خطاب نقابة الأطباء

ورد لى خطاب من نقابة الأطباء تعليقاً على مقالين، الأول بعنوان «من قتل الطبيبات؟» تعليقاً على الحادث المروع الذى راح ضحيتة ثلاث طبيبات ورجلان وأصيب العديد من الطبيبات والركاب الآخرين، والمقال الثانى بعنوان «قانون الختان حبر على ورق بوجود أطباء مجرمين»، تعليقاً على مقتل طفلة فى أسيوط أثناء إجراء عملية ختان على يد طبيب. وقد أبدت النقابة فى رسالة مطولة تحفُّظها على المقالين، حيث رأت أن مقال الختان فيه تجنٍّ على النقابة وأننى تحاملت على النقابة، وأن النقابة تقوم بدورها فى توعية الأطباء ومحاسبة المقصرين، بل ودعم قضايا المجتمع، وأننى فى مقالى بعنوان «من قتل الطبيبات؟» كان يجب، وأنا أتصدر للدفاع عن المرأة، أن أقف فى صف الطبيبات ضد تعسف السلطة؟

وفى الحقيقة فإن خطاب النقابة أسعدنى لأنه تعبير عن سُنّة حميدة لما فيها من تواصل وتوضيح للمعلومات وبناء جسر من التفاهم وبناء حوار لصالح المجتمع. وأود التأكيد على أن نقد النقابة ليس به تحامل، وإنما دعوة لأن تلعب النقابة دوراً أكثر فاعلية فى دعم الأطباء من جانب ودعم المجتمع من جانب آخر، فدعم الأطباء وحمايتهم هو فضلاً على الفائدة للأطباء فهو أيضاً دعم لحقين من أسمى حقوق الإنسان وهما الحق فى الحياة الذى يعمل من أجله ويحميه الأطباء وهو الحق الذى يعلو على كل الحقوق بل ويسبقها، والحق الثانى هو الحق فى الصحة وهو مسئولية أساسية للأطباء، لكن ما نراه فى الواقع يضعنا فى حيرة بين أطباء متفانين يعملون فى ظروف عمل متواضعة أو سيئة ويضحون بأرواحهم فى بعض الأحيان لإنقاذ الناس، وأطباء لا يستحقون كلمة طبيب، وفى الحالتين لا بد أن تلعب النقابة دوراً أكثر فاعلية لدعم الفئة الأولى وحماية حقوقهم، وحماية المجتمع من الفئة الثانية، وهو ما تحدثت عنه فى مقال «من قتل الطبيبات»، حيث ذكرت أن الحديث عن الوزيرة فقط هو تقزيم للقضية، ودعوت إلى أن تكون وفاة وإصابة الطبيبات سبباً لفتح النقاش حول إصابات العمل والتعويض لهم وتأمين بيئة عمل مناسبة ومحترمة للأطباء والطبيبات بما فيها وسائل الانتقال، وإن كانت القضية تعنُّت الإدارة فهى أيضاً لا بد أن تدرج على جدول النقاش لنضع دليلاً إجرائياً للتعامل مع الأطباء بالاحترام اللائق، والقضية ليس المطلوب فيها معاملة خاصة للطبيبات لأنهن نساء، لأن هذا التفكير يؤثر بالسلب على مستقبل النساء المهنى، سواء طبيبات أو محاميات أو أى امرأة لديها الطموح للعمل والنجاح، وإنما يجب توفير بيئة عمل ومواصلات كريمة للجميع.

أما المقال الثانى حول الختان فقد أعلمتنى النقابة بجهدها فى هذا المقال، ومن ذلك مؤتمر عام 2015، وتوعية للأطباء، وهو جهد مشكور، لكننا بحاجة إلى بيان موقف واضح بأن الختان لا ضرورة طبية فيه وأنه فعل إيذاء. بيان واضح مثل بيان منظمة الصحة العالمية، يجعل الأمر قاطعاً أمام الأطباء وأمام المحاكم أيضاً، حتى لا نترك ثغرة تُستخدم لتبرئة أطباء يتاجرون فى لحم الصغيرات بادعاء أن هناك ضرورة للختان، بالإضافة لذلك فهناك الكثير يمكن النقاش حوله، وأعتقد أن رد النقابة بداية جيدة لحديث يمكن أن يمتد لصالح الأطباء والطبيبات مما سيكون حتماً لصالح المجتمع.