علا الشافعى تكتب: "لا كازا دى بابل".. العالم ينتظر الثأر لنيروبى

كتب: علا الشافعى

علا الشافعى تكتب: "لا كازا دى بابل".. العالم ينتظر الثأر لنيروبى

علا الشافعى تكتب: "لا كازا دى بابل".. العالم ينتظر الثأر لنيروبى

هل أصبح عرض الجزء الجديد من المسلسل الإسبانى الشهير MONY HEIST حدثاً عالمياً؟.. الإجابة «نعم» أصبح كذلك، إذ لا يستطيع أحد أن ينكر -رغم تحفظات البعض على مستوى الجزأين الثالث والرابع- الحديث عن عدم منطقية الأحداث والمبالغات.

ولكن تعالوا نعود بالذاكرة إلى الوراء، وتحديداً مع الجزء الأول الذى حقق نجاحاً مدوياً على مستوى العالم بمجرد عرضه على منصة «نتفليكس»، حيث من البداية وافقنا كمشاهدين على منطق العمل الذى يبدو منافياً لأى فكرة عقلانية «سرقة دار سك العملات فى وسط مدريد».

لا ليس ذلك فقط بل يخرج الفريق الذى قام بالسرقة سالماً غانماً ويعيشون حياتهم فى بلدان بل قارات مختلفة، ونحن كمشاهدين لم نقبل بذلك فقط بل مع مرور الأحداث صرنا جزءاً منها، نهتف مع «البروفيسور» وفريقه مع كل نصر يحرزونه، ويصيبنا الإحباط إذا شعرنا بأن الخطة قد لا تنجح.

خرج المسلسل من كونه مسلسل «دراما إثارة وتشويق وجريمة»، إلى «مانيفستو» احتجاج ضد كل قيم الرأسمالية المتوحشة التى وصلت أقصى حدودها من التوحش هذه الأيام، بعد ما كشفته أزمة «فيروس كورونا» من خلل واضح فى هذا النظام العالمى.

المشاهدون أصبحوا جزءاً من الحدث يهتفون مع كل نصر للفريق ويصيبهم الإحباط إذا شعروا بأن الخطة قد لا تنجح

لذلك فالسؤال الأهم «هل لا يزال المسلسل يحقق متعة الفرجة، هل لا يزال المشاهد يلهث وهو يتابع مشاهده وليس حلقاته فقط، هل أصبحت العلاقة مع أبطال العمل أقرب إلى التماهى؟».

أعتقد أن الإجابة عن كل هذه التساؤلات هى مفتاح الجزء الرابع الذى أعتقد أنه حقق كل ما سبق، وتركنا فى حالة تساؤل عن أحداث الجزء الخامس، ومتى سيعرض، وكيف ستنتهى الحرب، وماذا بعد وفاة نيروبى، وهل ستنضم إليثيا سييرا إلى فريق البروفيسور؟، بعد أن خذلتها الحكومة حيث كان وزير الداخلية يرغب فى أن يقدمها «كبش فداء» فى قضية تعذيب ريو.

بعيداً عن المنطق.. لا صوت يعلو فوق صوت الحب

لا صوت يعلو فوق صوت الحب، لذلك لا تبحث عن المنطق فى الأحداث لأن تشابك علاقات الحب والشعور بالخيانة أو الفقد كفيل بأن يضرب بأى منطق درامى عرض الحائط.

نحن أمام جزء يمتلئ بالصراع واللهاث نجح صناع العمل إلى حد كبير فى جعلك تعيش معهم الكثير من اللحظات المليئة بالخوف والإحباط والحب والكوميديا فى لقطات نادرة خصوصاً مع حالة التماهى التى تمكنوا من بنائها على مدار الأجزاء السابقة بين الممثلين وفريق العمل والمشاهدين فى كل أنحاء العالم، الذين تحولت شخصيات العمل إلى أيقونات بالنسبة لهم، إضافة إلى «قناع دالى»، وأغنية «بيلا تشاو» صارا رمزاً من رموز المقاومة ضد الرأسمالية المستغلة والمتوحشة، إضافة إلى ذكريات الماضى الحميمة التى تعطى مزيداً من العمق إلى الحكاية وهذا ما يحقق المتعة فى اللعبة التى أصبحنا جزءاً منها.

وكان أمام صناع العمل تحدٍ أكبر بعيداً عن الحفاظ على النجاح بل مزيد من النجاح والتفوق والقدرة على جذب الجمهور.

الحرب مستمرة                                              

بدأت أحداث الموسم الرابع من المسلسل الشهير بـ«الحرب»، بعد تأكيد «البروفيسور»، على ذلك فى نهاية الموسم الثالث حينما قال «إنها حرب»، لا سيما أن الأحداث لم تعد مجرد عملية سرقة إنما حرب حقيقية يخوضها الجميع، وهناك قواعد تحكمها دائماً فالحرب تنطلق ويبدأ معها تشكل العلاقات بناء على تبادل النيران، والهدنة والخروج عن السيطرة فى الكثير من الأحيان خصوصاً أن هناك دائماً موالين وخونة، وهو ما يشكل طبيعة المعركة، حيث يضطر فريق العمل إلى الخروج عن السلمية فى الكثير من المشاهد، وتحديداً بعد أن بدا لنا أن البروفيسور وفريقه يفقدون السيطرة، «لشبونة» تم القبض عليها والأستاذ يظنها قتلت وهى المرأة الوحيدة التى وقع فى غرامها، نيروبى تصارع الموت، «باليريمو» يأخذه جنونه وعشقه لذاته إلى صنع حالة من الفوضى بعد أن تمردت عليه طوكيو وتولت القيادة.

فوضى من أجل الحب والإنسانية.. لماذا ينتظر العالم جديد "لا كازا دى بابل"؟

أى فوضى هذه التى ستتم من خلالها عملية تهريب احتياطى الذهب الإسبانى من البنك المركزى، لذلك يصبح التوتر هو المسيطر بين أفراد الفريق، من ناحية وطاقم التحقيقات من ناحية أخرى خصوصاً بعد أن أعطى «البروفيسور» الأمر بتفجير مدرعات الشرطة التى كانت فى طريقها إلى اقتحام البنك المركزى فى محاولة للقضاء على فريق عملية السطو حيث يستعين فريق التحقيقات الذى يقوده وزير الداخلية بنفسه بما حدث فى ثورة يناير، وتحديداً الجزء المتعلق بقطع الاتصالات والإنترنت والأنظمة التى تستخدم الأقمار الصناعية وتظهر العبارة صريحة: «تماماً كما فعلت مصر فى ثورة 2011».

هل لا يزال المسلسل يحقق متعة الفرجة لمشاهد يلهث وهو يتابع الحلقات حتى أصبح متماهياً مع أبطال العمل؟

وفى ظل توتر الأجواء ووصول الأحداث إلى نقطة ساخنة حيث بدا البروفيسور وفريقه أقرب إلى الفشل منهم إلى النجاح، وتحديداً بعد أن حرض «باليريمو» غانداى الحارس الشخصى لمحافظ البنك المركزى ورئيس الفريق الأمنى على أن يحرر نفسه من القيود لتبدأ معركة من نوع آخر. تلك المشاهد واللقطات المليئة بالصراع وتبادل إطلاق النار لا يخفف منها إلا الظهور الخاص جداً والذكى لبرلين فى مشاهد فلاش باك مصنوعة بحرفية لتؤكد استغلال شخصية برلين (واحدة من أكثر مسلسلات العمل شعبية رغم تركيباتها النفسية الصعبة) وهى المشاهد التى تجعلنا نقول سيظل برلين هو المعلم دائماً وأبداً سواء فى الحياة أو مراحل تنفيذ الخطة. وهو ما يعكس الصياغة الدرامية الذكية لفريق كتابة العمل.

عملية داخل العملية

بعد لحظات الانهيار تلك يعمل «البروفيسور» على استعادة قدرته على التفكير المنطقى، ودراسة اللحظات التى بدأ الفريق فيها فى الانهيار، ويعمل على أن يرد اللكمات لفريق التحقيقات وإصابتهم بالارتباك وكشف ألاعيبهم أمام العالم وتحديداً فيما يتعلق بقضية تعذيب «ريو»، واعتقال «لشبونة»، دون إبلاغ المحكمة، وينضم للبروفيسور فريق جديد لمساعدته فى تنفيذ الخطة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والبدء بتحرير لشبونة كما يحاول الفريق داخل بنك إسبانيا السيطرة على الموقف وتحديداً بعد قتل «نيروبى» التى كانت قد قاربت على التعافى.

استطاع البروفيسور تحرير «لشبونة» من محبسها، وعادت وانضمت للفريق الموجود ببنك إسبانيا ليستكملوا خطتهم رافعين شعار «من أجل نيروبى».

فى ظنى أن السؤال الأهم هو كيف نجح صناع هذا العمل من التحليق به من مجرد مسلسل محلى إسبانى إلى مسلسل عالمى ينتظره المشاهد من أمريكا اللاتينية إلى الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفضل شىء فى العمل، الذى ابتكره Álex Pina، هو كيف أنه لا يسمح لك أن تطرف عينيك حتى لجزء من الثانية. كل لحظة تشعر أن عقلك على وشك الانفجار ثم سرعان ما تتأمل: كيف تحولت معركة السلطة والمال إلى لعبة حياة وموت؟ وبالنسبة لأعضاء المجموعة الذين تم ترميزهم كأسماء مدن عالمية فى قارات مختلفة وهو ما يعطى بُعداً شديد الإنسانية لأبطال العمل.

وأتخيل أن الإخلاص لهذا العمل بكل شخوصه وتفاصيله ثم الشغف، والقدرة على صنع الكثير من المفاجآت على مدار الـ8 حلقات، وأيضاً المشاعر المتناقضة التى تحملها كل شخصيات العمل على رأسهم البروفيسور الرجل شديد الذكاء أو لنقل العبقرى والذى يشعر بينه وبين نفسه أنه فاشل وانطوائى بل إن البعض يراه غريب الأطوار، وطوكيو المسيطرة والمندفعة، التى تشبه كرة اللهب، ونيروبى الواثقة والقادرة على إدارة فريق التى كتمت أنفاس المشاهدين حتى لحظة نجاتها، والصمت والإحباط الشديد الذى لازم قتلها بعد ذلك.

البعض تحفظ على مستوى الجزأين الثالث والرابع وعدم منطقية الأحداث والمبالغات

قد يرى البعض أن المسلسل انتهى مع أول جزأين، وهذا حقهم ولكن الحقيقة التى يعكسها حجم المشاهدات وحالة الجدل التى لا يزال المسلسل يصنعها على وسائل التواصل الاجتماعى على مستوى العالم يقول العكس، نحن أمام مسلسل إثارة ودراما إنسانية يملك منطقه الخاص ولم يكتف صناعه بالنجاح السابق بل صنعوا جزءاً جديداً قادراً على صنع الدهشة وإثارة الجدل.

مسلسل «لا كازا دى بابيل» La casa de papel الإسبانى، عرض الموسم الأول منه فى 2017، وحقق ملايين المشاهدات، وحصل على المركز الأول بين المسلسلات الأجنبية المعروضة على شبكة Netflix.

أبطال المسلسل الإسبانى هم: Álvaro Morte (البروفيسور)، Úrsula Corberó (طوكيو)، Alba Flores (نيروبى)، Miguel Herrán (ريو)، Itziar Ituño (راكييل)، Pedro Alonso، Jaime Lorente، Esther Acebo، Enrique Arce، Darko Peric، Mario de la Rosa، Rocco Narva، Fernando Soto.

تفاعل الجمهور

تفاعل عدد من الجماهير مع أحداث المسلسل من خلال عدة «هاشتاجات» دشنها الجمهور العربى عبر «تويتر»، وجاءت التعليقات كالتالى: «نيروبى ماتت»، «ما توقعت يموتوا أكتر حد بحبه فى المسلسل»، «إحنا خلصنا الجزء الرابع فين الخامس بقى»، «نيروبى وهى على فراش الموت بتعاكس»، «النهاية غير متوقعة والأحداث مفتوحة بشكل كبير»، «ترى هل تنضم المحققة للفريق؟»، «حب مثل طوكيو، استمتع مثل نيروبى»، «اضحك مثل دنفر، واشعر مثل ريو، العب مثل موسكو، دافع مثل هلسنكى، قاتل مثل أوسلو، كن واثقاً مثل برلين، وفكر مثل البروفيسور ولكن لا تكن قذراً مثل أوتوريتو».


مواضيع متعلقة