جائحة كورونا.. مأساة بلا نهاية واضحة
(1)
ليس أسوأ من مأساة لا نهاية لها.
يواجه ملايين البشر كل يوم، كارثة لا يمكن وقفها، لأنها قاتلة.
الفأس تسقط يوميا على أعداد لا حصر لها من الرؤوس.
الروايات عن الضحايا وحكايات الناجين، مؤلمة وموجعة، لدرجة تعجز فيها النفس البشرية عن رتق جروحها.
يقينًا، محاولة البحث في المفردات، كل المفردات، عن معنى توصيفي لآلاف الضحايا يوميا، حالة تشبه نعي اللغة نفسها.
هذه أكبر أزمة صحية منذ قرن، بتعبير روبرت ريدفيلد، عالم الفيروسات الأمريكي الشهير، في حواره مع موقع "ستايت نيوز".
(2)
بلغة الأرقام: الخسائر قد تصل لـ6 تريليونات دولار.
بحسابات المكسب والخسارة، ربما يفقد 25 مليون شخص حول العالم وظائفهم.
معدلات النمو ستنخفض لـ 2.1 % بدلاً من 3.6%، مع احتمالية تراجعها لـ1.5% في الربع الثاني من العام الجاري.
أمريكا، الدولة الأقوى في العالم، وصلت خسائرها حتى نهاية مارس الماضي نحو 900 مليار دولار. الصين ثاني أكبر اقتصاد على ظهر الكوكب، وأكبر مصدر في العالم، وصلت خسائرها لـ200 مليار دولار. إيطاليا تخسر شهريا نحو 100 مليار بفعل توقف إنتاجها. بريطانيا خسرت 130 مليار جنيه استرليني وفقد مليوني شخص وظائفهم.
كل شيء صار تحت مِقْصَلَة الخسارة، والجميع ينتحب.
(3)
يقينا، نحن أمام أزمة عظيمة، ستشكل نقطة تحول في التاريخ المعاصر، بتعبير ريتشارد هاس، الدبلوماسي الأمريكي الشهير، في فورين أفيرز.
بعد انتهاء الجائحة سيُنظر إلى العديد من المؤسسات الدولية، على أنها فشلت في مواجهة الفيروس، بتعبير المخضرم هنري كسينجر، في "وول ستريت جورنال".
النفوذ الأمريكي حتما سيتراجع لصالح كيانات أخرى تبدو متفردة في مواجهة الفيروس.
الصدام الأمريكي الصيني، سيصبح جائحة ما بعد الجائحة.
هذه لحظة يكتب فيها التاريخ بتبعات الفيروس.
(4)
حتى الآن، لا يوجد دواء رسمي مرتكن لأساس علمي ودراسات إكلينيكية صلبة وصارمة وخاضعة للرقابة لعلاج الفيروس المستجد.
استخدام الكلوروكوين والهديروكسي كلوروكوين، دون اعتماد رسمي، يدخل في نطاق الأسباب "الرحيمة"، التي قد تدفع الطبيب إلى استخدام دواء لم يتم اعتماده بعد للاستخدام العام في علاج المريض الذي تكون حالته شديدة الخطورة لمحاولة التخفيف عنه.
الوصول لدواء يبدو مرهونًا بعدم تحور كوفيد-19.
الرئيس الأمريكي بدا متهورًا حين أعلن عن نجاعة بعض الأدوية المعالجة للملاريا، في علاج كورونا، قبل أن يعلن تراجعه مرة أخرى.
المؤسف أن المواطنين في العالم كله استمعوا لطرحه الدوائي، فتصرفوا وفقا للسلوك البشري الاستحواذي، دون أن يسمعوا تراجعه.
الأكثر أسفا، أن ترسل بعض الشركات الدوائية "آمالا زائفة" في توقيتات يجب أن يحل فيها الضمير الإنساني، محل رهانات المكسب والخسارة.
هذه لحظة يجب أن يتجاوز فيها الجميع رهانات الاستحواذ، لصالح بقاء النفس البشرية.
(5)
في مصر، خلقت حالة الشفافية والمصداقية، جبهة من التعاطف لا يمكن تحقيقها مع شعب يقدس المظلومية.
تزايد الأرقام يوميا، لا يعني شيء سوى أننا نريد الوصول لأكبر قدر من المصابين قبل أن تعود الحياة لطبيعتها.
الاستعجال قد يخلق تراجيديا أسوأ من تراجيديا الطليان والأسبان والأمريكان.