أهالى المنطقة بعد «نزع الملكية»: المعاناة مازالت مستمرة

كتب: شيماء عادل ونسمة الجلاد

أهالى المنطقة بعد «نزع الملكية»: المعاناة مازالت مستمرة

أهالى المنطقة بعد «نزع الملكية»: المعاناة مازالت مستمرة

يرتدى عمامته الحمراء وزيه العربى الدال على جذوره الأصيلة وجذور قبيلته العريقة «السويعات»، يهرول يميناً ويساراً مرة بين أبناء قريته من أهالى «الضبعة» وأخرى بين أعضاء لجنة المساحة المكلفة بمسح أراضى «الضبعة» لتعويض أبنائها بعد التنازل عنها للدولة، إثر مفاوضات مع القوات المسلحة أنهت صراعاً على الأرض دام 30 عاماً مع دولة «مبارك». «الوطن» زارت الأرض وتجولت داخلها لرصد ما آلت إليه خلال الـ30 سنة الماضية، وتجولت فى الأرض التى نزعت ملكيتها من الأهالى من أجل المشروع النووى، والتى لا تعدو كونها أراضى صحراوية لا يوجد بها سوى أحواش صغيرة تحولت لمساكن لموظفى الهيئة ومبنى إدارى مطل على شاطئ البحر ومحطة لتحلية المياه مدمرة كان يستخدمها موظفو الهيئة لتحلية مياه البحر والاستفادة منها خلال فترة وجودهم فى الموقع. التقينا العمدة مهنا الهيش، وأسرته واحدة من بين 500 أسرة تركوا أراضيهم بعد القرار الجمهورى الذى أًصدره الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 بشأن تخصيص أرض الضبعة البالغ مساحتها 60 كيلومتراً لتدشين المشروع النووى. ترك الأهالى الأرض دون أن يعلموا أنها ستبقى كما هى دون فارق كبير، فبيوتهم (الأحواش) الكبيرة تحولت إلى مساكن لموظفى هيئة الطاقة النووية التى تسلمت الأرض ولم تحرك فيها ساكناً سوى إقامة مبنى إدارى ومحطة صغيرة لتحلية المياه وسور كبير بطول الأرض. مشاكل كثيرة تعرض لها الأهالى خلال الـ30 عاماً الماضية، كانت تنتهى بالقبض على عدد من الأهالى وتسليمهم إلى جهاز «أمن الدولة»، حسب العمدة مهنا الذى يضيف قائلاً: «بعد قرار الرئيس السادات ترك عدد من العائلات أراضيهم وسلموها للدولة، فيما بقى غيرهم من الأهالى الذين تعرضوا لمضايقات جعلتهم يتركون أراضيهم عائلة تلو الأخرى، «كان آخرها فى العام 2003 عندما فوجئنا بقوات الأمن تطلب منا الخروج من الأرض، وعندما رفض الأهالى قاموا بهدم آبار المياه». منع الأهالى من الاقتراب من أراضيهم وتحريمها عليهم فى الوقت الذى يسمح لأهالى موظفى الهيئة بدخولها كل صيف للاستمتاع بشاطئ الضبعة - ولَّد حالة من الاحتقان بين الأهالى وموظفى الهيئة، وهو ما جعل الأهالى يتوجهون إلى الأرض بعد ثورة 25 يناير ويقومون بهدم السور، فى محاولة منهم لاستعادة أراضيهم التى حُرموا منها طوال السنوات السابقة دون الاستفادة منها، ليقوم البعض بزراعة شجر التين والزيتون والبعض الآخر ببناء مزارع صغيرة لتربية الدواجن لحين معرفة مصير الأرض التى تحولت على يد هيئة الطاقة النووية من أرض مخصصة للمشروع النووى إلى مسكن ومصيف عائلى لموظفى الهيئة.[FirstQuote] مشاكسات ومشاكل كثيرة وقعت بين الدولة وأهالى الضبعة لم تنته إلا بعد تدخل القوات المسلحة لحل مشكلة أهالى الضبعة، وحسب العمدة: «الأهالى تعبت كتير عشان الأرض مرت عليها حروب كتير وأهالينا كانوا ينزحوا للبحيرة لحد ما الحرب تخلص، ولما كانوا بيرجعوا أول حاجة بيعملوها كانت تنظيف الأراضى من الألغام، والناس كانت على طبيعتها وماتعرفش خطورة اللى بتعمله، فيه ناس كتير ماتت وناس تانية فقدت أطرافها». يتوقف العمدة مهنا لوهلة ثم يعاود حديثه: «سلكنا كل الطرق لحل مشكلة الأهالى بعد الثورة وقابلنا ناس كتير منهم البرادعى وزويل والمشير طنطاوى والفريق عنان والمنطقة الشمالية العسكرية، حتى مرسى قابلناه 4 مرات وتحدثنا معه فى موضوع الضبعة وتخوف الأهالى من المشروع، وفى كل مرة لم نحصل على رد مناسب. زويل والبرادعى كانوا معترضين على المشروع لأن المستقبل فى الطاقات المتجددة، عنان وطنطاوى كانوا بيطمنونا إننا هناخد حقنا ومفيش أى تحرك، أما مرسى كان مستغرب من خوف الأهالى من المشروع». يضيف «مهنا»: «بعد فض اعتصام رابعة وقيام بعض الأشخاص بحرق قسم الضبعة، طلب منا قائد مكتب المخابرات الاجتماع بالأهالى وأبلغنا بأنه مكلف من القائد العام للقوات المسلحة المشير عبدالفتاح السيسى بحل مشكلة أرض الضبعة، وهو ما استقبله الأهالى بصدر رحب وخاصة أن هذه هى المرة الأولى التى يهتم بها مسئول فى الدولة بمشكلة الأهالى هنا».