في ذكرى وفاة جبران خليل جبران.. "أنا حي واقف بجانبك فاغمض عينيك والتفت تراني"

كتب: روان مسعد

 في ذكرى وفاة جبران خليل جبران.. "أنا حي واقف بجانبك فاغمض عينيك والتفت تراني"

في ذكرى وفاة جبران خليل جبران.. "أنا حي واقف بجانبك فاغمض عينيك والتفت تراني"

"إلى الروح التي عانقت روحي.. إلى القلب الذي سكب أسراره في قلبي.. إلى اليد التي أوقدت شعلة عواطفي.."كلمات أهداها إلى كل من تمرد على العادات والتقاليد القاسية التي تحيط بالمجتمع العربي، حارب من خلال كتابه "الأرواح المتمردة"، جمود الشرائع وعادات الزواج، أراد أن يحلق بالأرواح في سماء الحرية، فكما كان حالمًا بواقع مغاير كانت كتبه بمثابة المرآة التي تكشف جوهر مؤلفها، وتعبر بالحلم إلى الواقع وتحاول تحريكه. حُرم من أبيه الفقير، الذي كان يعمل راعيا للغنم؛ بسبب هجرته مع والدته وأخوته إلى أمريكا، ثم فقد أمه وأخواته بداء السل، "أنا غريب في هذا العالم.. أنا غريب وفي الغربة وحدة قاسية"، عاش طفولة ومراهقة متنقلا بين أمريكا وبيروت، أثرت حياته الفقيرة عقله الغني، فأنتج معظم الفنون الأدبية من شعر وكتب وقصص قصيرة ورسم، فهو الفنان الشامل الذي ذاع صيته عالميًا مثلما كان عربيًا، بل إن شعره هو الأكثر مبيعا بعد شكسبير ولاوزي، "ولكنني أركع متضعا أمام جهلي وفي هذا فخري وأجري". جبران خليل جبران.. ولد في 6 يناير عام 1883، ضيق العيش أبعد المدرسة عن الصبي، فتعلم على يد جرمانوس كاهن كنيسة قريته بلبنان، علمه السريانية والعربية فدرس التاريخ واهتم بالأدب، بدأ هجرته وهو في الـ12 من عمره، وعاد إلى لبنان وهو في الـ15، ودخل مدرسة إعدادية ثم معهد عالٍ، وبدأ حينها أول مجلة أدبية مع زميل له، ولقب بشاعر الكلية، ثم عاد إلى بوسطن عام 1902، لم يتزوج من آمن بـ"إذا أومأ الحب إليكم فاتبعوه.. وإن كان وعر المسالك زلق المنحدر"، فقد عاش للأدب في أمريكا مع أخته الوحيدة التي بقيت له من أسرته، وعملت في الحياكة.[SecondImage] أول من حثه على الدخول في متاهة الأدب، التي لم يرد الخروج منها طيلة حياته هو معلمه بمدرسة الفنون بأمريكا، هولاند دي، فنشر رسومات جبران وهو في الـ15 من عمره، على أغلفة كتبه لينشر اتجاه الفتى في الفنون، ولعل أفضل مثال على اتجاه الأدب داخل أروقة جبران، هي القصيدة التي تحمل داخلها متع الحياة وبساطتها "هل اتخذت الغاب مثلي.. منزلا دون القصور؟ هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب.. والعناقيد تدلت كثريات الذهب؟" التي أبدعت في تصويرها الرائعة فيروز، وهي أيضًا صاحبة لقب أكثر الفنانين غناء لقصائد جبران. "النبي" هو النجمة التي كللت سماء جبران الأدبية بنورها، فقد ترجم الكتاب من الإنجليزية إلى أكثر من خمسين لغة، به عصارة آراء الكاتب في الحياة والموت والفلسفة والحب والزواج والدين والمجتمع، تفرغ لكتابته أربع سنوات، ومن أشهر مؤلفاته، كتاب البدائع والطرائف، ورواية العواصف، ومجموعة قصصية الأرواح المتمردة والأجنحة المتكسرة، ومن أدبياته الإنجليزية، كتاب المجنون، ورمل وزبد، ويسوع ابن الإنسان، إضافة إلى تكوينه للرابطة القلمية مع عبد المسيح حداد وميخائيل نعيمة ونسيب عريضة، وكان الهدف منها إخراج الأدب العربي من المستنقع بتجديده. طلب جبران أن تكتب تلك العبارة على قبره "أنا حي مثلك، وأنا واقف الآن إلى جانبك؛ فاغمض عينيك والتفت، تراني أمامك"، تحول ضريحه إلى متحف يحمل اسمه، بنيت أيقونات في أنحاء العالم تحمل اسم الأديب، منها تمثال بأرمينيا، وآخر في البرازيل، ونصب تذكاري في واشنطن العاصمة الأمريكية، وأصبح بالفعل يراه الجميع، فاجأه الموت في مثل هذا اليوم 10 أبريل 1931، وهو في الـ48 من عمره، بسبب تليف الكبد وسل الرئتين ذهبا بالأديب إلى عالمه الخيالي الذي يقبع في أحلامه، ودفن بلبنان كما كانت أمنيته "فما أحب الحياة إلينا وما أبعدنا عن الحياة".