فلسفة الإصلاح.. كيف تحوَّل القطاع المصرفي إلى قيادة التنمية؟

فلسفة الإصلاح.. كيف تحوَّل القطاع المصرفي إلى قيادة التنمية؟
- الإصلاح الاقتصادي
- القطاع المصرفي
- البنوك
- البنك المركزي
- الإصلاح النقدي
- الإصلاح الاقتصادي
- القطاع المصرفي
- البنوك
- البنك المركزي
- الإصلاح النقدي
مر القطاع المصرفى المصرى بالعديد من مراحل التطور على مدار العقود الماضية من أجل رفع مستوى أدائه وزيادة دعمه للاقتصاد القومى، والتى بدأت بتمصير البنوك عام 1957 وتحويلها إلى شركات مساهمة مملوكة للمصريين بدلاً من الأجانب، ثم مرحلة التأميم والإدماج والتخصص النوعى للبنوك وإنشاء البنك المركزى المصرى بدءاً من 1960، جاءت بعدها مرحلة الإصلاح المصرفى الشامل حتى عام 1995 حيث تحرير سعر الفائدة وتحرير سعر الصرف، وتغيير آلية تمويل عجز الموازنة العامة من خلال أذون الخزانة.
وخاض القطاع المصرفى المصرى بعد ذلك 3 مراحل إصلاحية فارقة فى تاريخه، تمثلت فى تجربة الإصلاح الأولى فى عام 2003، ثم المرحلة الثانية فى 2009، وأخيراً مرحلة الإصلاح الاقتصادى وتحرير سعر الصرف فى 2016، وبدأت التجربة الإصلاحية منذ عام 2003 مع تولى فاروق العقدة منصب محافظ البنك المركزى، والتى بدأها بوضع القانون المصرفى الموحد، وتمهيد الطريق أمام فرص تنشيط البنك المركزى، للإشراف على إصلاحات القطاع المصرفى بأكمله، حيث أعاد «العقدة» وفريقه هيكلة البنك المركزى، وتم توظيف مواهب القطاع الخاص عن طريق تعديل القانون المصرفى الموحد للسماح بمرتبات أعلى، وإقامة عروض ترتكز على الأداء، وتوسيع برامج التدريب، وتقوية أنظمة تكنولوجيا المعلومات.
3 مراحل إصلاحية تضع القطاع المصرفى على رأس قائمة أقوى القطاعات الاقتصادية فى مصر بعد رحلة الـ15 عاماً من العمل والتجديد
وشملت الإصلاحات المصرفية أيضاً، تحسين إدارة البنوك العامة، ودمج وإغلاق البنوك للحد من العدد فى القطاع، والقضاء على القروض غير المنتظمة، وزيادة العوائد على الأسهم والأصول داخل القطاع المصرفى، وخصخصة البنوك العامة، فضلاً عن نقل تجارب البنوك المركزية فى البلدان الأخرى، بما فى ذلك البنك المركزى الأوروبى وبنك فرنسا والاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، مما دفع محافظ البنك المركزى آنذاك إلى العمل على 5 محاور رئيسية.
وارتكزت هذه المحاور الخمسة على: إعادة هيكلة وإنشاء أقسام للتعامل مع المهام الجديدة، ورفع جداول الرواتب من أجل جذب الخبرة الخارجية لإدارة الإدارات الجديدة التى تفتقر إلى الموظفين المؤهلين، ولكى يقوم البنك المركزى بالتوظيف بنجاح من القطاع الخاص، كان على الإدارة أن تتحول إلى نظام الدفع والترقية القائم على الأداء وليس الأقدمية، ثم التوسع فى برامج لتدريب الموظفين، وأخيراً ضرورة وجود أنظمة بيانات لاستيعاب التعيينات الجديدة، مما أدى إلى إعادة رسم صورة القطاع المصرفى داخل مصر، وأيضاً مع المؤسسات والمنظمات المالية الدولية بعد استعادة الثقة فى المؤسسة.
المرحلة الأولى
استهدفت المرحلة الأولى للإصلاح المصرفى التى بدأت منذ ٢٠٠٤ حتى ٢٠٠٨، خلق سوق موحدة للصرف الأجنبى تتميز بالمصداقية والكفاءة وتعكس قوى العرض والطلب الحقيقيين، ووضع إطار جديد للسياسة النقدية يتسم بالشفافية ويتخذ من استقرار المستوى العام للأسعار فى الأجل المتوسط هدفاً له فى ظل نظام مرن لسعر الصرف مع المحافظة على حرية تدفقات رؤوس الأموال، بالإضافة إلى القيام بإصلاح هيكلى ومالى شامل للقطاع المصرفى لضمان وجود مؤسسات قوية تعمل بكفاءة فى ظل رقابة فعالة.
واعتمد الإصلاح الهيكلى الشامل للقطاع المصرفى على ضرورة خلق كيانات مصرفية قوية التى تقتضى بألا يقل رأس المال المصدر والمدفوع للبنك عن 500 مليون جنيه، وألا يقل رأس المال المخصص لنشاط فروع البنوك الأجنبية عن 50 مليون دولار، مما أدى إلى غلق عدد من فروع البنوك الأجنبية، فضلاً عن إجراء العديد من عمليات الدمج الطوعى، وهو ما أدى إلى تقليص عدد البنوك العاملة فى مصر من ٥٧ بنكاً فى ديسمبر ٢٠٠٣ إلى 38 بنكاً حالياً.
"المركزى" يقود عملية موسعة لتصفية الكيانات الضعيفة فى مطلع الألفية الثالثة.. وينتج قطاعاً بنكياً صمد فى مواجهة الأزمة العالمية
وشملت عمليات الدمج نحو 13 بنكاً محلياً لم تتمكن من رفع رؤوس أموالها ضمت بنوك «النيل والمصرى المتحد والقاهرة الشرق الأقصى وبنك العمال ومصر أمريكا الدولى والمصرف الإسلامى الدولى للاستثمار والتنمية وبورسعيد الوطنى والوطنى للتنمية والتجارة والتنمية والمهندس والإسكندرية التجارى البحرى والاستثمار العربى والتعمير والإسكان»، بالإضافة إلى تصفية أعمال 4 فروع للبنوك الأجنبية وهى «جمال تراست اللبنانى، وبنك الرافدين العراقى، والبنك الأهلى السودانى، والأهلى الباكستانى».
وبهدف القضاء على تعارض المصالح فى ملكية البنوك العامة للبنوك المشتركة، قامت البنوك العامة ببيع مساهماتها فى معظم البنوك المشتركة محققة بذلك أرباحاً رأسمالية تم توجيهها لتدعيم القاعدة الرأسمالية للبنوك العامة، حيث كان لعمليات بيع مساهمات البنوك العامة فى البنوك المشتركة وعملية بيع ٨٠% من أسهم رأسمال بنك الإسكندرية، فضلاً عن بعض عمليات الاستحواذ التى تمت على مستوى البنوك الخاصة أكبر الأثر فى جذب الاستثمار الأجنبى والإقليمى ونقل الخبرة المصرفية المتطورة والحديثة إلى القطاع المصرفى المصرى، حيث دخل العديد من البنوك العالمية والإقليمية مثل بنك انتيسا سان باولو وبنك بيريوس وبنك الكويت الوطنى ومجموعة البنك الأهلى المتحد البحرينية وبنكى عوده وبلوم اللبنانيين، إلى السوق المصرفية المصرية، حيث بلغ إجمالى الاستثمارات الأجنبية المباشرة التى تم ضخها فى القطاع المصرفى المصرى فى الفترة من منتصف ٢٠٠٥ إلى نهاية ٢٠٠٦ نحو 4.3 مليار دولار.
كما شملت هذه المرحلة إعادة هيكلة البنوك التجارية العامة من خلال تنفيذ خطة شاملة لتطوير كل الإدارات والنظم التكنولوجية واستحداث إدارات جديدة تشمل إدارة المخاطر والنظم التكنولوجية والموارد البشرية وتطبيق أفضل الممارسات الدولية من خلال استشاريين دوليين، فضلاً عن إجراء عملية تدقيق ومراجعة شاملة للقوائم المالية للبنوك العاملة معدة وفقاً لمعيار IFRS، مع التركيز للأعوام ٢٠٠٤ وحتى ٢٠٠٨ لمعايير المحاسبة الدولية على تقييم جودة الأصول وتحديد فجوة المخصصات التى تم تقديرها من قبل الجهاز المركزى للمحاسبات بنحو 55 مليار جنيه بنهاية يونيو 2003 للبنوك العامة الأربعة «الأهلى ومصر والقاهرة والإسكندرية»، التى تم الانتهاء من تغطيتها بنهاية يونيو 2010.
وساهم تنفيذ المرحلة الأولى من تطوير القطاع المصرفى فى حماية البنوك المصرية من التداعيات المباشرة للأزمة المالية العالمية الأخيرة، وذلك بشهادة العديد من المؤسسات الدولية، حيث كان القطاع يمتلك سيولة كافية يمكن ضخها فى السوق المحلية لتلبية احتياجات المشروعات التنموية ومواجهة الآثار المتوقعة لتقلص حجم الاستثمار الأجنبى المباشر.
المرحلة الثانية
وبناءً على النجاح الذى تحقق فى المرحلة الأولى لبرنامج تطوير القطاع المصرفى، أعلن مجلس إدارة البنك المركزى عن المرحلة الثانية التى استهدفت رفع كفاءة أداء وسلامة القطاع وزيادة تنافسيته ومقدرته على إدارة المخاطر ليقوم بالدور المنوط به فى الوساطة المالية لخدمة الاقتصاد القومى والإسهام فى تحقيق معدلات التنمية المستهدفة.
شهد مطلع عام 2009 المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح المصرفى الذى بدأه صناع السياسة النقدية آنذاك، لتشمل المرحلة الثانية تغيرات جذرية جديدة أعادت للقطاع قوته وصلابته، خاصة فى ظل الاضطرابات السياسية التى كانت تمر بها مصر آنذاك، والتى أثرت على الأداء الاقتصاد الكلى ليصمد القطاع المصرفى ويكون السند والداعم الرئيسى للدولة حين تدهورت الأحوال الاقتصادية بها.
المرحلة الثانية تنطلق بتطبيق معايير "بازل2" وتؤسس لنظام بنكى يدعم جهود الدولة فى مختلف مجالات التنمية
تصدرت معايير تطبيق «بازل 2» المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح النقدى، وجاء ذلك بعد توقيع اتفاقية تعاون مشترك فى نوفمبر 2008 بين البنك المركزى المصرى والبنك المركزى الأوروبى بالتعاون مع 7 بنوك مركزية أوروبية لدول بلغاريا ورومانيا واليونان وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وجمهورية التشيك، وقد تم تحديد 3 سنوات مدة زمنية للبرنامج، بدأت فى يناير 2009 على أن تنتهى فى ديسمبر 2011، وقد تقرر فى مرحلة لاحقة امتدادها حتى مارس 2012 وذلك لوجود موارد إضافية، ونظراً للظروف التى مرت بها مصر فى مطلع عام 2011 قد ساهم ذلك فى اعتماد مجموعة من الأنشطة الجديدة لكل الإدارات ذات الصلة بالرقابة والإشراف حتى تتمكن تلك الإدارات من المساهمة بفاعلية فى مرحلة تطبيق مقررات «بازل ٢».
كما شملت المرحلة الثانية من الإصلاح المالى والنقدى إطلاق برنامج شامل لإعادة الهيكلة المالية والإدارية للبنوك المتخصصة العاملة فى السوق المحلية لبنوك التنمية والائتمان الزراعى، والعقارى المصرى العربى، والتنمية الصناعية والعمال المصرى، والتى كشف عنها الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى آنذاك على أن تستمر لمدة 3 سنوات بدءاً من عام 2009.
ويشمل إخضاع البنوك العامة الثلاثة المتخصصة لعملية مراجعة شاملة طبقاً لمعايير المحاسبة الدولية وإعداد خطة شاملة لإعادة هيكلتها مالياً وإدارياً على دراسة الفحص الفنى النافى للجهالة لكل من البنوك المتخصصة والتى تهدف لمعرفة احتياجاته من رأسمال وحجم القروض المدعمة من الحكومة، حتى يتم تحديد الدعم الذى سيتم توجيهه من البنك المركزى إلى تلك البنوك.
كما تضمنت المرحلة الثانية تبنى البنية الأساسية للسياسة النقدية وتنمية الكوادر تمهيداً لتبنى استهداف التضخم كإطار رسمى للسياسة النقدية للبنك المركزى، من خلال تشكيل مجموعة عمل متخصصة فى الأرقام القياسية للأسعار المتعلقة بالتضخم وذلك بالتنسيق مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بالإضافة إلى إعداد مؤشر مقياس التضخم الأساسى «Measure Inflation Core» الذى تم نشره فى نوفمبر ٢٠٠٩.
وعملت المرحلة الثانية من الإصلاح على ميكنة إجراءات تنفيذ السياسة النقدية فى مجال أسلوب جمع المعلومات والنماذج المطبقة للتنبؤ بحجم السيولة المتوفرة بالأسواق، فضلاً عن طرح أدوات جديدة لإدارة السيولة من خلال عمليات السوق المفتوحة لزيادة فاعلية عملية إدارة السيولة.
شملت المرحلة الثانية لأول مرة تنفيذ نظام التسوية اللحظية الخاص بالمدفوعات فيما بين البنوك العاملة فى السوق المحلية وبعضها البعض، بالإضافة إلى إنشاء محول قومى وغرفة مقاصة إلكترونية لمدفوعات التجزئة.
بعد الاضطرابات السياسية التى حدثت فى يناير ٢٠١١، قرر البنك المركزى البدء فى إجراء عمليات اتفاقات إعادة الشراء REPO لأجل استحقاق لمدة سبعة أيام وفقاً لسعر عائد ثابت تحدده لجنة السياسة النقدية، مما ساعد عدداً من البنوك فى مواجهة مشكلات النقص فى السيولة عقب الاضطرابات السياسية والاقتصادية التى حدثت آنذاك.
كما قرر «المركزى» فيما بعد البدء فى إجراء اتفاقات إعادة شراء أطول أجلاً Repo ذات أجل ٢٨ يوماً بشكل منتظم وبصورة شهرية وبمعدل عائد متغير، وقد تم تحديد الحد الأدنى للتقدم فى العطاءات بمعدل العائد المعلن على عمليات إعادة الشراء ذات أجل ٧ أيام والتى تقررها لجنة السياسة النقدية خلال اجتماعاتها الدورية.
واتساقاً مع المرحلة الثانية من برنامج تطوير الجهاز المصرفى والتركيز على تطوير عملية إدارة السيولة للوصول إلى الهدف الأساسى للسياسة النقدية وهو استقرار الأسعار فقد تم إنشاء منحى العائد الـCURVE YIELD على أسعار أذون الخزانة، وبذلك أصبح هناك مرجع لحساب أسعار العائد على جميع أذون الخزانة الموجودة فى السوق المصرى، مما أدى إلى رفع كفاءة السوق المحلية وخاصة قدرة المتداولين فى السوق على تسعير أذون الخزانة ومن ثم زيادة السيولة والتداول بالسوق الثانوية.
لم تنتهِ إنجازات تلك المرحلة بعد، بل وضعت البذرة الأساسية لبدء اهتمام القطاع المصرفى بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة حيث تبنى البنك المركزى مبادرة تستهدف إعفاء البنوك التى تمنح قروضاً وتسهيلات ائتمانية للشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة من نسبة الاحتياطى البالغة ١٤% آنذاك، وذلك فى حدود ما يتم منحه من قروض وتسهيلات ائتمانية.
ليقرر «المركزى» فيما بعد تخفيض نسبة احتياطى البنوك لديه لتصبح ١٢% بدلاً من ١٤% وذلك فى مارس 2012، ثم تخفيضها مرة أخرى لتصل إلى ١٠% بدلاً من ١٢% فى مايو ٢٠١٢.
كانت مرحلة فعالة فى تاريخ القطاع المصرفى خاصة بعد الترخيص لأول شركة تعمل فى مجال خدمات الاستعلام والتصنيف الائتمانى (للشركة المصرية للاستعلام الائتمانىscore-I) فى عام 2008، بغرض توفير أكبر قدر من المعلومات التاريخية والمحدثة عن المنشآت الصغيرة والمتوسطة لمساعدة البنوك فى اتخاذ القرار الائتمانى الأفضل.
ولم تنتهِ تلك المرحلة الصعبة قبل قرار البنك المركزى بالتخارج من بعض مساهماته فى بنوك أجنبية ومحلية، حيث وافق مجلس الإدارة على بيع حصة البنك المركزى فى كل من البنك التجارى العربى البريطانى البالغة ٢٦٫٨% وحصته فى بنك اليوباف العربى الدولى - البحرين البالغة ٤٣٫١% أما عن حصته فى كل من البنك العربى الأفريقى الدولى والمصرف المتحد فقد تم إرجاء بيعهما لحين تحسن الأوضاع الاقتصادية والمالية العالمية والمحلية.
المرحلة الثالثة
لن تنتهى مراحل برنامج الإصلاح النقدى بل تتوالى المراحل تزامناً مع التقلبات الاقتصادية التى تمر بها مصر لبناء اقتصاد قوى وقادر على تحقيق معدلات نمو مرتفعة مقارنة بالأسواق النامية.
بدأت المرحلة الثالثة منذ عام 2016 إلا أنها كما يبدو لم تنته بعد، وما زالت قرارات البنك المركزى وسياساته المتبعة تشير إلى قدرة «المركزى» على تحقيق مزيد من الإنجازات والتغيرات الجذرية التى تضفى مزيداً من النجاحات على القطاع المصرفى والتى ستؤثر على الاقتصاد القومى بأكمله.
استهلت المرحلة الثالثة خطواتها فى نوفمبر 2016 بقرار «المركزى» بتحرير سعر الصرف وترك حرية تسعير العملات الأجنبية وفقاً لآليات العرض والطلب بالسوق المحلية، واستهدف القرار استعادة تداول النقد داخل القنوات الرسمية للدولة، والقضاء على السوق السوداء، والذى أدى لنمو حصيلة تدفقات النقد الأجنبى لدى البنوك، لتعاود العملة المحلية تعافيها أمام الدولار بشكل تدريجى.
إصلاح هيكل الأجور وإعادة "الكفاءات المهاجرة" نسفت الفكر التقليدى فى قيادة البنوك وأنتجت عقولاً مبدعة قادرة على "التحدى"
ودائماً ما يلعب «المركزى» بسياساته ويوجهها وفقاً للمتغيرات الاقتصادية ومستهدفات الدولة ففى عام 2016 قرر «المركزى» خفض الحد الأقصى للقروض الشخصية الممنوحة من قبل البنوك بألا يتجاوز إجمالى أقساطها 35% من الدخل الشهرى للعميل، مستهدفاً بذلك خفض السيولة المحلية لدى الأفراد والحد من نموها خاصة فى ظل الارتفاع المستمر لمعدلات التضخم آنذاك والتى ارتفعت فيما بعد لتكسر حاجز الـ30%. إلا أنه مع نهاية عام 2019 قرر «المركزى» رفع الحد الأقصى مرة أخرى لأقساط القروض الشخصية إلى 50% من صافى دخل العميل شهرياً، بعد وصول المعدل السنوى للتضخم العام إلى ٦٫٨٪ بنهاية ديسمبر ٢٠١٩.
"التكنولوجيا والابتكار والشمول المالى" أبرز عناوين المرحلة الثالثة
كما تضمنت المرحلة الثالثة قراراً بحرية تداول العملات الأجنبية بإلغاء التعليمات الصادرة فى فبراير 2011 بشأن الحد الأقصى المقرر للتحويل للخارج بواقع 100 ألف دولار أو ما يعادلها للعميل الواحد مرة واحدة خلال العام، والذى سبق أن تم تطبيقه على الأفراد الطبيعيين المصريين والشركات باستثناء التحويلات الخاصة بالعمليات التجارية.
وأضفت التكنولوجيا المالية على المرحلة الثالثة طابعاً خاصاً بعد إطلاق البنك المركزى وحدة التكنولوجيا المالية والابتكار «FinTech Egypt» بقطاع نظم الدفع وتكنولوجيا المعلومات بالبنك المركزى، والتى تعمل على ربط كل أطراف منظومة التكنولوجيا المالية، وتعد أول بوابة إلكترونية فى مجال التكنولوجيا المالية بمصر.
القرارات الجريئة لتصويب اختلالات سوق الصرف "البداية"
واهتمت المرحلة الثالثة من الإصلاح النقدى بجذب المزيد من العملاء للقطاع المصرفى وتضمينهم ضمن القنوات المالية الرسمية، والذى ظهر جلياً فى إنشاء الإدارة المركزية للشمول المالى عام 2016، والتى قامت بدور محورى فى التنسيق بين الجهات المختلفة، سواء داخلياً أو خارجياً، بهدف دعم وتعزيز الشمول المالى، حيث يتم التنسيق داخلياً بين الإدارات المختلفة بالبنك للعمل على إطلاق المبادرات والبرامج الداعمة للشمول المالى، وخارجياً مع جهات عديدة للتنسيق فيما يتعلق بأنشطة جمع بيانات الشمول المالى.
لم تنته مجهودات «المركزى» فى دعم الشمول المالى عند هذا الحد، بل أصدر مبادرات سنوية للشمول المالى يتيح من خلالها وجود البنوك خارج فروعها فى النوادى والجامعات وفى المناطق النائية، على أن تتضمن الفعاليات فتح حسابات للمواطنين بدون مصروفات وبدون حد أدنى لفتح الحساب.
ودعماً للشمول المالى أعلن «المركزى» عن إصدار بطاقات الدفع الوطنية «ميزة» مطلع عام 2019، والتى تعمل على إتمام كل المعاملات المالية من خلالها كالسحب والإيداع وتحويل الأموال والمدفوعات وصرف أنواع الدعم المختلفة، وحتى الآن تم إطلاق 3.2 مليون بطاقة «ميزة».