هل «أبوحنيفة» أعلى من الدستور والقانون؟

شهدت مصر تطورات قانونية كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية على كل الأصعدة فى مجالات الاستثمار والتجارة والرسوم والضرائب وحتى على مستوى الاتفاقيات الدولية، حيث أصبحت مصر ذات ثقل دولى كبير، وتعمل الخارجية المصرية بقوة فى طرح الرؤى المصرية.

فكان من الواضح المجهود الكبير الذى بذلته الخارجية، بالتعاون مع جميع مؤسسات الدولة فى ملف المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان فى جنيف، والذى عرضت فيه ما بذلته مصر من جهود، خاصة على مستوى الإصلاح التشريعى.

وطبعاً نالت المرأة قدراً جيداً من الاهتمام، سواء على مستوى الإصلاح التشريعى، أو على مستوى التعليقات فى التقارير الدولية.

ومن القوانين التى شهدت إصلاحات حديثة، الختان، التحرش، تجريم المنع من الميراث، الحبس نتيجة الامتناع عن النفقة، بل إن القوانين الاقتصادية أيضاً فتحت مجالاً واسعاً أمام المرأة للاستثمار والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وحتى الكبيرة، قامت وزارة العدل والنيابة العامة بعقد تدريبات للقضاة، وأعضاء النيابة على حقوق الإنسان عامة ومواجهة العنف ضد المرأة على وجه التحديد.

لكن ورغم كل هذا، تظل هذه الجهود تسير متوازية كقضبان القطار لا تتداخل أبداً، لنجد أن المرجعية الأولى على حياة المرأة هو «أبوحنيفة».

قانون محكمة الأسرة ينص على أن «أبوحنيفة» هو المرجعية فى ما لم يرد به نص فى قانون الأسرة.

هذه المادة تضرب بكل القوانين الأخرى عرض الحائط، فمثلاً المرأة تستطيع إدارة وزارة، إدارة شركة بملايين ومليارات، لكن يستطيع ذكر من العائلة انتقاماً منها بالاستعانة بـ«أبوحنيفة»، لمنعها من السفر، ورغم اعتبار الدستور أن هذا مخالف لحرية التنقل، وحكم المحكمة الدستورية بعدم جواز المنع من السفر لمخالفته الدستور، والنص فى الدستور على أن الاتفاقيات الدولية التى صدقت عليها مصر بمنزلة القانون، ورغم كل التدريبات التى تدرب القضاة والنيابات عليها بأن هذا مخالف لحق المرأة، لكن تظل الكلمة الفصل لـ«أبوحنيفة».

هذا مثل واحد من أمثلة عدة.

مثل آخر، حق المرأة فى توقيع عقد زواجها، طبقاً للدستور والقانون المدنى بلوغها ٢١ عاماً يعطيها الحق فى توقيع عقد زواجها، وطبقاً لـ«أبوحنيفة» لا عقد بدون ولى ولو كانت المرأة وزيرة.

إذن فلنعلن أن لدينا نظامين قانونيين، واحد للرجال يحكمه الدستور والقانون، وواحد للنساء يحكمه «أبوحنيفة».