دستور 1882.. أول محاولة لمنح مجلس النواب السلطة الرقابية على الحكومة

كتب: أحمد البهنساوى

دستور 1882.. أول محاولة لمنح مجلس النواب السلطة الرقابية على الحكومة

دستور 1882.. أول محاولة لمنح مجلس النواب السلطة الرقابية على الحكومة

أقرت مصر دستورا جديدا في مثل هذا اليوم 7 فبراير من العام 1882 في عهد الخديوي توفيق ليحل محل دستور سنة 1879، والذي يعد حلقة في تاريخ القانون الدستوري في مصر وجزءا من مراحل تطوره.

واعتبره البعض محاولة متواضعة لتطبيق نظام ديمقراطي في ظل ولاية عثمانية يمثلها أسرة محمد علي، وفي محاولة متجددة من الخديوي توفيق ليحصل على استقلال ذاتي وجعل الحكم في مصر قائما على أسس أهمها رقابة مجلس النواب لعمل الحكومة الذي يمثله مجلس النظار، أو الوزراء، الأمر الذي يجعل هذا الدستور قريبا من النموذج الدستوري لدولة قانونية نسبيا وإن كان لا يرقى إلى المستوى المطلوب للدولة القانونية.

ويستشرف من الدستور تبنيه لوظيفة الرقابة من ناحية والتشريع من ناحية أخرى لمجلس النواب، وجعل الحكومة متمثلة في مجلس النظّار مسؤولة أمام مجلس النواب الذي هو ممثل للأمة المصرية، ولعل أبرز دلالات هذا الدستور هو تبنيه وسط عراك وجدل سياسي في خضم أزمة التدخل الأجنبي، ووجود الثورة العرابية في الساحة، وهو كدستور يعد قاصرا عن تلبية كامل طموحات المجتمع المصري وقتئذ.

وكتبت بعض التقارير أن هذا الدستور حمل توجهات الخديوي توفيق ورغبته في السيطرة على مقاليد حكم مصر، التي ورثت ديون الخديوي إسماعيل الفاحشة، وعانت من تفكك سيطرة الحكم على أجزاء من الإقليم المصري، ولعل أهم ما تضمنه دستور مصر سنة 1882 هو إيجاد مجلس للنواب وبيان العلاقة بينه وبين الحكومة "مجلس النظار" ولكنه لم يتطرق للحديث عن الحقوق والحريات الأساسية.

أوجد الدستور مجلسا نيابيا أسماه مجلس النواب، مقره القاهرة، يعتمد على انتخاب النواب، ويستمر عمل المجلس مدة خمس سنوات، ولا يتم حل هذا المجلس إلا في حالة الخلاف المستحكم بين مجلس النظار وبينه، فإذا استمر الخلاف ولم تقم الوزارة بالاستعفاء "الاستقالة" يقوم الخديوي بفض المجلس والدعوة لانتخاب مجلس نواب جديد يمثل سيادة الأمة المصرية، بحيث إذا جاء مجلس جديد وأقر رأي المجلس السابق الذي كان محل خلاف بينه وبين مجلس النظّار "الحكومة" أصبح رأي المجلس نهائيا ويتم العمل به.

ويقوم المجلس بدور تمثيلي للأمة المصرية ككل، وله مساءلة الحكومة وطلب إيضاحات وعلى الوزراء الاستجابة لدعوات مجلس النواب بالحضور، ليقوم مجلس النواب بعمله.

وقد تبنى الدستور وظيفتي الرقابة من ناحية، ووظيفة سن القوانين ووضع التشريعات من ناحية أخرى، وذلك وفق آليات وطرق معينة تعد وفق النظر الدستوري، ممارسة مقيدة لوظائف البرلمان، ما استتبع القول إن ما نص عليه الدستور بخصوص هاتين الوظيفتين الطبيعيتين لمجلس النواب ما هو تكريس لسيطرة الخديوي ومجلس الوزراء الذي يأتمر بأوامر الخديوي وينحو على هواه ورغبته.


مواضيع متعلقة