"صناعة الموهوبين": مشروع قومي لرعاية "العقول المبدعة"

كتب: أحمد أبوضيف وكريم رومانى

"صناعة الموهوبين": مشروع قومي لرعاية "العقول المبدعة"

"صناعة الموهوبين": مشروع قومي لرعاية "العقول المبدعة"

بدأت الدولة خطواتها الفعلية لرعاية الموهوبين والمبتكرين، من خلال توفير بيئة حاضنة للمواهب والابتكارات، وتقديم الدعم اللازم لهم لرعايتهم وتنمية ما لديهم من أفكار، من خلال توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال أحد اجتماعاته مع وزير التعليم العالى والبحث العلمى، الدكتور خالد عبدالغفار، بصياغة مشروع قومى لاكتشاف ورعاية الموهوبين فى المجتمع بالمجال الأكاديمى والعلمى، بهدف اكتشاف وصقل قدرات الأطفال والشباب النابغين فى جميع التخصصات، وإزالة العائق الأكبر الذى كان دوماً يقف أمامهم ويحول دون تحقيق الكثير من الاختراعات وهو افتقادهم لمن يحتضن أفكارهم وينميها، حتى يساهموا فى تقدم وبناء الدولة، بإمكانات قائمة على استغلال التكنولوجيا والإبداع، لتعظيم الاستفادة من طاقات الشباب فى تطوير المشروعات وحل المشكلات المجتمعية، مع تدعيم «جامعة الطفل»، التى لها دور كبير فى تهذيب وتعليم النشء، فضلاً عن أنه تربطها علاقة وثيقة تكاملية مع مشروع «رعاية الموهوبين والمبتكرين»، حيث تقع على عاتقها عملية اكتشاف الموهبة وتنميتها، ثم التأهيل الجيد لها، حتى تخرج ما فى داخلها من أفكار وتكتشف مواهبها.

بعد سنوات من التهميش.. الدولة تستعيد دورها لدعم الابتكارات وتنمية المبتكرين

التقت «الوطن» عدداً من المبتكرين الذين أشادوا بالمشروع، مطالبين بوجود لجنة متخصصة لتقييم الابتكارات واكتشاف مدى صلاحية تطبيقها فى المجتمع، وأكد عدد من الخبراء التربويين أن المشروع يعد خطوة تسهم فى الارتقاء والمحافظة على العقول المصرية من الهجرة، والارتقاء بمكانة مصر عالمياً.

مبتكرون: يسهم فى بناء جيل من المميزين.. ويحفزنا على الإبداع ويسوّق منتجاتنا

أبدى العديد من المبتكرين إعجابهم الشديد بفكرة تدشين مشروع قومى لرعاية الموهوبين والمبدعين، مؤكدين أن لهم ابتكارات مختلفة تنتظر الخروج للنور، مؤكدين أن العائق الأكبر الذى دوماً يقف أمامهم ويحول دون تحقيق الكثير من الاختراعات هو افتقادهم لمن يحتضن أفكارهم وينميها.

وأشاروا إلى أنه على الرغم من امتلاكهم قدراً من الإبداع ومن الموهبة ما يؤهلهم للتميز، فإنهم لم يجدوا الدعم اللازم لتسويقها، حيث إن ابتكار بذلة لرفع الأثقال يلزمه تمويل وتوفير الآلات، وحل مسألة رياضية معقدة يلزمه تدريب ورعاية، وتصميم جهاز يكشف الألغام التى فى باطن الأرض يحتاج لمرونة ودقة وخبرة لتنفيذه بشكل يخدم البيئة، موضحين أن تقدم الأمم وبناء الدول الحديثة يعتمد بشكل أساسى على التكنولوجيا والإبداع، باستغلال طاقة الشباب والفكر المبدع فى تطوير المشروعات وحل المشكلات المجتمعية.

وقال أحمد سيد، مبتكر جهاز لكشف الألغام، إن «تطبيق مشروع رعاية الموهوبين يتيح فرصاً مختلفة لأبناء الأقاليم لخدمة المجتمع بتخريج جيل جديد واعٍ ومدرك لأهمية دوره فى التطوير»، مضيفاً أنه «سيربط بين الجانبين (النظرى) فى الدراسة، و(العملى) لصقل مهارات الطالب الشخصية والعلمية حتى يكون على دراية كاملة بكل ما يتطلبه سوق العمل والمجتمع».

"سيد": يساعد على اكتشاف مواهب فى مختلف التخصصات

وأكد «سيد»، لـ«الوطن»، أنه «يقع على عاتق الجامعات دور كبير فى توفير المعامل والأجهزة الحديثة للعمل على المشاريع الإبداعية، بجانب الدعم المادى للخامات والمعدات وتسهيل الخدمات للطلاب المبدعين والموهوبين، حتى تؤهل الطلاب جيداً للمشروع القومى»، مشدداً على «أن توعية تلاميذ المدارس بأهمية المشروع ودوره فى تنمية مواهب الأطفال يساعد على اكتشاف مواهب للطلاب فى مختلف التخصصات، وتنميتها تحت إشراف أكبر الأساتذة والمتخصصين».

"مصطفى": يلغى فكرة الهجرة للخارج من عقول المبدعين

ووصف مصطفى حسين، الفائز بلقب «مبتكر مصر الأول»، مصمم مشروع محطة تحلية مياه تعمل بالتناضح العكسى متنقلة، وتستخدم لتحلية المياه الجوفية ومياه البحر وتعمل بالطاقة الشمسية، مشروع رعاية الموهوبين بأنه يعتبر بمثابة ثروة مصر فى المستقبل لأن الاهتمام بالموهوبين ينمى الشأن العلمى، ويحل مشكلات المجتمع المختلفة.

وأضاف «حسين» أن «المشروع يوفر بيئة جاذبة وحاضنة للموهوبين من الصغار، ويطور مواهبهم بشكل مستمر، ويلغى من مخيلتهم فكرة الهجرة للخارج»، متابعاً: «كده هنستفيد بالمواهب دى فى حل مشكلاتنا فى مختلف المجالات مثل المياه والغذاء والطاقة والاقتصاد والصحة والرياضة، وكده حلينا مشكلاتنا بعقول ولادنا»، موضحاً أن «تكاتف رجال الأعمال ومؤسسات الدولة وسيلة أساسية حتى يأتى المشروع بثماره المرجوة منه، كما يخلق التخطيط الجيد والتنفيذ الجاد والدعم المالى الكبير، والمشجع لكل من الموهوبين والمشرفين على المشروع اهتماماً بالعلوم التطبيقية التى تشجع على الابتكار والاختراع، خاصة مع وجود الأستاذ المحفز على البحث والتجربة والاستنتاج لا الحفظ والتلقين».

وشدد «حسين» على «ضرورة تطبيق المشروع على مستوى جميع المحافظات، واختيار المواهب بعناية شديدة، ثم تكوين مجموعات منها فى المجال الذى يمكن للطفل أن يبدع فيه، بجانب تحديد منهج خاص بهم فى التدريس يركز أكثر على التطبيق وربط البحث العلمى بالصناعة»، مشيراً إلى أنه «يسهم فى بناء جيل جديد من المميزين الذين لديهم رؤية مختلفة لحل المشكلات التى تعيق التنمية بمواهبهم».

ويرى محمد مجدى، أحد رواد الأعمال، أن «المشروع سيخلق مجالاً لأصحاب الابتكارات والمواهب يمكنهم من تكثيف جهدهم فى عملية الابتكار والإبداع، ويحسنون من فكرة مشاريعهم حتى يتم استغلالها بشكل مناسب، فضلاً عن دوره فى زيادة عدد المبتكرين والمخترعين والموهوبين، وتشجيع البحث عن حلول وابتكارات أكثر لمشكلات مصر»، موضحاً أنه فى حالة إدارته بشكل جيد من توفير الدعم المالى والفنى للابتكارات سيحل ذلك غالبية المشكلات التى تعيق عملية تقدم المجتمع.

وأكد «مجدى» أن «للمشروع العديد من المميزات، أهمها تطور المجتمع المصرى تعليمياً، وفى مجالات الابتكار على وجه التحديد، وزيادة فرص نجاح الابتكارات والاختراعات أمام الطلاب والشباب المصرى»، موضحاً أن «الجامعة يقع على عاتقها إعداد تدريبات عملية ونظرية، حتى يتمكن المبتكرون وأصحاب الأفكار من إنهاء عملهم بأفضل شكل»، متمنياً أن يتم رعاية المشروعات الريادية.

وأشاد عبدالرحمن مصطفى، مصمم جهاز روبوت يحاكى الأجهزة التى أطلقتها «ناسا»، يستطيع التغلب على غالبية المعوقات فى الفضاء، بفكرة إطلاق مشروع قومى لرعاية الموهوبين والمبتكرين، لأنه يتيح الفرصة للعديد منهم للتسويق لأفكارهم بشكل جيد، لافتاً إلى أن أى فكرة مشروع مبتكر يجب ألا تؤثر بالسلب على البيئة، بجانب ضرورة اعتمادها على الطاقة النظيفة، موضحاً أنه لا بد من وجود استراتيجية ومنهجية واضحة للمشروع: «إحنا لدينا مشكلة إن أى حاجة جديدة نعتبرها اختراع».

"عبدالرحمن" يطالب بوجود لجنة متخصصة لتقييم مدى قابلية الابتكارات للتطبيق

وأكد «عبدالرحمن» أن وجود لجنة متخصصة قوية لتقييم ابتكارات الطلاب والأطفال أمر مُلح، لمراعاة جودة الابتكار ومدى قابليته للتطبيق على أرض الواقع وفائدتها للمجتمع، مشيراً إلى أن المبتكر يستطيع الوصول للفكرة، ويبدأ تنفيذها بأبسط الإمكانيات، إلا أن فقدانه للقدرة على التسويق لفكرته وتفعيل المفهوم الأشمل للعلاقات العامة يقف عائقاً أمامهم.

ويرى أن «تفكير العديد من المبدعين يقتصر على تمويل مشروعه، وهو أمر خاطئ»، مشدداً على ضرورة استفادة البشرية من أى ابتكار: «ممكن يكون فيه ابتكار فيه إبداع متميز لكن يضر بالبيئة يبقى مينفعش ندعمه»، لافتاً إلى أنه لا بد من توعية الشركات بمختلف تخصصاتها لدعم ابتكارات الطلاب المتميزة حتى تستكمل دورها فى خدمة المجتمع.

"عبدربه": يحفز الطلاب لمزيد من الإبداع

وقال سيف عبدربه، من كلية الهندسة بجامعة حلوان، لـ«الوطن»، إن «فكرة إطلاق مشروع قومى لرعاية الموهوبين يعمل على تحفيز الطلاب لمزيد من الإبداع والابتكار، ما يشجع العديد من الجهات المختلفة لتبنى هذه الابتكارات فى حالة إثبات كفاءتها وظهورها للنور بشكل جيد»، مؤكداً أن إنشاء شركة متخصصة لتسويق الأبحاث تابعة لأكاديمية البحث العلمى، يعتبر بمثابة كشف عن المواهب ومساعدة مؤسسات الدولة على تنفيذ الكثير من خططها للتنمية، واصفاً ذلك بـ«الترجمة لأفكار الشباب».

وأكدت نوران محمد عبدالمنعم، التى تمتلك موهبة فى الخزف وعمل الكروشيه والإكسسوارات واللوحات الفنية، وشاركت بمنتجاتها اليدوية فى معرض القاهرة الدولى للابتكار، أن عمل معارض فى قصور الثقافة ومسابقات لتشجيع الموهوبين وتبنيهم ومساعدتهم على التقدم والابتكار فى المجالات المختلفة، لا بد أن يكون بالتنسيق مع هذا المشروع للمساهمة فى إنشاء بيئة متكاملة تحتضن مواهب وابتكارات الأطفال.

وأشارت «نوران» إلى أن «استغلال مواهب الطلاب والأطفال وتنميتها يدل على تقدم مصر فى العلوم والفنون»، منوهة بأن جامعة الطفل بالزقازيق علّمتها ودربتها جيداً من خلال ورش العمل التى شاركت فيها بكلية التربية النوعية، موضحة أنها تعتبر بمثابة نواة التأهيل لهذا المشروع، متمنية تكثيف تنظيم ورش عمل فى كليات التربية وعمل معارض للمنتجات اليدوية للطلاب لأن ذلك يتيح للموهوبين عرض مبتكراتهم وتبادل الأفكار فى مختلف المجالات.

ووصف عمرو عزت، الملقب بـ«الطفل المعجزة»، لقدرته الفائقة على حل المسائل الرياضية المعقدة الأكبر من سنه، فكرة المشروع بـ«الرائعة»، موضحاً أنها تُسهم فى بناء جيل جديد من المميزين، موضحاً أن توعية تلاميذ المدارس بأهمية المشروع ودوره فى تنميتهم يساعد على اكتشاف مواهب الطلاب فى مختلف التخصصات، وتحت إشراف أكبر الأساتذة والمتخصصين، مؤكداً ضرورة توفير التمويل اللازم.

"عزت": تكاتف رجال الأعمال والدولة ضرورة.. والتخطيط والتنفيذ الجاد يخلقان اهتماماً بالعلوم التطبيقية

وأشار إلى أن تكاتف رجال الأعمال ومؤسسات الدولة وسيلة أساسية حتى يأتى المشروع بثماره المرجوة منه، موضحاً أن التخطيط الجيد والتنفيذ الجاد والدعم المالى الكبير والمشجع لكل من الموهوبين والمشرفين يخلق اهتماماً بالعلوم التطبيقية التى تشجع الابتكار والاختراع، خاصة مع وجود الأستاذ المحفز على البحث والتجربة والاستنتاج لا الحفظ والتلقين.

وقالت نورهان محمد عايد، الطالبة بالفرقة الثالثة كلية التجارة جامعة بنى سويف، المبتكرة لمشروع التواصل مع الصم والبكم، إن «هناك إهمالاً كبيراً أصاب البحث العلمى خاصة فترة ما قبل 2015»، مؤكدة وجود قانون يرعى المبتكرين والموهوبين بمختلف أعمارهم، مشيرة إلى أنه «يجب على القائمين لسن المشروع أن يهتموا بحل جميع المشكلات والمعوقات التى تقف حائلاً أمام المبتكرين، أبرزها تسويق المنتجات الصالحة للاستخدام وتعمل على تنمية المجتمع»، مؤكدة أن القانون سيعمل على الحفاظ على جميع العقول من الهجرة.

وأوضحت، لـ«الوطن»، أنها «تلقت دعماً مباشراً من الجامعة أثناء ابتكارها المشروع»، منوهة بأنه «أبليكيشين» لخدمة ذوى الاحتياجات الخاصة من «الصم والبكم» عن طريق تحويل الإشارات إلى كلام والكلام إلى إشارات، حيث يستطيع طلاب الصم والبكم التواصل مع الأسوياء بكل سهولة ويسر.

وأكدت أنها استطاعت الفترة الماضية إنتاج عدد من الابتكارات العلمية التى تهدف إلى خدمة وتنمية المجتمع المصرى، فضلاً عن دراسة 13 لغة أجنبية وترجمة العديد من المؤلفات العلمية.

وبشأن البنود التى يتطلب مراعاتها فى مشروع القانون، أوضحت بسملة أحمد السيد سلطان، الطالبة بالفرقة الثالثة قسم المايكروبيولوجى، كلية العلوم جامعة القاهرة، أنه «يجب تذليل جميع العقبات التى تسهم فى إنتاج الابتكارات».

وأشاد محمد أحمد محمد طه، الطالب بالفرقة الأولى كلية العلوم جامعة حلوان، والمبتكر لأول شاحن كهروحرارى، بخطوة القانون، مطالباً وزارة التعليم العالى والجهات المعنية بسرعة البدء فى تنفيذ توجيهات الرئيس وسن البنود الخاصة بالقوانين، مطالباً بوجود هيئة وقف للبحث العلمى وهى خطوة فعالة لتقديم الدعم المادى للمشروعات قيد التنفيذ.

وقالت والدة الطالبة مريم محمد عمر عبدالعزيز، الطالبة بالصف الثالث الإعدادى بمدرسة المنيا الجديدة والمبتكرة لـ«المحراث الإلكترونى»، إن الدولة تأخرت فى تطبيق الفكرة، لكنه سيراعى المبتكرين والموهوبين بمختلف أعمارهم.

وأوضحت أن مشاركة ابنتها بمعرض القاهرة الدولى للابتكار كانت دعماً وتحفيزاً لها من قبَل الأكاديمية، مطالبة بوضع عدد من البنود فى مشروع القانون الفترة المقبلة يهتم بتبنى ورعاية المبتكرين دائماً، فضلاً عن توفير جميع الإمكانيات الخاصة لهم سواء كانت مادية أو معنوية، مؤكدة أن مصر بها الآلاف من الطلاب المتميزين فى مختلف المجالات العلمية والفكرية التى تهدف إلى تنمية المجتمع المصرى، قائلة: «إحنا محتاجين إن يكون هناك داعم للمتميزين يعمل على توجيههم للأفضل».

اقرأ أيضًا:

رؤساء الجامعات: "صناعة الموهوبين" خطوة إيجابية لدعم البحث العلمي وتوفير بيئة حاضنة لـ"المبتكرين"

تربويون: "صناعة الموهوبين" يرفع مكانة مصر العلمية وينمي الوعي ويعزز الانتماء

مسئولو جامعات الطفل: علاقتنا تكاملية مع "رعاية الموهوبين"


مواضيع متعلقة