تاريخ "أنقرة": من الاعتراف المبكر بالكيان الصهيوني إلى المشاركة في تدمير سوريا

كتب: محمد الليثى ومحمد حسن عامر

تاريخ "أنقرة": من الاعتراف المبكر بالكيان الصهيوني إلى المشاركة في تدمير سوريا

تاريخ "أنقرة": من الاعتراف المبكر بالكيان الصهيوني إلى المشاركة في تدمير سوريا

يشهد التاريخ المعاصر على علاقة وثيقة للأتراك بالاحتلال الصهيونى، بدأت باعتراف تركيا كأول بلد ذى أغلبية مسلمة بـ«دولة إسرائيل»، ورغم أنها كانت واحدة من الدول التى عارضت خطة التقسيم وإنشاء دولة الاحتلال فى تجمع الأمم المتحدة عام 1947، إلا أنها اتخذت خطوة الاعتراف بـ«إسرائيل» كدولة سريعاً فى مارس 1949، الأمر الذى تلاه تعاون فى عدة مجالات أبرزها التعاون العسكرى حيث أصبحت إسرائيل مورداً أساسياً للسلاح إلى تركيا، بخلاف العلاقات الاستراتيجية والدبلوماسية أيضاً، وصولاً إلى التعاون فى تدمير سوريا والتنسيق المشترك للعدوان عليها.

وفى يونيو 1954 صرح رئيس الوزراء التركى خلال زيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأن «الوقت قد حان ليعترف العرب بحق إسرائيل فى البقاء»، وآنذاك اتخذ التعاون الإسرائيلى - التركى منعطفاً آخر حيث أصبح أكثر عمقاً وأكثر عملية بعد أن وضع «ديفيد بن جوريون» أول رئيس وزراء إسرائيلى نظرية جيوسياسية بالاشتراك مع «إلياهو بن ساسون» تحت عنوان «الحزام المحيطى»، سعياً للتحالف مع تركيا وإثيوبيا وإيران لتطويق العرب فى مصر وسوريا والعراق، حتى عُقد اجتماع سرى بين رئيسى الحكومتين عُرف باسم «الميثاق الشبح».

وتعلقت أهم بنود اتفاق تم عقده فى الاجتماع السرى بالتعاون بين البلدين فى المجالات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية لمواجهة التحديات المشتركة فضلاً عن تطوير إسرائيل للصناعات التركية، ودعم سياسات أنقرة بالولايات المتحدة الأمريكية، وتم ذلك عن طريق اللوبى الصهيونى الموجود هناك.

وبين عامى 1955 و1958 شهدت العلاقات بينهما صعوداً وهبوطاً حتى تم تعزيزها باتفاقية وقعها «ديفيد بن جوريون» ورئيس الوزراء التركى عدنان مندريس، وهى اتفاقية تعاون ضد التطرف ونفوذ الاتحاد السوفيتى فى الشرق الأوسط عام 1958، حتى ساد العلاقات بين البلدين «البرود» فى سنوات السبعينات، لترتفع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى مستوى السفراء فى بداية 1980 وتم التراجع فى القرار لاحقاً حتى تم رفع العلاقات إلى مستوى القائم بالأعمال، إلا أنها دخلت فى ركود مرة أخرى أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، لتستمر على نفس المستوى إلى أن تمت إعادتها لمستوى السفراء عام 1992، حيث افتتحت تركيا قنصليتها العامة فى القدس المحتلة، لتكلل العلاقات فيما بينهما بمزيد من التعاون العسكرى والاستخباراتى عبر مراحل مختلفة.

خبير: مسموح لـ"أردوغان" بالهجوم اللفظى على السياسات الإسرائيلية دون أن تتأثر علاقات البلدين

وقال الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير فى الشئون التركية، إن العلاقات بين البلدين أعمق وأقوى من أى أزمات قد تمر بينهما، لأنها علاقات مفروضة على الطرفين وتركيا تحديداً، لأن الاعتراف بإسرائيل كان شرطاً لدخول تركيا الناتو عام 1952، مضيفاً لـ«الوطن»: «من أجل أن تستمر تركيا فى تحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب كان لا بد أن يكون ذلك عن طريق إسرائيل، فالغرب اشترط على تركيا وقال إنه من أجل التحالف والدعم الاستراتيجى والاقتصادى والعسكرى لا بد أن تكون العلاقات جيدة مع إسرائيل على كل المستويات». وتابع أنه من الصعب فصل العلاقات التركية الغربية عن العلاقات التركية الإسرائيلية، وهذا يجعل الأزمات التى تمر بدون تأثير، ولفت إلى أن أردوغان مسموح له بالهجوم اللفظى دون أن تتأثر العلاقات، مثل ما يحدث من متاجرة بالقضية الفلسطينية أو بالهجوم على حكام إسرائيل، ولكن العلاقات التجارية والعسكرية والاستخباراتية لا بد أن تستمر بنفس القوة وتزداد.

وقال الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن العلاقات التركية الإسرائيلية قديمة وممتدة، مضيفاً أن التسليح التركى صناعة إسرائيلية وأن هناك تعاوناً عسكرياً فى المناورات بين البلدين خصوصاً فى مجال البحرية، مشيراً إلى أن هناك العديد من النواحى المشتركة التى تجمع بين الدولتين، وهناك تأثير واضح من هذا التعاون العسكرى فى المنطقة.

وتابع قائلاً: «هناك شراكة بينهما فى البحر المتوسط بالاستفادة من عمق العلاقات العسكرية المتميزة جداً، وما يُجرى فى الخفاء عكس ما يُعلن».

خبير عسكرى سورى: "إرهاب أردوغان" لمصلحة الإسرائيليين وبتنسيق معهم والقوات التركية تنتشر فى حماية غارات الاحتلال

وقال الخبير والمحلل العسكرى السورى على مقصود، لـ«الوطن»، إن التنسيق فى الفترة الأخيرة بين تركيا وإسرائيل واضح للعيان، وإنه خلال عدوان إسرائيلى جرى مؤخراً على سوريا دخلت قوات تركية إلى مناطق شمال غرب البلاد مستغلة الغارات الإسرائيلية كدرع لها.

واعتبر «مقصود» أن الدور الذى لعبته تركيا فى تخريب سوريا على مدار سنوات ودعم الإرهاب والتطرف، خدمة لمصلحة إسرائيل، مشيراً إلى أن ما يجرى فى ليبيا هو نفس السيناريو الذى تنفذه «أنقرة» فى سوريا.

وقال «مقصود»: «الأتراك شركاء جماعة الإخوان الإرهابية، وأردوغان يحرك عناصرها لنصبح أمام إرهاب إخوانى أردوغانى قطرى لخدمة المخططات الإسرائيلية فى المنطقة بتقسيمها إلى دويلات».


مواضيع متعلقة