المتحف الجيولوجي.. السياحة في زمن الديناصورات

المتحف الجيولوجي.. السياحة في زمن الديناصورات
- هيئة المساحة الجيولوجية
- المتحف الجيولوجي
- الحفريات الفقارية
- الحفريات اللا فقارية
- هيئة المساحة الجيولوجية
- المتحف الجيولوجي
- الحفريات الفقارية
- الحفريات اللا فقارية
هياكل عظمية وعينات أحجار نادرة مصفوفة يميناً ويساراً، تستقبل زواره بداية من بوابته الحديدية، المطلة على طريق كورنيش النيل بالمعادى بالقرب من منطقة أثر النبى، وحتى بوابة قاعات العرض الخشبية الضخمة بطرازها اليونانى القديم، ذلك الموقع الذى تم نقله إليه بعد أن كان فى شارع السلطان حسين المتفرع من ميدان التحرير عام 1982، لإنشاء خط مترو أنفاق القاهرة، هنا تسكن كنوز من باطن الأرض الطيبة، وأخرى من بصمة أبنائها العلماء فى الفضاء، هنا «المتحف الجيولوجى».
1901 هو العام الذى أنشئ فيه المتحف، ليكون الأول من نوعه فى العالم العربى بل وفى أفريقيا. يتبع «هيئة المساحة الجيولوجية»، ويفتح أبوابه للزائرين يومياً عدا أيام الجمعة والسبت من الساعة 9 صباحاً وحتى 2 ظهراً منذ عام 1904.
فاروق الباز أهداه "قطعة من القمر"
بمجرد دخولك من بوابة صالة العرض الرئيسية تشعر كأنك انتقلت عبر بوابة زمنية للماضى بذلك الطراز الفنى القديم، حيث تقسم الصالة إلى 3 أقسام رئيسية، وهى صالة عرض المعادن والصخور على اليسار، الجزء الخاص لعرض الحفريات الفقارية كالحيوانات فى منتصف القاعة، وعلى أقصى اليمين نجد الحفريات اللا فقارية مثل الرخويات البحرية وبعض النباتات.
أول ما يقابلك فور دخولك لقاعة العرض الصندوق الزجاجى الخاص بـ«قطعة من القمر»، وهو ذلك الحجر الأسود الصغير المحاط بكرة هلامية مكبرة من الزجاج، لتتمكن من الرؤية بشكل جيد، حسب ما أوضح أحد المرشدين بالمتحف: عينة «الحجر القمر حقيقية»، ومأخوذة من وادى «تاروس ليترو»، أثناء رحلة الفضاء الأمريكية «أبوللو 17»، حيث أهداها العالم المصرى الدكتور فاروق الباز للمتحف، ويأتى الزوار والباحثون من جميع أنحاء العالم خصيصاً لرؤية تلك القطعة الفنية النادرة، يتبعها حوض زجاجى كبير يحتوى على جمجمة الديناصور «أرثينوثيرم» المأخوذ عنه شعار المتحف والمعروف باسم «ديناصور الفيوم»، نظراً لاكتشافه قديماً فى مدينة الفيوم، رأسه يشبه وحيد القرن يحتلها قرنان وجسمه يشبه الفيل وأسنانه تشبه الأرانب، يخلفه الهيكل العظمى الكامل لأقدم حوت على وجه الأرض، مثل ذلك الذى اكتشفه العالم الإنجليزى «بيدنل» عام 1901.
أما قسم الفقاريات بالمتحف، فيضم مجموعة من الهياكل العظمية لبعض الحيوانات، منها هيكل التمساح المقسم لعدة أجزاء منفردة، والسلحفاة المتحجرة «تستودو آمون» الضخمة، التى كانت موجودة بالفيوم قبل مئات السنين، وهيكل لكلب وقطة تم اكتشافهما فى العصر الحديث بمصر، وبعض الحيوانات المنقرضة كالقط سيفى الأنياب، وجنس الفيل الألمانى الموطن «إكسيرسورس»، والعضد الأيسر لآكل اللحوم «كانيس»، وبعض العظام والهياكل والأسنان لحيوانات أخرى كالحصان ووحيد القرن والتمساح، يتبعها بعض أدوات الصيد القديمة فى حضارة ما قبل التاريخ.
يضم ديناصور الفيوم "أرثينوثيرم" والسلحفاة "تستودو آمون" وعظام الديناصور "سبينوسورس" الذى عاش منذ 96 مليون سنة
الحيوانات الأولية لها قسم عرض مخصص داخل صالة الفقاريات، يعرض بعض الجماجم والفكوك والعظام لتلك الحيوانات، من أهمها جمجمة «الإسترلوبيثكس»، أحد الأجناس المنقرضة الشبيهة بالإنسان بجمجمة صغيرة ويمتلك مخاً كبيراً نسبياً أشبه بالبشر ووجهاً عريضاً وأسناناً خلفية سميكة، وأيضاً صاحب المخ الكبير حلقة الوصل بين قردة الدنيا والقردة العليا والبشر «الإيجيبتوبيثيكس»، وبعض الجماجم للإنسان البدائى، مثل «نياندرتال» و«كروماجنون» والذى يتميز بحسن الهيئة وتنسيق العضلات، كما يستعرض صوراً توضيحية لتطور الإنسان البدائى. وعلى أقصى يمين باب الدخول تجد حوضاً زجاجياً كبيراً ترقد به عظام الديناصور «سبينوسورس»، كما أوضح أحد المرشدين العاملين بالمتحف، وهو أكبر ديناصور آكل للحوم البشر، عاش 96 مليون سنة وتم اكتشافه فى الواحات البحرية بمصر، منها عظمة القص الأيمن، العضد الأيسر، عظمة الحوض ولوح الكتف الأيمن، وتنتهى بمجسم صغير لشكل الديناصور ليتمكن الزائر من التعرف على شكله الحقيقى كاملاً.
شواهد من عصر الفراعنة أيضاً، كان لها ركن خاص بالمتحف، رفوف خاصة بالأحجار الكريمة تعود إلى قدماء المصريين، منها الجرانيت والرخام والحجر الجيرى والرملى، يتخللها صور لأفواج أجنبية أثناء زيارتهم لبعض الأماكن السياحية الموجودة فى مصر، التى تنتمى لها تلك العينات من الأحجار، كالحجر الرملى الموجود فى «معبد أبوسمبل» و«معبد فيلة».
تقسيم صالات المتحف العابر للأزمنة من عصور الديناصورات مروراً بالإنسان القديم، وصل إلى محطة العصر الحديث، حيث طاولة مقتنيات الملك فاروق، التى تتقدم يمين قاعة العرض، وتضم المقتنيات التى أهداها للمتحف أثناء زيارته فى 14 أكتوبر 1944، وهى صدفة محفور عليها صورة شخصية للملك فؤاد، تترأس الطاولة وتعتبر من أهم القطع المميزة لهذه المجموعة، ترقد بجوارها صدفة أخرى محفور عليها تابلوهات راقصة من أوبرا عايدة بمناسبة افتتاح قناة السويس، وسن فيل عاج مشغول عليه بعض الرسومات الفنية، ومجموعة من الصدفيات الأخرى، اثنتان منها على شكل زجاجات مغطاة، وأخرى على هيئة علبة.
ومن الصدفيات والمنحوتات إلى القسم الخاص بصالة عرض المعادن والصخور، حيث يعلو كل نوع من المعادن لوحة كتابية مطبوعة باللغتين العربية والإنجليزية، بها كافة المعلومات عن النماذج الموضوعة، أعلى ذلك الدولاب الزجاجى نرى بعض تقسيمات أنواع الأحجار منها الزينة كـ«الأباستر المصرى»، والأحجار الجيرية التى تتنوع بين الأحجار الرخامية وأشباه الرخامية والجرانيت، أعلى كل نوع من هذه الأحجار خريطة لجمهورية مصر العربية توضح أماكن استخراجها، فى الأسفل أنواع مختلفة من البوصلات التى استخدمت فى أواخر القرن العشرين، وأشكال تطور أجهزة المسح الجيولوجى بهيئة المساحة الجيولوجية عبر الزمن، وجهاز قياس ميول وسمك الطبقات، بجوارها بعض المنتجات المصغرة من الخزف والصينى المصنوعة من الطفلة.
تربط المعادن الاقتصادية علاقة وثيقة بالصخور النارية، فتوزيع المعادن فى المنطقة يعتمد على نوع الصخور النارية الموجودة، لذلك يستخرج معدنا الذهب والقصدير من الصخور الحامضية، نجد عينات المعادن مرصوصة بجوار بعضها البعض، تتقدمها المستخرجة من الصحراء الشرقية، فى صدارتها المعادن «النفيسة»، وهما الذهب والفضة، يليهما النحاس بأشكاله المتنوعة، ثم المعادن الحاوية على الرصاص، وعينات الحديد باختلاف أشكالها وصلابتها، والنحاس وجرانيت والتلك والكالسات والملح بهيئاته الكريستالية المتنوعة.
باطن أرض الفيروز، احتل مكانة خاصة بركن مميز فى المتحف، تتنوع فيه الكنوز بين المعادن المستخرجة من سيناء، كالمنجنيز الذى تقوم عليه صناعة الصلب، الذى يستخرج من منطقة «أم بجمة» الموجودة فى الجنوب، ومعدن «الهيماتيت» الحديدى، ويتوسط هذه الطاولة خريطة مجسمة من الرخام لـ«أرض الفيروز» شبه جزيرة سيناء، كما توجد أنواع مختلفة من الفحم، بجوارها خريطة ورقية لـ«المشروع القومى لتنمية سيناء»، والكبريت والجبس بتنوع أشكاله.
نوادر الأحجار، كان لها موقعها فى هذه الصالة، تجد الصندوق الزجاجى الخاص بعينات الأحجار التى أهداها الدكتور عبدالستار مكاوى، يتصدرها مجموعة من الأحجار الكريمة النادرة على هيئة كرات، ودائرة الخشب المتحجر ويشاركها الصندوق نفسه عينات المعادن التى أهدتها «السفارة التشيكية» للمتحف الجيولوجى المصرى، ومنها «العقيق»، لينتهى بك المطاف فى هذا القسم من الصالة لمكان عرض المقتنيات المهداة للمتحف، إلى حيث أرشدنا أحد العاملين هناك، تتكون من رفوف زجاجية، يعلوها الجرانيت الرمادى الدقيق المأخوذ من جبل غار ثور الموجود فى المملكة العربية السعودية، وحجر السماق الإمبراطورى الذى يعود أصله إلى وادى غزوة بدر الكبرى، وغيرها الكثير من عينات صخور الأماكن السعودية المقدسة، وبعض العينات المهداة من عدة دول مختلفة منها فلسطين والمغرب وموريتانيا.
فى مقابلها نجد الطاولة الخاصة بمقتنيات مولع علم الحفريات «أمين عالى العمرى»، الذى ساعدته نشأته بالقرب من الجبل فى «وادى حوف» بحلوان على تعرضه واستكشافه لأنواع مختلفة من الصخور، منها حديدى «الماجنيتيت» و«الهيماتيت»، حيث كشف عن محطة أثرية قديمة فى عهد ما قبل التاريخ، أهدت عائلته هذه المجموعة الفريدة للمتحف وتم عرض جزء كبير منها، فى مقابله الدولاب الخاص بالمقتنيات الروسية المهداة، التى تعتبر أكبر مجموعة مهداة للمتحف، حيث تشغل 3 دواليب خشبية كبيرة، تشمل عينات عديدة من الأحجار المكتشفة فى روسيا.
مسئول بالمتحف: نسعى لنقله إلى موقع آخر وأسعار التذاكر رمزية لطلاب المدارس والجامعات ولا تكفى لترميمه
الجزء الأخير فى صالة العرض، الذى يقع فى أقصى اليمين، هو الجزء الخاص بالحفريات اللا فقارية، تتقدمها أصداف وصخور مختلفة الأشكال، محفوظة فى أحواض زجاجية، التى يمكن الحصول على جزء مخصص منها بمساعدة هيئة الثروة المعدنية، للمساعدة فى العملية التعليمية بالمدارس والجامعات، يستند بجوارها ذلك الحوض الرملى الحاوى على مجموعة من الأصداف حديثة العمر، يتبعها بعض الأصداف البحرية النادرة، أما إذا نظرت على يمينك فستجد ذلك العالم البحرى القديم الساكن بداخل تلك الدواليب الخشبية المغلقة بالزجاج، تتنوع بين الأسماك المتحجرة، ونماذج الحيوانات البحرية اللا فقارية المحنطة كـ«نجمة البحر»، فى الأسفل مجموعة رائعة من الشعب المرجانية المختلفة، التى يرجع بعضها إلى العصر الحديث، ومقتطفات من جذوع بعض الأشجار القديمة، يعلو كلاً منها رسم توضيحى لشكل أوراق أو ثمار تلك الشجرة، وتاريخها.
طالبة آثار: أندهش من عدم اتساع شهرة المتحف رغم كل المقتنيات النادرة والرائعة التى يضمها
ويسهل المتحف على الزائرين معرفة تاريخ كل ما يحتويه، حيث توجد لوحات كتابية باللغتين العربية والإنجليزية توضح أسماء وتاريخ كل القطع، وهو ما يستهدفه «علاء البسيونى» الطالب بكلية فنون جميلة قسم عمارة بجامعة المنصورة عند زيارته للمتحف بهدف البحث العلمى للجامعة، «استفدت من زيارته كثيراً، حيث وجدت عدداً كبيراً من الكتب والرسائل الموجودة فى المكتبة الخاصة بالمتحف»، التى أكملها برؤية العينات المدروسة أمامه مباشرة، كما أعجب بالعينات النادرة الموجودة خاصة العينات المهداة.
ورغم ما يقدمه المتحف من خدمات تعليمية، لا توجد أى بروتوكولات حالياً بين المتحف ووزارتى التعليم أو التعليم العالى، فأكثر المستفيدين دارسو الحفريات الفقارية مثل الديناصورات والحيوانات القديمة، يساعدهم على الاستفادة من رؤية تلك العينات ومعرفة معلومات عنها لمساعدتهم فى الرسائل البحثية، نظراً للتنوع الكبير من الفقاريات داخل المتحف، التى وجد أغلبها فى مدينة الفيوم قديماً، بحسب ما يوضح المصدر.
يهتم المتحف أيضاً بالجزء التثقيفى للزائرين العاديين المهتمين بمعرفة علم الحفريات ومعرفة أشكالها وأنواعها، واستكشاف محتويات المتحف، حيث يتصدر طلاب المدارس قائمة الزائرين الأكثر توافداً للمتحف، ليتمكنوا من رؤية ما تحتوى عليه كتبهم أمام أعينهم، نظراً لسعر تذكرة الدخول الرمزى الـ5 جنيهات، إلا أن ذلك الدخل الضعيف لا يساهم فى تطوير أو صيانة أى جزء بالمتحف، فمصدر التمويل الوحيد للمتحف هو هيئة المساحة الجيولوجية.