تسير عكس الاتجاه.. هل يحول كورونا البرازيل لـ"بؤرة" لاتينية؟

كتب: آلاء عوض

تسير عكس الاتجاه.. هل يحول كورونا البرازيل لـ"بؤرة" لاتينية؟

تسير عكس الاتجاه.. هل يحول كورونا البرازيل لـ"بؤرة" لاتينية؟

يظل الغموض هو سيد الموقف في أزمة فيروس "كورونا" المستجد، فبين ليلة وأخرى يتغير الحال وتنقلب الموازين، بينما تخرج الأمور عن السيطرة في دول عظمى لديها إمكانيات طبية وفنية تمكنها من مواجهة ذاك الوباء الذي أثار الفوضى والذعر في عالم بأكمله، بينما يذهب آخرون إلى أن هذا الفيروس بسيط، وربما يكون خدعة إعلامية، وذلك ما صرح به الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو قبل أيام.

وفقًا لما نشرته قناة "روسيا اليوم" الإخبارية، اليوم، فهناك حملة حكومية برازيلية تناهض الحجر الصحي التي تنتهجها كافة الدول الموبوءة وتوصي بها منظمة الصحة العالمية منذ تفشي الفيروس، إذ بدأت حكومة البرازيل بالترويج لحملة دعائية تحت شعار "البرازيل لا يمكن أن تتوقف"، وذلك تماشيا مع طرح الرئيس بولسونارو أن إجراءات مكافحة فيروس كورونا تقتل اقتصاد البلاد.

وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي ومجوعات أنصار بولسونارو في تطبيق "واتس آب" مقطع فيديو يتحدث فيه المذيع عن المهن التي من أجلها "لا يمكن للبرازيل أن تتوقف"، كما يتحدث عن الشركات التي تضطر للإغلاق وفصل العاملين فيها، وأثار ذاك المقطع الذي لم يتم نشره رسميا انتقادات شديدة من قبل زعماء المعارضة الذين يعتقدون أن مقاطعة إجراءت الحجر الصحي التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية واعتمدتها دول أخرى، ترقى إلى التعدي على حياة المواطنين وصحتهم.

واصطدمت حكومة بولسونارو التي تصر على ضرورة الحفاظ على النشاط الاقتصادي في وجه خطر انهيارالاقتصاد بسبب الإجراءات التقييدية، بمعارضة من السلطات المحلية التي تفرض بشكل منفرد إجراءات حجر صحي مشددة في مدن وأقاليم البلاد، نتيجة لتسجيل البرازيل 3417 إصابة و19 وفاة بفيروس كورونا حتى الآن، بينما يرفض الرئيس البرازيلي اتخاذ اجراءات صارمة معتبرًا أن كل هذا مجرد مؤامرة سياسية ستهدف البرازيل.

صدفة محمد: إذا لم يتخذ بولسونارو قرارات فعلية وصارمة ستكون البرازيل بؤرة جديدة لاحتضان فيروس "كورونا"

وأوضحت الدكتورة صدفة محمد محمود، الباحثة في العلاقات الدولية، مصير البرازيل في حال مواصلة بولسونارو الاستخفاف في التعامل مع انتشار الفيروس، في ظل وجود 200 مليون مواطن تحت خط الفقر في مناطق ريفية تفتقر للمياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، تلك العوامل التي تدفعهم إلى أن يكونوا فريسة سهلة للفيروس.

وقالت إن بولسونارو لم يقتصر فقط على التهاون بالوباء والتراجع في اتخاذ اجراءات، بل يقود حملة بدعم بعض مؤيديه من اليمين تروج لضرورة فتح كافة المؤسسات المغلقة وخروج الناس إلى الشوارع، فضلًا عن انتقاده للولايات التي اتخذت خطوات وقائية مثل ولاية ساوباولو وغيرها لمواجهة فيروس "كورونا" ويتهمهم بتعطيل سير الدولة والتحامل على اقتصادها.

وأشارت الباحثة إلى أن مخاوف بولسونارو على الاقتصاد البرازيلي منطقية، لكنها ليست مبررًا لاستخفافه بحياة شعبه، ففي وقت سابق، تناقلت وكالات الأنباء خبر إصابة عضو مجلس شيوخ برازيلي واثنين آخرين من حكومته كانوا متواجدين معه خلال زيارته لواشنطن بصحبة ترامب، موضحة رفضه للخضوع للعزل الصحي، فضلًا عن استهزاؤه بمدى خطورة بفيروس "كورونا" مشيرا إلى أن الشعب لديه مناعه تحفظه من الأوبئة.

وذكرت الباحثة انتقادات وزارة الصحة البرازيلية لممارساته و تشجيعه للتجمعات، حيث التقى بمؤيديه في الشوارع معارضًا لتوصيات وزارة الصحة، الأمر الذي أثار الشعب والمعارضة عليه، فالبرازيل تشهد الآن احتجاجات ورفض شعبي لرئيسها نتيجة لسياساته وطريقة تعامله المتراخية مع الوباء العالمي، لدرجة أن المواطنين الذين فرضوا على أنفسهم الحجر المنزلي هتفوا من شرفات المنازل قائلًين "ارحل ارحل يابولسونارو".

وأشارت إلى أن المؤسسات الديموقراطية البرازيلية ضغطت عليه لإيقاف رحلات الطيران لمدة شهر، آملة أن تدفعه الضغوط التي يمارسها الشعب وحكام الولايات بجانب وزارة الصحة ربما لاتخاذ قرارات حازمة للتصدي للوباء، مؤكدة أنه في حال عدم اتخاذ قرارات فعلية حقيقية ستكون "البرازيل بؤرة جديدة لتفشي الفيروس".

أمل مختار: الرئيس البرازيلي شخص غير ديموقراطي يشعر دومًا بوجود مؤامرة سياسية تحاك ضده

وفي السياق ذاته، علقت الدكتورة أمل مختار الباحثة في مركز الأهرام للدراسات السياسية، على مخاوف بولسونارو من الخداع السياسي والمؤامرة عليه كما يزعم، قائلة "إن الدول غير الديموقراطية تكون أقرب دومًا لتبني نظرية المؤامرة، وبالتالي فإن بولسونارو شخص غير ديموقراطي على الرغم من شرعية انتخابه ووجوده على رأس دولة ديموقراطية، إلا أنه تحديدًا شخص غير ديموقراطي يشعر دومًا بوجود مؤامرة سياسية"، كما وصفته "بترامب البرازيل" لأنه ينتهج أسلوب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأشارت الباحثة إلى أن موقف بولسونارو لايختلف عن موقف إيران وفنزويلا في بداية الأمر، فعندما تمكن "كورونا" من إيران اعتقدت سلطات القمع أن هذا الفيروس من صنع أحدهم بهدف لقضاء على النسل الإيراني عند تأثرالبلاد بالوباء أكثر من جيرانها دون وجود تفسير، وكذلك فنزويلا عندما أصابها "السرطان"، وجهت أصابع الاتهام نحو الولايات المتحدة الأمريكية، فضلًا عن ترويج الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، لنظرية المؤامرة بعد احتجاجات المواطنين ضده بسبب فشله الذريع في تلبية مطالبهم واحتياجاتهم الأساسية.

ولفتت إلى السيناريو المتوقع أن تنتصر المعارضة والمؤسسات الديموقراطية القوية في البرازيل إذا وصل الأمرإلى المحك، وإلا سيكون هناك خسائر فادحة في الأرواح نتيجة لضعف الامكانيات اللازمة لمواجهة الفيروس المستجد، خاصة أن طبيعة حياة المواطنين في أمريكا اللاتينية أقرب ماتكون إلى إيطاليا، فعاداتهم تساعد على تفشي الوباء بسرعة كبيرة.

إيميل مين: تصرفات بولسونارو تشبه ترامب قبل تفاقم الأزمة في الولايات المتحدة

وأوضح الدكتور إميل أمين أن هناك صراع سياسي ملموس، فالولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أن أمريكا اللاتينية بمثابة منطقة جيوستراتيجية وهامة بالنسبة إليها، ولفت أيضًا إلى تشابه تصرفات وتصريحات بولسونارو مع نظيره الأمريكي قبل تفاقم الأزمة في الولايات المتحدة، فالانغماس في فكرة الخداع السياسي وربطه بوباء عالمي يقتحم الدول بلاهوادة هو أمر في غاية الخطورة، مؤكدًا أن استنكاره للأزمة ومخالفته لتوصيات منظمة الصحة العالمية وسيره عكس التيار يعتبر مخاطرة كبيرة ستعرض حياة الكثيرين للخطر.


مواضيع متعلقة