زوجة الرسول في الدنيا والآخرة.. "عائشة" أكثر أمهات المؤمنين غيرة

كتب: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسي

زوجة الرسول في الدنيا والآخرة.. "عائشة" أكثر أمهات المؤمنين غيرة

زوجة الرسول في الدنيا والآخرة.. "عائشة" أكثر أمهات المؤمنين غيرة

يحتفل العالم بعيد الحب، أو ما يطلق عليه "الفلانتين"، ولنا في رسول الله العديد من قصص الحب لزوجاته الكرام، إلا أن إحدي زوجاته كانت الأكثر قربا وجاء وعد سماوي لها بأنها ستكون زوجته في الدنيا والآخرة، وهي السيدة عائشة بنت ابي بكر أم المؤمنين وثالث زوجات النبي بعد السيدة خديجة والسيدة سودة بنت زمعة

تقول دار الإفتاء المصرية، في تقرير لها عبر موقعها الرسمي: "قبل زواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بها رآها في المنام، فقد جاءه جبريل عليه السلام وهو يحمل صورتها إليه ويقول له: (هذه زوجتك في الدنيا والآخرة)، ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من النساء بكرا غيرها، وهو شرف استأثرت به على سائر نسائه، وظلت تفاخر به طيلة حياتها".

وتضيف دار الإفتاء أيضا أن عائشة كانت تقول: "لقد أعطيت تسعا ما أعطيتهن امرأة إلا مريم بنت عمران، ثم قالت، ولقد تزوجني بكرا وما تزوج بكرا غيري"، وكان لعائشة رضي الله عنها منزلة خاصة في قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن لسواها، حتى إنه لم يكن يخفي حبها عن أحد، وبلغ من حبه لها أنه كان يشرب من الموضع الذي تشرب منه، ويأكل من المكان الذي تأكل منه، وعندما سأله عمرو بن العاص رضي الله عنه: أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال له: (عائشة)، متفق عليه، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يداعبها ويمازحها ويسابقها.

وقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها ما يدل على ملاطفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها فقالت: "والله، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم من بين أذنه وعاتقه، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف" رواه أحمد.

وأكدت الإفتاء أنه لعلم الناس بمكانة السيدة عائشة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يتحرون اليوم الذي يكون فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندها دون سائر الأيام ليقدموا هداياهم وعطاياهم، كما جاء في "الصحيحين"، ومن محبته صلى الله عليه وآله وسلم لها: استئذانه لنسائه في أن يبقى عندها في مرضه الذي توفي فيه لتقوم برعايته.

ومما اشتهرت به السيدة عائشة رضي الله عنها غيرتها الشديدة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، التي كانت دليلا صادقا وبرهانا ساطعا على شدة محبتها له، وقد عبرت عن ذلك بقولها له: "وما لي لا يغار مثلي على مثلك" رواه مسلم.

وفي يوم من الأيام كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندها، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بوعاء فيه طعام، فقامت السيدة عائشة رضي الله عنها إلى الوعاء فكسرته، فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجمع الطعام وهو يقول: "غارت أمكم" رواه البخاري.

وكلما تزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بامرأة كانت تسارع بالنظر إليها لترى إن كانت ستنافسها في مكانتها من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان النصيب الأعظم من هذه الغيرة للسيدة خديجة رضي الله عنها بسبب ذكر رسول الله لها كثيرا، بحسب "الإفتاء".

وعندما خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إحدى الليالي إلى البقيع، ظنت أنه سيذهب إلى بعض نسائه، فأصابتها الغيرة، فانطلقت خلفه تريد أن تعرف وجهته، فعاتبها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال لها: "أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله" رواه مسلم.

وأوضحت "الإفتاء" أن الحديث عن فضائل السيدة عائشة لا يمل ولا ينتهي، فقد كانت رضي الله عنها صوامة قوامة، تكثر من أفعال البر، ووجوه الخير، وقلما كان يبقى عندها شيء من المال، لكثرة بذلها وعطائها، حتى إنها تصدقت ذات مرة بمائة ألف درهم، لم تبق منها شيئا. وقد شهد لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالفضل، فقال: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"، متفق عليه.

ومن فضائلها قوله صلى الله عليه وآله وسلم لها: "يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته"، متفق عليه.

وعلى الرغم من صغر سنها، إلا أنها كانت ذكية سريعة التعلم، ولذلك استوعبت الكثير من علوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى أصبحت من أكثر النساء رواية للحديث، ولا يوجد في نساء أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم امرأة أعلم منها بدين الإسلام. ومما يشهد لها بالعلم قول أبي موسى رضي الله عنه: "ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم حديث قط فسألنا عائشة، إلا وجدنا عندها منه علما" رواه الترمذي.

وقيل لمسروق: "هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال: إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يسألونها عن الفرائض". رواه الحاكم. وقال الزهري: "لو جمع علم نساء هذه الأمة، فيهن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان علم عائشة أكثر من علمهن". رواه الطبراني.

وإلى جانب علمها بالحديث والفقه، كان لها حظ وافر من الشعر، وعلوم الطب، وأنساب العرب، واستقت تلك العلوم من زوجها ووالدها، ومن وفود العرب التي كانت تقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ومن بركتها رضي الله عنها أنها كانت السبب في نزول بعض آيات القرآن، ومنها آية التيمم؛ وذلك عندما استعارت من أسماء رضي الله عنها قلادة، فضاعت منها، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعض أصحابه ليبحثوا عنها، فأدركتهم الصلاة ولم يكن عندهم ماء فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم شكوا إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حضير لعائشة: "جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا، وجعل للمسلمين فيه بركة" متفق عليه.

وعندما ابتليت رضي الله عنها بحادث الإفك، أنزل الله براءتها من السماء قرآنا يتلى إلى يوم الدين، قال تعالى: ﴿إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ۞ لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين ۞ لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون﴾، وقد توفيت رضي الله عنها سنة سبع وخمسين من الهجرة، عن عمر يزيد على ثلاث وستين سنة، وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه، ثم دفنت بالبقيع، ولم تدفن في حجرتها بجانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقد آثرت بمكانها عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فرضي الله عنهما وعن جميع أمهات المؤمنين.


مواضيع متعلقة