سفير فلسطين السابق في مصر: تركيا دولة احتلال للأراضي العربية وخطرها يوازي إسرائيل

كتب: بهاء الدين عياد

سفير فلسطين السابق في مصر: تركيا دولة احتلال للأراضي العربية وخطرها يوازي إسرائيل

سفير فلسطين السابق في مصر: تركيا دولة احتلال للأراضي العربية وخطرها يوازي إسرائيل

قال السفير الفلسطينى السابق بالقاهرة، الدكتور بركات الفرا، إن علاقة تركيا المتينة بالكيان الصهيونى لم تتغير منذ تأسيس الدولة التركية فى عشرينات القرن الماضى، لكنها أصبحت فى عهد رجب طيب أردوغان أقوى وتتخفى خلف ستار المتاجرة بقضية فلسطين، دون أن يقدم لها شيئاً على أرض الواقع. وأكد «الفرا» فى حوار لـ«الوطن»، أن تركيا لم تعد تختلف عن إسرائيل من خلال توسعها فى الأراضى العربية واحتلالها أجزاء من سوريا والعراق وسعيها للتدخل فى ليبيا، فباتت هى الأخرى دولة احتلال. وإلى نص الحوار:

د. بركات الفرا: دعم "أردوغان" للقضية الفلسطينية زائف.. ويستغلها فقط للاستهلاك الإعلامى واللعب على مشاعر الشعب التركى

تركيا وإسرائيل.. علاقات تاريخية وصلت للشراكة الاستراتيجية كيف تطور الأمر بعد وصول «أردوغان» الذى يزعم دعمه للقضية الفلسطينية للحكم؟

- العلاقة بين تركيا وإسرائيل لم تتغير بداية من مؤسس تركيا مصطفى كمال أتاتورك، حتى بزوغ دور نجم الدين أربكان، الذى يعد الأب الروحى للرئيس التركى، والتغيير الوحيد الذى حصل عندما وصل أردوغان هو تعامله مع ماكينة الإعلام بطريقة مختلفة فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل والترويج لدعمه الزائف للقضية الفلسطينية، ولكن العلاقات مع تركيا ظلت قائمة تجارياً وعسكرياً ولم يتغير شىء بل تعمقت أكثر، وما فعله «أردوغان» محاولة لاستغلال القضية الفلسطينية وللاستهلاك الإعلامى واللعب على مشاعر الشعب التركى لا أكثر ولا أقل، من خلال البروباجاندا الإعلامية منذ أن كان أحمد داوود أوغلو وزير خارجية ثم رئيساً للوزراء، وهم يعملون بنظرية التعامل من تحت الطاولة مع إسرائيل.

لم نسمع عن أى مبادرة لدعم المقدسيين.. و أنقرة تحترف المزايدة على الدول صاحبة الدور الأساسى فى قضيتنا

هل كان لتركيا دور فى تأسيس إسرائيل ودعم بقائها؟

- ساهمت الدولة العثمانية فى توطين اليهود بفلسطين، وهناك كثير مما يقال عن دور يهود الدونمة الذين كان منهم أتاتورك وحكموا تركيا بعد ذلك، وكان لهم شأن كبير فى تركيا على مدار تاريخها، ولهم دور فى دعم وجود إسرائيل، بداية من الاعتراف بها، فكانت تركيا على قائمة أوائل الدول التى اعترفت بإسرائيل عام 1949، وهى أول دولة إسلامية تفعل ذلك، لكن فى عهد أردوغان الأتراك يحاولون بالفعل أن يكون لهم دور كبير فى المنطقة، من خلال استغلال القضايا الإسلامية، والأتراك لعبوا على قضية الدين مع الدول الإسلامية، وكانت القضية الفلسطينية هى القضية الجامعة التى حاولوا الوصول من خلالها للجماهير العربية والإسلامية والمزايدة على الدول صاحبة الدور الأساسى فى القضية الفلسطينية.

موقف تركيا من خطة "ترامب" للسلام يتناقض مع حقيقة علاقاتها مع إسرائيل.. ونتنياهو سخر من موقف "أردوغان" الرافض لها

فى المحافل الدولية.. كيف استغلت تركيا القضية الفلسطينية؟

- الواقعة الشهيرة عندما كان أردوغان فى منتدى دافوس الاقتصادى مع الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز ووقعت المشادة بينهما، كان هدفه أن يدغدغ مشاعر الجماهير العربية والإسلامية، وظلت تركيا تكرر نفس المسألة فى العديد من المحافل الدولية، فى هذه الفترة «أردوغان» كان يسعى إلى الوصول إلى الرأى العام فى المنطقة، فهو ما زال يحاول أن يكون أحد سلاطين السلطنة العثمانية الزائلة. وفى الأمم المتحدة أيضاً عندما ذهب أبومازن للأمم المتحدة لتقديم طلب الاعتراف بدولة فلسطين دولة مراقبة، أحمد داوود أوغلو ذهب معه إلى نيويورك فى محاولة لاستغلال ذلك، وظهر أردوغان يرفع الخريطة الفلسطينية فى بعض المحافل الدولية.

قلت لحسين عونى آخر سفير تركى فى مصر "انتو استعمرتونا 400 سنة"

ماذا عن دعم الفلسطينيين مادياً، هل تقدم تركيا الدعم المالى للسلطة الفلسطينية أو لدعم المقدسيين أو وكالة غوث اللاجئين؟

- بينما أردوغان يتغنى بدعم القدس، تركيا لم تقدم شيئاً للقدس، ولم تقدم دعماً مالياً ولا دعماً للمستشفيات فى القدس، ولم نسمع عن أى مشروع أو مبادرة تركية فى القدس أو توفير أى دعم للمقدسيين، ولا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وحتى عندما تتخذ قرارات لدعم القدس على مستوى منظمة التعاون الإسلامى أو غيرها لا نرى مساهمة لتركيا فى ذلك.

وأذكر لك واقعة بينى أنا وبين السفير حسين عونى، آخر سفير تركى فى القاهرة، كنا صديقين خلال عملى فى مصر، وكان يدعونى لفعاليات مختلفة، وقال ذات مرة لى إننا أرسلنا طائرة خاصة من أنقرة إلى مطار العريش لعلاج طفل فلسطينى مصاب فى الحرب الإسرائيلية، فقلت له «يا حسين أنت أرسلت طائرة خاصة للطفل، وكان يمكن علاجه بالقاهرة على نفقة تركيا والباقى ادفعوه للقدس، بدل ما تقول لى أرسلنا طائرة خاصة من أجل طفل فلسطينى»، وفى مرة أخرى قلت له صراحة «انتوا استعمرتونا 400 سنة وكل التخلف فى منطقتنا كان بسببكم».

"أردوغان" مارس التصعيد الكلامى بعد العدوان الإسرائيلى على السفينة التركية عام 2009.. وأخذ "دية" الضحايا وتصالح مع إسرائيل

الأتراك يزعمون أنهم سعوا لكسر الحصار عن غزة.. هل هناك ما يؤكد ذلك؟

- عندما حدثت مشكلة السفينة التركية إلى غزة بعد العدوان الإسرائيلى عام 2009، أردوغان كعادته حاول التصعيد كلامياً ضد إسرائيل وتحدث كثيراً عن قطع العلاقات، وفى النهاية أخذ «دية القتلى» مالياً وتصالح مع إسرائيل، وكان قد اتخذ قراراً صورياً بتعليق العلاقات معهم، ولكن كان يقوم باستيراد السلاح منهم فى نفس تلك الفترة، وظلت علاقتهم مع إسرائيل تزيد قوة كل يوم.

هل هناك تنسيق بين الجانبين فى ما نشهده اليوم بالمنطقة من أزمات؟

- العلاقات بين تركيا وإسرائيل قوية وراسخة ولا يؤثر فيها أى شىء، وهناك تنسيق كامل بشأن سوريا وهو أمر واضح ولا يحتاج اجتهادات، ومؤخراً نفذا هجوماً متزامناً ضد سوريا. وحالياً تحتل تركيا أكثر من 100 ألف كم من أراضى سوريا، ولا تختلف كثيراً عن أى دولة لها أطماع فى المنطقة مثل إسرائيل، فهى عضو فى حلف الناتو وتنفذ أجندته، وتركيا بذلك جعلت جريمة الاحتلال لا تقتصر على إسرائيل فقط التى كنا نصفها بأنها آخر دولة احتلال فى العالم، فكل منهما دولة استعمار.

دعم أنقرة لـ"حماس" يعمق الانقسام على الساحة الفلسطينية.. ولا يمنعها من تعميق علاقاتها بإسرائيل

ماذا عن دور تركيا فى الانقسام الفلسطينى؟

- وجهة نظرى الشخصية فى دعم تركيا لحركة حماس أنه يعمق الانقسام على الساحة الفلسطينية، ويؤثر على قرار حماس ويجعله مرهوناً بثلاث دول، وهى إيران وتركيا وقطر والتنظيم الدولى للإخوان، ويؤثر سلباً على حالة الانقسام الفلسطينى.


مواضيع متعلقة