها. وبالمناسبة تكلفة إعادة تأهيل القاهرة كان سيكون أعلى من إنشاء العاصمة.. فمرافق القاهرة وشوارعها وصلت إلى مرحلة ما كان يمكن أن تدعم طموحات بلد يسعى لتحقيق انطلاقة.

ما توقعاتك لسعر صرف الجنيه خلال هذا العام؟

- لا أشارك الكثيرين فى توقعاتهم بحدوث انخفاض كبير فى الجنيه مقابل الدولار. توقعاتى ألا يزيد هذا الانخفاض على 16.20 جنيه للدولار بنهاية 2020. وذلك لأن أزمة كورونا ستنحسر قبل سبتمبر، وفى أسوأ الأحوال، فى ديسمبر المقبل. خلال هذه الشهور ستعانى مصر من تراجع فى مواردها من العملة الصعبة، لكن لديها احتياطياً جيداً وقدرة على الاقتراض من صندوق النقد الذى من الممكن أن يقرضها نحو 5 مليارات دولار وبنك الإعمار الأوروبى قرر أن يستثمر فى مصر 450 مليون دولار فى القطاعات الأكثر تضرراً من الأزمة والبنك الدولى والبنك الأفريقى سيقرضان الدولة أيضاً أموالاً بأسعار فائدة منخفضة ولآجال طويلة، وكل ذلك من شأنه تخفيف الضغوط عن الجنيه.


مواضيع متعلقة