بالصور| "الليلة الكبيرة يا عمي والعالم كتيرة".. هنا مولد السيدة نفيسة

كتب: ربيع ممدوح ومحمد رمضان

بالصور| "الليلة الكبيرة يا عمي والعالم كتيرة".. هنا مولد السيدة نفيسة

بالصور| "الليلة الكبيرة يا عمي والعالم كتيرة".. هنا مولد السيدة نفيسة

هدوء المقابر وانتشار الظلام.. مشهد لم تقطعه إلا أصوات المديح وأضواء الاحتفال بالليلة الكبيرة للسيدة نفيسة.. أجساد تتمايل مع كلمات المديح، وأخرى تصطدم ببعضها البعض من هول الزحام.. رجال ونساء وأطفال وشباب وفتيات انتشروا حول مسجد السيدة نفيسة وبداخله، للاحتفال بمولدها. على أعتاب المسجد وقف أحمد صادق، مهندس بهيئة الاستثمار، أو كما وصف نفسه "خادم آل البيت ومحبيه"، يملأ أكوابًا بلاستيكية بالمياه الباردة، والشربات، والنفحات من أرز ولحم، ويقول صادق "لآل البيت عز لا يزول وفضل لا تحيط به العقول كفاكم يا بني الزهراء فخرًا بأن جدكم الرسول". ويعرّف صادق نفسه "أنا من أبناء الشيخ العارف بالله وقطب الزمان صالح الشافعي أبوخليفة ومن محبي وخدام آل البيت، لأن الرسول قال (آل بيتي كسفينة نوح مَن تعلّق بها نجا ومَن تخلّف عنها هلك)"، وبالرغم من أن الشيخ صالح الشافعي من الشرقية إلا أن المهندس أحمد صادق يعتبره الأب الروحي له.[FirstQuote] "أتمنى أن يزيل الله من على مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن ويؤلّف القلوب بمدد سيدنا الحبيب المحبوب ويجعل الكل في حبه يذوب وبرضا علام الغيوب أصلح فساد البلاد والعباد"، بهذه العبارة علّق المهندس أحمد صادق على ما تشهده مصر من أحداث دامية. أعداد المريدين تتزايد، الآلاف يتوافدون من كل محافظات مصر احتفالاً بالليلة الكبيرة وتقرّبًا لآل البيت، وعلى باب المسجد وضعت الإدارة لافتة تطالب السيدات بعدم الدخول لكن المئات منهن لم يهتممن بهذه اللافتة وتوجّهن إلى مقام السيدة نفيسة داخل المسجد. بمجرد أن تطأ قدماك المسجد يقابلك الخدام بالنفحات والروائح الزكية، وبكل خطوة تخطوها يعرض عليك من خدام آل البيت الطعام والشراب فجميعهم جاء لخدمتك وخدمة محبي السيدة نفيسة، يفترشون الأرض ويتصارعون على خدمة الوافدين. ممرات ضيقة وسط الازدحام الشديد داخل المسجد توصلك إلى مقام السيدة نفيسة، الذي تزين بالأنوار والورود والزينة، ووُضعت فواصل من الخشب لفصل النساء عن الرجال أمام المقام بالرغم من الاختلاط في باقي المسجد. "يا قلبي افرح واتهنى أهل الصفا رضيوا عنا وفي حماهم قبلونا وسرهم دايمًا معنا.. واقفين على بابك يا نفيسة يا ستي بنحبك وعشمانين فيكي" فهذه الكلمات وعلى نغمات الدف وقف المئات من الرجال ينشدون أمام مقام السيدة يمدحون آل البيت. بالقرب من مقام السيدة نفيسة وقف موليًا وجهه تجاه المقام رافعًا يديه بالدعاء، شاب أسمر اللون عشريني العمر من مواليد أسوان ويعيش بالقاهرة، ويدعى أبوالحسن عمر، يرى أن الود والتقرب لآل البيت هو تقرب لرسول الله، وأن آل البيت هم الحب من اتصل بهم فقد نجا. وعن سبب وجوده بالمولد قال "السيدة نفيسة هي نفيسة العلم والمعرفة، فمن أتاها أورثه الله بفضله العلم، والدعاء عندها مستجاب لأنها حفيدة الرسول، والفرق بين الاستشعار بالحب ومن لا يستشعر به هو اليقين". يرى أبوالحسن أن ما شهدته أسوان من أحداث دامية الأيام الماضية سببه الفتنة "الوضع في أسوان لا يرضي الله فهم أهلي وناسي ولا نعرف الدم، فنحن أقرب للمعروف نحب التسامح والحب، أسوان تمثل الكرم والطيبة، ومصر تشهد فتنة، أنا لا أقول إخوان ولا سلفيين بس فيه فتنة". على بعد خطوات قليلة من مسجد السيدة نفيسة في شارع بين المقابر، افترش العشرات من الباعة الجائلين الذين يتخذون من المولد موسمًا لـ"لقمة العيش"، وكان من بينهم الشاب العشريني مصطفى ممدوح، بائع العصي والخرزان. ويقول مصطفى، الذي يمتهن صنع هذه العصي، إن المولد لم يعد كالسابق، "المولد مبقاش زي الأول كان فيه خير ورزق كتير، عايزين كله يشتغل الشباب عاطل كتير". مصطفى، الذي يسكن بمنطقة الجمالية مسقط رأس المشير السيسي، يقول "أنا من الجمالية من منطقة السيسي، بس أنا معترض على السيسي، لأن إحنا شبعنا من الكلام عندنا إبداع في الكلام بس في الفعل مفيش".[SecondQuote] وفي الساحة المقابلة لمسجد السيدة نفيسة، افترشت عشرات الأسر والعائلات الحديقة للتنزه والاحتفال بالليلة الكبيرة لمولد السيدة، ومكان جلوس العائلات ملاذ جيد لبائع "البلالين"، فالمولد بالنسبة له "أكل عيش". ببشرة سمراء أرهقها الشقاء، صنع "فاضل الصعيدي"، الشاب الثلاثيني، قبعة من البلالين، ووضعها فوق رأسه ووقف بين العائلات التي تضم عشرات الأطفال، ليصنع أشكالاً متنوعة من الحيوانات لبيعها "هذه هي مهنتي أصنع جميع الأشكال بالبلالين للأطفال.. غزال ونمر وحصان، أعمل أي شكل يطلبه الأطفال حتى لو طلبوا عربية تمشي على الأرض". بحسب "فاضل"، هذه هي مهنته الوحيدة التي لا يعرف غيرها، يجوب الشوارع والأحياء الشعبية لبيع "البلالين"، والموالد موسم له "احنا بنطلع في الموالد وده أكل عيشنا"، لكنه يرى أن من بعد الثورة تغيّر كل شيء وتأثر عمله بشكل كبير "من بعد الثورة كل حاجة اتغيرت.. الثورة مجاتش غير على الغلابة اللي زينا".